الشروع في بناء «مدينة المعرفة» خلال أشهر

الشروع في بناء «مدينة المعرفة» خلال أشهر
الشروع في بناء «مدينة المعرفة» خلال أشهر
الشروع في بناء «مدينة المعرفة» خلال أشهر

كشف المهندس طاهر باوزير الرئيس التنفيذي لمدينة المعرفة، أن مدينة المعرفة وضعت خطة لتنفيذ مراحل المدينة على أربعة برامج، سيبدأ تنفيذها خلال بضعة أشهر، مشيرا إلى أن الإدارة تقوم حاليا بإعداد وثائق المناقصة لتنفيذ مراحل المشروع. وتوقع المهندس باوزير أن يصل حجم الاستثمارات المتوقعة في مدينة المعرفة إلى 33 مليار ريال، وذلك على مدى الـ 15 سنة المقبلة. تتنوع في مشاريع تطويرية تركز على بناء مجتمع معرفي وتنمية اقتصادات الصناعات المعرفية والموارد البشرية.

في مايلي مزيد من التفاصيل:

قبل أكثر من ثلاثة أعوام طرحت استبانة على عدد من العلماء المسلمين في الولايات المتحدة وأوروبا «ما المكان المفضل الذي تتمنون أن تقضوا بقية حياتكم العملية فيه». فاختار معظمهم المدينة المنورة.

وحينما اطلعت على هذا الاستنتاج سئلت احد أستاذة جامعة المدينة ما الذي يعزز حضور المدينة المنورة في نفوس العلماء، أجابني بالقول « هي رغبتهم إعادة حمل مشعل الحضارة الذي حمله العلماء العرب والمسلمون لمدة تربو على خمسمائة عام وارتكزت عليه انطلاقة الثورة العلمية في أوروبا».

وقبل نحو عام نظم في المدينة المنورة مؤتمر عالمي لمدة يومين اسمه « نور» ناقش المستجدات في عالم التقنية والخدمات الطبية ووجهت الدعوة إلى عدد من العلماء والمختصين المسلمين في أوروبا وأمريكا الشمالية، حيث تسارع المدعوون وغير المدعوين كلهم شوقا للمشاركة في هذا المؤتمر. كان عدد الأوراق المحددة للنقاش في المنتدى 30 ورقة عمل لكن المنظمين وجدوا أنفسهم أمام 150 ورقة عمل جيدة، بمشاركة أكثر من 350 عالما.

إضافة إلى أن هذا التزاحم والتسابق الكبير يعكس جزءا من مكانة المدينة المنورة في قلوب علماء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.

صحيح أن المدينة المنورة شهدت تطورا عمرانيا كبيرا وتوسعة عظيمة للمسجد النبوي لكن من المؤكد أن طيبة الطيبة ستدخل مرحلة جديدة في مشوار تنميتها حال تنفيذ مدينة المعرفة وهي مشروع جبار سينقل مجتمع السعودية إلى مجتمع معرفي متطور، خاصة وأنها تجاور جامعة الملك عبد الله (مسافة نحو ساعة ونصف).

يقول المهندس طاهر باوزير إن للمدينة موقعا خاصا في قلوب علماء المسلمين، كثيرون ينظرون للأمر من جهتين، فهم يرغبون في نقل المعلومات والخبرات التي لديهم ولن يجدوا أفضل من المدينة المنورة للوجود فيها، ولا بد أن يتم تهيئة المناخ العملي المناسب لجذب العلماء من جميع النواحي وإلا لن تجدي العاطفة الدينية التي ستضمحل مع السنوات إذا لم تتوافر البيئة المناسبة التي تشجع على الإنتاجية والعطاء، كثيرون لا يفكرون في الناحية المادية، كثير منهم وبالمئات لديهم براءات اختراع لكنهم يبحثون عن الفرصة للقدوم إلى المدينة المنورة.

#2#

وكما برز كثير من العلماء المسلمين والعرب في علوم الرياضيات والطب والفيزياء والكيمياء خلال عصور النهضة العلمية، التي ازدهرت منذ العصر العباسي وحتى القرن السادس عشر الميلادي فإن أمامنا فرصة ذهبية لمحاولة استعادة جزء من التفوق العلمي الذي برع فيه العلماء المسلمون والعرب من خلال استغلال الفرص الذهبية التي تطلقها الدولة من جامعات عالمية ومؤسسات معرفية .

من مقر إدارة مدينة المعرفة التقينا المهندس طاهر محمد باوزير الرئيس التنفيذي لمدينة المعرفة الاقتصادية، نستعرض في هذا الحوار المطول استراتيجية التطوير التي تتبعها مدينة المعرفة وأهداف التطوير الإستراتيجي والاقتصادي في المدينة المنورة، الأهمية العلمية والاقتصادية لمدينة المعرفة وتأثيرها في التطوير التقني والعلمي.. إلى تفاصيل الحوار:

بداية أعطنا نبذة عن مدينة المعرفة الاقتصادية واستراتيجيتها؟

مدينة المعرفة الاقتصادية هي امتداد طبيعي للنمو العمراني، الاقتصادي، والمعرفي للمدينة المنورة، وفق تطلعات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حفظه الله تجاه المدينة المنورة وتجاه المؤسسات العلمية والتعليمية والمعرفية التي تخطوها المملكة في مشوار النهضة المعرفية. وجغرافيا هي تقع ضمن النطاق العمراني للمدينة على بعد خمسة كيلومترات فقط من الحرم النبوي، وسبعة كيلومترات من مطار المدينة المنورة الدولي، على امتداد طريق الملك عبد العزيز الذي يمثل المحور الرئيس في المدينة المنورة ويربط المنطقة المركزية شرقاً إلى المطار، (الحرم غرباً إلى المطار شرقاً)..

أما عن استراتيجية التطوير التي نتبعها فهي مستندة إلى أسس تاريخية واقتصادية، وعندما تمت دراسة استراتيجية التطوير لمدينة المعرفة تم البناء على قاعدة دراسات المدينة المنورة للتطوير العمراني بصورة عامة، وأهداف التطوير الاستراتيجي والاقتصادي في المدينة المنورة، وأيضاً أخذنا جميع الدراسات المتوافرة في المدينة، والتي أنجزتها مختلف الجهات سواء كانت الأمانة العامة، أمانة المدينة المنورة، إمارة منطقة المدينة المنورة، المرصد الحضري، وزارة النقل.

وهناك عدة جهات أسهمت في إمدادنا بالإحصائيات والمعلومات التاريخية والمستقبلية للتطوير، وبناء على هذا تم تحديث بعض المعلومات خاصة السوقية وحدد على أساسها إستراتيجية مدينة المعرفة الاقتصادية.. إذن هي مبنية على قاعدة امتداد طبيعي للمدينة المنورة وهي مرتبطة بطبيعة موقعها وتاريخ المدينة المنورة بما يتماشى بصورة متلازمة مع إستراتيجية تطوير المدينة المنورة.

ما الأهمية الاقتصادية لمدينة المعرفة الاقتصادية؟

المدينة هي منطلق جميع ما نشاهده الآن من تطور للاقتصاد الإسلامي الذي أصبح من أهم المساهمين في الاقتصاد العالمي.

إن المصرفية الإسلامية أخذت مكانها بقوة حتى في الدول الغربية ووجود سوق كبيرة لهذه الصناعة المصرفية، وحيث إن المدينة المنورة هي أول منطلق وجد فيها أسس إسلامية في التعامل تجارياً، الأسس الإسلامية في التمويل، في التعاقد، فالإرث الموجود في المدينة قوي جداً.

وهذا أهل المدينة لتكون قاعدة مستقبلية قوية تدعم الاقتصاد الناشئ في مجالات التجارة، التمويل الإسلامي وغيره، إضافة إلى ذلك المدينة تنمو بشكل سريع ولاسيما في السنوات الأخيرة وتجد دعماً كبيراً، وحركة زوار المدينة تشهد نموا مطردا، والإحصائيات التي نتابعها هناك تشير إلى نمو في نسبة الإشغال الفندقية كذلك في الدخل وزيادة في عدد الزوار والطلب المتزايد سنوياً على الخدمات إضافة إلى ارتفاع التسهيلات التي تسهم في هذا النمو، أيضاً أصبحت للمدينة قاعدة علمية قوية، فالجامعة الإسلامية أساساً تستقطب أعدادا كبيرة من الطلاب من مختلف العالم الإسلامي وفي جميع التخصصات الشرعية، جامعة طيبة الآن لها قاعدة قوية وبدأت تأخذ مكانة متقدمة بين المؤسسات التعليمية، يوجد هناك الآن نمو في مستوى الخدمات التعليمية في المدينة المنورة، وكذلك الخدمات الصحية فخلال فترة قصيرة تجد أن المدينة المنورة شهدت نمواً كبيراً في مستوى وحجم وقاعدة الخدمات الصحية، الخدمات التجارية وغيرها.

