بعد تكبد حامليها للخسائر .. صناديق التحوط.. الرابح الوحيد من تعثر صكوك «نخيل»
ما قصة الأيام الأخيرة لسهم صكوك ''نخيل'' قبل انهياره وما علاقة مديري صناديق التحوط الغربيين بذلك؟ ولماذا تدخلت الشركة الإماراتية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد أن فقد السهم أكثر من نصف قيمته السوقية، في ظرف يوم واحد؟ وهل كان من باعوا سندات ''نخيل'' على المكشوف، من ثاقبي البصائر؟
في الوقت الذي يكتنف الغموض مصير حملة صكوك ''نخيل''، بدا واضحا في الأسابيع الأخيرة قبل أن يتم إيقاف سهم ''نخيل'' عن التداول، أن بعض صناديق التحوط قد كسبت الرهان على تعثر صكوك ''نخيل''، تاركة حملة صكوكها يغرقون في الخسائر بعد أن فقد السهم أكثر من نصف قيمته. حيث كانوا الوحيدين الذين لم يفاجأوا بإعلان مجموعة دبي العالمي، لدرجة أن بعض مديري المحافظ كانوا يُحَضِّرون للهبوط الحاد في صكوك ''نخيل'' العقارية.
وفقاً لشركة داتا إكسبلوررز، وهي شركة تتقصى الأرقام حول مقدار الأسهم أو السندات الصادرة من شركة معينة والتي هي قيد الإعارة لجهات أخرى، فإن نحو 75 في المائة من المؤسسات الاستثمارية التي تقتني الصكوك قامت بعمليات على البيع بالمكشوف لما لديها من صكوك بين نهاية آب (أغسطس) ونهاية تشرين الثاني (نوفمبر). ففي منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) بدأ الذين يتعاملون بالبيع على المكشوف بزيادة قروضهم إلى أن وصلت 60 في المائة من المخزون القابل للإقراض. حيث كانوا يقترضون أسهم ''نخيل''، على أمل انخفاض سعرها في كانون الأول (ديسمبر). وقال جوليان بيتام، العضو المنتدب لدى ''داتا إكسبلوررز'': ''من غير العادي أن يقوم المستثمرون ببيع أحد السندات حين يكون قريباً للغاية من موعد استحقاقه''. وتابع في تصريحه لوكالة داو جونز: ''وعليه فإن هذه المؤسسات كان لديها بعض المعلومات بأن هذا الوقت هو وقت مناسب للبيع''.
عشق المخاطرة
غالبا ما يعرف عن مديري صناديق التحوط عشقهم للاستثمارات الخطرة Risk-Lover. حيث يقومون بوضع رهان على حركة سهم ما، على أمل تنفع عملية البيع على المكشوف في حالة انهيار سعر السهم. وهذا ما قاموا به مع سهم نخيل عندما جنوا من ورائه ملايين الدولارات، تاركين حملة الصكوك غارقين مع ديون شركة نخيل.
وتكشف عمليات البيوع غير الطبيعية لسهم صكوك نخيل، نوعية جديدة في منهجية صناديق التحوط ''التقليدية''، التي بدأت في تخصيص نسبة بسيطة من محفظتها لاقتناص بعض الأدوات الإسلامية.
معلومات مسربة
يعلق على ذلك روبرت مايكل، مؤسس شركة Robert E. Michael & Associates للمحاماة: ''هناك بصورة عامة سببان للاندفاع المفاجئ في الاهتمام بالبيع على المكشوف في الأوراق المالية: الأول هو التحليل الذكي من قبل خبراء الصناعة، والثاني هو الحصول على معلومات داخلية (يفترض أنها غير قانونية). في الحالة الأولى، ربما يصبح البيع على المكشوف رهاناً منطقياً، استناداً إلى أن قيم العقارات التي تقوم عليها الصكوك تبلغ من الهبوط حداً يجعل حركة النقد قاصرة تماماً عن تأمين المبالغ الضرورية اللازمة لتسديد الدفعات المستقبلية. بالتالي فإن الاندفاع المفاجئ في عمليات البيع على المكشوف ربما يكون بكل بساطة نتيجة للتفكير المنطقي السليم واستخدامه عند وقوع الفرصة المناسبة لتحقيق مكاسب كبيرة باستخدام النظرة إلى هبوط الأسعار في تداول الخيارات.
