التفاؤل بالتكامل الاقتصادي يغلب على ظروف أزمة اليورو في احتفالية الأمانة
رسمت الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي في الرياض البارحة الأولى لوحة العطاءذ والتماسك والتكامل الخليجي في احتفالها بمناسبة مرور 29 عاما على تأسيس مجلس التعاون الذي يقف على أعتاب بوابة التكامل الاقتصادي والنقدي في المنطقة، والذي بدأت مراحله بقيام التجارة الحرة ثم الاتحاد الجمركي ومن ثم انطلاقة السوق الخليجية المشتركة لتليها آخر مرحلة الاتحاد النقدي والعملة الموحدة. كما يمثل هذا العقد الثالث من عمر مسيرة المجلس مرحلة نضج وإنجاز نوعي، وذلك بفضل توجيهات قادة دول المجلس بتذليل العقبات وتسريع وتيرة العمل المشترك.
وعلى الرغم من أن موضوع أزمة الدين اليونانية - الأوروبية وتأثير تداعياتها على المنطقة ومدى الاستفادة منها في إطار الوحدة النقدية الخليجية وتطوراتها وانطلاقة أعمال المجلس النقدي وقبل المضي قدما في مشروع العملة الموحدة نظرا لوجود الكثير من الدروس التي يجب الاستفادة منها في هذا الشأن كان مسيطرا على أحاديث الشارع الخليجي، إلا أن المناسبة شهدت أحاديث أكثر تفاؤلا بشأن مستقبل مشاريع التكامل والوحدة الاقتصادية الخليجية عموما والاتحاد النقدي على وجه الخصوص. وقد شهد الحفل حضور الأمير سطام بن عبد العزيز نائب أمير منطقة الرياض، إلى جانب عدد من الأمراء والوزراء والشخصيات السياسية وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى المملكة، وجمع من المسؤولين ورجال الأعمال والمستثمرين ورجال الصحافة والإعلام.
وأكد عبد الرحمن العطية الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي أن مسيرة المجلس أصبحت أكثر تماسكا من أي وقت مضى وقد صقلتها التجربة والخبرة وهي تمضي بثبات نحو تحقيق غاياتها المنشودة في التكامل والوحدة. وقال “إنه في مثل هذا اليوم قبل 29 عاماً بزغ فجرٌ جديدٌ على هذه المنطقة فاتحاً آمالاً كباراً لأهل الخليج والمتتبع لمسيرة دول المجلس يدرك الحكمة والعزيمة التي يتحلى بها قادة دول المجلس في رعايتهم ودعمهم لمسيرة المجلس منذ انطلاقتها الأولى في أيار (مايو) 1981، وحرصهم على حمايتها من المعوقات والتحديات التي اعترضتها في مختلف المراحل”.
#2#
#3#
وأكد العطية أن هذا الكيان الشامخ قد تجاوز مرحلة التنسيق إلى مرحلة التكامل مع إكمال عقده الثالث وغدا تجمعا فاعلا بمصداقية عالية وثقلا استراتيجيا إقليميا ودوليا يتعامل مع العالم انطلاقا من أسس وثوابت حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وحل النزاعات بالطرق السلمية ودعم القضايا العربية والإسلامية وتعزيز العلاقات مع الدول والمجموعات الدولية.
وتطرق العطية لإنجازات المجلس في المجال التشريعي والعدل باعتماد عدد من القوانين (الأنظمة) في مجالات الأحول الشخصية والمدنية والجزائية والمرافعات والمحاماة والتسجيل العقاري والإثبات ورعاية أموال القاصرين والتوفيق والمصالحة وغيرها من الوثائق التي أقرها المجلس الأعلى. أما في المجال الاقتصادي، قال إن دول المجلس عملت على تطبيق بنود الاتحاد الجمركي، مؤكدا أنه أسهم في زيادة معدلات التجارة البينية بمعدل نمو سنوي بلغ 27 في المائة خلال السنوات الست التي تلت قيام الاتحاد مقارنة بمعدل نمو سنوي بلغ 4.6 في المائة خلال السنوات العشر السابقة لقيام الاتحاد. وتابع أن الإنجازات شملت الإعلان عام 2007 عن قيام السوق الخليجية المشتركة بمساراتها العشرة لتعمق المواطنة الاقتصادية بين دول المجلس وتضعها في إطار تشريعي شامل، بما يحقق المساواة في التنقل والإقامة والعمل والتملك ومزاولة الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية، ومعاملة مواطني دول المجلس في كافة المجالات الاقتصادية كافة في أي دولة عضو معاملة مواطنيها دون تفريق أو تمييز.
