آسيا آل الشيخ: مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات ما زال غائبا
أكدت آسيا آل الشيخ مستشار غير متفرغ في مجلس الشورى, ومؤسس أول شركة سعودية متخصصة في المسؤولية الاجتماعية للشركات, أن مفهوم المسؤولية الاجتماعية ما زال ينحصر في خدمة المجتمع وما زالت الجوائز تقدم من جهات متعددة وعلى أسس ومعايير متباينة أو غير موحدة, ما يزيد اللغط حول المفهوم ويبطئ تفعيل دور القطاع الخاص في التنمية المستدامة. وقالت: في ظل غياب مرجع مستقل للمسؤولية الاجتماعية للشركات واستراتيجية واضحة تبين أولويات القطاع الخاص في التنمية، وعدم تحديد دور كل من جهات القطاعين الخاص والعام في الشراكة من أجل التنمية المستدامة، سيكون شبه مستحيل تفعيل الشراكة وبروز برامج مسؤولة تؤثر في مجتمعنا.
ودعت آل الشيخ إلى ضرورة وضع استراتيجية وطنية للمسؤولية الاجتماعية للشركات تُحدَد فيها الأهداف والأولويات التنموية، ويحدد فيها دور الجهات الحكومية، وتُوضع معايير لأداء الشركات في هذا المجال، وتُعطى محفزات للشركات المسؤولة.
وأضافت: من المستحيل أن تعمل كل الجهات على حدة في شأن عام (كالتنمية المستدامة) دون تنسيق ،''من الضروري توحيد الهدف وتوحيد الجهود لتصب في المصلحة العامة: المجتمع والقطاعان الخاص والعام.
وتعليقاً على جوائز المسؤولية الاجتماعية للشركات قالت آل الشيخ :''إن الجوائز محفزة للقطاع الخاص, لكن ليست كافية خاصة بالشكل المطروح حالياً، فعلى هذه الجوائز أن تكون موحدة وسنوية وتتماشى مع المعايير العالمية, لكن تخدم الأولويات الوطنية. وتقول ''لقد قرأت في بعض الصحف عن شركة حازت جائزة المسؤولية الاجتماعية في حين أن الشركة لم تبدأ عملياتها بعد, كما أن هذه المعايير لا ُتناقش ولا تُنشر بتفاصيلها، من يضع هذه المعايير؟ وعلى أي أساس؟ من يشارك في وضعها؟ كيف تُشارك الشركات؟ من شارك ولم يفز؟ ... إلخ.
وتتابع ''عندما عملنا مع هيئة الاستثمار ومؤسسة الملك خالد على جائزة التنافسية المسؤولة كشريك محلي، عملنا لمدة ثلاثة أشهر على الأقل على قولبة المعايير العالمية إلى الكادر المحلي ليراعي الاحتياجات الوطنية. وكنا قد وعدنا الشركات المشاركة في الجولة الأولى بأن نعود ونطور المعايير لتأخذ في الاعتبار احتياجات كل قطاع (المالي, الصناعي، والصحي ...) وملكية الشركات (خاصة، عائلية، ومدرجة ...). وأتمنى أن يحصل ذلك في الجولات المقبلة. باختصار، نحن نعمل اليوم على تقديم مقترح في هذا الصدد لوضع الاستراتيجية الوطنية بالتنسيق مع الجهات المعنية ومنها وضع معايير تحاكي احتياجات قطاعنا الخاص ومجتمعنا وتسهم في وضع حلول للتحديات التنموية.
وأكدت آل الشيخ أن تعدد الجوائز واستخدام المصطلح في الأخبار الترويجية للشركات يزيدان اللغط حول المفهوم, وهذا يأتي بنا إلى تحد أكبر وهو محدودية الوعي الإعلامي حول المفهوم. وقالت: في ظل غياب جهة مستقلة في هذا الصدد، وفي ظل حصر أغلبية الشركات المسؤولية الاجتماعية في خدمة المجتمع, واستخدام هذه العناوين للترويج عن نفسها, وما زال الإعلام يضع هذه الأخبار ويحصرها في أخبار الشركات الترويجية. من هنا لا يعنى الإعلامي بمساءلة الشركات ووضع البرامج في إطارها الصحيح ولا تقييمها وتقييم تأثيرها في المجتمع, فتُنشر هذه الأخبار كما هي, وبذلك لا تحاكي القراء مما يبقي حالة اللا وعي بدور الشركات في التنمية المستدامة في مجتمعنا, ''وهنا هي الحلقة المفقودة الأخرى: مجتمع لا يسأل ولا يعي ما مسؤولية القطاع الخاص تجاهه، فبات القطاع الخاص دون مَحفز ودون مُسائل ودون مستفيد!''.
أما بالنسبة للقطاع الخاص، فهو قطاع نشط ويقوم بعديد من البرامج الاجتماعية, حتى الجهات الحكومية والوزارات لا تتأخر في دعم البرامج. لكن التحدي في النظرة الشمولية لمفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات وتوحيد الجهود والبرامج للتمكن من إحداث التأثير المطلوب في المجتمع إن كان على صعيد موظفي الشركات، الحوكمة فيها، الشفافية، خلق فرص عمل, خلق الكوادر الغائبة في سوق العمل، وخلق شبكة موردين مسؤولة.
على الصعيد العالمي قالت آل الشيخ إنَه ''في مؤتمر المبادرة العالمية للإفصاح GRI الذي عقد في أيار (مايو) 2010 أجمع المتحدثون على اعتماد كلمة مسؤولية الشركات دون كلمة ''الاجتماعية'' لتفادي حصر المفهوم في عمل الخير وخدمة المجتمع. كما ركز المؤتمر على ضرورة تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتتمكن الشركات من إطلاق التقارير غير المالية سنوياً وتبني برامج تحاكي احتياجات مجتمعها''.
وتوقعت آل الشيخ أن يتطور المفهوم في المملكة ويزيد الوعي خلال السنتين المقبلتين خاصة مع توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بدعم دور القطاع الخاص في التنمية. ونوهت بجهود مجلس الشورى الذي أوصى بتسريع تنفيذ وتفعيل ''الهيئة الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد'' التي أقرها مجلس الوزراء.
وقالت: من المهم أيضاَ توضيح الصلة بين مكافحة الفساد والمسؤولية الاجتماعية للشركات, حيث إن الأخيرة تعنى بالشفافية والمسؤولية، والمساءلة والمحاسبة والحوكمة, وهي أسس مكافحة الفساد.