وما الميزة الاقتصادية التي تتميز بها مدينة المعرفة؟

مدينة المعرفة الاقتصادية تواكب إستراتيجية التطوير التي وضعت للمدينة المنورة بصورة عامة، سواء التطوير العمراني أو الاقتصادي، حيث أسست بناء على الدراسات التي وضعت للمدينة المنورة، ثم أضفنا إليها ما يسهم في تحقيق نمو اقتصادي أسرع، وهناك ناحيتان، الأولى إسهام مدينة المعرفة في اقتصاديات المدينة المنورة لاستقطاب الاستثمار الذاتي في المدينة، وحجم الاستثمار المتوقع لتطوير مشروع مدينة المعرفة الاقتصادية سيتجاوز 33 مليار ريال على مدى الـ 15 سنة المقبلة.

ما نوعية الاستثمارات في مدينة المعرفة ؟

الاستثمارات تتركز في أربعة محاور رئيسية: تطوير قاعدة تعليمية قوية تتماشى مع الأهداف التي وضعت في إستراتيجية المدينة المنورة.

وإيجاد قاعدة مصرفية الإسلامية وربطها بأسس تعليمية. تطوير متوازن لجميع العناصر التي تخلق مجتمعا متكاملا من جميع النواحي السكنية والخدمية مهمة طبعاً وتوفير التطوير السكني والمراكز التجارية جزء منها، ثم إيجاد مركز الأعمال في المدينة، الشركات كانت مرتبطة بالمنطقة المركزية (الحرم) لأن الكل سواء البنوك، شركات السياحة، شركات الخدمات الأخرى، عند إعادة ترتيب المنطقة والتوسعة توزعت هذه الشركات والبنوك، والآن تجد البنوك والشركات متناثرة في المدينة، هناك فرصة لخلق قلب تجاري في المدينة لتطوير المنطقة خصوصاً منطقة الدراسة تكون فيها البنوك، الشركات، هيئات المساندة الحكومية وجودها جميعها يساعد على نمو الأعمال، ثانياً وجود خدمات مدعومة بشبكة ذكية، كل الشركات والهيئات اعتمادا على التواصل على الإنترنت والاتصالات المتقدمة أصبح من دونها لا يمكن إنجاز الأعمال، الإنترنت أصبحت جزءا أساسيا من الأعمال اليومية، أصبح تستلم المعلومات والرسائل عبر الشبكة العنكبوتية، فهذه قاعدة مبنية على بنية تحتية تخدم الشركات وقابلة للتطور مع تطور التقنيات والاستخدامات.

ذكرت في إجابتك السابقة إنشاء مؤسسات تعليمية للمصرفية الإسلامية؟

نعم، نحن عملنا عدة دراسات مع عدة شركات استشارية عالمية منها «ماكينزي» وحددنا فيها الإطارات أو النواحي للصناعات المعرفية التي تتماشى مع اقتصاديات المدينة سواء الحالية أو المستقبلية والتي تستفيد منها المصرفية الإسلامية من التشريعات وفهمها، المدينة المنورة فيها عدد كبير من العلماء ومراجع المسلمين ولدينا الكثير من الإمكانيات المتاحة لإيجاد معهد أو قاعدة علمية في المصرفية الإسلامية، كما أن المدينة المنورة كموقع تعطي مصداقية قوية عندما يكون المعهد أو القاعدة التعليمية مرتبطة تاريخياً بالمدينة ..وبالمناسبة المدينة المنورة هي قاعدة التجارة والمصرفية الإسلامية، لذلك من ضمن أهدافنا معهد الريادة الذي يهدف إلى إعداد قيادات إدارية في المصرفية الإسلامية، صحيح يمكن أن تتخرج من هارفارد في المصرفية الإسلامية لكن الأمر يختلف في حال تخرجت في التخصص نفسه من المدينة المنورة الذي يكسبها مصداقية أكبر لدى المسلمين.

