توقعات بتصدر المملكة إصدارات الصكوك العام الجاري لتمويل مشاريع البنية التحتية

توقعات بتصدر المملكة إصدارات الصكوك العام الجاري لتمويل مشاريع البنية التحتية

اتفق متعاملون في صناعة المال الإسلامية أن العام الجاري سيشهد هيمنة سعودية على إصدارات الصكوك في الشرق الأوسط، وذلك بسبب متانة الاقتصاد السعودي، فضلا عن مشاريع البنية التحتية التي يعتمد تمويلها على إصدارات الصكوك.
وجاءت تلك التأكيدات بعد تواتر الأنباء بوجود تفويضات لدى عدد من بيوت المال الغربية تتعلق بما لايقل عن 5 صكوك سعودية تجري هيكلتها وتصل قيمة كل واحد منها ما بين 400 إلى 500 مليون دولار.
وأجمع الخبراء خلال حديثهم لـ «الاقتصادية» أن السعودية أصبحت بمثابة العملاق النائم الذي يوشك أن يستيقظ هذه السنة مع إصدارات كبرى من السندات الإسلامية، ولا سيما بعد أن توجهت أنظار المستثمرين الغربيين إليها بعد أزمة دبي.
وقال جون ساندويك، مستشار إدارة الأصول والثروات الإسلامية في شركة John A. Sandwick: «في حين أن المقترضين السعوديين كانوا بطيئين في الذهاب إلى السوق، إلا أنهم سيأتون بصورة قوية للغاية وذلك ابتداء من السنة الحالية. في نهاية المطاف أتصور أن البلد الذي ستكون فيه أكبر كمية من السندات الصادرة هو المملكة».
وعن التفسيرات المنطقية التي تبرر تفاؤله بمستقبل الصكوك في السعودية، يقول ساندويك: «لننظر إلى أحدث تقرير اقتصادي صادر عن البنك السعودي الفرنسي. يقول التقرير إنه ستكون هناك مشاريع بقيمة مليار ريال سعودي في مجالات الماء والكهرباء خلال السنوات الـ 15 المقبلة. تخيل هذا الرقم. والآن انظر إلى العالم من حولك وتأمل كيف يتم تمويل مشاريع الماء والكهرباء. هل يتم تمويلها بالأسهم الخاصة؟ كلا! هل يتم تمويلها بالأسهم العامة؟ نوعاً ما. فما هي أكثر وسيلة لتمويل تلك المشاريع؟ إنها السندات» وتأتي تصريحات ساندويك بعد الانتقادات التي شهدتها الصكوك التي ارتكزت أصولها على موجودات عقارية، وما صاحب ذلك من مطالبات وذلك بتقليل الاعتماد على القطاع العقاري، والتوجه نحو قطاعات أخرى.
من جانبه قال محمد داود بكر، العضو المنتدب لشركة الاستشارات أماني للاستشارات والتثقيف في المصرفية الإسلامية إن الإصدارات في عام 2010 في الشرق الأوسط ستكون ما بين 10 إلى 15، حيث من المتوقع أن يأتي معظم الطلب من المملكة.
وأضاف الفقيه الماليزي البارز إنه بحسب الصكوك التي يتم الإعداد لها الآن، فإن السعودية ستتصدر إصدارات الصكوك هذا العام بهدف تمويل مشاريع البنية التحتية في المملكة. وأضاف أن المملكة تتمتع بالاقتصاد وعدد السكان الكافي لمساندة المشاريع التي من هذا القبيل.
وأضاف أن شركته لديها ثلاثة تفويضات بخصوص إصدارات الصكوك في عام 2010، يأتي معظمها من المملكة. وغالبا ما تقوم الشركات المصدرة للصكوك بالاستعانة بخدمات الفقهاء من أجل إصدار الفتاوى التي تجيز الاستثمار في هذه الأدوات المالية. وقال: «نتوقع أن يكون هناك إصداران أو ثلاثة إصدارات من الصكوك. يفترض أن عدد الإصدارات سيكون ما بين 10 إلى 15 على مدى العام الحالي من قبل الشركات في الشرق الأوسط، قيمة كل إصدار منها ستكون ما بين 400 مليون دولار إلى 500 مليون دولار على الأقل، وربما تكون أكبر من ذلك».

سند إسلامي ضخم

في السياق ذاته، قال أحد التنفيذيين في دويتشه بانك إن البنك يتوقع أن يُحضِر إلى السوق سنداً إسلامياً ضخما في المملكة بنهاية الربع الأول من العام، كجزء من حملة أرحب للدخول في الأعمال في أكبر بلد مصدر للنفط في العالم.
وقال حسين حسن، رئيس التمويل المتوافق مع الشريعة الإسلامية لدى «دويتشه بنك»، إن الصكوك ستكون أكثر من الحجم القياسي المعروف عند 500 مليون دولار. لكنه امتنع عن تحديد القطاع.
وأضاف في تصريح له لوكالة رويترز، أن دويتشه بانك لديه الآن أقل من عشرة تفويضات للإشراف على إصدار صكوك، لكن أكثر من خمسة من هذه الإصدارات قيد الإعداد، يأتي قسم كبير منها من السعودية. وقال حسن إنه يتوقع أن تلعب السعودية دوراً أكبر في هذا المجال في المستقبل.
وتابع أن هذا الالتزام يأتي حتى في وقت تجهد فيه الصناعة للخروج من فترة التباطؤ في إصدارات الصكوك في الخليج العربي. وقال حسن: «بداية هذا العام لم تكن مشجعة»، وأضاف أن الإصدارات ينبغي أن تكون «متوافقة مع إصدارات عام 2009 أو أبطأ من ذلك قليلاً». رغم الصعوبات التي تعاني منها الصناعة، يستمر دويتشه بانك في الاهتمام بالإصدارات السيادية وشبه السيادية، مع عدد من الالتزامات يأتي من خارج المملكة.

مصدر كبير للصكوك

عن القطاع الذي سيدفع بإصدارات الصكوك في السعودية، قال ساندويك: «أكبر مصدر لإصدارات الصكوك الجديدة في السعودية سيكون مشاريع البنية التحتية. ما السبب في ذلك؟ لأن مشاريع البنية التحتية تتمتع بفترات تسديد طويلة للغاية». وتابع: «خالد جناحي شاهد صديقه مايكل لي يخرج من منصب كبير الإداريين التنفيذيين لبنك إثمار. ما خطط هذين الشخصين الآن؟ قاما بإنشاء شركة في دبي تدعى إنفراكاب InfraCap، التي هي إلى حد ما اختصار عبارة infrastructure capital (أي رأس المال المخصص للبنية التحتية). سألت مايكل ماذا يفعل شخصان من أهل الأسهم الخاصة في أعمال البنية التحتية؟ يتطلب تمويل مشاريع البنية التحتية كميات ضخمة من الصكوك، وليس من الأسهم الخاصة. لكن جميع مواهبهما متركزة في الأسهم الخاصة. فقال: «أنت على حق يا جون»، ثم غيَّر الموضوع. بعبارة أخرى، لا يستطيع أي اقتصاد تحقيق التنمية دون سوق سندات، بالتالي لن تكون هناك تنمية ذات كفاءة على المدى الطويل في السعودية دون سوق للصكوك.

الرغبة في زيادة الاستثمارات

قال بكر إن القطاع سيشهد بعض التباطؤ في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية، ومشاكل السندات في دبي، ومجموعة من المشكلات في المؤسسات المالية الإسلامية، لكن الآفاق ليست سيئة على الإطلاق.
وقال: «لا يزال النمو إيجابياً، لكننا نتوقع بعض التباطؤ في صكوك الشركات وكذلك في الصناديق المشتركة العامة». وأضاف أن هناك أسماء في الإصدارات السيادية وشبه السيادية ستعمل على سد الفجوة.
من ناحيته قال لـ «الاقتصادية» نيش بوبات، مدير أدوات الدخل الثابت في الشرق الأوسط لدى إي. إن. جي: «في العام الماضي بدأت هيئة السوق المالية في تعزيز التداول الإلكتروني في السندات في السعودية. ونعتقد أن السعودية هي بلد يوجد فيه عدد كبير من المستثمرين الذين يشعرون برغبة شديدة في ذلك ويرغبون في زيادة مقدار استثماراتهم كذلك. نعتقد أن الشركات هذا العام ستستفيد من سوق السندات وستكون من خلال الاستثمارات الإسلامية. نعتقد كذلك أن الحكومات بحاجة إلى قيادة الطريق في المرحلة المقبلة بالنسبة للصناعة، على اعتبار أن أحداث السنة الماضية جعلت الناس يشعرون بالتخوف من الصكوك، وبالتالي فإن الأسماء القوية في عالم الائتمان بحاجة إلى أن تبدأ في إعطاء «دَفعة» إلى هذه الفئة من الموجودات».
التمويل العقاري

علاقة دويتشه بانك مع السعودية ستستمر في النمو في عام 2010، حيث يعتزم البنك إطلاق منتج للقروض السكنية الإسلامية، في سبيل الاستفادة من الطلب المتزايد على الإسكان في المملكة.
ارتفع سكان المملكة إلى أكثر من 25 مليون نسمة، وفقاً لتقديرات حكومية، ما يشكل تحدياً من حيث تأمين الوظائف والمساكن. ربما يسجل الطلب السنوي على المساكن 160 ألف وحدة جديدة كل سنة، وأن يظل نحو 50 ألف وحدة من الطلب غير جاهزة، وفقاً لتقديرات البنك الاستثماري المصري إي إف جي هيرمس EFG Hermes.
وقال حسن إن دويتشه بانك سيركز على القطاع السكني وليس القطاع التجاري في العقارات في المملكة.
يذكر أنه يوجد اهتمام متزايد في صناعة القروض العقارية في المملكة، وذلك قبيل صدور القانون الجديد حول القروض العقارية، وهو قانون ينتظره الكثيرون بفارغ الصبر، ومن المتوقع صدوره هذا العام. يتوقع المراقبون أن يكون القانون الفتيل الذي يشعل طفرة جديدة في تمويل القروض العقارية في المملكة، وهي منطقة تتجنبها المؤسسات المالية في العادة، بسبب غياب الأنظمة المناسبة.
لكن حسن قال إن البنك لا يعتزم الانتظار في دخول السوق إلى حين صدور القانون. وقال: «سنبدأ على أساس القانون الحالي ثم نتحول إلى القانون الجديد حين يتم إقراره».
وأضاف حسن أن البنك يتطلع إلى بدء العمل في المملكة ثم سيتوسع في سوق القروض العقارية في المستقبل.

الأكثر قراءة