معهد التمويل الدولي: «ديون دبي» رفعت تسعير مخاطر الإقراض في المنطقة

معهد التمويل الدولي: «ديون دبي» رفعت تسعير مخاطر الإقراض في المنطقة

أكد معهد التمويل الدولي أن الأزمة المالية العالمية، أدت إلى انخفاض أسعار الفائدة وانخفاض أسعار المواد، وهو ما جعل الأسواق الناشئة أكثر جاذبية وأقل مخاطرة للمستثمرين المحليين الذين قاموا بتوظيف أموال أكبر في بلدانهم والابتعاد عن الاستثمار في الأسواق المتقدمة. 
وفي الوقت نفسه، ذهب إلى أن تداعيات تجسدت في زيادة تسعير مخاطر الإقراض لدول المنطقة، وبات المستثمرون والمقرضون أكثر توجسا في الإقراض للشركات المملوكة حكوميا.
وفي تقرير محدث له تقديراته للتدفقات الاستثمارية للدول الناشئة، وخفضها إلى 709 مليارات دولار عام 2010 و 746 مليار دولار عام 2011، بعد أن كان قدرها في كانون الثاني (يناير) الماضي بـ 722 مليار دولار و 798 مليار دولار على التوالي.
وقال إن التسوية لإعادة هيكلة ديون دبي العالمية في 25 آذار (مارس)  الماضي هو خطوة في الاتجاه الصحيح. وتعني خطة التسوية أن البنوك ستحصل على كامل مستحقاتهم بما فيها الفوائد، ولكن خلال فترة أطول تمتد ما بين خمسة وثماني سنوات. وصحيح أن هذه المشكلات سيتم تسويتها خلال العام 2010، لكن تداعياتها تجسدت في زيادة تسعير مخاطر الإقراض لدول المنطقة، وبات المستثمرون والمقرضون أكثر توجسا في الإقراض للشركات المملوكة حكوميا، وكذلك تلك غير المدعومة حكوميا، ويتجهون للحذر في الإقراض في دول المنطقة. 
ولكن، يتوقع التقرير أن هذه الحالة ستخف تدريجيا، حيث ستحافظ عدد من دول المنطقة مثل المملكة العربية السعودية على جاذبيتها في جذب الاستثمارات نظرا لمشاريع البنية التحتية والطاقة الضخمة قيد التنفيذ، كذلك تجاوز سعر النفط حاجز 80 دولاراً للبرميل يوميا. 
ويتوقع التقرير أن يرتفع صافي التدفقات الاستثمارية لدول المنطقة من 48 مليار دولار عام 2009 إلى 66.4 مليار دولار عام 2010 ثم إلى 81.3 مليار دولار عام 2011. وستأتي معظم التدفقات الاستثمارية من استثمارات الملكية الخاصة حيث يتوقع أن ترتفع من 50.7 مليار دولار عام 2009 إلى 55.9 مليار دولار عام 2010 ثم إلى 68 مليار دولار عام 2011. والملاحظ أن معظم هذه الاستثمارات سيكون استثمارات مباشرة بقيمة 52.2 مليار دولار عام 2010 و61.5 مليار دولار عام 2011 في حين أن الاستثمارات عبر المحافظ الاستثمارية لن تتجاوز 3.7 مليار دولار عام 2010 و 6.4 مليار دولار عام 2011.  
ولن يكون دور المقرضين في تدفق الاستثمارات لدول المنطقة كبيرا خلال العامين المقبلين أيضا، حيث تراجع حجم الإقراض المصرفي دول المنطقة بقيمة 3.6 مليار دولار عام 2009، لكنه سيرتفع إلى 5.4 مليار دولار عام 2010 و 8.5 مليار دولار عام 2011. 
يذكر أن المعهد  قام  في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي بتضمين عينة المسح للدول النامية المشمولة بالبحث كلا من السعودية والإمارات لتضم العينة الآن 30 دولة تمثل 85 في المائة من اقتصاديات الدول الناشئة في العالم. 
وفيما التدفقات الاستثمارية للدول النامية، قال المعهد إنها بشكل عام آخذة بالتعافي جنباً إلى جنب مع الاقتصاد العالمي، مؤكدا مجددا أن الدول النامية ولا سيما الصين تقود هذا النمو. وأضاف أن التوقعات فيما يخص الدول النامية أكثر تفاؤلا من الدول الصناعية بسبب انخفاض أسعار الفائدة في المدى المنظور بينما بقاء مخاطر الموجودات المالية بشكل أكبر في الدول الصناعية.
