رسالة ماجستير سعودية تفتح المجال لعلاج سرطان الثدي
أجازت لجنة متخصصة في جامعة الملك سعود، أمس، بحثا أكاديميا لباحثة سعودية من شأنه إحداث ثورة كبيرة في علاج سرطان الثدي خلال الأعوام الخمسة المقبلة، وذلك بعد نجاح الباحثة في زراعة الخلايا الحية خارج أجساد مريضات بالسرطان. ونالت الباحثة الأميرة خلود بنت عبد المحسن بن سعود آل سعود درجة الماجستير أمس، بعد مناقشة دراستها «مناعية الخلايا لسرطان الثدي المعزولة والمزروعة معمليا من مريضات سعوديات». وقال الدكتور سامح الشويمي أستاذ المختبرات في جامعة الملك سعود في الرياض إن هذه الدراسة تكمن أهميتها في إيجاد علاج فعال من شأنه التحكم في الجينات المسببة لأورام سرطان الثدي.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
نجحت باحثة سعودية في زراعة خلايا أورام سرطانية حية خارج أجساد المريضات في مركز الملك فيصل التخصصي للأبحاث في الرياض في تجربة هي الأولى من نوعها على مستوى الشرق الأوسط.
وبهذا جددت الأميرة خلود بنت عبد المحسن بن سعود بن عبد العزيز الإنجازات الطبية العالمية للمملكة، بعد أن تمكنت من توفير عينات حية لأورام سرطانية من سيدات سعوديات، ما سيسهم مع مواكبة الأبحاث العلمية الطبية الحديثة في إنتاج لقاح مضاد للمرض، بحسب نوع الطفرات الجينية الخاصة بالمصابات في المملكة، نظرا لاختلاف طبيعة الإصابة من دولة لأخرى. ومنحت أمس اللجنة العلمية المكونة من الدكتور عبد الرحمن الذياب أستاذ مشارك ورئيس قسم الأورام وأمراض الدم في كلية الطب والمستشفيات الجامعية، والدكتور سامح الشويمى أستاذ قسم علوم المختبرات الإكلينيكية، والدكتورة فاتن الزامل أستاذ مساعد ووكيلة عمادة السنة التحضيرية للبنات في جامعة الملك سعود، الأميرة خلود بنت عبد المحسن درجة الماجستير في تخصص المناعة من جامعة الملك سعود في الرياض على بحثها العلمي المتميز في حقل أبحاث السرطان، الذي حمل عنوان:» مناعية الخلايا لسرطان الثدي المعزولة والمزروعة معمليا من مريضات سعوديات».
في هذا السياق أكدت الأميرة خلود بنت عبد المحسن بن سعود بن عبد العزيز في حوار لـ»الاقتصادية ضرورة تكثيف البحث العلمي نظرا لتزايد إصابة السيدات في السعودية بسرطان الثدي في مراحل عمرية مبكرة، خاصة في الفترة العمرية ما بين 20 و40 عاما على خلاف معدلات الإصابة في العالم، التي ترتفع بين كبيرات السن ومن تجاوزن 60 عاما. ولم تخف الأميرة خلود في ثنايا حوارها أهمية ودور دعم والديها وزوجها وأبنائها الأربعة في إكمال مسيرتها العلمية، التي أثمرت في إصدار بحث يعد هو الأول في منطقة الشرق الأوسط، ولاسيما أنه يمس حياة كثير من السيدات في المجتمع المحلي. إلى نص الحوار:
ما أسباب اختيار رسالتك في الماجستير هذا النوع من البحوث، وما الهدف منه؟
البحث يقيم الطرق المختلفة لزراعة خلايا سرطان الثدي معمليا سعيا لإيجاد خطوط خلايا دائمة من مريضات سعوديات وتكمن أهمية البحث كون سرطان الثدي لدى المريضات السعوديات مختلف نوعا ما عن الأنواع المعروفة في الغرب كونه يصيب النساء الأصغر عمرا وكونه أكبر حجما.
وبالرغم من ذلك حتى الآن لا توجد خطوط الخلايا من سرطان الثدي مشتقة من المريضات السعوديات ولا حتى الشرق الأوسط، قادرة على النمو خارج الجسم ،لذلك يعتبر هذا البحث مهما من الناحية الاستراتيجية العلمية كونه يوفر خلايا قادرة على النمو خارج الجسم تمثل السرطان المعروف في هذه المنطقة وتساعد على تطور الأبحاث باتجاه علاج ناجح لهذا المرض الخبيث وهو إنتاج لقاح له.
