المسؤولية الاجتماعية للشركات مجال جديد للاستدامة
في عام 2006، تلقى برندان ماي، الذي كان حينها المدير الإداري لـ Planet 2050، قسم الاستدامة ومسؤولية الشركات في Weber Shandwick، رسالة إلكترونية تقول: ''مرحبا، هل يمكنك أن تدرس إمكانية تحقيق بعض المسؤولية الاجتماعية للشركات ـ كم تكلفتها؟ وعلى ماذا تنطوي؟'' تم إرسالها من قبل صديق، وقد جاء من شخص في شركة أمريكية صغيرة قرأ شيئا عن المسؤولية الاجتماعية للشركات على الطائرة. وسأله صديقه: ''هل يمكنك المساعدة؟''
وقال ماي إنه لا يعتقد أن بإمكانه المساعدة، لأن ''هذه حالة ذهنية. إنها ليست شيئاً يمكن شراؤه أو الاستعانة بمصادر خارجية للقيام بما ينبغي أن يكون طريقة كاملة للقيام بالأعمال.. شيء يجب أن يكون منسوجا في الحمض النووي الأساسي لشركتك. وليست تلك هي الطريقة لتحقيق الاستدامة''.
وقد تغيرت الاستدامة كمفهوم بشكل كبير منذ ذلك الوقت.
وفي حديثه مع إنسياد على هامش مؤتمر الأعمال والبيئة المستدامة، ''حيث تلتقي الأعمال بالاستدامة'' لعام 2010، قال ماي إنه لم يعد هناك مهرب من التحدي الذي تفرضه بيئتنا الجماعية - فليس هناك أي قطاع أو شركة، كبيرة أو صغيرة- محصنة.
وتتعرض سلاسل التوريد لضغوط حقيقية الآن لتحسين أدائها على مستوى الاستدامة - إذا لم تصل إلى شركتك بعد فهذا لا يعني أنها لن تصل.
ويذكر ماي: ''كان لا بد أن تتحرك العلامات التجارية التي تتعامل مباشرة مع المستهلكين بشكل أسرع من الشركات التي تتعامل مع الشركات مباشرة والمخبأة إلى حد ما أسفل سلسلة القيمة. إلا أن هذه العلامات التجارية التي تتعامل مباشرة مع المستهلكين لا تستطيع الوفاء بوعودها للجمهور دون الدعم النشط المتمثل في قيام مزوديها بالأمر نفسه. وقد بدأ ''تأثير الشد'' من شركات مثل وول مارت بإحداث تحولات كبيرة في عالم الأعمال العالمية - لأن القليل جدا من الشركات في العالم ليس لديها وول مارت كزبون نهائي''.
ملعب جديد
إذن ما بعض القوى التي تقود هذه التغييرات في جميع أنحاء عالم الأعمال؟ وكيف يمكن التوصل إلى الاستدامة اليوم؟
وتظهر قضايا مرتبطة بالعولمة الاقتصادية ''وهي ليست خاصة بقطاع معين أو دولة معينة (أو) حتى منطقة معينة، لكنها قضايا تؤثر علينا كلنا مثل التغير المناخي، والقضايا الصحية مثل السمنة العالمية التي أصبحت مشكلة الآن في الهند والصين، والفضائح الحكومية مثل شركة إنرون وما إلى ذلك. هذا هو المشهد الذي يجب أن تعمل فيه جميع الشركات الآن.'' طبقا لماي.
وعلى الساحة السياسية، أصبحت البيئة قضية أساسية لكل حزب على المستويين المحلي والوطني، حيث يستخدم السياسيون الآن أجندة الاستدامة لتحقيق غايات سياسية.
ويضيف ماي ، الذي أسس اخيرا مجموعة Robertsbridge Group، التي تتشاور حول القضايا البيئية: ''بمعنى ما، نرى سباقا يحاولون فيه إظهار مدى دعمهم للبيئة مقارنة بمنافسيهم. لقد تغيرت السياسة التي نعمل بها''.
لقد أصبحت البيئة موضوعا ساخنا في وسائل الإعلام. ويشير May: ''قبل نحو 15 عاماً، كان موضوع البيئة يمكن أن يأخذ نصف صفحة، في الصفحة 12 من صحيفة الجاردين؛ أما اليوم فأخبارها تحتل الصفحة الأمامية. فقد أصبحت منسوجة في صلب ثقافة الإعلام''.