وبينت توقعات المعهد أن  التدفقات الاستثمارية للدول النامية البالغة 709 مليار دولار عام 2010 سيكون أغلبها في هيئة استثمارات ملكية خاصة، بقيمة 529 مليار دولار عام 2010 مقارنة بـ 466 مليار دولار عام 2009. وسوف تتركز الزيادة في صافي التدفقات الاستثمارية المباشرة التي سوف ترتفع من 347 مليار دولار عام 2009 إلى 435 مليار دولار عام 2010 بينما تنخفض استثمارات المحافظ الاستثمارية من 119.2 مليار دولار عام 2009 إلى 93.9 مليار دولار عام 2010.  
أما بالنسبة للقروض المقدمة من البنوك والمؤسسات المالية، فقد انخفضت من 253.7 مليار دولار عام 2008 إلى سالب 31.9 مليار دولار عام 2009، وهو ما يشير بوضوح إلى تراجع دور البنوك العالمية في التدفقات الاستثمارية العالمية، ولجوئها إلى تصفية موجوداتها في الدول النامية. لكن هذه القروض سوف تعاون الارتفاع تدريجيا إلى 48.9 مليار دولار عام 2010 و66.7 مليار دولار عام 2010. 
وفيما يخص «تفاجؤ» المعهد بالتعافي البطيء في التدفقات الاستثمارية للدول النامية والتي دفعت به إلى تخفيض توقعاته لحجم تلك الاستثمارات أرجعها التقرير إلى خمسة أسباب رئيسية. السبب الأول تراجع قدرة المؤسسات المالية في الدول الصناعية على الإقراض للدول النامية بسبب تفاقم المديونيات عليها واضطرارها لبناء المخصصات، على الرغم مما يوفره الإقراض للدول النامية من مغريات بسبب اتساع هامش الفائدة في هذه الدول مقارنة بالدول الصناعية. 
والسبب الثاني يكمن في إعادة التقييم، حيث يلاحظ المعهد أن هناك مبالغة في إعادة تقييم الموجودات في الدول النامية وزيادة كبيرة  في تسعيرها خلال السنة الماضية، خاصة الموجودات الحكومية، مما وضعها في مستويات تاريخية قياسية. لذلك، باتت هذه الموجودات غير مغرية بصورة كبيرة للمستثمرين في الخارج. ويتضح ذلك بصورة أكبر في التدفقات الاستثمارية في هيئة محافظ الاستثمارية التي يتوقع انخفاضها خلال عام 2010 كما سبق أن ذكرنا. وكان المعهد اعتبر في تقريره السابق أن زيادة هذه المحافظ بشكل كبير عام 2009 مقارنة بانخفاضها بقيمة 85 مليار دولار عام 2008 دليل على الطابع المضاربي لبعض تلك الاستثمارات والتي تهدف إلى تحقيق الربح السريع مستفيدة من انتعاش الدول الناشئة، بسبب الإغراءات التي تقدمها أسواق المال في الدول النامية للمحافظ الاستثمارية العالمية. 
أما السبب الثالث، فهو يعود للتخوف من وضع رقابة أشد على التدفقات الاستثمارية من قبل السلطات النقدية في الدول النامية. فقبل عام وتحت ضغوط التخوف من هجرة التدفقات الاستثمارية للخارج، قامت تلك السلطات بتبني سياسات سعر صرف مرنة، ولكنها رفضت إطلاق سعر الصرف وفقا لقوانين السوق. وظل هذا الرفض قائما على الرغم من زوال أسباب التخوف، لذلك يخشى المستثمرون أن أسعار صرف العملات في الدول النامية مقومة بأعلى من قيمتها في الوقت الحاضر. 
والسبب الرابع يكمن في التخوف من سياسات التقييد النقدي في الدول النامية، حيث إن السلطات النقدية في هذه الدول، ومشيا على النهج الذي اتبعته نظيراتها في الدول الصناعية قامت بإرخاء السياسات النقدية وتشجيع السيولة المحلية، ولكن تداعيات الأزمة العالمية على الدول النامية كان أقل مما كان متوقعا مقارنة بالدول الصناعية. لذلك، يقول المعهد، إن الوقت حان للدول النامية لتراجع تلك الإجراءات، وتعمل على تقييد السياسات النقدية. في المقابل، فإن قيام الدول النامية بمثل هذه الإجراءات يثير مخاوف المستثمرين فيما يخص تداعيات تلك الإجراءات على أسعار صرف عملات هذه الدول. 
وأخيرا، يرى المعهد أن الدول النامية لم تعد بحاجة كبيرة كما كانت في السابق للاستثمارات الأجنبية، حيث أدت جملة تطورات الأزمة مثل انخفاض أسعار الفائدة وانخفاض أسعار المواد جعلت من تلك الأسواق أكثر جاذبية وأقل مخاطرة للمستثمرين المحليين الذين قاموا بتوظيف أموال أكبر في بلدانهم والابتعاد عن الاستثمار في الأسواق المتقدمة.

الأكثر قراءة