ما النتائج التي توصلت لها بعد ثلاث سنوات من البحث والتجريب، وكيف يمكن أن تسهم في علاج أورام الثدي؟
البحث يبين صعوبة نمو الخلايا خارج الجسم التي يظهر منها سرطان الثدي عادة بعكس الخلايا الظهارية العضلية التي لا تنمو بسهولة لكنها لا تمثل الورم وفي نهاية البحث توصلت إلى أن نمو خلايا ثدي يمثل الورم ويمكن إجراء الأبحاث المعملية عليه لاحقا مثل معرفة الطفرات الجينية فيه، محاولة توفير أساس للباحثين والمراكز المتخصصة في خطوة عملية ستسهم مع مجموعة كبيرة من الأبحاث في اكتشاف أدوية تناسب طبيعة الإصابة في المملكة ومكافحة انتشار المرض. ويعتبر البحث الأول في الشرق الأوسط لزراعة ودراسة الخلايا السرطانية لدى السيدات السعوديات، لـ 20 مريضة، من مستشفى الملك فيصل التخصصي، إذ تم أخذ موافقتهن لأخذ العينات منهن بعد أن تم استئصال الأورام منهن.
هل كان بحثك ناتجًا عن إحساس بالمشكلة التي تعانيها النساء، أم أن هناك أسبابا أخرى؟
أميل كثيرا إلى التجارب والأبحاث المختبرية وعند التحاقي ببرنامج الماجستير كنت في البداية أرغب في مجال علم أمراض الدم، ولكني لاحظت تزايد الإصابة بمرض سرطان الثدي عالميا حيث إن سرطان الثدي بالنسبة للإناث هو أهم وأخطر سرطان من حيث المكان والوفيات وكذلك معدل الإصابة، حيث يعتبر أكثر السرطانات شيوعا بالنسبة لهن في السعودية ومعظم الدول العربية ويحتل سرطان الثدي المرتبة الثانية بين أنواع السرطان في العالم حيث بلغت نسبة الإصابة في الولايات المتحدة الأمريكية 27 في المائة، أما في السعودية فبلغت نسبة الإصابة 24.3 حسب آخر إحصائية وبينت هذه الإحصائية أن النسبة المئوية للإصابة حسب الفئات العمرية راوحت بين 7.24 في المائة لعمر 30 إلى 44 عاما و18.1 في المائة للفئة العمرية من 45 - 59 عاما ونسبة 5.8 في المائة لعمر من 60 إلى 74 مما يدل على أن الفئة الشابة من المريضات استحوذت على أكبر نسبة للمرض. من ناحية أخرى كانت عينة سرطان الثدي من النوع القنوي الغزوي الأكبر بين أنواع سرطان الثدي حيث بلغت 78.7 في المائة في هذه الإحصائية وفي دراسة لاحقة بلغت هذه النسبة 88 في المائة.
ذكرت أن هناك ارتفاعا في الإصابة بين الفتيات في المملكة بخلاف دول العالم، ما الأسباب في رأيك ؟
إن الأسباب الحقيقية والمباشرة لحدوث السرطان غير معروفة بشكل واضح، ولكن هي تعتبر من الناحية الوراثية من الأمراض المتعددة الأسباب فهي لا تنتج في العادة من مسبب واحد بل هي ناتج تضافر عدة أمور وعوامل. وتقسم هذه العوامل أو الأسباب إلى عوامل وراثية وعوامل بيئية. والعوامل الوراثية عبارة عن خلل أو تغير في أحد المورثات يجعل الشخص لديه قابلية للإصابة إذا تعرض إلى شيء في البيئة المحيطة، أي أن الإصابة لا تحدث إلا إذا كان الشخص لديه القابلية للإصابة وتعرض لمسبب ما في البيئة المحيطة به، إضافة إلى عوامل التلوث والتغذية، مع العلم أن نسبة الإصابة بالأورام بصفه عامة بين النساء أعلى من الرجال بشكل عام في السعودية. وإلى الآن لا نعرف أسباب المرض بين الصغيرات في العمر، خاصة أن أغلب السيدات يحضرن في مراحل متأخرة من الاكتشاف وفي مراحل متقدمة، ولا يمكن أن نحدد إلى الآن السبب في تأخر ملاحظة المصابة بالمرض هل هو نابع من الجهل أم سرعة انتشار المرض .
