مفتي المملكة: أعداء الأمة اليوم هم أعداؤها بالأمس وإن تنوعت الأساليب

مفتي المملكة: أعداء الأمة اليوم هم أعداؤها بالأمس وإن تنوعت الأساليب
مفتي المملكة: أعداء الأمة اليوم هم أعداؤها بالأمس وإن تنوعت الأساليب

أكد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ المفتي العام رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء أن أعداء الأمة اليوم هم أعداؤها بالأمس وإن تنوعت الأساليب واختلفت على حسب اختلاف الأزمان والأحوال. وخاطب مفتي عام المملكة المسلمين في خطبة عرفة أمس قائلا:»إن الأمة الإسلامية مازالت تعاني في عصورها المتأخرة من بعض التحديات العظيمة والخطيرة ومنها الانحراف العقدي وهم الذين استبدلوا العقيدة الصحيحة بمبادئ كفرية ومناهج منحرفة مما أثر على العقيدة الصحيحة ولذلك فالاهتمام بالعقيدة الصحيحة من أجل المهمات وأعظم الواجبات». واستعرض الشيخ عبد العزيز آل الشيخ تحديا آخر يواجه الأمة وهو التشكيك برسول الله صلى الله عليه وسلم والقدح فيه وفي سنته، مبينا أن محبة رسول الله شرط من شروط الإيمان وواجب الأمة الدفاع عن رسول الله وسنته ودفع كل الشبه بالحق المبين وأن تطبيق المسلمين للسنة في أقوالهم وأعمالهم دليل على محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولفت مفتي عام المملكة إلى جوانب من التحديات التي يواجهها المسلمون ومنها ما يقوم به بعض المحسوبين على الإسلام بإيقاظ الفتنة والحرب والتقاتل بين الأشقاء وتغذية السفهاء الذين غرروا بهم وخدعوهم تحت قضايا مزعومة أرادوا بها ضرب الأمة في صميمها وتشتيت شملها وتفريق كلمتها واستعداء الأعداء عليها .
وأشار إلى أن المسلمين واجهوا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم تحديا كبيرا بارتداد كثير من العرب عن الإسلام إلا أن الله عز وجل قيض للأمة من امتلأ قلبه بالإيمان والإسلام فقاتل المرتدين حتى عادوا للإسلام الحق. وأبان المفتي العام أن الدعوة إلى الله استمرت بعد ذلك في مشارق الأرض ومغاربها ودخل الناس في دين الله أفواجا وعن قناعة بهذا الدين وأخلاقه وحلت الحضارة الإسلامية بقوتها وصلابتها مكان الحضارات الأخرى واستوعب الناس هذا الدين على مختلف أجناسهم ولغاتهم وثقافتهم.
واستدرك قائلا « ولكن الأمة تواجه في مختلف مراحل تاريخها أعداء ومؤامرات وتحديات من أعدائها أو من بعض أصحاب الضلال، ولكن دين الله الحق رغم كل ما يواجه ينتصر بفضل الله على الضلال ويعود بقوة وينتشر في الأرض لأنه دين الله الحق والفطرة التي فطر الله الناس عليها».