#3#

كم يستغرق الجدول الزمني لتنفيذ المشروع؟

نحن نستهدف أن يكون خلال 12 سنة، وقد وضعنا تنفيذ مراحل المدينة على أربعة برامج، بحيث تنفذ من الآن حتى 2020م، مراحل البنية التحتية سوف نبدأ فيها خلال ثلاثة أشهر من الآن، ونقوم حالياً بإعداد وثائق المناقصة، وعقدنا مؤتمرا في كانون الأول (ديسمبر) ودعينا إليه جميع المهتمين في مشاركة تطوير المشروع وعرضنا برنامج التطوير في 2010 الذي يشمل تطوير البنية التحتية لنصف المدينة المتمثل في المنطقة الشمالية منها، هذه المرحلة ستبدأ هذا العام وتستغرق 30 شهرا وستكون كاملة وجاهزة، وقعنا بعض المشاريع خلال الفترة الماضية منها المحطات الكهربائية، ربط خدمات المياه وتمت ترسيه هذه المشاريع ونحن الآن نرتب في الكهرباء وخدمات المياه والمجاري مع الشبكات العامة والشوارع العامة في المدينة المنورة، المرحلة الثانية تبدأ مباشرة بعد انتهاء المرحلة الأولى، من خلال المرحلة الأولى سنبدأ في خدمات الضيافة واحدا من المشاريع التي سوف تخدم الطلب المتوقع في الخدمات الفندقية، كذلك سنبدأ في المرحلة السكنية الأولى في حدود 220 فيلا، لدينا 500 فيلا، 550 فيلا في حي الأبرار، ولدينا 600 شقة في حدود 30 مبنى وهذه ستكون ذات مستوى جيد متميز من الخدمات، لدينا المنطقة التجارية ومنطقة الصناعات المعرفية المرحلة الأولى تشمل جميع عناصر المشروع، لدينا منطقة مكاتب متطورة ولدينا مناطق مفتوحة للمستثمرين الآخرين.

كم عدد الاتفاقيات التي وقعت حتى الآن؟

وقعنا في مجال الخدمات الفندقية، وفي مجال المدارس التعليمية، وفي مجال خدمات الإسكان، ونحن حالياً بصدد استكمال الترتيبات لأول منطقة تشمل الصناعات المعرفية في الجهاز التعليمي، بحيث تشمل معاهد وكليات ولا يمكنني التفصيل في هذا الأمر حتى ينتهي.

ونحن نحرص على أن يكون هناك توازن في مجال التطوير، الشركة سوف تقوم بتطوير جزء من المنطقة السكنية الآن وهي أول 220 فيلا ولدينا 300 شقة في البداية، ونأمل بأن تطرح للراغبين في السكن في المدينة ونأمل أن يتم طرحها هذا العام للبيع، ويتم التعاون مع بعض المستثمرين لتحديد المؤسسات المالية لتطوير إمكانية التمويل للمستهلكين ونتوقع صدور قانون الرهن العقاري خلال فترة قريبة الأمر الذي سيدعم الحركة، الأنظمة المتوافرة أو التي ستكون ضمن نظام هيئة المدن تعطي جاذبية للاستثمار في المشروع ونأمل أن يشجع ذلك المستثمرين في المملكة أو خارجها على الدخول فيها.

دعني أرصد المردود من مدينة المعرفة ككل على المدينة المنورة ؟

سأتحدث عن المردود من جهتين، أولاً خلال فترة الإنشاء هناك جذب استثمارات بـ 33 مليار ريال وضخ استثماري قوي في المدينة المنورة بما يخلق وظائف، وتجارة وخدمات في مختلف المجالات سواء على مستوى حركة النقل الجوي، البري، التغذية، صناعة الإنشاء والتطوير وهي من أهم الصناعات التي تشمل قطاعات كثيرة، هذا على المدى القصير، أما على المدى الطويل نأمل أن تسهم المدينة في زيادة الناتج المحلي ونتوقع ألا يقل عن مليار دولار سنوياً، وهذا سيكون ضخا في اقتصاديات المدينة بصورة عامة، خلق وظائف جديدة ذات مردود ودخل أعلى من المستوى الحالي لأنها ستكون متخصصة في التقنية، التعليم، الصحة، أعمال تجارية، هذه عادة تكون في النطاق الأعلى للدخل الفردي، وجود وظائف ورفع معدل الدخل يسهم في الاستثمار لأن هؤلاء الناس أصحاب الدخول الجيدة يمكن أن يدخلوا في استثمارات متعددة، الزوار كذلك حالياً الضغط على المنطقة المركزية وزيادة عددهم، في ظل عدم توافر منافذ كثيرة للزائر سواء كان للترفية والتسويق وكذلك، حركة النقل التي ستكون في مشروع محطة القطار ستسهم كذلك في مردود متميز، أتوقع أن يكون هناك تأثيراً إيجابيا في زيادة الناتج الإجمالي المحلي للمدينة المنورة.