هل هناك وسائل أو طرق لتفادي الإصابة بالمرض؟
لا توجد وسيلة لتفادي الإصابة بهذا المرض، فإن تركيز الأطباء في تخفيض الوفيات منه هو التشخيص المبكر له عند ضحاياه. والتشخيص المبكر يعني أن السرطان محصور في منطقة ضيقة ولم ينتشر إلى أعضاء حيوية أخرى، ويمكن استئصاله بجراحة ومواصلة العلاجين الكيماوي والإشعاعي والخضوع لمراقبة دورية روتينية. ومن المعروف في هذه الحالات أن تسفر الجراحة عن استئصال الورم فقط في حال كان حجمه صغيرا، أو استئصال الثدي بكامله، إذا ما كان منتشرا.
تنهال الصعوبات أمام أي باحثة فما نوع الصعوبات التي واجهتك أثناء إعداد تجاربك في زراعة الخلايا السرطانية ؟
الصعوبات التي واجهتني كانت على نوعين ولأن الدراسة الحالية أول دراسة لمناعية خلايا سرطان الثدي المعزولة من مريضات سعوديات والمزروعة معمليا في منطقة الشرق الأوسط وقد واجهتني صعوبات خلال هذه الدراسة تمثلت في صعوبة الحصول على العينات والموافقة الخطية للمريضات، إضافة إلى عمليات الزراعة حيث إنه من المعروف أن الخلايا الظهارية التجويفية، التي ينشأ منها سرطان الثدي القنوي الغزوي تنمو بصعوبة جدا في أوساط الزراعة المألوفة وكذلك احتمالية حدوث تلوث لهذه الخلايا أثناء الزراعة.
من جهة أخرى نمو خلايا الثدي السرطانية خارج الجسم الحي كان بطيئا بعكس المعروف عن هذه الخلايا داخل الجسم مما احتاج لوقت طويل من المتابعة والدراسة ،كما تطلب العمل المقارنة بين عدة طرق وتحسينها للوصول للطريقة المثلى لعزل وزراعة هذه الخلايا وقد كان من الضروري التنسيق مع جهات عدة لأخذ إذن المريضة باستخدام نسيجها و الحصول على العينة من الجراح مباشرة والتأكد من كون النسيج سرطانيا، فضلا عن إمكانية تعرض الخلايا للفطريات أو البكتيريا خلال زراعتها.
على الصعيد الشخصي كوني زوجة وأما يتطلب مني تواجدي مع أسرتي والاهتمام بهم ومتابعتهم في حين تأخذ الأبحاث وقتا طويلا ومعظم التجارب تتطلب ساعات متواصلة من العمل وقد حللت هذه المشكلة من خلال اختياري طرقا معملية تسمح بتجزئة العمل وتوزيعه على أربع لخمس ساعات يوميا.
من خلال الواقع يتضح أن هناك مواهب كثيرة في المجتمع، لكنها لا تجد التشجيع والمكان الملائمين لتنمية مهاراتها، ما تعليقك على ذلك؟
استطيع أن أقول إن المملكة تمر حاليا بنهضة بحثية على مستوى عال بفضل وتشجيع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز قائد العلم والعلماء واهتمامه بكل ما يتعلق بالبحوث والدراسات وتوفير الإمكانات المالية، وإنشاء المراكز البحثية وفتح المجال أمام السعوديين والسعوديات للابتعاث، لذلك نعتبر أننا في عصر ذهبي ستنعكس نتائجه الحميدة على المملكة في مختلف الجوانب إن شاء الله، كما أنوه بدور مركز الملك فيصل للأبحاث الذي يشجع البحوث ويوفر جميع الإمكانات والموارد لتسهيل عمل الباحثة ما يدفع بالبحث لأفضل النتائج.
كلمة شكر لمن توجهينها ؟
أولا أشكر والدي ووالدتي لدعمهما وتشجيعهما، وزوجي لصبره وتحمله خلال سنوات البحث، وفي الحقيقة كان أكبر داعم لي أبنائي ديمة وسارة ومساعد وخالد فلهم جميعا أقول شكرا.
وفي الجانب العملي لا أنسى جهود الدكتورة فاتن الزامل المشرفة الأولى على البحث ودورها، وكذلك الدكتور حازم غيبه في مستشفى الملك فيصل التخصصي ودوره الداعم لي، وكذلك دور مستشفى الملك فيصل التخصصي وفريق العمل فيه، وكل من دعمني وهيّأ لي الوسائل والبيئة المشجعة .