وقال الشيخ عبد العزيز آل الشيخ: «إن من عظيم جهل أولئك وضلالهم عزمهم على تسييس الحج والإضرار بأمنه وإحداث الفوضى والشغب، ولكن يأبى الله عليهم ذلك والمؤمنون، فالبلد الأمين في أيدٍ أمينة قوية لا تسمح لا لمفسد أو مغرض أن يدنس هذا البلد الأمين أو يخل بأمنه أو أن يقلل من شأنه، وتظل بالمرصاد لكل عدو عابث، والحمد لله رب العالمين على فضله وكرمه». وأبان أن من التحديات التي تواجه أمة الإسلام أيضا انتشار السحرة والمشعوذين الذين لا خير فيهم الذين يزعمون علاج الأمراض والإخبار بالمغيبات إلى غير ذلك من ضلالاتهم وهم ليسوا أصحاب علم شرعي أو أطباء مختصين أصحاب أبحاث علمية، ولكن الدجل طريقهم وغايتهم, محذرا منهم وداعيا لمحاربتهم بكل الطرق وشتى الوسائل .كما بين سماحته أن من التحديات العظيمة التي تواجه المسلمين في العالم اليوم انتشار المعاصي في العالم الإسلامي وكثرة الجهل بالأمور الشرعية, مما أدى إلى التباس الأمور بين كثير من الناس بين الحلال والحرام، مبينا أن صمام الأمان هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو من خصائص هذه الأمة .ونبه المفتي ما تواجهه الأمة من عصابات إجرامية دولية لا ضمير لها، هدفها محاربة الشعوب والأمم واستنزاف طاقة الشباب مستشهدا بعدد الجرائم المرتكبة والأعراض المنتهكة والأموال المسلوبة والبيوت المدمرة التي تسببوا فيها، داعيا جميع المسلمين والعالم إلى تضافر الجهود والعمل على استئصال هذا الداء العضال .وقال: الإرهاب من أخطر التحديات التي تواجه الأمة حيث عانى منه المسلمون والعالم كله فهو يستهدف المنشآت والنفوس البريئة بغير حق. إنها مشكلة عالمية إذ يوجد في العالم صور مختلف منه، يستغله بعض الناس ويفسره على هواه، فإن رأى تحقيق مصالحهم أمدوه بطريقة مباشرة وإن رأوا فيه عكس ذلك حاربوه. إن العالم يشكو من العمليات الانتحارية والتفجيرات الإجرامية التي جلبت على العالم الإسلامي البلاء والمصائب. إن هذه العمليات الانتحارية في بلاد المسلمين بلاء يستهدف الرجال والنساء والأطفال، يدمر المنشآت ويفرق المجتمع فاحذروا عباد الله أن تكونوا سببا لهدم بلادكم بأيديكم وأن تكونوا سلاحا في أيدي أعدائكم، احقنوا دماءكم وحلوا مشاكلكم فيما بينكم، واحرصوا على الوحدة والتماسك».
وأبرز الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ضمن التحديات التي تواجهها الأمة تحريف معاني ونصوص الكتاب والسنة من أعداء الأمة الذين لجأوا إلى ذلك بعد عجزهم عن تحريف ألفاظه. وقال :»لقد سعوا إلى تحريف معانيها تحت اسم قراءة جديدة اغتراراً وانخداعاً بالحضارة الغربية ليلفقوا بينها وبين الإسلام وذلك عن هوى وجهل بقواعد الشرع، بعيدا عن مضامينه الصحيحة وفهم السلف الصالح لها»، مؤكداً بقاء الأمة الإسلامية مادام الكتاب والرسالة بإذن الله تعالى .

#2#

وقال:»إن الأمة تمرض ولكنها لا تموت، هي خالدة بخلود كتابها ورسالتها باقية ما بقيت السماء دائمة ما دام الكتاب يتلى، إن كثيرا من النظم قد سقطت وبعض المناهج البشرية قد أفلست والعالم يتطلع إلى منقذ ولا منقذ إلا الإسلام، إن هذا الدين أمانة في أعناق الأمة كلفهم الله إياها بعد أن عجزت عن حملها السماوات والأرض والجبال وهي الفاصلة بين الإيمان والكفر فمن أخذها كان ممن تاب الله عليه ومن ضيعها من الكفار والمنافقين استحق العذاب الأليم». وأكد مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء عظم الأمانة الملقاة على رجال الأمة, مبينا أن للأمانة ميادين فاسحة ومجالات واسعة تتعلق بحق الله وحق العباد وتتعلق بالمصالح العليا للأمة .
وقال الشيخ عبد العزيز آل الشيخ:» إن أعظم أمانة كلمة «لا إله إلا الله» أصل الإسلام وأساسه بأن تعرف معناها وأن توحد الله بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، وتخلص لله رجاءك وخوفك وذبحك ونذرك وأن تؤمن بسنة نبيك صلى الله عليه وسلم وتصدقها وتطيعه فيما أمر وتجتنب ما نهاك عنه، وأن تؤدي أركان الإسلام من الصلاة والزكاة والحج كاملة الأركان والواجبات وبقية أوامر الشرع في الأحوال المدنية والجنايات والحدود كلها، أمانة يجب أن تستجيب لها ولا تخل بشيء منها وتعلم أن هذه الأوامر لمصلحة العباد».
