المصرفية الإسلامية ليست جاهزة بعد لتقديم نفسها للعالم في صورة مهنية متطورة
على الرغم من النجاحات التي حققتها المصرفية الإسلامية إلا إنها ليست جاهزة تماماً لتقديم نفسها للعالم في صورة مهنية متطورة، فهي ما زالت في حاجة إلى استكمال الآليات والمتطلبات التطبيقية وفي مقدمتها إيجاد معايير موحدة وملزمة للمصارف، وهذا يشمل المعايير الشرعية والمحاسبية والمهنية، فمن دون هذه المعايير يصعب إيجاد لغة مشتركة بين المتعاملين في السوق المصرفي كما هو الحال في النظام التقليدي.
هل فتحت الأزمة المالية العالمية المجال واسعاً أمام المصرفية الإسلامية لتحتل موقعاً متقدماً في النظام المالي العالمي؟
نعم، نستطيع القول بذلك، لأن المصرفية الإسلامية ومن حيث كونها نابعة من الشريعة الإسلامية فهي تقدم حلولاً للبشرية جمعاء وليس للمسلمين وحدهم. وطبقاً لآراء كثير من الاقتصاديين المنصفين من شأنها أن تعطي الصيرفة الإسلامية ميزة نسبية من حيث قدرتها على تجنب الأزمات بقدر كبير.
هل أصبحت الصناعة المصرفية الإسلامية قادرة على تقديم نفسها للعالم في صورة مهنية متطورة؟
لقد تطورت المصرفية الإسلامية من حيث العمل المهني تطوراً كبيراً، مستفيدة من التقنية والخبرات الموجودة في السوق المصرفي واستطاعت أن تقدم للعملاء تمويلاً يغطي معظم المجالات، يمتد من التمويل الشخصي إلى التجاري إلى العقاري, إضافة إلى الاستثمار والصكوك وغيرها, وبالرغم من النجاحات النسبية التي حققتها المصرفية الإسلامية إلا أنها ليست جاهزة تماماً لتقديم نفسها للعالم في صورة مهنية متطورة، فهي ما زالت في حاجة إلى استكمال الآليات والمتطلبات التطبيقية وفي مقدمتها إيجاد معايير موحدة وملزمة للمصارف، وهذا يشمل المعايير الشرعية والمحاسبية والمهنية، فمن دون هذه المعايير يصعب إيجاد لغة مشتركة بين المتعاملين في السوق المصرفي كما هو الحال في النظام التقليدي.
كيف تنظرون إلى المنافسة بين المصرفية الإسلامية والتقليدية؟
العمل المصرفي سواء كان إسلامياً أو تقليدياً هدفه الاستجابة لاحتياجات العملاء للتمويل والخدمات, وبالتالي فإن نطاق المنافسة بين النظامين ينحصر فيما ذكرنا, فالمصرفية التقليدية تستجيب لاحتياجات عملائها عن طريق توليد منتجات قائمة على القرض، في حين نجد أن المصرفية الإسلامية تلبي هذه الاحتياجات عن طريق منتجات مشتقة من البيوع والمشاركات, يجري تصميمها على نحو يلائم طبيعة العمل المصرفي, وفي الوقت نفسه تكون متسقة مع القيم التي يؤمن بها العميل.
ما الضمانات أو الخطوات اللازمة لتأمين أكبر قدر ممكن من النجاح لتطبيق الصيرفة الإسلامية؟
هناك أسس يجب توافرها كي نضمن نجاح تطبيق المصرفية الإسلامية وهي: الإيمان بفكرة المصرفية الإسلامية وجدواها, والالتزام بالفتاوى والقرارات الشرعية, وإيجاد بيئة قانونية وتنظيمية مناسبة تراعي خصوصية المصارف الإسلامية وتسمح لها بتطبيق نموذجها كاملاً وتطوير منتجات مصرفية إسلامية تلائم احتياجات العملاء, وتطوير الأنظمة التقنية والمحاسبية والإدارية لتتوافق مع الضوابط الشرعية, ورفع كفاءة العاملين عن طريق تدريبهم وتأهيلهم مهنياً وشرعياً وإيجاد نظام فاعل للرقابة الشرعية الداخلية.
