وزارة المياه والأودية
بعد الكارثة المأساوية التي تعرضت لها جدة حين جرفت مياه السيول أحياء سكنية وخلفت خسائر في الأرواح والممتلكات, أصبح من الضرورة التنبه للأودية والشعاب وروافدها بصفتها أحد مصادر المياه, وذلك من خلال البحيرات التي تكونها الأودية بعد الأمطار, أو بحيرات السدود أو المياه المنقولة من مناطق الهضاب والمرتفعات إلى الفياض والروضات والسباخ, فإذا كانت وزارة المياه مسؤولة عن المياه العذبة المنزلية ومياه الصرف الصحي وأيضا مياه تصريف السيول والمياه السطحية ومشاريع حصد المياه, فإنني هنا أتوجه إلى المهندس عبد الله الحصين وزير المياه والكهرباء بالسؤال: لماذا لا تتولى وزارة المياه مسؤولية الإشراف على الأودية في المملكة وحمايتها من التعديات وإعادة هندستها وصيانتها ووضع الخرائط لها والمخططات, إضافة إلى هضاب و (مسايل) الأودية ومناطق تقسيم المياه باعتبارها أحد مصادر المياه؟
الأودية في بلادنا تتوزع مسؤوليتها بين عدة جهات منها: وزارة البلديات وأمانات المدن، وزارة الزراعة، وزارة البترول والثروة المعدنية, وأيضاً الهيئات العليا لتطوير المدن وهيئة السياحة, لكن لا توجد جهة محددة تقع عليها مسؤولية تبعية الأودية, فإذا افترضنا أن الأودية أحد مصادر المياه كونها ناقلة للمياه من منطقة إلى أخرى وأحد المصادر المغذية للمياه السطحية والمياه الجوفية البعيدة أو القريبة من السطح, كما أنها تعد مصدرا مائيا إذا تشكلت بحيرات موسمية أو بحيرات شبه دائمة للسدود. ومن هذه المنطلقات والمعطيات العامة يتضح أنها ضمن مهام وزارة المياه, لأن أي قطرة من السماء أو تحت سطح الأرض ومياه البحار تتبع في الهيكلية التنظيمية وزارة المياه حتى إن كانت من الناحية الإجرائية تتبع وزارات: البلديات، والزراعة، والبترول.
تخطيط المدن ليس مقتصرا على مهندسي أمانات المدن والبلديات, ولا بد أن يكون لوزارة المياه دور فاعل في حماية الأودية من التعديات التي تتعرض لها من ردم الروافد أو إحداث التعرجات والعوائق أمام مجاري الأودية, أو حفر بطون الأودية والشعاب, أو إقامة السدود غير المدروسة, التي تؤدي إلى تدمير البيئات الطبيعية خلف بحيرة السد. وهذا يتطلب وضع تلك الأودية الكبيرة في خرائط ومخططات دقيقة وحديثة تحددها خطوط الطول ودوائر العرض وإيجاد إحداثيات تبين بداية تشكل الوادي ومساره حتى نهاياته, وتضاف إلى ذلك الجبال والهضاب المغذية للشعاب والروافد, كما تتم المحافظة والرعاية للأودية كما هو متبع في المحافظة على الغابات والمحميات الطبيعية وجبال التعدين بصفتها ثروة وطنية ومصدرا مائيا محليا يمكن أن يكون مستقبلا مصدرا اقتصاديا إذا تمت إعادة هندسة الأودية وحولت إلى أحواض لحصد وخزن مياه الأمطار, كما يمكن توظيفها اقتصاديا من خلال خفض تكلفة تحلية المياه إذا توافرت آبار جوفية عذبة وقريبة من السطح والتقليل من الاعتماد على تحلية مياه البحر.