نجاح المصرفية الإسلامية يؤهلها للعب دور متعاظم
قال رئيس مجلس إدارة البنك العربي الإسلامي الدكتور تيسير الصمادي إن الأضواء تركزت على المصارف الإسلامية حاليا كونها الأقل تضررا من الأزمة المالية العالمية. مبينا أن أهم المعوقات التي تواجه المصارف الإسلامية هي ما يرتبط بتعدد التشريعات الناظمة لأعمال البنوك الإسلامية, وكذلك غياب هيئة عليا للرقابة على آلية عمل البنوك الإسلامية، فإلى تفاصيل الحوار :
هل نجح النظام المصرفي الإسلامي في اختبار الأزمة العالمية وخرج أكثر ثقة في السوق الدولية باعتباره الأقل تضررا من تداعياتها؟
- بالفعل النظام المصرفي الإسلامي يعد عالميا نظاما واعدا, إذ تركزت الأضواء عليه الآن, كونه الأقل تضررا من الأزمة المالية العالمية, فهو يعمل في بيئة ديناميكية وهو مطالب بأن يعمل على تلبية حاجات العملاء المستمرة وأن يقدم مزيدا من الخدمات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية, غير أن أهم المعوقات هي ما يرتبط بتعدد التشريعات الناظمة لأعمال البنوك الإسلامية, وكذلك غياب هيئة عليا للرقابة على آلية عملها.
معلوم أن الشريعة الإسلامية التي تحكم التعامل المالي منذ زمن بعيد لم تبدأ، كما نراها اليوم, إلا منذ نحو نصف قرن أو أقل قليلا مقارنة بنحو مئات السنين التي سادت فيها العمليات المصرفية التقليدية. لا أعتقد أن الصيرفة الإسلامية ستحتاج إلى هذه الفترة للوصول إلى ما وصلت إليه نظيرتها التقليدية في ظل العولمة والانفتاح الاقتصادي وحرية انتقال رؤوس الأموال واكتساب وتبادل الخبرات، إضافة إلى الثورة التكنولوجية، فربما تحتاج إلى فترة تقل عن ذلك إذا ما توافرت الظروف المناسبة من تشريعات منظمة للعمل الإسلامي.
أعتقد أن النظام المصرفي الإسلامي نجح في الاختبار وخرج أكثر قوة وكذلك اكتسب سمعة دولية تؤهله للعب دور متعاظم في مقبل الأيام فالمؤسسات المالية الإسلامية كانت أقل المؤسسات تعرضا لآثار الأزمات والتقلبات المالية، كما كانت أكثر قدرة من غيرها على استيعاب الصدمات بسبب الإدارة الحصيفة للأصول، والابتعاد عن النشاطات القائمة على المضاربة، والنأي بنفسها عن التمويل القائم على الروافع أو الاقتراض وعلى هوامش الفائدة المرتفعة على الإقراض، والتركيز على التمويل القائم على الأصول.
ذكرتم أن هناك هيئات في الخليج تتعامل بالتورق المنظم, في حين أن مجمع الفقه الإسلامي حرم التورق واعتبره مخالفا للشريعة الإسلامية، ما هي هذه الهيئات حسب معرفتكم؟
- هذه المشكلة تعانيها الأسواق الخليجية نتيجة غياب الرقابة حتى أضحت هذه العملية أشبه بالمباحة ــ رغم حرمتها الشرعية القاطعة ــ أما في الأردن فإن التشدد قائم على منع مثل هذه العمليات غير المشروعة قانونا وشرعا, ومعلوم أن التورق المنظم يعد مشكلة تدور حول مسألتي التسلم والتسليم، وهو لا يعد قانونيا بين الأفراد, بل نوع من التحايل, لأنه لا قواعد تحكمه، كما أن الانتقادات الموجهة للتورق تنصب على القصد وهو الحصول على النقد. ونقول دائما في علم المعاملات إن ما يحرم هو ما يرد فيه نص واضح أو إجماع قاطع، ولكن هذا لا يعني عدم قيام هيئات الرقابة الشرعية في المؤسسات التي تقوم بإصدار هذه المنتجات بدراستها دراسة وافية، ومحاولة معالجة أوجه الخلل الموجودة فيها ــ إن وجدت ــ حتى تكون متوافقة بشكل كامل مع أحكام الشريعة الإسلامية.
