الصكوك خفضت نسب التضخم وزادت الناتج المحلي وأشركت المواطنين في التنمية

الصكوك خفضت نسب التضخم وزادت الناتج المحلي وأشركت المواطنين في التنمية

 أكد عثمان حمد محمد خير المدير العام لسوق الخرطوم للأوراق المالية أن المصرفية الاسلامية ليست بديلا عن النظام الاقتصادي التقليدي وإنما هي مكمل له، وقال إن التراكم في التجربة يجعلها موضع اهتمام وتعامل وحضور وإن المصرفية الإسلامية بدت موجودة وبقوة في كثير من دول العالم، وهذا يؤكد الاعتراف بدورها وأهميتها وأيضا في أن تأخذ مكانتها مع الوقت .. فإلى تفاصيل الحوار الذي أجراه الدكتور يوسف ربابعة على هامش ورشة عمل الصكوك الإسلامية .. تحديات تنمية وممارسات دولية في عمان:

كيف ترى التجربة السودانية في إصدار الصكوك؟
- يعد السودان أول دولة إسلامية تصدر أوراقا مالية بهدف إدارة السيولة داخل الجهاز المصرفي على وجه الخصوص والاقتصاد الوطني بصفة عامة، وقد كلفنا هذا الجهد نحو 15 سنة، فمنذ عام 1984 قررت الدولة أن تتم الأسلمة للاقتصاد الوطني، وكان هناك عدة آراء:
الأول: ينادي بأن تتم الأسلمة على عدة مراحل ولكل مرحلة إفرازاتها ومعطياتها للذهاب إلى المرحلة التالية.
الثاني: يرى أن الإسلام نظام متكامل ولا يقبل التجزئة ولا يقبل أنصاف الحلول، وهذا الرأي هو الذي انتصر، وصدر قرار بالأسلمة الفورية للاقتصاد الوطني السوداني.
ترتب على ذلك البدء بالعمل في صيغ التمويل الإسلامي، ورغم أنها كانت محدودة في المرابحة والمشاركة والسلم، إلا أنه تم استنباط صيغ جديدة مثل المزارعة والمساغاة والاستصناع والمقاولة ... إلخ، لكن المشكلة التي واجهتنا مع تطور العمليات المالية هو وجود ورقة مالية تصلح لإدارة السيولة داخل الجهاز المصرفي والاقتصاد الوطني وتكون في الوقت نفسه مستوفية للمتطلبات الشرعية لاستخدامها فيما يعرف بعمليات السوق المفتوحة، أخذنا 15 سنة وهذه الآلية كانت معطلة تماما لعدم وجود مثل هذه الورقة إلى أن تم في عام 1998 وبجهد من علمائنا الأجلاء والاقتصاديين وبدعم قوي من البنك المركزي ووزارة المالية استحداث أول ورقة مالية تفي بهذا الغرض وتسمى شهادتي مشاركة البنك المركزي (شمم) وشهادة المشاركة الحكومية (شهاب)، وهاتان الشهادتان تقومان على أساس المشاركة في أصول مملوكة للدولة وللبنك المركزي، ويتم تقييم هذه الأصول وتصدر بمقابلها شهادات، وعندما يشتري المستثمر هذه الشهادة يصبح مالكا لجزء من الأصول على الشيوع بحجم مساهمته.

ما الشروط والأركان التي يقوم عليها إصدار مثل هذه الشهادات؟
- هناك ثلاثة أركان يقوم عليها إصدار الشهادة وهي:
المصدر: وهو حكومة السودان ممثلة بوزارة المالية.
ثم المستثمرون والوكلاء

ما مميزات شهادة المشاركة الحكومية (شهامة)؟
-من أهم ما تمتاز به أنها ذات عائد مرتفع، ومدة سريانها قصيرة لا تتجاوز العام الواحد، وهي ذات درجة سيولة عالية لأنها مدرجة في سوق الخرطوم للأوراق المالية وهناك طلب عال عليها، إضافة إلى ذلك فإن لها أسعارا سوقية يومية، وتقبل بوصفها ضمانا من الدرجة الأولى مقابل التمويل الممنوح من الجهاز المصرفي، وعندما يتحقق العائد عليها فهو مضمون من البنك المركزي، وفوق ذلك فإن العقود الشرعية متوافرة بشكل كامل فيها مثل عقود السلم والمرابحة والإجارة والمقاولة والاستصناع وتتسم بالمرونة والآجال وتلبي كافة رغبات المستثمرين.