هناك دعوات للمصارف الإسلامية بالدمج لتأسيس كيانات كبرى قادرة ع ما الأنماط والخيارات المثلى للتحول من المصرفية التقليدية إلى الإسلامية؟
هناك أساليب كثيرة للتحول من المصرفية التقليدية إلى المصرفية الإسلامية، من أهمها: التحول الكامل خلال فترة محددة، والتحول التدريجي، والتحول الجزئي من خلال تقديم الخدمتين الإسلامية والتقليدية (نوافذ إسلامية، أو بنك إسلامي تابع)، وأعتقد أن أفضل أسلوب للتحول هو الأسلوب الذي انتهجه البنك الأهلي التجاري وهو التدرج في التحول، الذي من خلاله يستطيع البنك أن يتخطى التحديات والعقبات التي يتوقع أن تواجهه أثناء التحول، مثل: عدم توافر منتجات إسلامية تلبي احتياجات العملاء، أو عدم توافر الكوادر البشرية ذات الخبرة والمعرفة بالعمل المصرفي الإسلامي، وتحديات العلاقة مع العملاء، وكذلك تجنب المنافسة بين الخدمة الإسلامية الجديدة والتقليدية، بمعنى تجنب المنافسة على العملاء.
ما المنتجات الإسلامية التي ابتكرها البنك الأهلي وحققت نجاحاً ملحوظاً؟
استطاع البنك أن يبتكر عديدا من المنتجات المصرفية الإسلامية التي من أهمها: صندوق للاستثمار في أسهم الشركات طبقاً للمعايير الشرعية للاستثمار في الأسهم، وصندوق استثماري قائم على أساس عقد السلم، وصندوق اجتماعي قائم على الصدقات، وصيغة لتمويل الأفراد قائمة على التورق، وبطاقة ائتمان إسلامية، وشهادات استثمار إسلامية مدرجة في البورصة، وذلك بالتعاون مع "دوتشه بنك" الألماني، كما أن البنك الأهلي التجاري يعتبر أول بنك إسلامي أجرى عملية توريق (لعائدات تمويل السيارات)، وأول من أصدر المعايير الشرعية للاستثمار في أسهم الشركات.
ما أبرز التحديات والمعوقات التي يمكن أن تقف أمام المصرفية الإسلامية، وكيف يمكن تجاوزها؟
بحسب تجربتنا في تقديم العمل المصرفي الإسلامي في البنك الأهلي التجاري فإننا واجهنا تحديات عدة من أبرزها ما يلي:
أولاً: عدم توافر المنتجات المصرفية الإسلامية التي تلبي احتياجات العملاء.
ثانياً: عدم توافر الكوادر البشرية ذات الخبرة والمعرفة بالعمل المصرفي الإسلامي، وهذا يشمل الفقهاء المدركين لتعقيدات العمل المصرفي والموظفين القادرين على الابتكار.
ثالثاً: تحديات العلاقة مع العملاء، من حيث تعريف العملاء بالصيرفة الإسلامية وبمنتجاتها وما قد تتطلبه تلك المنتجات في بعض الأحيان من إجراءات تختلف عما اعتادوا عليه أثناء تعاملهم مع المصرفية التقليدية.
رابعاً: عدم توافر الأنظمة والمعايير التقنية وسلامة وسلاسة التطبيق الشرعي الصحيح.
وكيف استفدتم من البيئة الاستثمارية في السعودية من جهة زيادة نمو العمل بالمصرفية الإسلامية؟
هناك عدة عوامل ساعدت البنك على زيادة نمو العمل المصرفي الإسلامي، ومن أهمها تشجيع الدولة للعمل المصرفي وتوفيرها جميع أدوات النمو والتطور، إضافة إلى الرغبة الكبيرة التي كانت لدى الإدارة العليا للبنك والمساهمين فيه في تطبيق المصرفية الإسلامية، وكذلك توجهات السوق المحلي, حيث إن كثيراً من العملاء كانوا يتحرجون من التعامل مع البنوك التقليدية، أضف إلى ذلك جدية البنك في هذا الاتجاه والتزامه بالتطبيق الصحيح، وتأكيداً لذلك اتخذ البنك عام 1990م قراراً استراتيجياً بتقديم الخدمات المصرفية الإسلامية، فهذه العوامل جميعاً أعطت البنك دفعة قوية للاتجاه إلى الصيرفة الإسلامية.