كم يبلغ حجم زوار المدينة المنورة ومدة إقامتهم فيها؟

حالياً يزور المدينة المنورة أكثر من 12 مليون زائر، والتوقعات تشير إلى زيادة محتملة قد تصل إلى 34 مليون زائر، النمو خلال السنوات الـ 15 القادمة ربما يصل الى ثلاثة أضعاف ، بمعنى أن هذا النمو يجب أن يواكبه نمو في الخدمات وخلق وظائف جديدة، ويخلق خدمات ودخلا، الزائر عادة يمكث في المدينة المنورة أكثر من المناطق الأخرى في المعدل ثمانية أيام وقد تصل في مواسم الحج إلى شهر، ثم أن عدد الزوار يراوح ما بين شخصين ( رجل وزوجته) في تشكيلة الزوار التي درسناها وهناك عائلات من خمسة إلى ستة أشخاص يحتاجون لخدمات التغذية، التسويق، الإسناد، وهناك مجال لإيجاد خدمات أخرى إضافية في المدينة مثل الخدمات الترفيهية المرتبطة بتاريخ المدينة مثل حديقة النور وهي تقدم فرصة ترفيهية تعليمية للزائر، الفكرة تتمثل في أن المدينة المنورة لديها تاريخ إسلامي قوي فوجود شبه متحف يوفر مجموعة من العناصر ترتبط بتاريخ المدينة والإسلام والأديان، العناصر التي وضعت دراسات عن تاريخ المدينة والسيرة النبوية، مساهمات المسلمين هذه تعطي فرصة لزائر المدينة فإذا فرغ من الحرم يمكنه أن يذهب لمناطق تفيد العائلة بأجمعها.

ما التجارب الدولية التي ستستند إليها مدينة المعرفة لنقل المعرفة؟

من بداية إعدادنا لمشروع مدينة المعرفة بدأنا ننظر لتجارب الآخرين وتم التعاون عبر اتفاقيات ودراسات استشارية مع شركات عالمية، أو مع الهيئة الماليزية التي طورت» سايبر جايا» أو ما تسمى ملتيميديا سوبر كورادور، مشروع مشابه لقاعدة المعرفية المستهدفة للمدينة من ناحية التقنية، هم ركزوا على استقطاب الشركات والاستثمارات ونجحوا حيث بنو البنية التحتية الجيدة وقاموا ببناء القاعدة التعليمية المطلوبة لتوفير كوادر مؤهلة لخدمة هذه الشركات، الآن لديهم ما يتجاوز ألفي شركة عالمية في سايبر جايا، كانت هناك دراسات مشتركة وعملوا دراسات مستفيضة عن المدينة المنورة حيث عملوا دراسة عن طبيعة المدينة واقتصادياتها ووضعوا استراتيجية تم اعتمادها ضمن استراتيجية المدينة، كذلك زرنا كوريا وكان هناك مشروع اسمه «سندو» المدينة الذكية خارج سيئول بالتعاون مع شركة سسكو التي قامت بدراسات مشتركة معنا، وعملت الدراسات الأساسية للبنية الذكية واستخداماتها وخدماتها التي تقدم في مدينة المعرفة التي تخدم جميع القطاعات التعليمية، الصحية، التجارية وغيرها، زرنا كذلك في فرنسا منطقة المتحف التي تشبه أكوال سنتر واطلعنا في فلوريدا في أمريكا، على متحف تعليمي، أو ما يسمى الترفيه التعليمي الذي يعطي الزائر فرصة للتعامل مع المعلومة بطريقة جذابة خاصة بالنسبة للأطفال، فتجد فيها معلومات عن الكون، في فرنسا لديهم عروض عن طريق استخدام التقنية، هناك دراسات مستفيضة كانت ولا يزال لدينا العديد من الدراسات، والتعاون مع أطراف عديدة لتجنب الأخطاء وتستفيد استراتيجيتنا منها.

هل لدينا فجوة كبيرة في الاقتصاد المعرفي؟

أعتقد أن الدول التي نجحت في الاقتصاد المعرفي عموماً: سنغافورة، ماليزيا، إيرلندا، كوريا وغيرها جميعها بدأت ببناء قاعدة تعليمية قوية، وهذا واضح من خلال التوجه لدينا برفع مستوى التعليم حتى ما قبل الابتدائي من الحضانة في بعض الدول من 3 إلى 4 سنوات يبدأ الطفل يتعامل مع التقنيات، وربما هذا الأمر أصبح سمة لدى الجيل الجديد، القاعدة التعليمية كانت المنطلق، ماليزيا كانت لديها تجربة ناجحة حيث إن مخرجات التعليم كان التركيز عليها بحيث تواكب متطلبات الاقتصاد المعرفي والنمو الاقتصادي، وأعتقد الآن أن النوعية وليس الكمية هي المهمة في التطوير، وخلال سنوات نأمل أن يكون هناك نمو في مستوى الكفاءات المطلوبة والموجودة ولذلك وضعنا قطاع التعليم كجزء مهم من الصناعات المعرفية، فالتعليم كقاعدة هو من الأساسات التي من المفترض أن تكون مخرجاتها قوية.

