"دومو اريجاتو" والعلاقات السعودية ــ اليابانية

لا بد أن السيد كوتارو ياماوكا قد ردد كلمة "دومو أريجاتو" وتعني "شكراً" باليابانية مئات المرات, كعادة اليابانيين, عندما حط في مكة المكرمة لتأدية فريضة الحج عام 1909. كانت هذه هي أول زيارة لمواطن ياباني للسعودية. ولا بد أن السيد ياماوكا لم يكن يعلم في ذلك الوقت أن اليابان سيكون الشريك التجاري الثاني للمملكة العربية السعودية بعد الولايات المتحدة الأمريكية. وها نحن نستقبل هذا الأسبوع وفد جمعية الصداقة اليابانية ـ السعودية بمناسبة مرور 50 عاماً على بدء العلاقات الدبلوماسية بين السعودية واليابان.

تعود العلاقات السعودية اليابانية لعام 1938 حيث قام حافظ وهبة، المبعوث السعودي لدى بريطانيا، بزيارة اليابان لحضور افتتاح مسجد طوكيو. وزار المبعوث الياباني لدى مصر، ماسايوكي يوكوياما، المملكة العربية السعودية عام 1939 لأول مرة كمسؤول ياباني والتقى بالملك عبد العزيز آل سعود، يرحمه الله، في الرياض.

اقتصادياً، بدأت العلاقات السعودية اليابانية في التطور عام 1957 عندما منحت المملكة العربية السعودية حق امتياز للتنقيب عن النفط لشركة يابانية عُرفت باسم شركة الزيت العربية اليابانية المحدودة. بالمناسبة، لا أوافق بتاتاً مع ما صرح به وزير التجارة الدولية الياباني تعليقا على فشل المفاوضات السعودية اليابانية حيال تجديد عقد امتياز شركة الزيت العربية اليابانية عام 2000، حيث أشار إلى أن السبب في عدم تحقيق الجانب الياباني لشروط حكومة المملكة للتجديد للشركة يعود إلى "حرص الحكومة اليابانية على عدم اضاعة أموال دافعي الضرائب اليابانيين في بناء سكة حديد وتقديمها كهبة لحكومة المملكة". أستطيع أن أقول بكل موضوعية إن عدم تجديد الاتفاقية السعودية اليابانية لشركة الزيت العربية في الخفجي جاء لصالحنا، حيث تدل التجارب والوقائع أن المستفيد الأكبر على مر الزمن من هذه الاتفاقية كانت اليابان. إضافة لذلك، لم تشهد المنطقة التي كانت تديرها الشركة اليابانية في الخفجي في ذلك الوقت أي تقدم يذكر.

من الناحية الإيجابية، لا شك أن العلاقات التجارية السعودية ـ اليابانية تشهد اليوم تطوراً سريعاً. فقد بلغ إجمالي الاستثمارات السعودية اليابانية المرخصة من قبل الهيئة العامة للاستثمار في المملكة العربية السعودية 11228 مليون ريال سعودي حتى عام 2004. كما أن هناك ميلاً كبيراً في الميزان التجاري لصالح المملكة العربية السعودية يصل إلى 35007 ملايين ريال سعودي.

ثقافياً، توجد اتفاقات بين الحكومتين السعودية واليابانية حول التبادل الثقافي. ولكن هذا لا يكفي، لابد من تشجيع إرسال الوفود الثقافية بين البلدين للتعرف على الثقافات والحضارات المختلفة وفهمها وفهم الاختلافات بينها. بسبب التشابه بيننا وبين اليابانيين في التشبث بعاداتنا وتقاليدنا، يمكننا أن نستفيد من تجارب اليابان لما تملكه من التاريخ العريق في العادات والتقاليد والذي لم يتعارض مع الاستفادة من الحضارة الحديثة. إضافة لذلك، أبدعت اليابان بإطلاق الحوارات مع البلدان الأخرى مع المحافظة على تقاليدها وتراثها وثقافتها. كذلك يمكننا الاستفادة من دراسات الدكتور نكمارا ساتورو المحاضر في جامعة كوبي اليابانية الذي حصل على الدكتوراة عن رسالته الخاصة بالمملكة العربية السعودية بعنوان "تكوين الدولة في المملكة - الدور السياسي للبدو وسكان المدينة".

اجتماعيا، تخبرنا وزيرة التربية والثقافة والعلوم اليابانية أتسوكو توياما أن "النساء السعوديات نشيطات جدا ويملكن إرادة قوية ورغبة للإفادة من طاقاتهن". جاء ذلك في إطار ندوة (تحديث المجتمع مع المحافظة على العادات والتقاليد الاجتماعية التجربة اليابانية)، والتي أقيمت في الرياض بمناسبة مرور أكثر من 50 عاما على العلاقات الرسمية بين السعودية واليابان. لفت انتباهي ما قالته السيدة توياما أنه من خلال إلمامها بالسعودية وجدت كثيرا من أوجه التشابه والاختلاف بين المرأة السعودية واليابانية.

اقت...صاد
تقول الدكتورة توياما في وصفها للعلاقات السعودية اليابانية "إن مهمتنا هي فهم بعضنا البعض وأوجه التشابه والاختلاف واحترام ثقافة وتقاليد الآخر وإيجاد فرص التعاون مع بعضنا بعضا وتعميق معرفتنا ببعضنا." ألا يجدر بنا أن نتخذ من هذه المقولة مرتكزاً للقائنا الوطني القادم عن "الحوار مع الآخر"؟ للسيدة توياما أقول: "دومو أريجاتو".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي