العنف الأسري .. أرقام مفزعة تكشف عن الظاهرة في السعودية

العنف الأسري .. أرقام مفزعة تكشف عن الظاهرة في السعودية
العنف الأسري .. أرقام مفزعة تكشف عن الظاهرة في السعودية
العنف الأسري .. أرقام مفزعة تكشف عن الظاهرة في السعودية
العنف الأسري .. أرقام مفزعة تكشف عن الظاهرة في السعودية

بينما جمع خبراء ومهتمون بالشأن الاجتماعي والأسري أوراق عملهم وأمتعتهم لمغادرة الرياض بعد ندوة خصصت لمناقشة العنف الأسري، بدأت الخطوات الأولى لتأسيس عدة مراكز في المناطق لمعالجة هذه المشكلة من خلال برنامج الأمان الأسري.

صحيح أن التأسيس لهذه الخطة أمر مفرح، لكن أمرا محزنا آخر لا بد أن ينتاب الشخص عندما يعرف أن قضية العنف الأسري بدأت تأخذ منحنى تصاعديا في أوساط المجتمع.

ترى لماذا استحوذت هذه القضية على اهتمام الجهات المختصة والجهات البحثية وقادة المجتمع .. وهل وصلت إلى المرحلة التي تحولت معها إلى قضية كبرى .. وما الأسباب الحقيقية لانتشار هذه الظاهرة في وسط اجتماعي متدين ومحافظ وتشكل فيه النظم الاجتماعية على مدى عقود مثالا للترابط والتواد والتراحم الذي يتجاوز أسوار المنزل إلى الجيران والمجتمع؟! إلى التفاصيل:

#2#

## أبعاد جديدة

أخذت قضية العنف الأسري أبعادا جديدة خلال الفترة الماضية، حيث أكملت اللجنة التنفيذية لآلية التعامل مع حالات العنف الأسري وإساءة معاملة الأطفال – برئاسة برنامج الأمان الأسري الوطني – تأسيس مراكز حماية الطفل في المنشآت الصحية في المملكة واعتماد فرق حماية الطفل العاملة فيها.

الخطوة جاءت على أثر إقرار مجلس الخدمات الصحية اعتماد هذه المركزالتي بلغ عددها 38 مركزاً لحماية الطفل في القطاعات الصحية المختلفة في جميع مناطق المملكة بعد مراجعة مطابقتها للمواصفات المعتمدة في الآلية من قبل اللجنة التنفيذية.

#3#

المراكز الجديدة من المقرر أن يعمل بكل واحد منها فريق مكون بحدٍ أدنى من استشاري أطفال أو جراحة أطفال (رئيس الفريق)، إخصائي اجتماعي، واستشاري أو إخصائي نفسي.

التطورات تتزامن مع إحصائيات حديثة للمركز، حيث تم رصد 64 حالة إساءة وإهمال لأطفال بمعدل خمس حالات شهريا، إذ شكلت حالات الإهمال 28 حالة، 44 في المائة من النصيب الأكبر منها، تلتها حالات الإساءة الجسدية بـ 24 حالة، 38 في المائة، والإساءة الجنسية تسع حالات ما يعادل 14 في المائة والعاطفية منها ثلاث حالات وهو ما يعادل أربع حالات.

وبخصوص المعنفين للأطفال فقد أظهرت البيانات الصادرة من برنامج الأمان الأسري، أن الوالدين يشكلان النسبة الأكبر من المعنفين للأطفال بنسبة 74 في المائة، وتوزعت نسبة 14 في المائة من المعنفين بين الإخوة والمعلمين والعمالة المنزلية والمعنفين الغرباء، فيما بقي المعنف مجهولا في 12 في المائة من الحالات.

#4#

كما بلغ متوسط أعمار الأطفال ضحايا الإساءة ست سنوات، 30 في المائة رضع دون سن العامين، ومعظم الحالات كان الضحايا من الذكور 60 في المائة.

وقد تمت إحالة 29 في المائة من الحالات إلى الجهات الأمنية، فيما بلغت حالات الوفيات الناتجة عن الإساءة أو الإهمال هذا العام في المركز خمس حالات بنسبة 8.3 في المائة.