هل ترى أننا في حاجة إلى تشريع أنظمة لتسريع عملية المعرفة الاقتصادية؟

ـ حالياً صدر نظام تنظيم هيئة المدن الاقتصادية، يشتمل ـ كما فهمنا ـ على كثير من الأنظمة التي تساعد على الاستثمار، ومن المؤكد أن الهيئة العامة للاستثمار تقوم بدور رئيسي في تهيئة المناخ الاستثماري، في الواقع لديها بعض الأرقام التي توضح جاذبية الاستثمار في المملكة عموماً، حيث انتقلت المملكة من المركز 68 في مؤشر التنافسية العالمي إلى المركز 13 هذا العام وتسعى لتكون السعودية ضمن أفضل عشر بيئات جذب استثمارية على مستوى العالم، وحجم الاستثمار الموجود تواكبه تسهيلات، من المؤكد أن الأنظمة والتشريعات أمر ديناميكي ومرن وليس جامدا عادة تتم دراسات تواكب متطلبات لتشجيع الاستثمار، والتنافس موجود بين عدد من الدول، نظام الرهن العقاري هو من ضمن هذه المنظومة، وهناك توجه لدعم الاستثمار الخارجي وجذب الاستثمار، بالتحديد نستطيع القول إن المناخ الاستثماري الحالي لدية تسهيلات موجودة الآن تتميز عن السنوات السابقة بوجود تشريعات وتنظيمات وتسهيلات جيدة، مستقبلا أعتقد أنه لابد من الاستمرار في تهيئة المناخ الاستثماري ليكون تنافسياً، قد تكون سنغافورة مركز جذب ومنافس كما نشأت مناطق بجانبها أصبحت أكثر منافسة، التنظيمات عنصر أساسي في وضع جاذبية المناطق، الصين مثلاً كانت منطقة مغلقة الآن من أكثر مناطق العالم جاذبية للاستثمار، فالتشريعات والتنظيمات هي أساس جذب الاستثمار لأي بلد.

ما الفرص الاستثمارية المتاحة في مجال صناعات المعرفة؟

أعتقد أن الفرص المهمة والتي فعلاً من ضمن الدراسات التي وضعنا لها جاذبية هي الاستثمار في القطاع التعليمي، هناك حاجة قوية لإيجاد قطاع تعليمي قوي في الكليات والمعاهد في مجال التقنية، الكثير من الشركات «سسكو»، «ادال»، «أراكل» «ساب» وغيرها من الشركات التي تعمل في المملكة وتعتمد على كوادر متميزة في مجال التقنية لا تجد العدد الكافي من الكوادر لشغل التقنية المتطورة، «أرامكو» على سبيل المثال فيها آلاف من الأشخاص نسبة المواطنين في هذا المجال ما زالت ضعيفة.

هناك مجال قوي للاستثمار في مجال التعليم في قطاعات محددة منها التقنيات والبرمجيات وخدماتها، السوق موجودة الآن، كذلك الخدمات الصحية ما زالت هناك فجوة في مستوى أو حجم التأهيل المتقدم، نحن نتحدث عن خدمات التمريض المتقدم المتمثلة في التعامل مع متطلبات غرف العمليات، أو متطلبات غرف العناية المركزة والتعامل مع أجهزة متطورة، هذه ما زال فيها نقص كبير وهناك مجال لتقديم هذا القطاع، المدارس الذكية (مدارس المستقبل)، أعتقد أن المدينة خارج عن احتياجات الاقتصاد محلياً، القطاع التعليمي المتميز، تتميز بشيء آخر فالكثير من الناس يجدون المدينة جذابة حتى يرسلوا أبناءهم وبناتهم للمدينة عوضاً عن إرسالهم إلى سويسرا أو بريطانيا إذا وجدوا المركز أو المعهد أو الكلية أو الجامعة التي تعد في مصاف المراكز والجامعات العالمية المتقدمة في مجال معين سيرسلوهم للمدينة لأنهم سيطمئنون أن هناك بيئة ملائمة ومناسبة، والتجارب موجودة، لدينا تواصل مع جامعة ملتيميديا في ماليزيا التي بدأت قبل 10 سنوات بدعم من الدولة وتملكها شركة الاتصالات الماليزية السنوات الأولى وقد زرناها عدة مرات وأصبحت اقتصادية مربحة حيث إن لديهم الآن 22 ألف طالب وأصبحت متخصصة في التقنية والوسائط المتعددة والأفلام الترفيهية واستخدام البرمجيات التي لها سوق كبيرة تنمو وتنتج منتجات مرتبطة بالعالم الإسلامي، وكثير من الوسائل الترفيهية التي تصدر الآن تصدر من أمريكا وأوروبا من ناحية البرامج التي من ضمنها أن الترفية التعليمي للطفل مثل برامج الكرتون وغيرها، والتي أصبحت متطورة من حيث النوعية، المدينة ستكون مؤهلة لتنتج أشياء من هذا القبيل، مجال التعليم مفتوح والطلب موجود ولدينا أرقام وإحصائيات نقوم بها ونتكلم عن علم مع المستثمرين.

وكذلك مجال الخدمات الصحية، المدينة من المناطق التي تشهد نموا كبيرا وكثير من المتقاعدين يرغبون قضاء بقية حياتهم في المدينة، وكبار السن لهم خدمات وصناعة متخصصة، ففي أوروبا تجد الآن مناطق صحية لكبار السن ، لذا فإن إيجاد خدمات صحية متميزة تخدم هذا القطاع سيعطي زخما لحجم الناس الذين من الممكن أن يكونوا فيها ، وهذه أمور موثقة بدراسات لدينا، كذلك مجال خدمات السياحة بالتأكيد النمو القادم في المدينة سيسهم في استثمارات في مجالات الضيافة والفندقة، مطار المدينة أصبح مطارا دوليا وسيزيد عدد الركاب إلى 30 مليون راكب سنوياً ومحطة القطار إلى 12 مليون راكب ، الضغط على المنطقة المركزية ونحن على بعد خمسة كيلومترات من المنطقة المستهدفة، زوار المدينة عادة يرغبون في الوجود في أوقات الصلاة في الحرم، وهناك أوقات كثيرة يتواجدون فيها في الحرم، وفي حال وجدت الخدمات التسويقية والمطاعم، المتاحف، والخدمات الأخرى التي تخدم الزوار وتستمتع العائلة بها ولاشك أن الفرص الاستثمارية ستكون كبيرة في مدينة المعرفة الاقتصادية.

لا شك ان المدينة المنورة تتكئ على تاريخ إسلامي طويل منذ أكثر من 1400 سنة، كيف يمكن لمدينة المعرفة الاستفادة من هذه الثروة التاريخية؟

استراتيجيه مشروع مدينة المعرفة بنيت على أنه جزء من تاريخ المدينة المنورة ويستفيد من هذا الإرث القوي، اقتصاديات المدينة كانت جزءا من الدراسة وفهم طبيعة المدينة المنورة، لاشك أن هذا الأمر يضع عبئا من ناحية كون تاريخ المدينة قويا ونحن نبني عليه إن شاء الله في المنظور الاستراتيجي للتطوير، ثم فهم كيف يمكن الاستفادة من هذا التاريخ في خدمة المدينة أولاً ثم إيجاد مردود جيد للمستثمرين في الموقع، تحديد القطاعات جزء منها كان بالنظر إلى تاريخ المدينة، إذا ما تحدثنا عن قطاع التعليم رأينا أنه لابد من وجود معهد للمصرفية الإسلامية وأبحاثها والطب النبوي، لأن ذلك تاريخ قوي في المدينة لابد أن نتعامل معه ونستفيد منه ونضيف عليه، ولا يمنع ذلك من وجود فرص استثمارية جيدة بأن يكون لديك موقع لتدريب كوادر في المصرفية، البنوك في السعودية وفي الخليج وحتى في الخارج تصرف تكاليف كبيرة على التدريب، هناك جامعات مثل هارفارد تقدم برامج في المصرفية الإسلامية، وجامعة إنسياد وغيرها ، أليس من الأجدر أن يكون هذا الأمر موجود لدينا في المدينة، هذا مرتبط بقوة تاريخ المدينة كأول مجتمع إسلامي، وأول اقتصاد إسلامي، أول مصرفية إسلامية، أول تجارة إسلامية، وهنا الفرصة الكبيرة وعن طريقة يمكن الاستفادة بها من تاريخ المدينة القوي.