وشدد المفتي العام على ضرورة أن يلتزم المسلمون ببقية أوامر الشرع من الأحوال الشخصية والجنايات والحدود فهي أمانة يجب الامتثال لها وعدم الإخلال بشيء منها, مؤكدا أن على المسلم أن يدرك أن الأوامر الشرعية لمصلحة العباد في عاجلهم وآجلهم وان النواهي التي نهى الله عنها من السحر والزنى والربا وقتل النفس وغير ذلك من المحرمات إلا أمور يجب الابتعاد عنها وتركها طاعة لله ولأن في تركها مصلحة للعباد، موصيا بالتزام أداء الفرائض وتجنب المحظورات فهي تكاليف شرعية ملزم بها كل مسلم فهو ليس حر يفعل ما يشاء منبها مما يدعيه عباد الضلال بأن الإنسان حر يفعل ما يشاء فيقضي رغباته وشهواته دون دين أو شرع أو عرف، واصفا ذلك بأنه أمر عظيم وفيه دعوة للتمرد على الله وطمس لشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن ذلك التشكيك في الحجاب. وألمح الشيخ عبد العزيز آل الشيخ إلى أن هناك أمانة خاصة يحملها الأقوياء من الرجال الذين يخططون لمصالح الأمة العليا ولمشاريعها الكبرى، فأولا الأمانة الملقاة على رجال السياسة الذين سبروا الأحوال وأدركوا الكثير من حقائق الأمور وما يراد للأمة، عليهم أن يضعوا للأمة سياسة عادلة صالحة في الحاضر والآجل وأن يكفوها شر المتربصين بها من أعدائها والمتخاذلين معهم وأن يحرصوا على سياسة حكيمة تبعد الأمة عن التهور والصراعات السياسية والسياسة الطائشة وأن يعلموا أنها أمانة وأن من أراد الدين بسوء فلا بد أن يخذله الله فليضعوا سياسة تؤيد الشرع وتحفظ الأمة من الانزلاق، سياسة تعالج قضايا الأمة، مرنة في أمورها تتمشى مع ما فيه منفعة الأمة في الحاضر والمستقبل. ودعا المفتي العام رجال الاقتصاد إلى التحرر من التبعية الاقتصادية وأن يوجدوا أصولا للاقتصاد الإسلامي مبتعدين عن المحرمات وأن يوجدوا سوقا إسلاميا لتبادل السلع بين المسلمين لتحمي مجتمع المسلمين، مبينا أن ذلك أمانة على رجال الاقتصاد المسلمين لافتا إلى ما يسمع من الانهيارات الاقتصادية وإفلاس بعض الشركات تصديقا لقول الله تعالى:» يمحق الله الربا ويربي الصدقات».
ودعا رجال الصناعة في الأمة الإسلامية إلى إيجاد قواعد علمية لصناعة دولية متقدمه تستعين بالخبرات والأبحاث لتخليص الأمة من الكسل والخمول وتستعين بالعقول والأيدي العاملة والطاقات الموجودة لتخليص الأمة من أن تكون عالة على غيرها بأمرين, أولهما : ألا تكون اتكالية على غيرها، وثانيهما: ألا تكون أسواقها لترويج سلع الآخرين الذين يستبيحون نهب ثرواتها، مؤكدا أن على المسلمين أن يأخذوا ويعطوا، فكما يستوردون يجب أن يصدروا حتى يكونوا متوازنين بين الأخذ والعطاء .وأبرز الشيخ عبد العزيز آل الشيخ عظم الأمانة الملقاة على رجال الأمن في المحافظة على الأمة في كل المستويات وفي كل المجالات، لاسيما الفكري والعقدي بالمحافظة على المسلمات والثوابت من الانحلال والتميع والأخذ على أيدي المستفزين والمجرمين .
