خبراء: متاعب دبي أرغمت المصرفية الإسلامية على التفكير في أدوات استثمارية خارج نطاق العقار

خبراء: متاعب دبي أرغمت المصرفية الإسلامية على التفكير في أدوات استثمارية خارج نطاق العقار

قال خبراء في صناعة المال الإسلامية إن متاعب دبي أصبحت بمثابة كبش فداء لصناعة المصرفية الإسلامية، مشددين على أن أزمة سندات دبي أدت إلى تثبيط الصناعة نفسها، وعزا الخبراء ما حصل لدبي إلى البيئة الائتمانية غير المستقرة .
وقال منير خان، وهو شريك لدى مؤسسة سيمونز أند سيمونز: «هناك حكايات تروى مفادها أن الأمور اختلت واضطربت لا لشيء إلا لأن هيكلة الصكوك تمت بطريقة إسلامية (يقصد صكوك نخيل). لكن واقع الحال هو أن الموضوع يتعلق أساساً بالجدارة الائتمانية».
وتأتي تلك التعليقات بعد أن رحب دائنو دبي العالمية بمقترح إعادة هيكلة ديونها الإسلامية والتقليدية.
وفي السياق ذاته, قال مديرو أصول إن أزمة دبي من شأنها تعزيز إدارة الثروات الإسلامية، فيما قال عدد من الخبراء لوكالة رويترز إنه لا بد لمديري الثروات الإسلامية من أن يهتموا بطلبات عملائهم، وذلك عبر تنويع المحافظ الاستثمارية من أجل اكتساب شريحة أكبر من صناعة تقدر قيمتها بنحو أربعة تريليونات دولار.
العملاء من أصحاب الثروات الكبيرة أخذوا يطالبون بمزيد من التنويع في محافظهم عقب الجمود الناتج عن أزمة دبي العالمية، التي أدت إلى التشكيك في اعتماد الصناعة على المنتجات العقارية وهياكل التمويل الإسلامي.
وقال فارس مراد، رئيس المصرفية الإسلامية لدى بنك ساراسين، وهو مصرف سويسري خاص: «كانت دبي صدمة، لكنني أعتقد أنها كانت مفيدة للصناعة, لأنها ترغمها على النظر في إمكانات استثمارية أخرى خارج نطاق العقارات، مثل الموارد الطبيعية والماء والطاقة البديلة».
وأضاف: «هناك رغبة في الاستفادة من نطاق واسع من المنتجات. الاستثمارات العقارية من أركان الصناعة، لكنها بحاجة إلى التنويع بعيداً عن العقارات لصالح عملائها».
جون ساندويك، المستشار المستقل لإدارة الثروات والموجودات الإسلامية، قال إنه من الناحية العملية لا توجد في الوقت الحاضر بنوك إسلامية تطرح منتجات استثمارية تذكر تتجاوز نطاق المنتجات العقارية.
وقال ساندويك إنه ستكون هناك كذلك ضغوط في سبيل الاقتسام المتكافئ للمخاطر بين المستثمر وشركة إدارة الثروات، كما تقضي الأحكام الشرعية، الا أن أزمة دبي العالمية يمكن أن تعطي الصناعة الهزة القوية التي تحتاج إليها.
وأشار ساندويك إلى أن هناك فئات من الموجودات ليست مستغلة بالقدر المناسب، وكمثال على ذلك ذَكَر الصكوك، على اعتبار أنها لا تشكل إلا 120 مليون دولار من سوق يقدِّر قيمتها بنحو 75 مليار دولار.
وأضاف أنه على الرغم من مشاعر اللبس التي سادت بعد أزمة دبي العالمية وطلبها مهلة لسداد ديون تبلغ قيمتها 26 مليار دولار، وبعضها منتجات إسلامية، فإن الطلب على الصكوك سينتعش ويزدهر من جديد إذا استطاعت الصناعة تأمين الهياكل التي لا تعتمد اعتماداً تاماً على العقارات لتكون الموجودات الملموسة التي تقوم عليها هياكل الصكوك.
يقول أليكس ثيوكاريديس، من شركة واتامار آند بارتنرز المستقلة لإدارة الثروات: «لم يتمكن أحد حتى الآن من إنشاء صندوق صكوك يتمتع بسيولة كافية، إذ ليس هناك عدد كاف من الصكوك في السوق».
هناك تطور آخر يعد موضع ترحيب، وهو نمو الصناديق المشتركة الإسلامية، وهي صناعة يمكن أن تنمو من مستواها الحالي البالغ عشرة مليارات دولار لتصل إلى مئات المليارات من الدولارات. وقال «إنها فرصة ضخمة للصناعة».

