التراجع الاقتصادي يفتح أبواباً صعبة على نشاطات الشركات

التراجع الاقتصادي يفتح أبواباً صعبة على نشاطات الشركات

إن أحد أكبر التحديات التي تواجه النشاط العملي الاجتماعي «وورن أجين بخصوص الملابس التي يتم تدويرها من جديد ــ Worn Again هو الافتراض الشائع على نطاق واسع بأن أي منتج صُنع من مواد معاد تدويرها ينبغي أن يكون أرخص من السلع المطروحة في السوق.
الحقيقة هي أن وورن أجين التي تصنع حقائب، وملابس، وإكسسوارات من الملابس التي يتم القذف بها من ركاب السكة الحديدية عالية السرعة، يوروستار. وقد اكتشفت شركة فيرجين للمناطيد التابعة للسير ريتشارد برانسون، أن العملية تتطلب الكثير من الأيدي العاملة، الأمر الذي يدفع بالتكاليف إلى أعلى.
إن هذه الشركة الواقعة في شرق لندن، تم تأسيسها من قبل سيدة أعمال أمريكية، سيندي روديس، منتجة ومديرة سابقة لأفلام الفيديو الموسيقية والبرامج الوثائقية. وقد أصبحت مهتمة بالقضايا العالمية، وطبقت مبدأ المؤسسة الاقتصادية الجديدة - nef، والتي تصفها بأنها مؤسسة فكرية مستقلة وتطبيقية في الوقت نفسه، بفكرة تأسيس أول مشروع لها، أنتي أباثي، في عام 2002.
وبدأت أنتي أباثي بسلسلة من الأحداث، وقد ازدهرت اليوم إلى مؤسسة مقرها لندن، حيث تطور وتدعم الناس الذين يتبعون أساليب إبداعية، وابتكارية فيما يتعلق بالمسائل الاجتماعية والبيئية. وقد عملت أنتي أباثي في الآونة الأخيرة على إعادة إطلاق منتدى للنصائح على الإنترنت لعموم الناس، وهو حائز على جائزة، ومشرق بأفكاره.
يشجع المشروع الناس على إدراك كيف يمكن لقضايا الاستدامة أن تُبنى ضمن حياة الناس اليومية، بدلاً من النظر إليها على أنها مجرد شيء بعيد يمكن تركه للأعمال الخيرية، والمؤسسات غير الحكومية لمعالجتها.
فعلى سبيل المثال، كتب أحد أعضاء ناج البالغ عددهم ثمانية آلاف عضو للمنتدى مشيراً إلى أن فرص العمل ضمن قطاع الفلّين البرتغالي، والحياة الملائمة لعيش الحيوانات، مثل الوشق، تضررت بفعل تحول صناعة النبيذ نحو السدادات البلاستيكية، والألمينيوم. ويدعو الكاتب الناس إلى شراء النبيذ بسدادات فلينية، والضغط على مصنعي النبيذ.
إن هدف روديس هو التأكيد على أن أنتي أباثي، وهو مشروع خيري مسجل، لا يعتمد بعد الآن على المنح والهبات. وتذهب نسبة مئوية من كل عملية بيع تتم لدى وورن أجين مباشرة إلى أنتي أباثي، وبالتالي لا تكون الأعمال الخيرية في حاجة إلى الانتظار حتى أعوام عديدة لتحصل على المال. وتأمل روديس بأن تتمكن وورن أجين، والتي أطلقت في عام 2005، من الحصول على تمويلها بالكامل من أنتي باثي.
وتقول روديس التي تصف نفسها بأنها «مسؤولة إعادة التدوير» في الشركة : «هنالك افتراض أن المنتجات التي يتم تصنيعها من مواد مُعاد تدويرها ستكون أرخص، بينما هي بالفعل أكثر غلاءً».
«هنالك عملية التفكيك، وإعداد المواد قبل أن تصل حتى إلى المصنع، ومن ثم تتوجه إلى المصنع. وإنها ليست لفة من قماش، حيث يمكنك فتحها وانتهى الأمر، مدها، وقصها، واصنع منها منتجات بكميات رهيبة».
«إن الأمر في غاية الصعوبة بأن تنتج بكميات كبيرة بينما تتعامل مع مواد بأشكال مختلفة، وغير متلائمة، وألوان مختلفة، وأنسجة مختلفة، حيث يتوقف الأمر على تلك الأشياء جميعها، عندما تحاول أن تتنافس مع علامات تجارية أخرى تنتج منتجات مماثلة من منسوجات جديدة، فإن الأمر مستحيل. لذا، عليك أن تميّز نفسك».
إن روديس مصممة على أن وورن أجين ستصل إلى ما هو أبعد من توعية الزبائن الواعين بالمسائل الأخلاقية. واستراتيجيتها هي التأكيد على أن المستهلكين العاديين ينجذبون إلى منتجاتها بسبب تصاميمها الجيدة. وبمجرد أن يتم انجذابهم مرة، سيكتشفون أنها مصنوعة من مواد مُعاد تدويرها. وبالتالي لن ينسوا أبداً أن كل من منتجات وورن أجين تحمل علامة دائمة وحصيفة بإلحاقها بيان المواد المستخدمة فيها. ومع مرور الأعوام، وجدت الشركة أن الجماهير تهتم أكثر بالسعر، وتصميم السلعة، أكثر من إعادة التدوير.
«إن الأمر يدور حول وورن أجين كنشاط عملي يضع خيارات أخلاقية ومستدامة في المقدمة وكجزء من ممارسات النشاط العملي، بدلاً من ترك الأمر للمستهلكين ضمن قراراتهم الشرائية. والهدف هو تبسيط الأمر على الناس، وتوضيح العملية»، كما تقول روديس.
لقد تعلمت الشركة كذلك في الأعوام الأخيرة الماضية أنه عندما يرد الناس على الدراسات الاستطلاعية، يقولون إنهم أخلاقيون، وإنهم يشترون القهوة النزيهة، ويؤثرونها على القهوة غير النزيهة. ولكن تؤكد روديس، أنهم حين يذهبون إلى المقاهي، يكون السلوك مختلفاً.
إن نهج روديس هو تجنب الاكتئاب، وتقبل الأمر على أنه التفكير السائد بين الجماهير العامة، وكيفية تصرفهم في الوقت الراهن. «إن الأمر لا يبعث على الاكتئاب، ولكنه مجرد واقع»، كما تقول.