كما أبرز الأمانة الملقاة على إعلام الأمة في إيجاد إعلام إسلامي بعيد عن الفحش ونشر الرذائل وعن التهويل والإثارة وعن تضليل الرأي العام، وقال:»ليعلموا أن الأمة تعاني من تدفق إعلامي في مجالاته الصحفية والفضائية والإلكترونية، وأن هذا الانفتاح الكبير يوجب على الأمة العمل للمحافظة على الشباب من هذه الضلالات تحت دعوى الحرية والتقدم والانفتاح والترفيه»، مبينا أن الكثير من هذه القنوات تحمل أفكارا ضالة وآراء منحرفة وأفلاما ومناظر فاسدة مما يوجب على رجال الإعلام ومؤسساته التعاون لصد هذه الأخطار وإيجاد ميثاق شرف يحمي الأعراض والعقول من هذه الضلالات وأن يكون الإعلام خادماً لقضايا الأمة مدافعاً عنها، يعالج كل شيء ويقارع الحجة بالحجة». وأوضح مفتي عام المملكة أن الأمانة الملقاة على رجال الثقافة تتمثل في أن يحافظوا على ثقافة الأمة المستمدة من كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، مشيرا إلى أن السنة وتراثها الأصيل بتميزها الإسلامي يحمى الشباب من تلوث أفكاره بالدعايات المضللة وقال:»على المسؤولين عن مسائل اجتماع الأمة أن يحرصوا على المحافظة على الأسرة وانتظامها والبعد عما يشتتها ويضعف كيانها وأن ينموا في الأمة روح التعاون والتعاطف والتراحم في الأمة ، وأن تكون هذه العلاقة الاجتماعية إسلامية بعيدة عن التأثر بالقبلية أو الجنس أو اللون أو الفارق المادي».
وأوصى الدعاة إلى الله أن يخلصوا لله في دعوتهم وأن يهتموا بالعقيدة أولا وقبل كل شيء وأن يغوصوا في مشاكل الأمة ليوجدوا الحلول لها وأن يهتموا في تغيير الأخطاء والمنكرات بالتدرج وان ينوعوا الأساليب بخطاب أو حوار أو نحو ذلك ، وأن يعلموا أن الدعوة إلى الله شرف وفضيلة وليست تجمعاً حزبياً ضيقاً ولا منظومة أفكار عوجاء ولكنها إيصال كلمة الحق إلى النفوس.
وأكد الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مسؤولية «المفتين وأمانة هذه المسؤولية وأن تكون الفتاوى صادرة عما في الكتاب والسنة, مبينا أن عليهم أن يتقوا الله ويعلموا أنهم موقعون عن رب العالمين، محذرا من القول على الله بغير علم .
وتطرق سماحة المفتي لأمانة أخرى هي أمانة ملقاة على عاتق المخططين للبيئة هى أن يحرصوا على المحافظة على البيئة وسلامتها من التلوث والنظافة الشرعية وسلامة الأبدان من الأمراض والأوبئة وإيجاد المراكز الوقائية لدفع المضار عن الأمة وبذل السبب النافع في ذلك «.
وخلص إلى أن تلك الأمانات - كل في مجاله - مع اختلافها والمسؤولين عنها مع اختلاف منازلهم يجب أن يعلموا أنها أمانات وليست غنائم، وأنها تكليف وتشريف، وعبادة وليست سيادة. وقال:»مما يؤسف له أن بعض أبناء المسلمين خططوا لشعوبهم ما ألحق الضرر بها فجعلوا المصالح الشخصية فوق وحدة الأمة وجعلوا الخلافات الشخصية فوق اجتماع الكلمة، وما أحوج الأمة إلى تراص الصفوف واجتماع الكلمة».
واستعرض مفتي عام المملكة في خطبة عرفة الأمانة الملقاة على رجال التربية والتعليم، ودعاهم إلى تقوى الله عز وجل وأن يضعوا مناهج أصيلة تقوي انتماء الأمة بدينها وتربيهم على الأخلاق والشيم النبيلة وتبعدهم عن الأخلاق الرذيلة وتشعر كل فرد منهم بأنه عضو في أمته يجب أن يسعى في إصلاحها. وقال:»يجب العمل على تربية الأبناء على الإيمان والعلوم النافعة لتأخذ الأمة مكانتها في الاقتصاد والسياسة والإعلام وكل ما تحتاج الأمة إليه».
