خبراء: فقهاء المصرفية الإسلامية ملزمون بتطبيق معايير دولية موحدة
حذّر مختصون من استمرار ابتعاد فقهاء المصرفية الإسلامية عن المعايير الموحدة التي تنظم أعمال تلك الصناعة بشكل عام وتبتعد عن الاختلافات، مرجحين في الوقت ذاته أن ذلك ''سيجبرهم خلال الفترة المقبلة على القبول بالمعايير الدولية لتتماشى أعمالهم بالشكل الذي لا يتعارض مع أعمال المؤسسات الأخرى المعتمدة على المعايير العالمية''.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
حذر مختصون من استمرار ابتعاد فقهاء المصرفية الإسلامية عن المعايير الموحدة التي تنظم أعمال تلك الصناعة بشكل عام وتبتعد عن الاختلافات، مرجحين في الوقت ذاته أن ذلك «سيجبرهم خلال الفترة المقبلة على القبول بالمعايير الدولية لتتماشى أعمالهم بالشكل الذي لا يتعارض مع أعمال المؤسسات الأخرى المعتمدة على المعايير العالمية».
وسجلت المؤسسات الدولية سبقاً جديداً في مجال دعم الصناعة المالية الإسلامية بعد أن تقاعست المؤسسات المالية الإسلامية المحلية أو تأخرت في الأخذ بزمام المبادرة والتحكم بمجريات الأمور، وذلك بعد أن أعلن البنك الدولي أخيراً عزمه دعم الهيئات المعنية من خلال وضع معايير لقطاع التمويل الإسلامي وتحويل معاييره الاختيارية إلى قواعد بنكية ملزمة.
ويأتي ذلك بعد أن اعترفت المؤسسات المالية الدولية بالمصرفية الإسلامية كصناعة مستقلة لها خصوصيتها وضوابطها الخاصة.
ومع دخول البنك الدولي بقوة في هذه الصناعة وتبني التمويل الإسلامي باعتباره أحد الخيارات الجيدة لإدارة المحافظ المالية للدول، يبرز التساؤل عن ماهية هذه المعايير؟ وكيف يمكن للبنك الدولي وضعها ومواءمتها مع الضوابط الشرعية؟ وكيف يمكن أن تصبح هذه المعايير ملزمة للبنوك والمؤسسات المالية الإٍسلامية؟
#2#
وقال لـ «الاقتصادية» الدكتور يوسف الزامل الأمين العام للهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد ولتمويل «يمكن للبنك الدولي التنسيق مع الجهات والمؤسسات المالية الإسلامية مثل البنك الإسلامي لوضع هذه المعايير، كما يمكن الاستفادة من المعايير التي وضعتها بعض المؤسسات المالية الإسلامية في ماليزيا أو البحرين».
ويضيف الزامل «بعض الهيئات والمؤسسات الإسلامية تلتزم ببعض المعايير مثل البنك المركزي الماليزي الذي لا يعتمد رأيا لأي هيئة شرعية ما لم يمر عبر لجنة خاصة تابعة للبنك تجيز هذه المنتجات، في رأيي أن الهدف سيتحقق في حال تم التنسيق بين مختلف الجهات (البنوك المركزية، الهيئات الشرعية، المؤسسات المالية الإسلامية والبنك الدولي».
#3#
إلى ذلك، يؤكد الدكتور حسين حامد حسان رئيس الهيئة الشرعية لمصرف دبي الإسلامي وعضو عديد من الهيئات الشرعية الأخرى أنه حتى الآن لم تقدم لهم أي اقتراحات بهذا الشأن ولم يتم استشارتهم بخصوص وضع معايير للتمويل الإسلامي من قبل البنك الدولي.
وتابع «بطبيعة الحال عندما تصدر هذه المعايير لا بد أن تعرض على البنوك الإسلامية، ما يهمنا هو إلى من سوف يسند وضع هذه المعايير! لا بد أن تكون هناك لجان متخصصة في النواحي الشرعية والمالية كما فعلت مؤسسات عالمية أخرى مثل داوجونز».