سياسة التسعير
كان يعني كونها واقعية أنه على وورن أجين أن تعيد تشكيل نموذج التسعير لديها بالكامل. فعلى مدار الأعوام القليلة الماضية، كانت منتجاتها متوافرة في عدة متاجر مختلفة ومستقلة حول العالم. وقد باعت سلعاً باستخدام نموذج بيع الجملة التقليدي، حيث يشتري بائعو التجزئة المخزون من الشركة بأسعار تشمل تكلفة السلع، وهوامش ربحية لوورن أجين، ومن ثم يضيف بائعو التجزئة الهوامش الربحية الخاصة بهم.
وتتوفر وورن أجين بشكل حصري على شبكة الإنترنت. وتوضح روديس قائلة: «بهذه الطريقة يمكن أن نضمن أسعاراً معقولةً، بينما لا نفرط بالشكل، أو المعايير. فعلى سبيل المثال، هنالك حقيبة يمكننا الآن تسعيرها على شبكة الإنترنت بـ 69 جنيها استرلينيا (أي 108 دولارات) من الممكن أن تصل تكلفتها لولا ذلك إلى 92 جنيها استرلينيا (أي 145 دولاراً) بالارتكاز على نموذج بيع التجزئة التقليدي».
إن رؤية الشركة هي نقل عملياتها إلى المملكة المتحدة بعد أن كان يتم تصنيعها في الفترة الأخيرة في الصين والبرتغال. «بالنسبة لنا، إذا كنا نصنع منتجات من أصل مواد مُعاد تدويرها من المملكة المتحدة، فليس من المنطقي إرسالها إلى الصين، ثم إرسالها من جديد إلى هنا. ولكن من المنطقي تأسيس وحدة تصنيع محلية. وبالتالي، فإن ذلك يخفف من بصمة الكربون، ويبتكر وظائف جديدة هنا، وأنا لست ضد التصنيع في الصين إطلاقاً، ولكن الأمر لا يتفق ما تقوم عليه شركتنا».
وبدأت الشركة فعلياً في تصنيع ملابس سباحة بالتعاون مع شركة تصنيع أحذية مُعاد تدويرها، تيرا بلانا، ولكنها تعمل الآن وكأنها أقرب إلى شركة ناشئة. ولتمويل المرحلة الأخيرة، اشترت 400 حقيبة من تيرا بلانا التي باعتها بنفسها من خلال الموقع الإلكتروني لتوليد بعض رأس المال التشغيلي.
وإضافة إلى ذلك، حصلت وورن أجين للتو على قرض صغير، وتقول روديس، إنها تعمل الآن على تهيئة نفسها للاستثمار، وبالتالي تخطي الحدود والارتقاء.

