في حالة سيئة

في حالة سيئة

يجري الآن تنظيم الحملات الانتخابية استعدادا لأول انتخابات حقيقية متعددة الأحزاب في الدولة منذ عام 1986، التي من المقرر عقدها في 11 نيسان (أبريل). وكان الناخبون والسياسيون المعارضون والحكومات الأجنبية، الذين يتشاركون جميعهم كما يبدو في كراهيتهم للرئيس عمر البشير، يأملون أن تؤدي هذه الانتخابات إلى إحداث ''تحول ديمقراطي'' في الدولة. إلا أن الدلائل كلها تشير إلى أن على السودانيين الانتظار لفترة أطول قليلا لإجراء انتخابات نزيهة حقا.
إن الانتخابات المقبلة هي نتيجة اتفاق السلام الذي تم توقيعه عام 2005 لإنهاء الحرب المتقطعة منذ 50 عاما بين النصف الشمالي الإسلامي والنصف الجنوبي المسيحي والوثني. ووفقا للأمم المتحدة، تعد هذه الانتخابات ''أحد أكثر الانتخابات تعقيدا على الإطلاق''. وسيختار الناخبون رئيسا وطنيا، وجمعية وطنية، وحكام الولايات، ومجالس الولايات، ورئيس الجنوب شبه المستقل، والجمعية في الجنوب. إضافة إلى ذلك، هناك عدة أنواع مختلفة من أنظمة التصويت، بما في ذلك نظام الفوز لمن يحصل على أكثر الأصوات، نظام الأغلبية في اختيار الرئيس، والتمثيل النسبي، وقائمة المرأة. ووفقا لجميع هذه الأنظمة، يجب على الناخبين في الشمال الإدلاء بثمانية أصوات مختلفة فيما يجب على الناخبين في الجنوب الإدلاء بـ 12 صوتا. وسيكون هذا صعبا بما فيه الكفاية في دولة غنية. وفي السودان، لم يسبق أن صوّت معظم الناس في حياتهم. وكثير منهم، خاصة في الجنوب حيث البنية التحتية أيضا سيئة، أميون, ولا تزال هناك حرب أهلية منخفضة المستوى في المنطقة الغربية، دارفور، حيث يعيش كثير من النازحين في المخيمات.
حتى لو تم التغلب على مثل هذه العقبات والمضي قدما بالانتخابات كما هو مخطط، سيحظى البشير وحزبه، حزب المؤتمر الوطني، بمزايا هائلة. وقد قدمت المعارضة في الشمال وحزب المتمردين السابق في الجنوب، الحركة الشعبية لتحرير السودان، المتحدان معا في تجمع مناهض للبشير يعرف باسم تحالف جوبا، عديدا من الشكاوى. وهم يقولون إن التسجيل الانتخابي كان خاطئا بصورة كبيرة. وقد تم تقييد الوصول إلى وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة؛ لم يتمكن أحد المنافسين الرئيسيين للبشير، وهو الصادق المهدي، رئيس الوزراء السابق، من بث خطابه الذي ذكّر فيه الناخبين بأن البشير مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور.
ويقول السياسيون المعارضون إنهم منعوا من تنظيم تجمعات، وقدموا شكاوى للجنة الانتخابات الوطنية بشأن المواد التي سيتم استخدامها للتصويت. ويقول مبارك الفاضل، المرشح الرئاسي: ''لقد وعدنا أن يتم طبع بطاقات الاقتراع في جنوب إفريقيا، بحيث لا يمكن نسخها. وقد اكتشفنا الآن أنه تمت طباعتها في مطبعة الحكومة هنا، بالتالي لدى حزب المؤتمر الوطني نسخ منها، وهذا خطير جدا''. ويسعى البشير إلى تحقيق فوز مقنع لإضفاء الشرعية على حكمه، خاصة في ضوء لائحة اتهامات المحكمة الجنائية الدولية. ونظم حملته على أساس المكاسب الاقتصادية خلال العقدين منذ أن تولى السلطة على أثر انقلاب عسكري. واستغل أيضا المشاعر المناهضة للغرب والإمبريالية المنتشرة على نطاق واسع، ما جعل الغرب أكثر تصميما على الإطاحة به. وتنتشر ملصقاته في جميع أنحاء شمال السودان، وهي أكثر وضوحا وظهورا بكثير من ملصقات منافسيه. وكانت حملته أقوى بكثير أيضا من حملاتهم. إلا أن الحسابات الانتخابية لا تصب كلها في مصلحته, فالجنوب، الذي يشكل سكانه ربع العدد الكلي للناخبين، سيصوتون لياسر عرمان، مرشح الحركة الشعبية لتحرير السودان. ولدى عديد من السياسيين المعارضين في الشمال أتباع أقوياء أيضا. وإذا لم يفز البشير في الجولة الأولى، قد يدعم جميع المرشحين الخاسرين خصمه في جولة الإعادة. وإذا كان خصمه عرمان، سيكون هذا مفيدا للبشير، لأن كثيرا من الشماليين لن يصوتوا أبدا لمرشح من الحركة الشعبية لتحرير السودان. إلا أن جولة الإعادة بمنافسة الصادق المهدي، سليل المهدي المبجل من القرن الـ 19 الذي قاد الثورة ضد الحكم البريطاني، ستكون أصعب بكثير. لكن لا يعتقد كثيرون في السودان أنه سيتم في ظل مثل هذه الظروف السماح بإجراء جولة ثانية

الأكثر قراءة