الثورة الرقمية
إن أحد الاتجاهات المستقبلية التي ستظهر مع تطور هذه الأجندة هو الثورة الرقمية. ويستشهد ماي بـ Trafigura، الشركة التي لم يسمع بها كثيرون قبل شهرين إلى أن وصلت أخبارها إلى عناوين الصحف. ''إن شركة ترافجورا ليست شركة تتعامل مباشرة مع المستهلك - فقد تم اكتشافها (بسبب قيامها بإلقاء النفايات السامة في ساحل العاج)، وأصبحت مشهورة لأن فراي ستيفن أعاد نشر مقال على Twitter تم نشره في الجاردين، وفجأة اشتهرت الشركة عالميا في غضون ساعات''. (حاولت شركة الشحن استخدام أمر قضائي لمنع التغطية الإعلامية).
ويمكن أن تستخدم الشركات وسائل الإعلام الاجتماعية لإنشاء مجتمعات محددة. ويجب ألا تكون فقط مجتمعات استهلاكية، بل مجتمعات في المجال الذي يحتاج قطاعك إلى الوصول إليه.
وستكون وسائل الإعلام الاجتماعية ضرورية جدا لسمعة وبقاء الشركات في السنوات المقبلة، طبقا لماي. ''يجب أن تكون الاتصالات صادقة وشفافة وحقيقية. وليس هناك نطاق محدد لمسؤولية الشركات تجاه البيئة في عالم تغذيه وسائل الإعلام 24 ساعة يوميا وظاهرة وسائل الإعلام الاجتماعية التي قد تجعل الشركات المغمورة شركات مشهورة للأسباب الخاطئة في غضون ساعتين فقط. وعليك أن تبدأ فورا بالتعريف بمؤهلاتك في مجال الاستدامة لكي تكسب ميزة في السوق''.
كن في متناول اليد
يبدو أن الشركات الجديدة تؤثر في الشركات الأقدم، خاصة من حيث لغتها والطريقة التي تتواصل بها. فعلى سبيل المثال، تستخدم وسائل اتصال يمكن الوصول إليها. وفي الآونة الأخيرة، تخلت يونلفر عن منشوراتها المليئة بالكلمات في مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات وتتحدث الآن عن الشاي باللغة نفسها التي كانت أنوسنت الرائدة تتحدث بها وروجت لها قبل خمس سنوات.
ويقول ماي : ''هذا الصدق وعدم الغطرسة وهذه الشفافية في التواصل بدأ بالظهور عن طريق التناضح إلى الشركات الأقدم والأكثر تقليدية''.
علامتك التجارية ليست
في مأمن على الإطلاق
وفقا لـماي ، فإنه بغض النظر عن المجال الذي تعمل به، أو حجم شركتك، أو فيما إذا كانت مشهورة أم لا، فهناك شخص ما يراقب أداءك في هذا المجال. وقد يكون جماعة ضغط أو منظمة غير حكومية، وقد يكون مجتمعا محليا يهتم بتأثير عملياتك في موقع جغرافي معين، وقد تكون هيئة تنظيمية تريد فرض بعض المعايير على قطاعك، سواء كان مرحبا بها أم لا، وقد يكون موظفاً لديك يريد أن يعرف أداءك في مثل هذه القضايا. إضافة إلى ذلك، بدأ المستثمرون بصورة متزايدة بقياس درجة الخطر أو التعرض للشركة.
''هناك كثير من الأشخاص الذين يريدون تشويه سمعتك: العلامات التجارية التي تفعل شيئاً ولكنها تقول شيئا آخر''.
جني الفوائد
يعتقد ماي أنه إذا تم تحقيق الأجندة بنجاح وتنفيذ الاستدامة على نحو جيد، سيتحسن الأداء المالي.
''هناك مزايا عظيمة يمكن تحقيقها من سمعة العلامة التجارية من الشركات والمستهلكين وهذا يؤدي إلى زيادة المبيعات، وولاء المستهلكين، والثقة بالعلامة التجارية. وبطبيعة الحال، قد تقلل التكاليف التشغيلية على المدى الطويل إذا استخدمت الأشياء بحكمة أكبر: كمية أقل من الورق والمياه والطاقة. ويمكنك تحقيق زيادة في الإنتاجية والجودة. فمثلا، ستجتذب أناسا أفضل وسيرغب الخريجون في العمل لديك لأنهم نشأوا على هذه الأجندة''.
والأهم من ذلك، قد يقلل هذا الإشراف التنظيمي. ويقول ماي إن الحكومة لن تفرض التنظيم والقوانين على الأرجح إذا شعرت أن قطاعا ما قد أنشأ بالفعل معيارا ذهبيا لنفسه. فهي تذهب عادة للقطاعات التي تعتقد أنها لا تفي بالتزاماتها.
وبالنسبة لأولئك الذين يعتقدون أن بوسعهم تجاهل هذه الأجندة والتغلب على مجموعات الضغط والتدقيق، يستشهد ماي بصحيفة ''الإيكونوميست'' التي تقول: ''إذا لم تكن على الطاولة، فأنت على قائمة الطعام''.