لماذا يغار الرجال من تفوق وشهرة زوجاتهم في العمل؟

لماذا يغار الرجال من تفوق وشهرة زوجاتهم في العمل؟

إذا سألت أي زوجة عن مدى سعادتها بتفوق زوجها الوظيفي فستكون الإجابة مبنية على مشاعر الزهو والافتخار، فأقصى ما تتمناه الزوجات هو تفوق أزواجهن وارتقاؤهم في العمل، ليس من ناحية مادية فقط ولكن من نواح معنوية أيضاً، فلطالما افتخرت الزوجات أمام أهاليهن وصديقاتهن بأزواجهن إذا كان هذا الزوج رئيس شركة كبيرة أو طبيبا مشهورا أو مسؤولا ذا منصب.
ولكن هل يشعر الأزواج في المقابل بنجاح وتميز المرأة في عملها ويفخرون بذلك، إذا كان نجاح الزوجة وتفوقها وشهرتها هي محور الحديث؟ وهل يشعر الزوج بالفخر أمام زوجة تفوقه نجاحاً وتعلو شهرتها الاجتماعية عن شهرته في مجال العمل أو الحياة العملية؟
تقول غادة نور الدين" بعد معاناة استمرت لسنوات مع زوجي اكتشفت أن شهرتي في العمل كانت السبب رغم أن زوجي يرفض الاعتراف بهذا إلى الآن، في البداية كنت موظفة مثل غيري إلى أن استطعت بجدارتي وعلاقاتي الاجتماعية أن أرتقي لأصبح مسؤولة كبيرة في الشركة التي أعمل بها، ومنذ ذلك الحين بدأ زوجي في إثارة الخلافات وافتعال المشاكل، حبي الكبير لزوجي وخوفي على علاقتنا دفعني أن أترك عملي برمته ومنذ أن تركته اختفت المشاكل نهائياً".
وعلى العكس من غادة تقول جمانة التي رفضت ذكر اسم عائلتها" الكل حتى أولادي أصبحوا يلاحظون غيرة زوجي الشديدة مني منذ أن أصبح لدي شركتي الهندسية الخاصة بي في حين انه موظف في شركة كمبيوتر، ليس ذنبي أني متفوقة وأني أحب الارتقاء وأسعى من أجله، ورغم كثرة المشاكل التي ليس سببها في نظري إلا غيرته فقط، إلا أنني غير مستعدة عن التخلي عن طموحاتي وعملي، أشعر أن نهاية زواجنا ستكون قريبة وأشعر أنها أنانية كبيرة منه أن يقف عائقا أمام نجاحي".
في المقابل تؤكد ضحى حمارنة أن زوجها يقف إلى جانبها في طريق النجاح حيث إنها طبيبة مشهورة وتقول"لطالما وقف زوجي إلى جانبي وتحمل في سبيلي الكثير من المسؤوليات والمنغصات، لم أشعر يوما بأنه يغار من نجاحي بل على العكس كان يشجعني ويدعمني، ولكني أشعر بأني محظوظة مقارنة بزميلات لي من المهنة نفسها يواجهن مشاكل كثيرة من أزواجهن ودافعها الغيرة ".

عقلية الرجل الشرقي
من جهتها أوضحت لـ"" المرأة العاملة" الدكتورة ميسون عودة، استشارية علم النفس الإكلينيكي، أن الرجل المثقف الواعي المتعلم ذا العقل المنفتح والذي يقدر المرأة وعلمها وشخصيتها لا يغار من نجاح زوجته بل على الأغلب سوف يساندها ويقودها إلى المزيد من النجاحات.
وكون مجتمعاتنا العربية الشرقية تعترف بدور الرجل وبخاصة دوره القيادي داخل نطاق الأسرة، فإن تفوق المرأة عليه قد يولد الغيرة لديه وبخاصة في حال كانت زوجته متعلمة أكثر منه, أو كانت لها مكانة مرموقة في المجتمع وتحصل على راتب أفضل منه, أو تنتمي إلى طبقة اقتصادية اجتماعية أعلى منه, أو تستطيع التصرف بشكل كفؤ وفعال في المواقف المختلفة بما فيها مواقف الحياة اليومية بشكل أكبر منه.

أسباب غيرة الرجال
وترجع الدكتورة ميسون غيرة الرجل من المرأة إلى عدة عوامل منها، شعور الرجل بعقدة النقص وبأنه أقل من زوجته مما يهز صورته الذكورية أمام نفسه، ويبدأ معها بالتصرف بشكل أو بآخر ليعبر عن هذه الغيرة سواء من خلال تصرفاته أو كلامه بشكل مباشر أو غير مباشر, وبالتالي قد يشعر بأنه لا يقدم الكثير لهذه الأسرة، شعوره بالإهمال من قبل الزوجة وبأن عملها يأخذ جميع اهتمامها ووقتها بحيث يرغب الرجل في الحصول على الاهتمام الأول والأخير من زوجته وبخاصة إذا ما كان هناك تقصير من قبل الزوجة للقيام بالأعمال المنزلية أو بتلبية حقوق الزوج.