وأشار حسان إلى أن هذه المعايير من الممكن أن تصبح ملزمة إذا كانت متوافقة مع الشريعة الإسلامية، وفي ذلك الوقت يجب على الجميع الأخذ بها وتطبيقها.
#4#
أما لاحم الناصر المستشار في المصرفية الإسلامية فيرى أن البنك الدولي سيستخدم المعايير الموجودة حالياً لدى هيئة المحاسبة والمراجعة
للمؤسسات المالية الإٍسلامية (الآيوفي)، ومجلس الخدمات المالية الإسلامية الماليزي.
وأضاف «البنك الدولي سوف يستخدم هذه المعايير بحيث يجعل منها إلزامية عن طريق المؤسسات التابعة التي لها عناية بالقطاع المصرفي مثل بنك التسويات الدولي، وهذه المؤسسات قراراتها ملزمة بحكم العمل، لأن أي مصرف يريد أن يعمل في هذا القطاع في الغالب لا يستطيع العمل إلا بتطبيق هذه المقررات خارج نطاق دولته، وأغلبية الحكومات تلزم مؤسساتها بالمعايير الدولية حتى لا يحدث تعارض معها».
وأردف الناصر «ثم إن هذه المعايير وضعت بعناية من قبل أهل الاختصاص وسيكون فيها حماية أكبر للقطاع المصرفي وهو ما تعيه البنوك المركزية، الأمر الثاني أنه في حال كانت علاقات البنوك المحلية مع البنوك الدولية ضعيفة دل ذلك على ضعف القطاع المالي للدولة، وبالتالي الدول تسابق لتطبيق المعايير الدولية».
وانتقد المستشار في المصرفية الإسلامية بطء وتأخر المؤسسات المالية الإسلامية في تبني هذه الصناعة وتقنينها، وأضاف «البنك الدولي والمؤسسات الدولية سبقت كثيراً المؤسسات الرقابية المحلية في مسألة الاعتراف بالمصرفية الإسلامية كصناعة مستقلة ثم محاولة تقنين أعمالها وجعلها متلائمة مع الصناعات الدولية في مجال المعايير والضوابط وفقاً لخصوصيتها، وبذلك تسجل المؤسسات الدولية سبقاً على المؤسسات المحلية التي كان يفترض أن تسجل هي السبق لأنها انبثقت من رحم هذه الدول وأن تكون هي صانعة القرار، لكن للأسف نجد أن المؤسسات الدولية هي من تصنع القرار خارج نطاق هذه الدول وبالتالي ستفرض عليها معايير وشروطا قد لا تتلاءم معها».
ولفت الناصر إلى أن الفقهاء يفرون من مسألة مؤسسات الرقابة الشرعية الموحدة كي يحصلوا على مساحة أكبر في موضوع الخلاف وغيره، لكنه حذر من أنهم سيجدون أنفسهم مجبرين على تطبيق المعايير التي تفرضها المؤسسات الدولية، بعد أن كان لهم الخيار في وضع وترتيب الضوابط التي تنظم عمل المصرفية الإسلامية».
وكان البنك قد أعلن أخيراً أنه يعتزم دعم الهيئات المعنية بوضع معايير قطاع التمويل الإسلامي في تحويل معاييرها الاختيارية إلى قواعد بنكية ملزمة.
ويحاول البنك الدولي مساعدة صناعة التمويل الإسلامي التي تستوعب استثمارات بقيمة تريليون دولار في النهوض، مع التركيز على مساعدتها في تطوير التمويل متناهي الصغر وخصوصا في مناطق جنوب شرق آسيا.
وأصدرت مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي في تشرين الأول (أكتوبر) صكوكا بقيمة 100 مليون دولار وتعتزم أن تصبح مصدرا منتظما للصكوك الإسلامية.