## عادلة بنت عبد الله: أساس مجتمع واع

الأميرة عادلة بنت عبد الله نائب رئيس برنامج الأمان الأسري الوطني، تقول عن البرنامج الجديد إنه يأتي لإرساءِ أسس مجتمع واع، وآمن يحمي ويدافع عن حقوقِ الأفراد ويرعى ضحايا العنف الأسري، من خلال التوعية الشاملة والشراكة والتضامن على المستويين الرسمي والأهلي، إضافةِ إلى تدريب العاملين في هذا المجال لرعايةِ المتضررين وحمايتهم.

بدت الأميرة متحمسة للحديث عن هذا الموضوع الذي بات يؤرق الكثيرين، وبينت أن الجهود لم تقف عند هذا الحد، بل تم توقيع مذكرات تفاهم مع عدد من المؤسسات المحلية والدولية المعنية وعلى الصعيدين العربي والدولي.

## تعاون مشترك

تقول الأميرة عادلة عن برنامج الأمان الأسري الوطني إنه ثمرة تعاون مشترك مع عدة منظمات وجمعيات تعنى بقضية العنف الأسرى، كما أن جهود البرنامج أثمرت حصول المملكة على الشراكة مع الجمعية الدولية للوقاية من إساءة معاملة وإهمال الطفل، وكذلك العضوية المشاركة لمنظمة شبكة خطوط نجدة الطفل الدولية، لكنها لم تخف قلقا من الحالات التي لا يبلغ عنها، خاصة الحالات التي تمارس ضد الأطفال والنساء خاصة أن "المعدل في ازدياد" كما قالت، متوقعة أن تكون المعدلات أعلى مما هو مرصود، وهذا يعظم من أبعاد المشكلة، ويشعب من أسبابها و"يجعلنا نكثف الجهود لإيجاد حلولٍ لها، من خلال تثقيف أفراد المجتمع بمدى خطورة العنف الأسري، ومن ناحية أخرى السعي إلى إيجاد عقوبات رادعة لمرتكبي العنف".

## جهود تطوعية

حول طريقة عمل البرنامج قالت الأميرة عادلة بنت عبد الله ،إن عملنا في البرنامج، يستوعب الجهود التطوعية التي تحقق التكاتف الاجتماعي، وحشد الهمم، لخدمة هذه القضية الوطنية، ولذلك فإن ما تقدمونه من جهودٍ، هي ركيزة أساسية، وقيمة مضافة، للخدمات التي يقدمها البرنامج، وجسر تواصل مجتمعي، يسهم في الارتقاء بأدائه، وللاستفادة من خبرات المختصين، كالأطباء والممرضين، والإخصائيين الاجتماعيين والنفسيين، وكافة التخصصات المعنية.

فالتطوع، يعكس إحساسَ الإنسان، بالمسؤولية، وحرصه على خدمِة مجتمعه، وعليه فإن المجتمعات المتحضرة، تقيس الإنسانية والمواطنة، بمدى ما يقدمه أفرادها، من خدماتٍ تطوعية.

## سلامة المجتمع في خطر

الدكتور بندر بن عبد المحسن القناوي المدير العام التنفيذي للشؤون الصحية في الحرس الوطني مدير جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية المشرف على البرنامج، يعتبر أن الوقاية والتصدي للعنف الأسري تتطلب تضافر وتتكاتف كافة الجهود للوقوف بحزم ضد انتشارها، لافتا إلى أن هذه الظاهرة " البغيضة تهدد سلامة المجتمعات".

ويلفت القناوي إلى أن جهود البرنامج أسهمت خلال العام المنصرم في ظهور عديد من المشاريع الوطنية، ومنها مراكز حماية الطفل في المنشآت الصحية، والسجل الوطني لحالات إيذاء الأطفال المسجلة في القطاع الصحي، وخط مساندة الطفل في المملكة.

كما قدم البرنامج عديدا من برامج التوعية المجتمعية والإرشاد الاجتماعي لضحايا العنف الأسري، إضافة إلى عدد من الندوات الاجتماعية والمؤتمرات العلمية، ومجموعة من الدراسات والبحوث والبرامج التدريبية المتخصصة.