ويتابع المحامي الأمريكي الذي يتعامل مع صناديق التحوط: ''في الحالة الثانية فإن المعلومات الداخلية من الممكن أن تكون نتيجة تسريب معلومات حساسة حول الخطط التي كانت تفكر فيها مجموعة دبي العالمية وشركة نخيل، وربما كان هذا التسريب بصورة متعمدة لتحقيق الربح أو نتيجة للإهمال فقط. فكر فقط في العدد الكبير من الناس الذين لا بد أنهم كان لهم دور وعلاقة في القرار الذي من هذا القبيل. كل ما يحتاج إليه الأمر هو أن يقوم أي واحد منهم، بصورة متعمدة أو عن غير قصد، بإخبار شخص آخر (يفترض أنه موضع ثقة المتحدث) حول الأمور التي كان يجري بحثها بالفعل أو التي تم الاتفاق عليها، وأن هذا الشخص الذي تلقى المعلومة، أو أي شخص آخر تلقى المعلومة من صاحب المعلومة، نفذ عملية كبيرة في البيع على المكشوف. فقد يكون اللاعبون المتمرسون في السوق، الذين يبقون أعينهم مركزة على مثل هذه البيوع، قد انضموا لعمليات البيع على المكشوف لحظة حصولها''. وعن المنهجية من عمليات البيع على المكشوف، يقول البروفيسور بريان سكوت كوِن من مدرسة الأعمال في جامعة Reading البريطانية: ''النقطة الأولى التي يجب أن تكون مفهومة هي أن البيع (العادي أو على المكشوف) لا يزيد على كونه قناعة لدى شخص معين بأن أداء الشركة في المستقبل سيكون أسوأ من الأداء الذي يتوقعه الآخرون في الوقت الحالي. إن ذلك يعد سبيلا مشروعا للتداول شأنه شأن شراء الأسهم في شركة نتوقع أن يكون أداؤها جيداً فيما بعد''.
ولم يستبعد البروفيسور بريان، المتخصص في المصرفية الاستثمارية، حصول هذه الصناديق على معلومات داخلية تؤكد عدم وفاء ''نخيل'' بالتزاماتها المادية، حيث يقول في مقابلته مع ''الاقتصادية'': ''إذا قام الشخص بالاجتهاد اللازم المعتاد واليقظة المعقولة لفترة طويلة، فإن هذا من شأنه أن يشير إلى أن دبي ككل استدانت فوق طاقتها، وكذلك فعلت دبي العالمية وشركة نخيل. بالتالي من رأيي أنه بالنظر إلى جميع الإشاعات حول مشكلات دبي خلال الأسابيع والأشهر الماضية، فإن البيع على المكشوف أمر منطقي ومعقول تماماً من وجهة نظر المستثمرين، حتى وإن كان ذلك أمراً يبعث على الاستياء من وجهة نظر مجموعة دبي العالمية.
قصة انهيار سهم
قبل إعلان دبي المفاجئ في الأسبوع الماضي أنها تريد من الدائنين إعطاء دبي العالمية وشركة نخيل مهلة مدتها ستة أشهر على الأقل لإعادة الهيكلة، كان سعر سندات نخيل في التداولات عند 110 في المائة من قيمتها الاسمية، وهو علامة على اقتراب موعد استحقاقها في 14 من كانون الأول (ديسمبر). لكن بعد الإعلان المذكور، هبطت قيمتها إلى مستويات متدنية بحدود 40 في المائة من قيمتها الاسمية.
وبعد أن ظهرت آثار صناديق التحوط في انهيار سهم صكوك نخيل، قامت الشركة العقارية الإماراتية وعلى الفور بالتدخل وطلبت ممارسة حقها في إيقاف ثلاثة صكوك إسلامية مدرجة في بورصة ناسداك دبي إلى أن تصبح في وضع يتيح لها تزويد السوق بمعلومات وافية.