معايير مشتركة

قال توني بيرتش، مؤسس شركة بيرتش أَسِتس Birch Assets، التي تستثمر أموال العملاء وفقاً للأحكام الشرعية الإسلامية، إن الافتقار إلى معايير مشتركة هو كذلك خطر يهدد نمو المصرفية الإسلامية.
قبل طرح المنتجات الإسلامية لا بد أن تتم إجازتها من قبل الفقهاء، لكن الاختلاف في الاجتهادات في تفسير النصوص والأحكام أدى إلى التشتت في الصناعة، حيث يمكن لأحد المنتجات أن يكون مقبولاً ويتمتع بإجازة شرعية في إحدى الأسواق، وفي الوقت نفسه يعد غير جائز شرعاً في سوق أخرى.
وقال ثيوكاريديس إنه لم يكن هناك تقارب يذكر بين مدرستين رئيسيتين حول الالتزام بالأحكام الشرعية، وهما المدرسة البحرينية والمدرسة الماليزية، وهذا أدى إلى إعاقة السيولة في الماضي.
وقال بيرتش: «الصندوق العادي يكون في العادة صغير الحجم ويدار من قبل اللجان. ويتم تصميم المنتجات في العادة من قبل البنوك الكبيرة، فهي وحدها التي تستطيع تحمل تكاليف كبار الفقهاء. وهذا من شأنه إعاقة الابتكار».
يقول بيرتش والمشاركون الآخرون في الصناعة إن بالإمكان تغيير هذا الوضع، بفضل العدد المتزايد من العملاء الذي يصرون ويضغطون على المؤسسات في سبيل تطوير المنتجات.
قال بيرتش: «لا أعتقد أنه سيكون هناك توحيد شامل للمعايير في جميع أرجاء الصناعة، لأن المدارس الفقهية الرئيسية تختلف فيما بينها إلى حد لا يستهان به، لكن بالإمكان الحصول على توجه إقليمي في منطقة معينة، حيث يميل الناس إلى التعامل مع أشهر الفقهاء في الأسواق الآسيوية وفي أسواق الشرق الأوسط».
المزيد من التمحيص

يقول هارس عرفان، رئيس قسم المنتجات الإسلامية في بنك باركليز كابيتال، إن الأفراد من أصحاب الثروات الكبيرة، بعد أن طالبوا بمزيد من الخيارات في المنتجات، فإنهم سيمسكون بأموالهم النقدية وينتظرون التطورات المقبلة. وقال: «الوقت مناسب الآن لتقوم جهات التزويد بإعطائهم الخيارات».
وقال ساندويك إنه حين يحصل هؤلاء المستثمرون على المنتجات الجديدة التي يريدونها، فإنهم سيمعنون النظر كذلك في هيكل الرسوم والأتعاب على نحو أكثر من ذي قبل، وسيطالبون بإدخال تغييرات تختلف عن الهيكل الحالي.
وأضاف: «في الوقت الحاضر تركز التعاملات على العقارات، على اعتبار أن الموجودات الموجودة الإلزامية (أي التي لا بد من الاستناد عليها في هيكلة الصكوك) تطلب رسوماً تدفع مقدماً لشركات إدارة الثروات قبل أن يحقق العميل عائداً على استثماره».
وتابع: «ربما يكون المستقبل أكثر إشراقاً بالنسبة لمزيد من تخصيص رأس المال في صناعة المصرفية الإسلامية، مع قدر أكبر من التركيز على تطوير نماذج عملية تعتمد على الدخل المتكرر، وليس على مقامرات عالية الخطورة بأموال الناس».

الأكثر قراءة