وأشار مفتي عام المملكة إلى أن البعض من أبناء المسلمين خططوا للتعليم في بلادهم ما فصل الحاضر عن الماضي فأصبح الحاضر غير مرتبط بماضيه المجيد ولا يعلم شيئاً عنه مما يفقد الثقة بالأمة.
ودعا الأمة الإسلامية عامة إلى تقوى الله في دينهم والمحافظة عليه والتمسك بالشريعة الإسلامية .كما دعا قادة الأمة الإسلامية إلى تقوى الله في الشعوب وتطبيق شريعة الله عز وجل لكي ينعموا بالسلامة والاستقرار.
ووجه المفتي خطابه إلى شباب الإسلام قائلا لهم:» عليكم إنقاذ الأمة من ضلالتها واجتناب الشعارات الزائفة والالتزام بشعار الإسلام محذرا إياهم من مكائد الأعداء واتباع الدعوات المضللة والشهوات .
وخاطب الشيخ عبد العزيز آل الشيخ رجال الأعمال والأموال قائلا لهم: «اتقوا الله فيما استخلفكم فيه من الأموال وجنبوها المكاسب الخبيثة وكونوا مثالا للتاجر الصادق الأمين الذي لا يخدع أمته ولا يدلس عليهم ولا يأكل أموالهم بالباطل ، ووظفوا أموالكم فيما يعود على الأمة بالخير وإياكم ونشر الفساد والباطل وان تكون أموالكم سلاحاً بأيدي أعدائكم، احرصوا على تنمية الأصول الشرعية فيما ينفع الأمة في الحاضر والمستقبل».
ودعا قادة العالم إلى قراءة منصفة للإسلام الذي هو دين الأنبياء كلهم منذ نوح عليه السلام إلى عيسى بن مريم إلى محمد صلى الله عليه وسلم، وإلى التفكر في هذا الدين الذي لا يقبل الله من أحد ديناً سواه .كما وجه خطابه إلى رجال الفكر مطالبا إياهم بالسعي والعمل على نصرة المظلوم ورد المظالم وإعطاء كل ذي حق حقه.
وتطرق الشيخ عبد العزيز آل الشيخ إلى الحال في فلسطين حيث يعاني أهلها من حصار شديد وإرهاب لم يشهد العالم له نظير، متسائلا أين العدالة وحقوق الإنسان وأين الضمير أمام هذه الأشياء، التي وصفها بأنها مصيبة عظيمة .
وطالب المفتي المفكرين والحكماء بالمسارعة إلى إنقاذ العالم من المعضلات والأزمات الاقتصادية والسياسية التي يتعرض لها وقال:»إن كثيراً من الأموال تنفق على سباق التسلح فلو أنفقت على إغاثة المنكوبين وشد عزيمة الدول النامية لكي تعيش في أمن وإيمان لكان خيراً كثيراً».
ودعا حجاج بيت الله الحرام إلى شكر الله على نعمته أن بلغهم الوصول إلى البيت الحرام والمشاعر المقدسة وأعانهم على أداء نسكهم وذلل أمامهم الصعاب وسهل الأمور ونصحهم بالتعاون على البر والتقوى ، والالتزام بأدب البيت الحرام وحرمته ومكانته إضافة إلى الأنظمة التي وضعت لأجل منفعة الجميع وتطبيقها .وقال الشيخ عبد العزيز آل الشيخ:»أيها المسلمون من خلال الاعتراف بالفضل لأهله فإن الله جل وعلا تفضل على هذه البلاد بقادة مخلصين ودعاة مصلحين شرفهم الله بخدمة بيته الحرام ورعايته فقاموا بخدمته خير قيام من توسعة للحرمين وإعانة للمسلمين وتيسير أمر الحجيج يبتغون بذلك وجه الله فجزاهم الله عما فعلوا خيراً وأمدهم بعونه وتأييده .»
وحمد الله تعالى الذي حفظ للأمة بقاء دينها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، لافتا إلى أنه ما خلا قرن من القرون إلا وفيه داع إلى الله يجدد للأمة ويعيدها إلى رشدها، لكن منهم من وفق بناصر ومؤيد ومنهم من ليس كذلك ، ومن الرجال المصلحين الذين دعوا إلى الله ودينه شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب الذي خرج في منتصف القرن الـ 12 فدعا إلى الله وتوحيده وإخلاص الدين له سبحانه، فناصره الإمام محمد بن سعود رحمه الله، وتعاضد الإمامان الكريمان على هذا الدين ونصرة هذا الدين إلى أن وفق الله الجميع ففتح الله على قلوبهم، ونصرهم ونصر بهم الدين وأعادا الأمة إلى صحيح الإسلام .