وأفاد العطية أن دول المجلس سارعت إلى التحرك جماعياً والتنسيق فيما بينها لتدارك تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية.
وأكد أمين عام مجلس التعاون، أن المجلس أصبح قوة تفاوضية قادرة على إيجاد شروط أفضل وظروف متكافئة في التعامل الاقتصادي الدولي، فتوصلت دول المجلس في حزيران (يونيو) 2009 إلى توقيع اتفاقية التجارة الحرة مع رابطة التجارة الحرة الأوروبية، وكذلك التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاقية التجارة الحرة مع نيوزلندا في تشرين أول (أكتوبر) 2009. كما حققت مفاوضات التجارة الحرة تقدماً ملموساً مع كل من أستراليا وكوريا واليابان والصين ومجموعة ميركوسور في أمريكا الجنوبية.
واستعرض العطية إنجازات المجلس في مجال التعاون الأمني ومنها تحديث وتطوير الاستراتيجية الأمنية الشاملة في عام 2008 وإنشاء لجنة التخطيط الاستراتيجي والتوقيع على اتفاقية مكافحة الإرهاب واعتماد النظام الأساسي لمركز المعلومات الجنائية لمكافحة المخدرات وتشكيل لجنة تعنى بالإعلام الأمني لنشر الوعي بين شرائح المجتمع كافة. كما شملت الإنجازات أيضا مجالات الإنسان والبيئة والثقافة والشباب والتعليم الفني والتقني والمجال الاجتماعي والتعاون العسكري.
وعن الدور الذي لعبه مجلس التعاون في استقرار المنطقة وفي تعزيز منهجية الحل الدبلوماسي للنزاعات، لفت إلى أن مجلس التعاون يمثل واحة استقرار واعتدال وعقلانية في محيط مضطرب، ولك أن تستعرض الخارطة لتعرف ما اعني بالتحديد. نحن في مجلس التعاون عارضنا دوماً اللجوء إلى القوة في حل النزاعات، والدبلوماسية الخليجية سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، قد وظفت وبتفوق لحل أزمات عدة في المحيط الإقليمي، وهي دبلوماسية نشطة وظفت رصيد دول المجلس من المصداقية والاعتدال والاتزان لحل أزمات مستعصية، مثل لبنان، السودان، والصومال، وقبل كل ذلك فإن المبادرة العربية للسلام التي أقرتها القمة العربية في بيروت عام 2002، هي بالأصل مبادرة قدمها خادم الحرمين الشريفين.
وفي موضوع آخر، افتتح عبد الرحمن العطية الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي في الرياض المقر الجديد لمكتب براءات الاختراع لمجلس التعاون، بحضور أعضاء مجلس إدارة المكتب. وجاءت هذه الخطوة تزامنا مع الاحتفال الذي نظمته الأمانة العامة بمناسبة اكتمال العقد الثالث من عمر مسيرة المجلس.
وقال العطية إنه يطيب لي في هذا اليوم أن افتتح هذا المشروع الهام الذي كان لي شرف معاصرة مراحل قيامه منذ أن كان فكرة إلى أن تم اعتماد إنشائه واكتمال بنائه، ثم افتتاحه في هذه الأمسية السارة على الجميع، مشيرا إلى أن الجميع يدرك ما للملكية الفكرية بصفة عامة، وبراءات الاختراع على وجه الخصوص، من أهمية بالغة في تحفيز الأمم نحو الإبداع الثري والابتكار الخلاق بما يحقق لها المكانة المرموقة بين مختلف الشعوب، ويوفر لها عناصر حيوية تسهم في تحقيق التنمية المستدامة للأمم، مؤملاً أن يدفع المقر الجديد للمكتب بأعماله إلى مزيد من النمو والازدهار، وأن يسهم بدوره في تحفيز مواطني دول المجلس على الإبداع والابتكار، وفي نقل وتطويع التقنيات الأجنبية وتحفيز وتطوير التقنيات المحلية في دول المجلس.