الانكماش الاقتصادي
تماماً كما يبدو فإن روديس تتبنى اللامبالاة العامة تجاه البيئة الأفكار الابتكارية والشركات المبدعة زهورا مثمرة. « فتح ذلك الكثير من الأبواب لنا»، كما تقول. «إن الناس يبحثون عن البدائل، ويبحثون عن وسائل جديدة للقيام بالأمور». فعلى سبيل المثال، لا تملك الشركة الآن رواجاً استهلاكياً لدى الزبائن فقط، ولكن لها مكانتها العملية بين الشركات أيضاً. وفي الماضي، كانت تأخذ النفايات وبالأخص من الشركات وتحولها إلى منتجات، ومن ثم تبيعها إلى المستهلكين. وأما في هذه الأيام، فتأخذ وورن أجين النفايات من الشركات، ومن ثم تحدد المنتجات التي يمكن للشركات شرائها من جديد لضمها إلى سلسلتها التزويدية.
«إنهم يستخدمون حقيبة فعلياً»، كما توضح رودس. «دعونا نرى إذا كان بإمكاننا صناعة حقيبة تستخدمونها فعلاً من نفاياتكم. ولقد حصلنا على صفقة فعلية مع إحدى الشركات، حيث بدأنا بعمل ذلك فعلاً».وتتحدث الشركة كذلك إلى المتاجر المركزية بشأن كيفية صناعة منتجات لهم من زيهم الرسمي القديم.
ويتعلق الأمر بإدارة وصيانة هذه الشركات، وقد انتقلت المؤسسات إلى ما هو أبعد من مسؤولية الشركات الاجتماعية، وتسعى الآن إلى القيام بما هو أفضل، حيث تدمج فعليا مسؤولية الشركات الاجتماعية ضمن نشاطاتها العملية. وتهدف وورن أجين إلى توفير حلول للشركات حول كيفية حل مشاكل النفايات الخاصة بهم، أو تخفيف انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون، وهذا أمر سوف تتطرق إليه في الوقت الراهن.
عليهم أن يقوموا بما هو أكثر «من مجرد وضع إشارة صح في المربع إلى جانب جملة: نحن نساعد التغير المناخي»وإذا كنت قادراً على إثبات أنهم يمكنهم بالفعل أن يستفيدوا بالكامل من نفاياتهم القديمة كذلك، وليس فقط العلاقات العامة، عندها يصبح الأمر نموذجاً حيوياً فعلاً». «بالتالي فإن الركود الاقتصادي منفعة حقيقية بسبب تلك البدائل التي يسعى إليها الناس، بينما لم يكن بإمكاننا فتح الباب قبل بضعة أعوام».

* ساهمت سيندي روديس في برنامج انسياد للمشاريع الاجتماعية في حرم الكلية في أوروبا، في فاونتنبلو، عام 2008.

الأكثر قراءة