المبادرات التشريعية تساعد على انتشار إصدارات الصكوك الإسلامية في المنطقة
تواجه سوق الصكوك الإسلامية عجزا في الإحصائيات الدقيقة في الوقت الراهن نظرا لحداثة التجربة وعدم اكتمال التشريعات التي تنظم هذه السوق وفق معايير المصرفية الإسلامية التي وضعت أقدامها بقوة في تقديم خدمات مصرفية تتوافق مع متطلبات الشريعة الإسلامية، وبرغم ذلك فإن سوق الصكوك الإسلامية تشهد راوجا كبيرا على المستويين المحلي والعالمي.
محمد النفيعي رئيس لجنة الأوراق المالية ورئيس مجموعة النفيعي للاستشارات المالية، تناول كل ذلك في حواره الذي أجراه الزميل فهد البقمي من جدة :
ما حجم سوق الصكوك الإسلامية في المنطقة العربية؟ وهل هي مرشحة للنمو؟
- وفقا للدراسات البحثية عن أسواق السندات المحلية فإن البحرين احتلت المرتبة الأولى في إصدار الصكوك خلال العام الماضي بنحو 20 إصدارا، تلتها السعودية التي تفوقت على الإمارات من حيث قيمة الصكوك وتساوت معها في العدد، وبلغت قيمة الصكوك المؤسسية في السعودية 23 مليون دولار.
وحسب المؤشرات والتقارير الاقتصادية فإن النمو السنوي الذي طرأ على سوق التمويل الإسلامي بلغ 15 في المئة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، حيث شكلت الصكوك الإسلامية أسرع فئات السوق نموا كما أن التقرير توقع أن تصل قيمة سوق الصكوك الإسلامية إلى 200 مليار دولار بحلول عام 2010، ومن المتوقع أن تشهد نمواً بنسبة 35 في المئة العام الحالي، وأن النمو الذي تشهده السوق جاء نتيجة للثروة النفطية الخليجية ومبيعات ديون السيادة.
كيف يمكن استخدام الصكوك الإسلامية كأداة مالية فاعلة لضبط مستوى السيولة وتمويل المشروعات الخاصة والحكومية؟
- نظرا لأن فائض السيولة في المؤسسات المالية الإسلامية بحاجة إلى قنوات استثمار قصيرة أو متوسطة الأجل؛ ونتيجة لذلك يمكن القول إن سوق الصكوك هي إحدى أهم الأدوات الاستثمارية الواعدة لإدارة السيولة بحكم أنها أدوات استثمار قصيرة ومتوسطة المدى وذات سيولة عالية كونها مدرجة في معظم الأسواق العالمية الرئيسية، كما أنها تقدم أسلوباً جيداً لإدارة السيولة تستطيع المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية أن تدير به سيولتها؛ فإنْ كان لديها فائض من السيولة اشترت هذه الصكوك وإن احتاجت إلى السيولة باعتها في السوق الثانوية. كما أن الصكوك قد تكون إحدى الأدوات التي يمكن للبنوك أن تقوم بإدارة السيولة من خلالها في حال وجود سوق ثانوية للإصدارات والتشريعات والقوانين الخاصة لإصدار الصكوك. كما تتيح الصكوك للحكومات والشركات الحصول على تمويلات مشروعة تساعدها على التوسع في نشاطاتها.
هل بدأت حكومات المنطقة في الاستعداد لإطلاق صكوك حكومية؟
- من المتوقع أن تنعكس حزمة المبادرات التشريعية والتنظيمية التي تعمل عليها بعض دول المنطقة إيجابا على انتشار إصدارات الصكوك وتعديل البيئة القانونية بطريقة تتيح مزيدا من الشفافية وتسمح بتدفق المعلومات بسلاسة وسرعة أكبر. إن إقامة سوق تداول للصكوك في المملكة العربية السعودية تعمل على تحسين آفاق الصكوك، يمكن أن تصبح بنية إصدار جاذبة وبخاصة للمستثمرين المحليين أو القادمين.