## المنيف: نفخر بالأعضاء

في السياق ذاته، تبين الدكتورة مها المنيف المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني أن برنامج الأمان الأسري الوطني يفتخر بأعضائه، الذين بلغ عددهم حتى اليوم 183 عضوا منتسبا وعاملا من الرجال والسيدات، ينتسبون لقطاعات اجتماعية وصحية وأمنية وقضائية وتعليمية مختلفة ومن عدة مناطق من المملكة.

المنيف تشير أيضا إلى أن مراكز حماية الطفل تتولى معاينة وتقييم حالات إساءة معاملة الأطفال في المنشآت الصحية عبر فريق متعدد التخصصات، وتوفير خدمات التدخل والتأهيل للأطفال ضحايا الإساءة بالتعاون والتنسيق مع لجان الحماية الاجتماعية بالمناطق التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية.

إضافة إلى ذلك يتولى الفريق تسجيل الحالات في السجل الوطني لحالات إساءة معاملة الأطفال في القطاع الصحي.

## عنف الراشدين

وفي نظرة إلى المستقبل بينت المنيف أنه اعتبارا من العام المقبل ستتولى اللجنة تفعيل المرحلة الثانية الخاصة بحالات العنف الأسري للراشدين لتكتمل معها منظومة الحماية الاجتماعية من العنف من خلال القطاع الصحي.

وتعتبر المنيف أن مركز حماية الطفل في مدينة الملك عبد العزيز الطبية للحرس الوطني في الرياض، يأتي ضمن مساهمات برنامج الأمان الأسري الوطني دعم مهام مراكز حماية الطفل بالمنشآت الصحية الموزعة على كافة مناطق المملكة، حيث يقدم البرنامج المساندة لفريق حماية الطفل في مدينة الملك عبد العزيز الطبية للحرس الوطني في مدينة الرياض؛ وذلك استكمالا لاستراتيجية البناء نحو بناء مركز نموذجي لحماية الطفل بالمنشآت الصحية في المملكة، يقدم خدمات تلقي البلاغات المتعلقة بحالات إساءة المعاملة وإهمال الأطفال وتقييمها على مدار الساعة ومن ثم تقديم خدمات التدخل والتأهيل للضحايا، حتى يصبح هذا المركز نموذجا يحتذى به من قبل المراكز الأخرى.

## الخيار اللاعنفي

اللافت أن الندوة شهدت تقديم ناشطة في حقوق الإنسان مقترحات مكتوبة جاء من أبرزها الترويج للخيار اللاعنفي كخيار واقعي من خلال التعريف بمصطلح (لا عنف) في كل أنحاء الوطن، إشاعة رسالة المحبة والتعايش السلمي بين أفراد الأسرة من خلال الأنشطة الرمزية والفعاليات الفنية والثقافية، التأثير في الرأي العام من خلال فعاليات متنوعة، تهدف إلى نبذ العنف ضد الأسرة، وتنظم زيارات ميدانية للمدارس والكليات والمعاهد والجامعات.

وتضمنت المقترحات أيضا إقامة ندوات من قبل رجال الدين لتوضيح حكم الدين فيما يتعلق بحقوق أفراد الأسرة وحث الرجال على بث مشاعر المحبة والرحمة بين أفراد أسرهم، العمل على مساندة النساء المعيلات لأسرهن وذلك بإيجاد مشاريع صغيرة لهن لتوفير سبل العيش الكريم لمن يعلن، ضرورة وجود نساء عاملات في مراكز الشرطة حتى تتمكن المرأة المعنفة من التعبير عن مشكلتها ولرصد حالات العنف ضدها، وإنشاء مركز إيواء لحل مشكلات الأسر، فالمرأة تتقبل العنف وتسكت عنه لخوفها من وقوع عنف آخر، وهذا أخطر ما في مشكلة العنف ضد المرأة.

كما أكدت المقترحات أيضا ضرورة العمل على تفعيل الخط الهاتفي الساخن لتقديم التوجيه الاجتماعي والمساعدة القانونية والنفسية لضحايا العنف، وتكثيف الجهود للعمل على تعاون كافة القوى المجتمعية لتطوير العمل إلى المستوى المطلوب.

الأكثر قراءة