كيف يمكن جذب العلماء المسلمين إلى المدينة المنورة؟

هناك تجربة في مؤتمر نور قبل سنة ونصف السنة حيث وجهنا الدعوة للعلماء والمختصين المسلمين في أوروبا وأمريكا الشمالية بالتعاون مع عدة جهات، وعملنا محورين رئيسيين التقنية والخدمات الطبية، وطلبنا تقديم أوراق للمؤتمر، حجم الاهتمام والرغبة في المشاركة كان غير عادي، حددنا عدد الأوراق بـ 30 ورقة عمل تقدم كون المؤتمر لمدة يومين ثم تتم دراستها عبر لجنة من العلماء والمختصين، ما تلقيناه كان 150 ورقة عمل، كنا نتوقع ألا تزيد على 50 ورقة عمل، كذلك حجم المشاركين والأمر نفسه فاق التوقعات، والحضور كانوا نحو 350 شخصا، كان أحد العلماء منهم الدكتور عباس الجمل رئيس مركز الأبحاث في جامعة ستانفورد قال لـي منذ أكثر من 30 سنة لم أسافر إلى الوطن العربي ومن أجل المدينة المنورة أتيت، الكثير من الملاحظات تلقيناها تستفسر عن المؤتمرات القادمة وما إذا كان بمقدورهم أن يبقوا في المدينة مستقبلاً، هناك جاذبية لا شك في هذا الأمر وللمدينة موقع خاص في قلوب المسلمين، كثيرون ينظرون للأمر من جهتين، فهم يرغبون في نقل المعلومات والخبرات التي لديهم ولن يجدوا أفضل من المدينة المنورة ليكونوا فيها، ولا بد أن تتم تهيئة المناخ العملي المناسب لجذب العلماء من جميع النواحي وإلا لن تجدي العاطفة الدينية التي ستضمحل مع السنوات إذا لم تتوافر البيئة المناسبة التي تشجع على الإنتاجية والعطاء، كثير منهم لا يفكرون في الناحية المادية، كثير منهم وبالمئات لديهم براءات اختراع لكنهم يبحثون عن الفرصة للقدوم إلى المدينة المنورة.

مدينة المعرفة ماذا ستستفيد من «كاوست» ؟

في الواقع نتطلع إلى التعاون مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) لأنها مركز تعليمي وبحثي متميز ونأمل في التعاون، وأعتقد أن وجود قاعدة تعليمية في مدينة المعرفة مستقبلاُ سيزيد من الترابط مع جامعة الملك عبد الله، ثم إن ربط المدينة ورابغ عبر قطار الحرمين السريع سيجعل الأمر وكأنك في مدينة واحدة فخلال ساعة ونصف تكون في رابغ أو العكس وسيسهل عملية الترابط وربط الأشخاص، هناك كثير من الأشياء وخصوصاً في مجال الأبحاث.

ما تأثير سكة الحديد في مدينة المعرفة ؟

لقد تم اختيار موقع سكة القطار أو موقع المحطة لعوامل عدة بعد دراسة مناطق عدة في المدينة، الموقع الذي تم اختياره يرتبط بالخدمات المحيطة، الموقع يقع على خمسة محاور رئيسية الخط الدائري الثالث، طريق الملك عبد العزيز، طريق الجامعات، طريق القصيم من الجنوب، الخط الدائري الثاني، وأقرب ربط إلى منطقة الحرم، وهذه الشوارع كلها خطوط سريعة عرضها 100 متر، فتفريغ الحركة المرورية بهذا الحجم من الحركة (12 مليونا سنويا) بمعدل مليون مسافر شهرياً يتطلب وجود موقع مرتبط بشبكة متميزة من الخطوط، تم الاختيار على أسس فنية، كانت الرغبة أن يكون في أقرب منطقة للحرم خارج حدود الحرم مباشرة وهي حدود الحرم غرب المحطة على بعد 200 متر، أيضا موقعه مرتبط بالمطار مباشرة، الربط بين منطقتي حركة ركاب قوية، من المؤكد أن وجوده في مدينة المعرفة الاقتصادية سيكون قيمة مضافة، سهولة الحركة إلى المناطق التجارية والخدمية والتعليمية والصناعات المعرفية، سهولة الربط مع رابغ وجدة ومكة سيوجد تميزا في سهولة الاتصال.

الأكثر قراءة