المصارف الإسلامية هي الأضعف منذ سنتين.. وفارق الربحية يميل لصالح التقليدية

المصارف الإسلامية هي الأضعف منذ سنتين.. وفارق الربحية يميل  لصالح التقليدية
المصارف الإسلامية هي الأضعف منذ سنتين.. وفارق الربحية يميل  لصالح التقليدية
المصارف الإسلامية هي الأضعف منذ سنتين.. وفارق الربحية يميل  لصالح التقليدية
المصارف الإسلامية هي الأضعف منذ سنتين.. وفارق الربحية يميل  لصالح التقليدية

لم تعد البنوك تتوجس من أن تعلن عن تدني العائد على حقوق مساهميها، لأن الهدف الأسمى في هذه الأيام هو عدم الإعلان عن أرقام بالسالب، ولا سيما في صافي الدخل .. ولم يعد المودع ينظر إلى (سعر الفائدة أو الربح) الذي سيحققه على وديعته الاستثمارية لدى البنك، لأن الهدف الأساس أصبح حمايتها من الضياع وحسب .. ولم تعد أسواق الأسهم تشهد كثافة في بيع الهامش لأن المستور كشف وتبين أن أسعار ما قبل سبتمبر 2008 ما هي إلا وهم لا يخلو من خداع وتذاكٍ مهني من قبل اللاعبين في السوق .. ولم يعد التنافس بين البنوك على من هو الأعلى في الربحية أو الأكبر في حجم الموجودات، بل أصبح التنافس ينصب في أي البنوك هو الأقل من حيث مخصصات الخسائر المحتملة في استثمارات ما قبل عصر (ليمان براذرز) وتمويلات (مجموعتي الصانع والقصيبي) وصكوك (دبي العالمية) .. ولم يعد الأمر سراً أن تضارب المصالح كان واضحا في كثير من المعاملات بين بنوك أو مجموعات أُم وبين شركات أخرى تابعة أو مملوكة جزئياً لها. ولم تعد تسهيلات تمويل الأفراد بما فيها (التورق) متاحة مثلما كانت عليه قبل أن يبيع الفرد (منزله وأثاثه، وحلي زوجته) ليسدد خسائر تمويل الهامش في السوق المالية .. باختصار، نحن بدأنا نشهد بزوغ عصر من العقلانية التنظيمية بعد سنوات من التهور والطيش في قوى السوق وأياديها الخفية.

نظرة عامة على واقع البيانات المالية

ووفقاً لقاعدة بيانات شركة المشورة والراية للاستشارات المالية الإسلامية -الكويت، فإن البيانات المالية لـ 51 بنكا تجاريا خليجيا (16 إسلاميا و35 تقليديا) تشير إلى تحسن طفيف على القيم السوقية لتلك البنوك مجتمعة، وذلك بتحقيق نمو مقدراه 4 في المئة عند 31/12/2009 مقارنة بنمو سالب بواقع -42 في المئة في 31/12/2008، أي بعد ثلاثة أشهر من انهيار الأسواق العالمية آنذاك بسبب إعلان "ليمان براذرز" إفلاسه. ومن أبرز ما تظهره المؤشرات أن أسواق الأسهم لا تزال تعاني انخفاضا ملحوظا وشديدا في القيمة السوقية للقطاع المصرفي الذي يعتبر شريان الحياة في أي اقتصاد. فالقيمة السوقية لمجموعة البنوك المختارة في 31/12/2009 كانت أقل بـ 39 في المئة عن نظيرتها في 31/12/2007، فيما يمكن اعتباره إشارة إلى تصحيح السوق لقيم عديد من الأسهم التي كانت متضخمة عشرات المرات حتى منتصف 2008. وفقاً للبيانات فإن انخفاض القيمة السوقية للبنوك الإسلامية المشمولة بالعينة كان حاداً في 31/12/2008 ووصل إلى - 48 في المئة، إلا أن البنوك الإسلامية ارتفعت قيمتها السوقية في 31/12/2009 بواقع 12 في المئة في إِشارة على ما يبدو إلى أن قوى السوق ترغب في الاستثمار في هذا القطاع.
#2#
ومن الأمور التي أسهمت بشدة في الحفاظ على تدني القيمة السوقية كان الارتفاع الهائل في نمو مخصصات خسائر الاستشمار والتمويل. فقد نمت هذه النسبة في عام 2009 بواقع 59 في المئة بعد أن نمت بواقع 82 في المئة في عام 2008. وقد نمت هذه النسبة في البنوك التقليدية بواقع 62 في المئة في عام 2009 و54 في المئة في عام 2008، في حين أن نمو المخصصات في البنوك الإسلامية بلغ 51 في المئة في عام 2009 بعد أن حطم حاجز 298 في المئة في عام 2008.

وتشير بيانات شركة المشورة والراية للاستشارات المالية الإسلامية – الكويت، إلى أن معدل نمو الموجودات لدى البنوك الإسلامية كان مرتفعاً عن البنوك التقليدية لسبب أساسي يعزى إلى انخفاض أساسات الاحتساب (سبب رياضي)، ومع ذلك انخفض معدل نمو موجودات البنوك الإسلامية في 2008 ليصل إلى 23 في المئة بعد أن كان 36 في المئة في عام 2007، وعاد لينخفض مجدداً في 2009 ليصل إلى 8 في المئة فقط، ويعزى هذا الانخفاض الملموس في نمو الموجودات لأسباب عدة، منها على سبيل المثال إعادة تقييم الأصول المالية والعقارية، مع العلم أن البنوك الإسلامية تمتلك في محافظها نسبا مرتفعة من الاستثمارات العقارية (تصل إلى 20 في المئة وفقاً لموديز) ومنها أيضاً انخفاض معدل نمو الودائع في البنوك الإسلامية من 7 في المئة في 2008 إلى 4 في المئة في 2004، وهو معدل متدن إذا ما قورن بنسبة إسهام موجودات البنوك الإسلامية في إجمالي موجودات البنوك محل الدراسة، البالغة 20 في المئة، كما هو مبين في الجدول رقم 1.

تسهم البنوك الإسلامية بما لا يقل عن 27 في المئة من إجمالي دخل البنوك التجارية الخليجية، وهو مرتفع بالمقارنة بأحجام تلك البنوك التي تشكل 19 في المئة في إجمالي أحجام البنوك الخليجية، وهذا يعد مؤشراً قوياً على مدى إسهام البنوك الإسلامية في فاعلية الجهاز المصرفي الخليجي، إضافة إلى أنها شكلت صمام أمان ضد الاستثمار في الأصول المسمومة خلال الأزمة المالية العالمية.

إلا أن الأثر الاقتصادي للأزمة أثر في البنوك الإسلامية بشكل أكبر من تأثيره في البنوك التقليدية نتيجة احتفاظ البنوك الإسلامية بجزء من موجوداتها على شكل أصول عينية ومالية انخفضت قيمتها مع هبوط الأسواق؛ الأمر الذي حدا بتلك البنوك إلى أخذ مخصصات لمواجهة خسائر محتملة في تقييم الاستثمارات، إضافة إلى خسائر محتملة قد تنتج من عدم السداد لبعض الحاصلين على تمويلات منها؛ الأمر الذي أدى إلى انخفاض صافي دخل البنوك الإسلامية بشكل ملحوظ ليسجل أدنى انخفاض له في التاريخ يصل إلى - 32 في المئة، في الوقت الذي انخفض فيه صافي دخل البنوك التقليدية بواقع - 4 في المئة فقط.
#3#
ومن الجدير ذكره أن صافي دخل البنوك الإسلامية بدأ ينخفض منذ عام 2006 (30 في المئة) ليصل إلى (28 في المئة) في 2007، مع العلم أن النفقات التشغيلية بدأت بالارتفاع منذ عام 2006. وقد وصل معدل نمو مخصصات انخفاض قيم الاستثمارات ومخصصات خسائر التمويل المحتملة إلى 299 في المئة في عام 2008 للبنوك الإسلامية، ثم نمت المخصصات بواقع 58 في المئة في 2009، كما هو مبين في الجدول رقم 2.

أول 10 بنوك خليجية حسب الحجم والأداء

في قائمة العشرة الأوائل من حيث حجم الموجودات في 2009، لم يكن هناك سوى بنكين إسلاميين هما وبلا شك مصرف الراجحي وبيت التمويل الكويتي. ومن اللافت للنظر أن مصرف الراجحي ما زال يقدم مؤشرات تختلف عن أي بنك إسلامي أو تقليدي. فعلى الرغم من احتلال مصرف الراجحي المركز السابع من حيث حجم الأصول إلا أن "الراجحي" احتل المركز الأول وبلا منازع في مؤشرات الربحية والكفاءة على مستوى الخليج بشكل عام. حيث حقق "الراجحي" عائداً على حقوق مساهميه فاق 23.5 في المئة في عام 2009 تلاه مصرف قطر الوطني بما يناهز 21 في المئة ثم مجموعة سامبا السعودية بما يقرب من 20.5 في المئة حسب قائمة البنوك العشرة الكبار من حيث الموجودات.

الفوارق الربحية بين البنوك الإسلامية والتقليدية بدأت تتقلص

انخفض العائد على حقوق المساهمين لمجموعة البنوك محل الدراسة من 20 في المئة عام 2007 إلى 17 في المئة في نهاية عام 2008 ثم إلى 12 في المئة في عام 2009. ورغم أن الاتجاه النزولي هو السائد في معظم نتائج 2008 إلا أن البنوك الإسلامية ظلت هي الأكثر ربحاً، إذ حققت مجتمعة عائداً على حقوق مساهميها بلغ 13 في المئة في 2009، في الوقت الذي كان فيه هذا العائد على حقوق مساهمي نظيراتها التقليدية 10 في المئة.

وعند الأخذ بعين الاعتبار أن إجمالي أصول البنوك الإسلامية الستة عشر شكَّل ما نسبته 19 في المئة من إجمالي أصول البنوك الخمسين محل الدراسة، فإنه من المنطق أن تتم مقارنة بعض المؤشرات الأخرى التي تتفوق فيها البنوك الإسلامية (كنسبة) على نظيراتها التقليدية. فإجمالي دخل البنوك الإسلامية شكَّل ما نسبته 27.5 في المئة من إجمالي دخل البنوك الواحد والخمسين محل الدراسة، كما أن حقوق مساهميها شكَّلت ما نسبته 22 في المئة. وهذه الفوارق يجب أن يُنظَر إليها بإيجابية إذا ما أُخِذت نسبة الـ 19 في المئة مساهمة البنوك الإسلامية في إجمالي الأصول.

من ناحية أخرى، فإن العائد على إجمالي الموجودات في البنوك الإسلامية ظل أعلى من نظيره في البنوك التقليدية إذ بلغ 1.8 في المئة مقابل 1.3 في المئة عام 2009، مع الإشارة إلى أن هذا العائد انخفض لمجموعة البنوك الخليجية في عام 2009 وذلك بسبب التبعات الاقتصادية للأزمة المالية العالمية.
#4#
ربما يكون من غير الإنصاف أن تتم مقارنة نتائج 16 بنكاً إسلامياً بنتائج 36 بنكاً تقليدياً، لكن من الإنصاف أن تتم مقارنة أداء البنوك الإسلامية بصناعة البنوك التجارية على مستوى الخليج العربي. وحتى في هذا السياق، ظلت مؤشرات البنوك الإسلامية أعلى من متوسطات مؤشرات الأداء للبنوك التجارية الخليجية ككل. وهذا هو ما يمكن الاستناد إليه بشكل أساسي. وعلى الصعيد التاريخي، فإن البيانات السنوية لفترات طويلة ظلت تشير إلى تفوق ملحوظ وبفوارق شاسعة في أداء البنوك الإسلامية على نظيراتها التقليدية في الخليج، وذلك من خلال النظر إلى مؤشرات مثل العائد على حقوق المساهمين والعائد على إجمالي الموجودات ومعدل دوران الموجودات وحتى هامش صافي الربح وغيرها من مؤشرات الكفاءة. لكن نتائج عامي 2008 و2009 كانت استثنائية للبنوك الإسلامية التي تفرض عليها طبيعتها المتوافقة مع الشريعة أن تحتفظ بأصول عينية ومالية في ميزانياتها وهو ما يجعلها تتعرض لمخاطر انخفاض القيمة السوقية بشكل أكبر مما تتعرض له البنوك التقليدية. ونتيجة لذلك وجهت البنوك الإسلامية جزءاً ليس باليسير من صافي دخلها نحو بنود مخصصات لمواجهة ذلك النوع من المخاطر الذي تنفرد به عن البنوك التقليدية، ناهيك عن مخاطر عدم السداد التي كانت عامة على البنوك التقليدية والإسلامية.

وعلى الرغم من أن نسبة نمو مخصصات البنوك الإسلامية كانت مرتفعة (كمعدل نمو) بالمقارنة بمخصصات البنوك التقليدية، إلا أن التفوق الربحي كان ولا يزال يصب في مصلحة البنوك الإسلامية متمثلاً بمدى القدرة على تعظيم حقوق المساهمين. ومن ناحية أخرى، فإن أخْذ المخصصات ما هو إلا إجراء احترازي لمواجهة مخاطر قد لا تتحقق وهو لا يعني بالضرورة تحقيق خسائر، بل يعني أنه من المحتمل أن تتعدل القيمة السوقية للأصول التي أُخِذت عليها تلك المخصصات، إضافة إلى التوصل إلى حلول مع العملاء المعسرين من أجل السداد، وهو ما يفضي بالضرورة إلى تحويل تلك المخصصات إلى جانب الأرباح في المستقبل.

وعلنا نتطرق إلى تحليل نظري يوضح ولو بشكل يسير سبب تحمل البنوك الإسلامية مخاطر بسبب احتفاظها بالأصول العينية في ميزانياتها. إننا هنا يجب أن ننظر إلى قيمة مضافة يقدمها التمويل الإسلامي لعملائه وهي توزيع المخاطر. فالبنوك التقليدية التي مولت عملاءها لشراء عقارات على سبيل المثال، لم تحتفظ بملكية تلك العقارات لأنها تمنح قروضاً، مع تحويل كافة المخاطر إلى العميل الذي قام بشراء العقار، ولذلك لم تتعرض لمخاطر انخفاض القيمة السوقية.

أما في التمويل الإسلامي، الذي يستند إلى مبدأ الغُنْم بالغُرْم، أي الحصول على الربح مقابل تحَمُّل المخاطر، فهو يحقق مبدأ العدل بين أطراف التمويل بالإجارة المنتهية بالتمليك على سبيل المثال. وهذا من الممكن أن يكون سبباً وجيهاً نحو استمرارية تفضيل العملاء التعامل مع البنوك الإسلامية، فضلاً عن مبدأ الحلال والحرام >

الأكثر قراءة