سدير الصناعية.. نقلة مهمة في تاريخ الصناعة
بدأت مشكلة الأراضي الصناعية في منطقة الرياض تتفاقم منذ عام 1410هـ، وكان العائق الرئيس في وقتها هو عدم توافر الأراضي الحكومية. وكان الأمير سلمان بن عبد العزيز مطلعا على هذه المشكلة فكلف ـ جزاه الله كل خير ـ لجنة مكونة من كل من: المهندس مساعد العنقري أمين مدينة الرياض، المهندس عبد اللطيف بن عبد الملك آل الشيخ رئيس مركز المشاريع والتخطيط في الهيئة، المهندس مبارك الخفرة وكيل وزارة الصناعة والكهرباء لشؤون الصناعة، ومشاري بن فيصل المعمر النائب الأول لرئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، وذلك لوضع تصور شامل للتوسع في المدن والمناطق الصناعية في منطقة الرياض.
وقد أكدت هذه اللجنة الحاجة الملحة للتوسع في المدن الصناعية في منطقة الرياض، وأوصت بتخصيص المواقع المحاذية للمدينة الصناعية للاستخدامات الصناعية والأنشطة المرتبطة بها، كما أوصت اللجنة في محضرها بتاريخ 21/08/1414هـ منح وزارة الصناعة والكهرباء مساحة لا تقل عن 100 كيلومتر مربع جنوب مدينة الخرج لتخطيطها كمدينة صناعية مستقبلية للصناعات الأساسية والصناعات البترولية والصناعات المساندة لها، كما أوصت بمنطقة للصناعات التحويلية.
وبتوجيهات ومتابعة الأمير سلمان بن عبد العزيز تم تخصيص مدينة سدير في محافظة المجمعة كمدينة للصناعات التحويلية، وذلك باقتراح وزير البلديات السابق الدكتور محمد بن عبد العزيز آل الشيخ، والذي كان قبل الوزارة رئيساً للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، وصدر قـرار وزير الشؤون البلدية والقروية رقم 7147/دت وتاريخ 07/07/1414هـ. وتم إفراغ ملكيتها لوزارة الصناعة والكهرباء بصك رقم 18 وتاريخ 27/06/1416هـ.
وكان سموه والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض وأمانة منطقة الرياض مدركين كل الإدراك لأهمية قيام هذه المدينة الصناعية المهمة لما لها من مردود اقتصادي ومجال للتوظيف وتقليل الهجرة المكثفة لمدينة الرياض ولتلبية حاجيات مدينة الرياض خاصة والمملكة عامة للمنتجات الوطنية ذات الجودة العالية والتكلفة المعقولة، وتحقيق هدف نشر التنمية العمرانية المتوازنة والنمو الاقتصادي.
إن مدينـة سـدير الصناعية في محافظة المجمعة تملك مؤهـلات تنموية عالية ففيهـا:
1. الأرض واسعة وكافية للصناعات التحويلية لـ 30 عاما مقبلة ـ بإذن الله تعالى.
2. تقع على طريق الرياض ـ المجمعة ـ القصيم ـ حائل، وكذلك يمر بها طريق الثمامة ـ المجمعة، وتقع على طريق عشيرة ـ تمير وطريق جلاجل ـ تمير.
3. يمر فيها خط المنتجات البترولية من ديزل وبنزين وكيروسين الممتد من الشرقية إلى القصيم.
4. تم تخصيص جزء منها لشركة الكهرباء، وتم إنشاء محطة التحويل المرتبطة بالمحطة التاسعة على طريق خريص، كما حددت أن تكون هي مركز الربط الكهربائي بين دول مجلس التعاون.
5. يمر بها طريق سكة الحديد (شمال جنوب)، وتم تحديد موقع محطة الحاويات فيها.
6. قامت وزارة الصناعة بالتنسيق مع وزارة الزراعة والمياه بمناقشة الطرق المناسبة لتأمين احتياجات المدينة الصناعية في سدير من المياه وتم توقيع محضر بين الوزارتين يحدد الإمكانيات المتوافرة لحفر آبار جوفية لتأمين مياه الشرب للمدينة الصناعية، حيث تم تحديد عدد الآبار التي يمكن حفرها في موقع المدينة الصناعية، حيث لا تؤثر على المتطلبات المائية لمدينة الرياض.
دول كثيرة والمملكة على رأسها في مختلف أصقاع المعمورة أدركت بداهة أن مشاريع التنمية العملاقة لا يمكن أن ينفذها إلا الحكومات، ولذا صرفت الكثير من الدول على إنشاء المدن الصناعية لاستقطاب الاستثمارات وتوطين الصناعة وغالبها من الدول محدودة الموارد ولكن استثمارها كان ذا عائد مرتفع والأمثلة كثيرة وما تم في الجبيل وينبع ورأس الزور خير مثال.
ونشكر جزيل الشكر الأمير سلمان بن عبد العزيز على مؤازرته ودعمه في أن تتولى الدولة مشكورة تطـوير البنية التحتية لمدينة سدير الصناعية للأسباب التي استعرضناها أعـلاه، خاصة أن الظروف الاقتصادية للمملكة مواتية والمبلغ المطلوب في المرحلة الأولى ليـس بكـبير فيتحقق بذلك الحلم وننعم بثمرة التخطيط السليم والنظرة الثاقبة لمدينة جل سكانها من الشباب الذي بجانب الغذاء والكساء يحتاج إلى التعليم والتدريب والعمل.
إن المحور السكاني الذي تخدمه سدير الصناعية بين الرياض والقصيم واسع وكبير جدا، كما أن مدينة الرياض ستكون بمثابة مركز للصناعات المعرفية ونقطة التقاء محوري النقل البري بشقيه الطرق والسكك الحديدية ـ إن شاء الله ـ وستكون بمثابة منطقة توزيع للبضائع لجميع جهات المملكة بحكم موقعها الجغرافي المتوسـط.
مدينة سدير الصناعية في محافظة المجمعة كانت من ضمن مشاريع منطقة الرياض التي قدمها الأمير سلمان بن عبد العزيز لخادم الحرمين الشريفين، ضمن المشاريع العملاقة التي ستشهدها منطقة الرياض في عهد خادم الحرمين الشريفين ـ يحفظه الله ـ وولي عهده الأمين والنائب الثاني، وحرص القيادة على دعم اقتصاد الوطن بمثل هذه المشاريع، والشكر موصول للجهات التي دعمت هذا المشروع مثل وزارة التجارة والصناعة ووزارة المالية وهيئة المدن الصناعية والجهات الأخرى.