أوقفوا التصرفات الخرقاء

أوقفوا التصرفات الخرقاء

إن بنيامين نتنياهو هو أحد كبار الناجين في السياسة الإسرائيلية, لكن من المشكوك فيه ما إذا كان الرجل المناسب لضمان بقاء دولته على المدى الطويل. وفي عام 1997، أشادت'' الإيكونوميست'' ''ببلاغته السهلة ونهجه المتفائل''، لكنها دعته للاستقالة من منصب رئاسة الوزراء بعد أن وصفته بأنه أخرق متسلسل يملك ''موهبة فذة في اتخاذ القرارات السيئة الاستفزازية في الوقت الخاطئ''، مثل إصراره على بناء ''ضاحية يهودية جديدة'' على الجانب الشرقي من القدس الذي كان يعده الفلسطينيون ـ ولا يزالون ـ جانبهم من العاصمة المشتركة لدولتهم المستقبلية. وقد دانت'' الإيكونوميست'' ''غطرسة نتنياهو بسبب افتراضه أن الفلسطينيين سيوافقون في النهاية على أي شيء يقدمه لهم ''. فهل تغير نتنياهو بعد مرور أكثر من 12 عاما؟
يوحي سلوكه في الآونة الأخيرة بأنه لم يتغير. فمن غير الحكمة على الإطلاق إغضاب أهم حليف لك عشية المفاوضات، كما فعل نتنياهو حين كان يبدو أنه يتباهى بقرار إسرائيل ببناء مستوطنات جديدة في القدس الشرقية، في الوقت الذي وصل فيه نائب الرئيس الأمريكي، جو بيدن، للدعوة لاستئناف المحادثات. وشعر باراك أوباما بالانزعاج من هذه الإهانة الواضحة، وأعلن أن صبره على الزعيم الإسرائيلي بدأ بالنفاد. ويرفض الزعيم الفلسطيني محمود عباس استئناف المحادثات ما لم يتم إلغاء قرار البناء. واندلعت اشتباكات بين قوات الأمن الإسرائيلية والفلسطينيين الذين كانوا يرمونهم بالحجارة. وتسبب صاروخ من غزة في مقتل عامل تايلاندي في إسرائيل. وزادت المخاوف من اندلاع انتفاضة أخرى.
ويكمن الأمل في أن يحفز هذا الخلاف السام في ظهور حس جديد بالإلحاح. حتى في جماعات الضغط الأمريكية المؤثرة التي تدعم عادة الحكومة الإسرائيلية، زادت المخاوف من أن يحفز تعنت نتنياهو الرئيس الأمريكي على جعل الدعم للدولة اليهودية مرتبطا بشروط إضافية. ولم يسبق أن كانت العلاقات بين الدولتين بهذا السوء منذ السبعينيات تقريبا.
ومع ذلك، على الرغم من المزاج الدموي السائد، إلا أن هناك تناقضا يبعث على الأمل في السياسة الإسرائيلية. فمع أن مركز الثقل تحول على مر السنين نحو الجناح اليميني المتدين من الطيف الذي يجسده تحالف نتنياهو، إلا أن حل الدولتين، الفلسطينية والإسرائيلية، بحيث تتعايشان سلميا جنبا إلى جنب، يلقى رواجا وقبولا أكبر. فقد رفض نتنياهو علانية هذه الفكرة حين كان رئيسا سابقا للوزراء، لكنه يتقبلها الآن رسميا، وإن على مضض.
وهناك سبب آخر يدعو إلى التفاؤل الحذر، وهو أن الإسرائيليين والفلسطينيين العاديين يتفقون على أن تعديل حدود 1967، بما في ذلك مقايضات الأراضي العادلة لتعويض الفلسطينيين، أمر لا مفر منه في أي اتفاق سلام دائم. ولو تم حل مشكلة الحدود في وقت مبكر من المفاوضات، لكان من الممكن تجنب كثير من المشكلات المتعلقة باستمرار بناء المستوطنات اليهودية، لأن أكبرها ستقع على الجانب الإسرائيلي من الخط الجديد، بل وعلى طول أجزاء من حافة القدس الشرقية.
ولن يتم تحقيق تقدم إلا إذا اهتم أوباما شخصيا بالموضوع. وبما أنه يكافح في مجال الرعاية الصحية وفي أفغانستان، قد لا يحدث هذا إلا بعد انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر). وينتقده معارضون في الداخل لأنه يضر بأصدقائه، مثل الإسرائيليين، في حين يخضع أو يعجز عن مواجهة أعدائه، مثل إيران والصين. علاوة على ذلك، تم اتهامه على نطاق واسع بزيادة تعقيد المأزق بين الإسرائيليين والفلسطينيين، عن طريق رفع التوقعات بشكل غير حكيم لتجميد الاستيطان ثم الفشل في وضع خطة لدفع إسرائيل للامتثال لها حين منحته جزءا فقط مما كان يسعى إليه.

انظر إلى الوسط يا نتنياهو
لا شك أن الخطابات الحماسية الأولية لأوباما لم يماثلها نجاح في جهوده الدبلوماسية اللاحقة. إلا أن مصدر المأزق الجديد هو نتنياهو، الذي كان إما على علم بشأن الإعلان عن البناء أو فشل في إلغاء المستوطنات الجديدة حين علم بشأنها. وإذا كان اعتماده على الأحزاب اليمينية يشل قدرته على الحركة، عليه كتم غضبه والتفكير بالتخلي عنها واجتذاب حزب كاديما من الوسط الذي تترأسه تسيبي ليفني إلى حكومته. وإذا رفض فعل هذا، قد لا يتم إحراز تقدم نحو السلام إلا حين يسقط نتنياهو في النهاية. ويكمن الخطر في اندلاع جولة جديدة من النزاع الذي يدمر فرص السلام قبل وقت طويل من حدوث ذلك

الأكثر قراءة