هل تفي مثل هذه الشهادات بحاجات السوق المالي؟
- على الرغم من أن هذه الشهادات حققت جميع أهدافها إلا أنه بات واضحا في ظل التكلفة العالمية التي تتحملها الدولة نتيجة الاستدامة عبر هذه الآلية وكذلك نتيجة لخصخصة معظم الأصول بسبب استخدامها في هذه الشهادة، ومن هنا فقد برزت الحاجة لاستنباط واستحداث أوراق مالية جديدة تتوافر فيها متطلبات العقود الشرعية وتتسم بالمرونة وتنوع الآجال، وبالتالي جاء ما يعرف بالجيل الثاني من الأوراق المالية الإسلامية في السودان، وتم إصدار ورقة جديدة سميت "صكوك التنمية أو صكوك الاستثمار الحكومي" التي بدأ العمل بها عام 2003، وهي صكوك يمكن لحاملها المساهمة في تمويل الإنفاق الحكومي التنموي عن طريق عقود الإجارة والمرابحة والمقاولة والاستصناع أو تكون خليطا من هذه العقود في إصدار واحد.

ما المرتكزات القانونية لإصدار الصكوك الحكومية المختلفة؟
- هناك مجموعة من المرتكزات التي يجب أن تتوافر من أجل إصدار صكوك حكومية وهي: إنشاء شركة ذات غرض خاص للقيام بعملية الاكتتاب في السوق الأولية.مع توافر جهات رقابية للتأكد من استيفائها كافة المتطلبات الشرعية، مثل الهيئة العليا للرقابة الشرعية، ولجنة تنظيم إصدارات الصكوك، وسوق الخرطوم للأوراق المالية، والالتزام بمعايير هيئة المحاسبة المالية الإسلامية، ومجلس الخدمات المالية الإسلامية، وديوان المراجعة العام لجمهورية السودان، وقانون صكوك التمويل لعام 1995، ووزارة العدل، واللجنة الاستشارية العليا للصكوك الحكومية.

هل هناك أنواع أخرى من الصكوك؟
إضافة إلى ما ذكرنا فقد صدرت أوراق مالية أخرى قبل شهادة إجارة البنك المركزي والمستندة إلى تصكيك مبنى بنك السودان المركزي المساة بـ (شهاب)، وكان الهدف من هذه الأوراق هو استخدامها لإدارة السيولة، ولتمكين الدولة من الاستدانة لموارد حقيقية موجودة أصلاً داخل الدورة الاقتصادية وذات أجيال مختلفة تراوح ما بين سنة وست سنوات.

ما الفائد والمنافع التي حققتها مثل هذه الصكوك؟
- هذه الصكوك حققت جميع الأهداف التي أصدرت من أجلها وساهمت كذلك في خفض معدل التضخم وأدت إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي ومكنت المواطنين من المساهمة في مشروعات التنمية وزادت من ثقة المستثمرين لهذه الأوراق المالية وأدت إلى نشر الوعي بين المستثمرين حول هذه الشهادات وأدت إلى تجميع المدخرات القومية وتشجيع الأفراد والمؤسسات في استثمار فوائدهم وساهمت بشكل فاعل في تنشيط سوق المال.

هل يمكن تقديم هذه التجربة الناجحة بديلاً للنظام العالمي أم هي مكمل له؟
- النظام المالي التقليدي تطور عبر عدة عقود واعتاد الغربيون عليه وبالتالي لا يقبلون أن يكون النظام الإسلامي بديلاً، لكن كما هو حاصل فقد أصبح مقبولا على أنه مكمل للنظام المالي العالمي؛ والدليل على ذلك أن دولاً مثل بريطانيا وفرنسا بدأت في إصدار هذه الأوراق المالية الإسلامية، ويمكن مع مرور الزمن وبعد التعرف على مزايا هذا النظام أن يتفوق تدريجياً على النظام التقليدي.

الأكثر قراءة