تقرير الوظائف يضغط على الدولار والأسهم
تحولت الأسواق بسرعة بعيداً عن الموجودات الخطرة بعد أن أظهر تقرير الوظائف الأمريكية تراجعاً يفوق المتوقع في عدد الوظائف، رغم أن الحكم لم يكن بالقسوة التي كان يخشاها البعض.
تراجع مؤشر فاينانشيال تايمز للأسهم العالمية بنسبة 0.6 في المائة بعد صدور تقرير في الولايات المتحدة يفيد بأن الاقتصاد الأمريكي، وهو أكبر اقتصاد في العالم، خسر 131 ألف وظيفة، أي بزيادة 65 ألف وظيفة عما كان متوقعاً. وكانت التوقعات تشير إلى تراجع كبير في الوظائف الحكومية مع انتهاء أعمال الإحصاء السكاني، لكن تم التعويض عن هذا التراجع بزيادة 71 ألف وظيفة فقط في القطاع الخاص، في مقابل العدد المتوقع للزيادة وهو 90 ألف وظيفة.
كان التداول حاداً في أعقاب التقرير، لكنه لم يكن متطرفاً. تراجع مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بنسبة 1.5 في المائة، مع تحسن أسهم بعض الشركات الدفاعية، مثل شركات الرعاية الصحية.
وكان هناك طلب على سندات "الملاذ الآمن"، حيث رفع المتداولون من توقعاتهم بصدور قرار من البنك المركزي الأمريكي لتخفيف الظروف النقدية. وقد سجل العائد على سندات الخزانة لأجل سنتين أدنى مستوى له على الإطلاق حتى الآن. كذلك سجل الذهب أعلى مستوى له منذ شهر، حيث زاد سعر الأوقية عن 1200 دولار.
لكن ألا يفترض في أداء الموجودات الخطرة أن يكون في الواقع أفضل من الموجودات الأخرى؟ يقول سيباستيان جالي، من بنك بي إن بي باريبا، إن المستثمرين ربما يتوقعون سيلاً داخل الأسواق الخطرة إذا قام المركزي الأمريكي بتسهيل الظروف المالية وضخ مزيد من الدولارات في السوق. المتداولون في المخاطر باقون، وهذا ساعد على إبقاء بعض الموجودات في حالة مرتفعة، مثل النفط الخام فوق مستوى 80 دولاراً للبرميل. ما ساعد على ذلك هو بعض بوارق الأمل في التقرير. ازداد أسبوع العمل المتوسط، وكان عدد الوظائف الجديدة في قطاع التصنيع أعلى من المتوقع. وقال مارك أوستفالد، وهو محلل استراتيجي لدى Monument Securities: "يغلب على التقرير أن يجادل بأن فقدان الزخم في معدلات النمو جاء بنسبة متواضعة، رغم أن من الواضح أن المستوى المطلق يظل ضعيفاً". وأشار إلى أن التعديل الكبير لأرقام حزيران (يونيو)، حيث تم تخفيض عدد الوظائف الجديدة بمقدار 93 ألف وظيفة، أي أن التعديلات الموسمية يمكن أن تكون لها نتائج غير متوقعة.
وبالنسبة للوقت الحاضر فإنه ستتم مراقبة التكرير بصورة دقيقة كمؤشر على إمكانية قيام بن برنانكي، رئيس مجلس البنك المركزي الأمريكي، بالدعوة إلى تخفيف الظروف النقدية في الاجتماع المقبل للبنك.
وفي معرض إشارته إلى اقتراح في السياسة النقدية تشير التقارير إلى أنه قيد النظر. قال ستيفن جالاجر، الاقتصادي المختص في الولايات المتحدة لدى بنك الشركة العامة Société Générale: "ينبغي أن يظل المركزي الأمريكي ليناً. أكثر الخيارات ترجيحاً في رأينا هو الإعلان عن أن البنك سيعيد استثمار حركات النقد من محافظها في الأوراق المالية المدعومة بالقروض العقارية".
في أوروبا افتتح مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 بزيادة مقدارها 0.7 في المائة، لكنه أقفل متراجعاً بنسبة 1.1 في المائة. كذلك تراجع مؤشر فاينانشيال تايمز 100 في لندن بنسبة 0.7 في المائة، وتراجع مؤشر داكس في ألمانيا بنسبة 1.2 في المائة.
تقرير الوظائف الأمريكية لم يكن هو العامل السلبي الوحيد. رغم أن معدلات النمو كانت في حالة تحسن في أوروبا، إلا أن المتداولين يتراجعون عن شعارهم المعهود بأن "أوروبا أفضل من أمريكا"، خصوصاً في أعقاب قرار البنك المركزي الأوروبي بإبقاء أسعار الفائدة على حالها، ووصْف جان كلود تريشيه، رئيس المركزي الأوروبي، للانتعاش الاقتصادي بأنه "معتدل وغير منتظم". وكانت الأرقام مخيبة للآمال كذلك في تقرير حول الناتج الصناعي في ألمانيا، حيث أظهر أن هناك هبوطاً في معدل التوسع.
كان التداول في سندات الخزانة الأمريكية علامة على حمى التوقعات بأن يعلن البنك المركزي عن إجراء معين من التسهيل الكمي في اجتماعه في الأسبوع المقبل. كان أكثر الطلب متركزاً على سندات الخزانة لأجل عشر سنوات، التي هبط العائد عليها بنسبة سبع نقاط أساس ليصل إلى 2.83 في المائة، وهو أدنى مستوى لها خلال العام الحالي.
صحيح أن سندات الخزانة لأجل سنتين هبطت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق (حيث بلغ العائد عليها بنسبة 0.51 في المائة)، إلا أنها لم تتراجع بالمستوى الحاد الذي أصاب السندات لأجل عشر سنوات، حيث هبط العائد عليها بنسبة نقطتي أساس فقط. وحيث إن معدل الفرق بين العائد على السندات لأجل سنتين والسندات لأجل 30 سنة ظل ثابتاً، إلا أن المتداولين قالوا إن ذلك يعني أن التوقعات بحدوث ركود سريع يتبعه انتعاش، تزداد بصورة عجيبة.
في آسيا كانت النتائج متباينة. ارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز لأسهم منطقة آسيا ـــ الباسيفيك بنسبة 0.3 في المائة. وفي طوكيو تراجع مؤشر نيكاي 225 بنسبة 0.1 في المائة. يذكر أن مؤشر نيكاي كان في الفترة الأخيرة مرتبطاً بصورة قوية بالين، لأنه حين يرتفع سعر الين فإن ذلك يلقي بثقله على شركات قطاع التصدير، وهو قطاع مهم تماماً للاقتصاد الياباني.