تمتلك المملكة أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط، ولكننا نرى أن معظم الاكتتابات الكبرى للصكوك الإسلامية تجري في دبي؟
- نعم السعودية هي أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط ويمكن أن تكون المملكة مركزا ماليا عالميا للتمويل الإسلامي إذا توافر، إصدار التشريعات وإنشاء الجهات التنظيمية التي توفر البيئة القانونية الملائمة لإصدار الصكوك الإسلامية وتداولها؛ تطوير البنية الأساسية للتمويل الإسلامي، وذلك بإدراج التمويل الإسلامي في القانون المدني والقانون التجاري. إدراج مفاهيم الصكوك الإسلامية ومتطلباتها في قوانين الأسواق المالية. وأخيرا عمل آليات لحوكمة الهيئات الخاصة وعمل الهيئات الشرعية وتوحيدها.
من المعروف أن أي استثمار يرتبط بوجود مخاطر، ما المخاطر المرتبطة بتداول الصكوك؟
- تتباين المخاطر التي تتعرض لها الصكوك وفقا لهيكل الصك؛ فمخاطر صكوك المرابحة تختلف عن صكوك المشاركة، وصكوك الاستصناع عن الإجارة، والصكوك المركبة من عقود عن البسيطة القائمة على عقد واحد، كما تختلف هذه المخاطر باختلاف الأصول المكونة لهذه الصكوك بين الأصول الثابتة والمنقولة والمنافع والخدمات، إلا أنه يمكن إجمال هذه المخاطر فيما يلي:
- مخاطر مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية: حيث إن الصكوك أداة مالية بنيت على أحكام الشريعة الإسلامية فإن مخالفتها لأحكام الشريعة الإسلامية في أي فترة من عمر الصك تؤدي إلى أضرار تختلف باختلاف المخالفة ودرجة خطورتها، فمن بطلان للصك بالكلية إلى فساد بعض الشروط. فمثلا عندما تكون مكونات الصك ديون مرابحات وأصولا مؤجرة فيجب ألا تزيد نسبة الديون على 33 في المئة من مكونات الصك طوال عمر الصك حتى يجوز تداوله. وفي حال زادت الديون على هذه النسبة فإن الصك لا يجوز تداوله؛ وبالتالي يصبح الصك ضعيف السيولة، أو يصير تملك أصول صكوك الإجارة تملكا صوريا.
- المخاطر التشغيلية: حيث إن هياكل الصكوك الإسلامية التي يجوز تداولها يجب أن تكون قائمة على أصول؛ وإن العائد على هذه الصكوك ناتج عن هذه الأصول. فإن المخاطر التشغيلية لهذه الأصول يجب أن تدرس بعناية.
- المخاطر القانونية: نظرا لأن كثيرا من النظم والتشريعات في كثير من الدول هي أنظمة وضعية (أي من صنع البشر) مما يجعلها في كثير من موادها تخالف أحكام الشريعة الإسلامية، فقد يحدث تعارض بين هذه الأنظمة وأحكام الشريعة الإسلامية. كما أنه يتم إهمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية عند التحاكم.
ما دور لجنة الأوراق المالية في التوعية بالمصرفية الإسلامية؟ وهل هناك توجه لبحث قضايا المصرفية الإسلامية من خلالها؟
- دور الغرفة التجارية بشكل عام يشمل كافة الأنشطة الاقتصادية والتجارية والصيرفة الإسلامية نشاط اقتصادي فرض نفسه على الساحتين الدولية والإقليمية كملاذ أكثر أمنا من خلال الأزمة المالية الأخيرة. والغرفة التجارية بشكل عام تستطيع تحقيق تواصل بين إدارات شركات الصيرفة الإسلامية والمستثمرين لتوضيح الرؤية الكاملة لقيمة الصيرفة الإسلامية من حيث نسب الأمان والربحية والأوعية الشرعية التي يميل إليها كثير من المستثمرين، ولكن يفتقدون مؤشرات واضحة لقوة الاستثمار في هذه المجال والعائد المتوقع فيها، كما تستطيع الغرفة إصدار تقارير عن نشاط الصيرفة الإسلامية في الفترة الأخيرة وفق المتغيرات الاقتصادية.