كيف يعبرون عن غيرتهم
وتصف الدكتورة عودة المواقف التي يمكن أن يعبر من خلالها الزوج عن غيرته من زوجته في خلق المشاكل المستمرة المرتبطة بموضوع مغادرة زوجته المنزل للعمل أو خلق مشاكل مباشرة مرتبطة بالموضوع المباشر المرتبط بتفوقها، معايرة زوجته بين الحين والآخر بأنها تتباهى بنفسها كثيرا، ذكر موضوع نجاح الزوجة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر في أغلب أحاديثه ومشاجراته مع زوجته، محاولة الاستهزاء من الزوجة ونجاحاتها ومحاولة الإنقاص والانتقاد المستمر والاستخفاف بنجاحها كتعبير عن عقدة النقص التي لديه، العصبية والغضب الزائد غير المبرر من مواضيع مرتبطة بالزوجة ونجاحها أو تفوقها بشكل أو بأخر, أحيانا قد يغضب لمواضيع ليست ذات علاقة مباشرة بموضوع تفوقها وكأنه داخليا يسقط غضبه أو غيرته على أمر آخر، وأخيرا محاولة السيطرة والهيمنة وإشعارها بهذا الشيء والذي قد يظهر بصورة سلبية من خلال محاولة فرض رأيه, أو استخدام القوة ليدع زوجته تقوم بما يرغب فيه ليشعرها بأنه الرجل أولا وأخيرا.

دور المرأة في منع غيرة الزوج
من جهة أخرى تعتقد الدكتورة ميسون أن على المرأة العاملة والناجحة في عملها أن تكون دبلوماسية في فهم شخصية زوجها وكيفية طرح موضوع تفوقها أمام زوجها بحيث لا يشعر بالنقص, وبالتالي فإن على المرأة أن تطرح الموضوع من باب أنها فخورة بنجاحها ولكن لولا مساندته وتفهمه لوضعها، وإعطاؤها الوقت الكافي داخل الأسرة ومساندتها في أمور المنزل والأطفال، وتقبله لها لما كانت قد حققت هذا النجاح، وحتى ولو كان الرجل لم يساندها ويقف معها في أمور المنزل والأبناء فإن عليها البحث عن نقاط إيجابية تبرز دوره مهما كان بسيطا في نجاحها وبأن تبرز نجاحاته الشخصية هو كذلك مهما كانت بسيطة, وأن تركز على أنه رب الأسرة الذي يعمل ما بوسعه لإسعاد الأسرة ووحدتها وتماسكها.

أخطاء تقع فيها المرأة العاملة
وأكدت عودة أن بعض الزوجات يقمن بدور في بروز هذه الغيرة أو في تأجيجها، منها عندما تتحدث عن عملها أو موضوع نجاحها كثيرا وبشكل أكبر من أي موضوع آخر يهتم به الزوج، أو بالغت في إظهار تلك النجاحات سواء بشكل مقصود أو غير مقصود.
ويحدث ذلك في حال أهملت الزوجة العاملة واجبات المنزل وركزت على نجاحاتها الشخصية، وهو ما يؤدي بالزوج إلى الشعور بأن نجاحاتها الشخصية هي محور اهتمامها ولها قيمة لديها أكثر من قيمته أو قيمة المنزل والأبناء، أو متى ما طالبت بأمور تفوق طاقة الزوج للاستمرار بتحقيق نجاحاتها، أو تجاهلت أهمية إبراز النقاط الايجابية في شخصية زوجها سواء معها شخصيا أو كرب للأسرة وأهملت إبراز أي نجاح لزوجها مهما كان بسيطا.

التواصل المستمر
وحول الأسلوب والطريقة التي يفترض بالمرأة المتميزة في عملها القيام بها مع زوجها تقول الدكتور ميسون "التواصل ما بين المرأة وزوجها مهم جدا حيث إن على المرأة أن تكون حذرة جدا في طريقة إبراز نجاحها أمام الرجل وعليها أن تعزو جزءا من هذا النجاح إلى تعاون الرجل معها من حيث إنه كان متفهما لطبيعة عملها وحاجتها بين الحين والآخر إلى الخروج على حساب المنزل والأبناء، كما أنه على المرأة أن تتفهم أن الرجل قد يشعر بالنقص في حال شعر بنجاحها وبخاصة في حالة تفوقها عليه وأن تقنع نفسها هي أولا قبله بأن عليها أن تكون متواضعة تجاه هذا النجاح عند التعامل معه ومع الآخرين، وأن تكون عامل دعم للرجل لتحفيزه على النجاح في حياته وبخاصة في عمله واتباع المثل القائل "وراء كل رجل عظيم امرأة".

الأكثر قراءة