التنافس التصادمي بين الخطوط العربية

الخلاف بين سلطات الطيران المدني في السعودية ومصر، حول حقوق النقل للرحلات البينية بين المدينة المنورة والقاهرة، يدل على واقع التكامل العربي المتواضع في صناعة النقل الجوي. فنموذج العمل التجاري لجميع الناقلات الجوية في العالم يعتمد اعتمادا رئيسا على نسبة إشغال المقاعد في الطائرات. ولهذا فإن ما يسمى بالناقلات الوطنية تقاتل للحفاظ على مخصصها من الرحلات من وإلى مطار قاعدتها العملياتية التي عادة تكون عاصمة الدولة. وتنفرد المملكة ممثلة في الخطوط السعودية أن لها ثلاث قواعد عملياتية (قبل تحول الخطوط الاقتصادية إلى الرحلات الدولية) هي الدمام والرياض وجدة، وأخيرا المدينة المنورة. بينما بقية الدول في المنطقة تعمل خطوطها الحكومية من مطار واحد فقط. وفي السنوات الأخيرة ظهرت بوادر تحرير قطاع النقل الجوي في بعض الدول العربية، وكان من ثماره إنشاء مجموعة من الخطوط الاقتصادية خاصة في منطقة الخليج العربي ذات الموارد الكبيرة. وتسابقت تلك الشركات على تسويق أكبر قدر من مقاعدها في أسواق ثانوية, وهي المطارات التي لا يسيطر عليها الناقل الوطني. ولارتباط صناعة النقل الجوي بالسياسة، وطبيعة العلاقة بين الناقلات الوطنية والشركات الخاصة، فإن الناقلات الجوية الجديدة تقاتل للبحث عن وجهات والحصول على حقوق الهبوط في مطارات جديدة بعيدا عن هيمنة الناقلات الوطنية لعلها تجد حجما مرضيا من أعداد المسافرين لملء مقاعدها. الواقع التشريعي بين شركات الخطوط الجوية في العالم العربي يضع تلك الخطوط في مسار تصادمي لا تكاملي بعضهما مع بعض, وسيترتب عليه تعرض شركات دون أخرى لمزيد من الخسائر التي قد تصل إلى الإفلاس خاصة أن طبيعة النموذج التجاري للخطوط الجوية تتسم بالحساسية وتعرضه السريع للخسائر من جراء التكاليف التشغيلية المتعددة ذات القيمة العالية. مثال على هذا الواقع غير التكاملي، إنشاء خطوط اقتصادية تتبع طيران الإمارات أو قيام الخطوط السعودية أو القطرية مستقبلا بإنشاء خطوط اقتصادية. لدبي الحق طبعا في إدخال الطائرات ذات الممر الواحد لأسطولها ولكن من الحكمة والتخطيط الاستراتيجي أن تحافظ وتركز على هويتها بأن تكون تلك الطائرات ذات مقصورة مطابقة لمعايير (طيران الإمارات) كناقل جوي فاخر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي