مكاتب تستغل المراهقات بتأجير سيارات فارهة لهن
ظاهرة جديدة بدأت تطل برأسها في المجتمع, اجتمع فيها الجشع طمعا في الكسب المادي, والمساعدة في الانحراف, وقبل ذلك كله الغش والتدليس, والتستر.
الظاهرة وإن كانت في بدايتها ويجب علاجها, واتخاذ الإجراءات النظامية الوقائية بشأنها, حتى لا تستغل من قبل ضعاف النفوس بشكل أكثر, وتتسع الدائرة, تقوم على ''فتيات مراهقات'', ومكتب تأجير سيارات, وسائق, حيث تذهب الفتيات إلى مكتب التأجير ويطلبن تأجير سيارة فارهة لمدة ساعتين أو ثلاث بالسائق, ليجبن شوارع معينة, أو يحرصن على التواجد في أماكن محددة, وتحصل المطاردات, و''الترقيم'', بل سلوكيات مخالفة للشرع والنظام.
فصاحب محل تأجير السيارات, يمارس الاستغلال وهو يؤجر السيارة ساعتين أو ثلاث، والسائق ''يسمع ويطيع'' و''لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم'' نظير مبلغ مالي يعطى له من الفتيات, خلاف أجرته من المكتب, وشباب وفتيات يمارسون الهوس في الشوارع.
لقد تتبعنا رصد رجال هيئة الأمر بالمعروف في أحياء العليا وشرق وشمال الرياض لهذه الظاهرة، خصوصا في المناطق التي فيها محال تجارية كبيرة, وسجلت حالات طبقا لمحاضر ضبط بشأنها, واتخذت إجراءات لمن يقومون بالتدليس والالتفاف على النظام, وأحيلت للجهات المختصة.
وعن هذه الظاهرة يقول الشيخ إبراهيم بن عبد الرحمن الدويش رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الروضة: الظاهرة بدأت مع خروج الفتيات في الوقت الذي نسميه ''الوقت الميت'' أيام الاختبارات في نصف العام أو في نهايته, حيث تتفق مجموعة محدودة من الطالبات - الثانوي خصوصا - على الخروج من الاختبارات, ويكون في انتظارهن سائق بسيارة فارهة, ويقمن بالدوران في الشوارع, ويعاكسن الشباب أو يسمحن للشباب الطائش بمعاكستهن.
ويضيف الشيخ الدويش قائلا: لقد رصدنا الظاهرة في أحياء في الشمال, خصوصا في حي العليا، حيث توجد الأبراج التجارية, والمولات والمحال الكبيرة, التي تشهد ازدحاما من الشباب والفتيات .
ويشير رئيس هيئة الروضة إلى ضبط رجال الهيئة عددا من الحالات, ومعظم الفتيات في سن مراهقة, ويستغللن الفترة ما بين انتهاء الاختبارات حتى صلاة الظهر, خصوصا إذا كان الاختبار في مادة واحدة, غالبا يتم الانتهاء منها في الثامنة والنصف أو التاسعة, ومن ثم يصبح هناك وقت فراغ أكثر من ساعتين أو ثلاث, يتم فيها الخروج من المدرسة بطريقة أو بأخرى, ويستغللن أنه تتم المناداة عليهن للخروج.
وقال الشيخ الدويش: للأسف المسألة تكون مرتبة جدا, وقد يتم دفع المبلغ لمكتب التأجير قبله بيوم, ويتم تحديد المكان للسائق, الذي يأتي بالسيارة, ويتم توجيهه إلى الوجهة التي تريدها الفتيات, مضيفا أن هناك استغلالا من أكثر من جانب, من المكتب الخاص بالتأجير, ومن السائق, ومن الفتيات, وكله يؤدي إلى طريق واحد وهو الانحراف, فقد تكون البداية مجرد نزهة, وهذا أمر مرفوض تماما, وقد يتم استغلال الفتيات من قبل ضعاف النفوس, بل قد يؤدي إلى ارتكاب جريمة بشعة.
وعن هذه الظاهرة يقول الشيخ سلمان بن ناصر العولة ''رئيس هيئة العليا'' لقد سجلنا أكثر من مخالفة في هذا الشأن, ونحن دائما ننصح ونحذر أولياء الأمور من الأوقات غير المستغلة بعد انتهاء الاختبارات ووقت صلاة الظهر.
ويحكي الشيخ العولة قصة مكتب تأجير سيارات في حي العليا, ويقول: لفت انتباهي دخول فتيات إلى مكتب التأجير, فسألت لماذا؟ ودفعني عملي إلى تقصي الأمر فقمت بالدخول خلفهن مكتب التأجير, وتصنعت بأنني أريد استئجار سيارة, حتى أعرف القصة, وما الحكاية, وما سر دخول هؤلاء الطالبات إلى مكتب التأجير, لكن بمجرد أن شاهدتني إحداهن, حتى حذرت الأخريات، وخرجن بسرعة من المكتب, ودخلن مشغلا نسائيا مجاورا, وهنا لا أستطيع عمل أي شيء, فلم تحدث مخالفة أمامي حتى أنكر عليها.
ويضيف الشيخ سلمان العولة قائلا: سألت صاحب محل التأجير, لماذا توجد الفتيات هنا, فأجاب: أعتقد أنهن جئن لاستئجار سيارة بالسائق.