هناك شكاوى تؤكد أن البنوك الإسلامية في الأردن تمارس المرابحة الصورية، إذ إن عديدين يحصلون على القروض بالتفاهم بين البنك وصاحب السلعة والمقترض, ألا يضر هذا بصناعة المصرفية الإسلامية؟
- كما قلت لا مشكلة تورق في الأردن, وربما يغيب عن أذهان البعض أن التسهيلات المقدمة من البنوك الإسلامية الأردنية لقطاع التجارة العامة وصلت العام الماضي إلى ما نسبته 39 في المئة من مجموع التسهيلات المقدمة من البنوك الأردنية كافة, و28 في المئة من تسهيلات قطاع الانشاءات والعقار, و16 في المئة من تسهيلات قطاع النقل, وهي جميعا قائمة على آليات مصرفية تحت إشراف هيئات شرعية مشهود لها بالنزاهة.
وربما لا يعلم كثيرون أن حصة البنوك الإسلامية الأردنية بلغت نحو11 في المئة من موجودات القطاع المصرفي الأردني, وحصتها من الودائع نحو 14.1 المئة خلال العام الماضي 2008. نحن في الأردن بحاجة إلى وجود هيئة متخصصة للرقابة في البنك المركزي على البنوك الإسلامية وعدم الاكتفاء بالموظفين أو الدائرة المتوافرة حاليا، إضافة إلى مطالبته بسن قانون خاص بالبنوك الإسلامية.
في الأردن حاليا ثلاثة مصارف إسلامية فقط, إضافة إلى رخصة جديدة منحت لبنك الراجحي الإسلامي، وهكذا نتوقع أن يشهد العام الجديد أربعة بنوك عاملة في الأردن.
كيف تقيم النشاط المصرفي الإسلامي السوري الذي سبق الأردن رغم أنكم بدأتم قبله؟
- سوريا بدأت بعدنا في مجال الخدمات الإسلامية لكنها تنبهت لهذا القطاع الحيوي من العمل المصرفي وتوسعت فيه وشجعته, كما عملت على إنشاء قانون يحكم عمل البنوك الإسلامية، ولديهم نية لإنشاء هيئة رقابة شرعية على المستوى الوطني في الأجل القريب, ومعلوم أن السوق السورية كبيرة وواعدة وهناك إقبال على المصارف الإسلامية من قبل القطاع التجاري, وهذا أمر أساسي لتحفيز القطاع المصرفي الإسلامي.
قلتم إن دبي كان عليها اكتشاف الأزمة مع وقوع الأزمة المالية العالمية، وكيف يمكن تلافي ذلك والاقتصاد الخليجي والعالمي متشابك وتأثر بالأزمة؟
- لقد صمت قادة دبي عن أزمتهم الاقتصادية التي بدأت في وقت مبكر وكانوا يمارسون شراء الوقت عل الأزمة تنقشع, لكن الأمر لم يحتمل تأخيرا. يعلم الجميع أن الجهود التي بذلت وتبذل بشكل حثيث لإقناع الدائنين بإعادة جدولة ديونهم لفترة ستة أشهر أخرى تنتهي في مايو المقبل. من الواضح أنه كان هناك سوء في الإدارة المالية لدى شركة دبي العالمية والشركات التابعة لها، حيث كان يجب أن تقوم بإعداد نماذج في الهندسة المالية لضمان تحقيق التوازن بين موجوداتها ومطلوباتها حتى لا تكون الموجودات عبارة عن استثمارات طويلة المدى مقابل مطلوبات تتمثل في قروض قصيرة المدى، وأعتقد أيضا أن التوقيت لم يكن موفقا في الإعلان عن تخلف دبي عن الدفع, على الرغم من أنه جاء قبل عطلة عيد الأضحى، وكم تمنيت لو أن دبي أعلنت عن مشكلاتها قبل هذا الوقت, لأنه من المؤكد أن الشركات المعنية بالأزمة كانت لديها معلومات مسبقة عن الصعوبات التي ستواجهها، ولو تم الإعلان عنها في خضم الأزمة المالية العالمية لما تسلطت الأضواء على أزمة دبي وكأنها الأزمة الوحيدة في العالم، ولأمكن تجنب الضجة الإعلامية وتركيزها على دبي بمفردها، وفي هذه الحالة كان يمكن اعتبارها جزءا من الأزمة المالية العالمية، بدلا من تفردها كمصدر وحيد لحديث الإعلام.