أوروبا أكثر صراحة .. القروض «مشروطة»
تتسارع المباحثات لوضع اللمسات الأخيرة على خطة لإنقاذ اليونان، كما أعلنت بروكسل أمس الأول، ما أسهم في تهدئة الأسواق، لكن المساعدة ستكون مشروطة بإصلاحات تبدو موجعة بالنسبة إلى السكان وبدأت تثير قلق النقابات اليونانية.
وأعلن جورج باباندريو رئيس الوزراء اليوناني البارحة الأولى، أن المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي حول خطة إنقاذ اليونان ستنتهي "في الأيام المقبلة". وهذا الاتفاق الذي يبدو أنه يبعد شبح التخلف عن تسديد الديون المترتبة على اليونان على المدى القصير، قد يحصل "في الأيام المقبلة" وسيتمحور حول برنامج لسنوات عدة "تصحيح مالي وهيكلي كبير" لليونان التي تئن تحت عجز مالي ضخم.
وكان المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية اولي رين أعلن من جهته أن المحادثات الجارية بين أثينا وصندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي "على وشك الانتهاء". وبدا أن خطر انتقال عدوى الأزمة اليونانية إلى الدول الأخرى الضعيفة في منطقة اليورو، مثل البرتغال وإسبانيا، اقنع القادة الأوروبيين الاكثر تحفظا، بدءا بألمانيا، بضرورة صرف مساعدة دولية متفق عليها سريعا.ولطمأنة برلين، جدد اولي رين القول إن القروض الأوروبية لأثينا ستكون "مشروطة" في كل مرحلة بـ"تطبيق" إجراءات تقشف وإصلاحات هيكلية مطلوبة.
وبدا أن الرسالة وصلت. فقد لعب ولفجانج شويبل وزير المالية الألمانية دور التهدئة عندما اعتبر أن اليونان ستحتاج إلى مساعدة أقل في 2011 و2012 ما ستتطلبه لهذه السنة 2010.
والأربعاء الماضي، عمد برلمانيون ألمان إلى تقييم هذا المبلغ ما بين 100 و120 مليار يورو على مدى ثلاثة أعوام، وذلك في ختام محادثات في برلين مع مديري صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي دومينيك ستروس - كان وجان كلود تريشيه.
ولم يكن واردا قبل ذلك سوى صرف 45 مليار يورو للسنة الأولى (30 مليارا من منطقة اليورو و15 مليارا من صندوق النقد).
واحتمال التوصل إلى اتفاق سريع أعطى دفعا كبيرا للأسواق الأوروبية التي عادت إلى الارتفاع بعد يومين من الذعر.
وربحت بورصة أثينا 7,14 في المائة لدى الإقفال الخميس وبورصة باريس 1,42 في المائة ولندن 0,56 في المائة وفرانكفورت 1 في المائة.أما بورصات الدول الأوروبية الأخرى التي تشهد عجزا مقلقا في مالياتها العامة (البرتغال وإيطاليا وإيرلندا وإسبانيا) فعادت إلى التحسن بشكل كبير وبقي سعر صرف اليورو فوق عتبة 1,32 دولار.
لكن في اليونان، يبدو أن خطة التقشف التي ترتسم معالمها مقابل تقديم المساعدة، بدأت تثير قلق النقابات التي تخشى أن يتحمل السكان عبء تضحيات كبيرة، وتدعو إلى الخشية من خطر الانكماش.
وبحسب مسؤول نقابي لدى خروجه من اجتماع عقده جورج باباندريو رئيس الوزراء مع الشركاء الاجتماعيين الخميس الماضي، فإن الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي يبحثان مع المسؤولين اليونانيين "في خفض العجز العام بواقع عشر نقاط في غضون العامين 2010 و2011، والقيام بتوفير 25 مليار يورو" و"إلغاء الراتبين الثالث عشر والرابع عشر في القطاع العام بالنسبة إلى الموظفين والمتقاعدين على السواء".
واعتبارا من الثلاثاء، دعت النقابتان الكبريان في البلاد إلى إضراب عام في الخامس من أيار (مايو) للدفاع عن حقوق العمال أمام "مطالب" الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي.
وقال المتحدث باسم الحكومة جورج بيتالوتيس "إن المفاوضات لم تنته".
والأربعاء في برلين، شدد دومينيك ستروس - كان وجان كلود تريشيه على ضرورة التدخل لإنقاذ اليونان وضمان استقرار كل منطقة اليورو، في تصريحات رحبت بها المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل والرئيس الأمريكي باراك أوباما.
وبعد التردد في الأسابيع الأخيرة، وجهت برلين إشارات إيجابية حول تفعيل خطة مساعدة اليونان، والمتوقع أن يتم أثناء قمة لقادة دول منطقة اليورو في العاشر من أيار (مايو).
والثلاثاء والأربعاء الماضيين، وضعت وكالة التصنيف المالي "ستاندارد آند بورز" النار في الرماد عندما أعلنت تخفيض التصنيف المالي لديون البرتغال وإسبانيا. وأدت هذه القرارات إلى إغراق الأسواق ولامس سعر صرف اليورو الأربعاء أدنى مستوياته منذ عام، أي 1,3115 دولار.
وعلى الرغم من التهدئة النسبية، إلا أن بعض التوتر ما زال سائدا بانتظار انتهاء المفاوضات واحتمال تصويت في البرلمان الألماني على خطة الإنقاذ الأسبوع المقبل وقمة العاشر من أيار (مايو).
وكانت الحكومة اليونانية أشارت في وقت سابق أن عليها تسديد نحو تسعة مليارات يورو في 19 أيار (مايو) لدائنيها ولا يمكنها تمويل ذاتها في الأسواق بمعدلات فوائد مرتفعة جدا. وأمام هذه الأزمة التي بلغ حجمها حدا غير مسبوق في منطقة اليورو منذ إنشاء العملة الأوروبية الموحدة، طالب عدد من المسؤولين، مثل جان كلود تريشيه أو فرانسوا فيون رئيس الوزراء الفرنسي، أمس الأول، تعزيز المؤسسات والسياسات الأوروبية المشتركة.