قلت له: وهل تقومون بتأجير سيارة بالسائق لطالبات؟
قال: نعم, لا يوجد ما يمنع, السائق يكون معهن في السيارة , ويذهب بهن إلى الأماكن التي يردن الذهاب إليها.
قلت له: وهل النظام يسمح أن تؤجر سيارة بالسائق؟
قال: نعم, لا يوجد ما يمنع, السيارة مضمونة لأن السائق بها.
قلت له: لكن هؤلاء طالبات وأنت لا تعرف أين يذهبن؟
قال: السائق معهن في السيارة, وهو يضمن لا يحدث شيء.
قلت له: أليس هذا طريقا لتسهيل الانحراف؟
قال: أنا لا أعرف, هن يأتين لاستئجار سيارة بالسائق ساعتين أو ثلاث, ويدفعن أجر السيارة بسائقها.
وعن كيفية معرفة أن هذه السيارة التي فيها طالبات مؤجرة أم لا, قال الشيخ سلمان العولة: الأمر بسيط إذا وجدنا الموكب, أي سيارة فارهة وتحيط بها سيارات شباب من كل الجوانب, نعرف تماما أن في الأمر شيئا, ومن هنا يبدأ عملنا مع هؤلاء الشباب, وتقصي حال السيارة التي تكون مظللة بالكامل, ولا يظهر ما بداخلها, وللأسف تحدث مخالفات, من خلع للعبايات, والتزين وما إلى ذلك من السلوكيات السلبية, والذريعة أن الحياة ترفيه، وليست مسؤولية في نظهرهن!!
ويقول الشيخ أحمد بن عبد الله البرقان ''رئيس هيئة النسيم'': إن الظاهرة موجودة, ومما يؤسف له أنها بعد أن كانت مقصورة على طالبات مراهقات, دخلت فيها شرائح أخرى, وأكد الشيخ البرقان أن مكتب التأجير مسؤول كل المسؤولية عن هذا الأمر، لأنه يعرف من يستأجر السيارة, وغالبا توجد مكاتب محددة تسمح بهذا طمعا في الربح, والجشع دون النظر إلى أن هؤلاء طالبات مراهقات أو غيره, وطالب بالحزم مع هؤلاء الذين يقتاتون على أعراض الناس وقيم المجتمع.
وتطرق الشيخ البرقان إلى نقطة مهمة خطيرة جدا وهي دخول بعض أصحاب السيارات في الأمر, وغالبا ما نجد الآن إعلانات في الصحف الإعلانية عن ''سائق بسيارة فارهة للتأجير'', وقد يكون هذا شابا مراهقا أو غيره، ويعرف أن بعض الفتيات يرغبن في سيارة بسائق لساعات محدودة.
وعن كيفية التعامل مع الظاهرة من قبل رجال الهيئة يقول الشيخ إبراهيم الدويش في حالة ضبط سيارات من هذا النوع, نقوم بالاتصال بولي أمر كل فتاة, ونطلعه على الموضوع, ونحرر محضرا للسائق، وصاحب محل التأجير, ويحال الأمر للجهات المختصة, ومما يؤسف له أن السائق يقول إنه غير مسؤول فهو يعمل في مكتب التأجير, ويوجه من قبل صاحب المكتب, ومحل التأجير ينفي مسؤوليته ويقول إنه طلب منه سيارة بسائق لفترة محددة, ويبقى أولياء أمور مسؤولين أمام الله عن بناتهم وأبنائهم وغالبا ما نكتفي بإرشاد ولي الأمر إلى خطورة ذلك.
ويؤكد الشيخ أحمد البرقان ضرورة أن يحذر أولياء الأمور من ترك بناتهن فترة أطول بعد انتهاء الاختبارات, ويقول: يجب أن يهتم ولي الأمر بابنته أو ابنه, فيعرف متى ينتهي اختبارها، ويذهب لإرجاعها للبيت بسرعة, أو يتابع السائق إذا كان لديه سائق, هل ذهب للمدرسة، وهل رجعت ابنته للمنزل, ولكن مما يؤسف له أن أولياء الأمور لا يتابعون ظروف بناتهن, المهم يسأل ابنته ماذا فعلت في الاختبار؟ وهل كانت الأسئلة صعبة أم لا؟ ولا يسال إن كانت ستعود للمنزل أم لا؟ ويحمل الشيخ البرقان كامل المسؤولية على ولي الأمر, وعلى والدة الطالبة, التي لا تراقب ابنتها, وتعرف أين هي؟ كذلك المدرسة, يجب عدم خروج أي طالبة إلا مع ولي أمرها, وهناك مدارس تطبق هذا الحزم وتشكر على ذلك، حتى في مدارس البنين ويجب أن يعامل الابن أيضا بنفس الاهتمام والحزم.
أما الشيخ سلمان بن ناصر العولة فيطالب بإجراءات رادعة ضد مكاتب التأجير التي تقع في هذه المخالفات, وأن تكون هناك عقوبات إذا ثبت أن المكتب يقوم بهذا العمل غير الأخلاقي وغير المسؤول, وحذر من التهاون تجاه أي ظاهرة، وأن كانت فردية, فلا بد من علاجها تربويا وأسريا, وتطبيق الأنظمة على من يخالفون.