واستهجن المفتي ما تطرحه فضائيات تلفازية من سب ما يسمونه الوهابية وتلفيق التهم والأباطيل مدعين الكذب، إذ إن محمد بن عبد الوهاب لم يدعو إلى مذهبه ونسبه وإنما دعا إلى الله وإلى توحيده وإخلاص الدين له. وأوصى المفتي العام جميع المسلمين بإخلاص التوحيد لله في أعمالهم مبينا أن الله لا يقبل عملا إلا إذا كان خالصاً له وصواباً على كتابه وسنة رسوله. وقال: «أيها الناس تفكروا في أعمالكم وتدبروا رحيلكم من هذه الدنيا فأمامكم الموت وسكرته والقبر وظلمته والحساب وشدته ، والملاك وسؤاله وروعته، إن القبر أول منازل الآخرة فإن الميت يكشف له عند موته حاله»،: (فالمؤمنون تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة) الآية.
وأضاف:»القبر إما روضة من رياض الجنة وإما حفرة من حفر النار ، فاستعدوا لهذه المواقف العظيمة وأمامكم الحساب والوقوف بين يدي الله في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، تدنو الشمس من العباد حتى تكون على مقدار ميل منهم وتصهرهم الشمس ويلجمهم العرق على اختلاف مراحلهم منهم إلى كعبيه وإلى حقويه ومنهم من يلجمه العرق إلجاما، تذكروا تطاير الصحف وميزان الأعمال، تذكروا العبور على السراط، تذكروا يوم يقال لأهل الجنة خلود فلا موت، ولأهل النار خلود فلا موت، تذكروا تلك المواقف عسى أن تعود علينا بالخير في أمور ديننا ودنيانا».
وأبان الشيخ عبد العزيز آل الشيخ لحجاج بيت الله الحرام فضل يوم عرفة وقال:»إنه أفضل أيام الله، ما من يوم أكثر منه يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة، وأنه ليدنو يباهي بهم الملائكة، ينزل ربكم إلى سماء الدنيا عشية هذا اليوم فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فيقول:»انظروا إلى عبادي أتوني شعثاً غبراً، استشهدكم أني قد غفرت لهم». هذا اليوم ما يرى الشيطان في يوم هو أحقر ولا أصغر ولا أدحر مما هو في يوم عرفة، وإن أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قال نبينا وقال قبله النبيون يوم عرفة « لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير».ودعا المفتي الله تعالى ودعا المصلون معه الله تعالى رافعين أكف الضراعة له سبحانه يسألونه المغفرة .
ودعا الله أن يتقبل الحج من الحجاج وأن يغفر ذنوبهم ويجزيهم خير الجزاء وأن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لكل خير ويحفظه بحفظه وأن يكون له عونا ونصيرا وأن يشد أزره بولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز ويلبسه الصحة والعافية وأن يوفق النائب الثاني لكل خير ويعينه على مهمته في ملاحقة المجرمين والمفسدين والمتسللين والضالين والغاوين .وسأل الله تعالى التوفيق والعون للقائمين على الحج في كل شؤونه وأن ييسر لضيوف الرحمن أداء مناسكهم ويعيدهم لأهلهم سالمين غانمين.
وكانت جموع حجاج بيت الله الحرام قد توافدت منذ وقت مبكر أمس على مسجد نمرة لأداء صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا اقتداء بسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والاستماع لخطبة عرفة.
وقد امتلأت جنبات المسجد الذي تبلغ مساحته 110 آلاف متر مربع والساحات المحيطة به, التي تبلغ مساحتها ثمانية آلاف متر مربع بضيوف الرحمن.
وقد تقدم المصلين الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية فيما أم المصلين مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ بعد أن ألقى خطبة عرفة.

الأكثر قراءة