أحياء جنوب وشرق جدة تعيش هاجس «الأربعاء الأليم»
عاشت مناطق جنوب جدة ظهر أمس هاجس الأربعاء الماضي بعد غزارة الأمطار التي هطلت بمقدار 50 مليمترا أي ما يعادل نصف كمية الأمطار التي هطلت الأربعاء الماضي على شرق جدة، إضافة إلى أن طبقة الأرض حاليا مشبعة بنحو 20 مليمترا من المياه.
في ذات الشأن لا تزال عمليات البحث وانتشال جثث ضحايا السيول والأمطار في مدينة جدة مستمرة على قدم وساق من قبل الدفاع المدني وبقية الجهات المشاركة سواء الرسمية منها أو المدنية، في ظل أجواء غائمة تنذر بهطول أمطار جديدة على المدينة في أي لحظة.
في شأن آخر ما زال شارع جاك أحد أشهر الشوارع المتضررة في حي قويزة يعيش حالة مأساوية، ورغم أن حركة المركبات كانت متوسطة فيه إلا أن الحذر والتيقظ كانا السائدين لكل المارة من هذا الشارع الذي تفوح منه رائحة الموت. وخلال الجولة الميدانية التي قامت بها «الاقتصادية» أثناء هطول الأمطار كان بعض السكان لا يزال يعمل على رفع الأنقاض التي خلفتها كارثة الأربعاء الأليم، في محاولة لطمس آثار الفاجعة والعودة إلى الحياة الطبيعية ما أمكن إلى ذلك سبيلاً.
عدد من السيدات المستفيدات من الضمان الاجتماعي اشتكين من ارتفاع أجور العمالة التي تقوم برفع الأنقاض والمساعدة على إزالة مخلفات السيول عن البيوت والمحال في الأحياء المتضررة.
وأوضحت أم وليد وهي تقطن في أحد المنازل المتضررة في حي الصواعد أن كثيرا من العمالة استغلوا الحاجة الملحة لهم برفع أجورهم والمطالبة بأجور مرتفعة، وأضافت «أنا امرأة كبيرة وأعول عددا من الأطفال ولا أملك سوى الضمان الاجتماعي، حاولت إزالة الركام في المنزل لكنني لم أستطع وهو ما دعاني لطلب العمالة الذين يطلبون أجوراً عالية لقاء عملهم». ولا يزال وادي قوس يلفظ أنفاسه في ظل وجود عديد من البحيرات التي تكونت بعد السيول العارمة التي اجتاحت مدينة جدة الأسبوع الماضي، ويستخرج الدفاع المدني عددا من جثث المفقودين من هذه البرك الممتلئة بالمياه والأشجار ويغطي قاعها الطين اللزج الذي قد يخفي تحته بعض أشلاء الشهداء الذين غرقوا ولم يتم العثور عليهم حتى اللحظة، في ظل الإبلاغ عن 48 حالة للمفقودين حتى كتابة هذه التقرير.
ورغم محاولات أفراد وغواصي الدفاع المدني المستمرة للعثور على بعض الجثث في هذه البحيرات إلا أنهم يواجهون صعوبة كبيرة من جهتين، الأولى في سحب المياه الكبيرة وتجفيفها كي يتسنى لهم المسح بشكل أفضل، والمشكلة الثانية التربة الطينية اللزجة التي تهوي بمن يقف عليها بمجرد الوقوف فقط. ولم تكن أحياء شرق جدة هي الوحيدة التي تعيش في حالة طوارئ واستنفار أثناء هطول الأمطار أو تلبد السماء بالغيوم، فمعظم أحياء جدة وسكانها ليس لهم سوى متابعة أحوال الطقس والاستفسار من مراكز الشرطة والدفاع المدني المنتشرة في الأحياء. وسيطرت أحاديث السيول والأمطار على كل مجالس الأهالي وراح البعض يسرد توقعاته المناخية فيما يخص الأيام المقبلة، فيما يواصل البعض الآخر سرد القصص المرعبة التي عاشها سكان الأحياء المتضررة وقصص لبعض الأسر التي غرقت في السيول، وبعض الناجين منها وكيف استطاعوا النفاذ بجلودهم. ولا يمكنك وأنت تتحدث إلى أي من سكان مدينة جدة هذه الأيام أن تقنعه بعدم خطورة بحيرة الصرف الصحي «بحيرة المسك» القابعة شرق المدينة التي ترتفع بما يصل إلى 120 متراً فوق مستوى سطح البحر، فالبحيرة لا تزال الشغل الشاغل لكافة الأهالي صغاراً وكباراً نساء ورجالاً على حد سواء. وما زاد من الخوف والإرهاب الذي تسببه هذه البحيرة التصريحات والأنباء الصحافية المتضاربة والمتناقضة في كثير من الأحيان حول مدى خطورة بحيرة المسك من عدمها في هذه الأيام رغم تسليم الجميع بأن خطورتها البيئية مستمرة على الدوام ولكن يحاول البعض معرفة الوضع الآني للبحيرة ومدى تماسك السد الترابي الذي أقامته أمانة مدينة جدة لحماية السكان. ومن أبرز هذه التناقضات الاتهامات التي وجهها عدد من خبراء البيئة لأمانة مدينة جدة بعدم إعطاء البحيرة الأهمية القصوى، وأن كل تطميناتها بهذا الخصوص غير سليمة، مؤكدين أن بحيرة المسك تشكل خطراً حقيقياً على سكان مدينة جدة ويجب التصدي لها بوضع الحلول السريعة والعاجلة لحل مشكلتها.