فرضية جديدة في الجمعية الأثرية (1 من 2)
يطغى على بعض الجمعيات الأكاديمية الإغراق السلبي في الإجراءات الروتينية والبروتوكولية الإدارية في اجتماعات الجمعية العمومية وعادة ما تكون على حساب الأعمال الأكاديمية، كما أن اللقاءات العلمية التي تقام على هامش اللقاء تكون أيضاً إجرائية أو هي إعادة لقراءة بعض الأبحاث أو إعادة طباعة ونشر لبعض الدراسات السابقة، أو أنها بحوث مستلة من أخرى، إضافة إلى الأبحاث الجديدة.
في الاجتماع الأخير الذي عقدته الجمعية السعودية للدراسات الأثرية وفي لقائها العلمي في 13 من المحرم الجاري جاءت التوقعات مخالفة لبعض لقاءات الجمعيات العلمية الأخرى، حيث تميز اللقاء بطروحات جديدة وآراء علمية تطرح في المملكة والخليج ربما لأول مرة مثل الفرضية (النظرية) التي تبناها الدكتور عبد الرزاق أحمد راشد المعمري من قسم الآثار في كلية السياحة في جامعة الملك سعود التي تقوم على: تشكل الجنس (الإنسان) العربي في العصر الحجري الحديث الألف الخامس قبل الميلاد - قبل سبعة آلاف سنة من الوقت الحاضر ـــ داخل الجزيرة العربية، معتبراً أن الدور الرئيس في ذلك التشكيل يرجع إلى نمط الأدوات الحجرية ثقافة الشطائر بشمال الجزيرة وشرقها التي أعاد أصولها إلى بلاد الشام، والأخرى ثقافة الشظايا في جنوب الجزيرة العربية والتي أعاد أصولها إلى جنوب الجزيرة العربية. وتتلخص هذه الفرضية في أن هناك ثقافتين تشكلتا في الألف الخامس قبل الميلاد شمالي الجزيرة وجنوبي الجزيرة بخصائص مختلفة ارتبطت بتشكيل الجنس العربي في العصر الحجري الحديث داخل الجزيرة العربية، وهو رأي جديد في تاريخ الجزيرة العربية القديم، وتفسير آخر لهجرات القبائل العربية. كما قدم رئيس مجلس إدارة الجمعية الدكتور عبد العزيز بن سعود بن جار الله الغزي موضوعاً مازال يثير الجدل العلمي في السعودية والخليج وهي: “المدافن الركامية ودلالاتها الحضارية”،.. وهذه المدافن يعتبرها بعض الباحثين لغزا حضارياً أعجز الباحثين لأن المدافن منتشرة بشكل مكثف في معظم حافات المملكة الشرقية مثل حافة (جبال): طويق، ومجزل والعرمة، والطرق، والعصودة، والرعن والخفيات والجواء، وبريدة، وعنيزة، ومدرج، والشماسية، والتيسية، إضافة إلى جبال وهضاب الدرع العربي غربي المملكة.. وتأتي أهمية البحث في كون الدكتور عبد العزيز الغزي قدم وصفاً شاملاً للمدافن وأماكن انتشارها وأنواعها وأنماطها، إضافة إلى نتائج الحفريات والمجسات التي نفذها في أكثر من موقع.
كما جاءت مشاركات أخرى متميزة مثل ما قدمه الدكتور سعيد بن فايز السعيد والدكتور محمد بن علي الديري والدكتور محمد بن عائل الذيبي من قسم الآثار في جامعة الملك سعود عن الأعمال الميدانية في موقع دادان (الخريبة) في العلا، ويتوقع أن يخرج الدكتور سعيد السعيد، والدكتور الديري، والدكتور الذيبي بنتائج جديدة عن تلك الحضارة (دادان) شمال غربي المملكة لتساعد الباحثين في فهم تلك الحضارة وشعوبها وأنماط حياتها في العلا ومدى تأثيرها في وسط المملكة وصلاتها الحضارية مع حضارات جنوبي الجزيرة العربية.