خبراء: توجهات جديدة أربكت السوق المصرفية الإسلامية

خبراء: توجهات جديدة أربكت السوق المصرفية الإسلامية
خبراء: توجهات جديدة أربكت السوق المصرفية الإسلامية

حذر مصرفيون وفقهاء البنوك الإسلامية من خطورة بعض التوجهات الجديدة التي قد لا تخدم الصناعة المصرفية الإسلامية والتي تحاكي في سياقها نظيرتها التقليدية ليس إلا مثل نماذج الصكوك الحديثة وأسواق السلع الدولية.

وقال المتخصصون على هامش ندوة البركة المصرفية الـ31 المنعقدة في مدينة جدة أن ظهور اتجاهات ومدارس متعددة جميعها لا تتفق مع المعايير الموجودة خلق ربكة كبيرة في السوق المصرفية الإسلامية، مؤكدين الحاجة لوقفة مراجعة عاجلة تستهدف في المقام الأول إعلاء مكانة المرجعيات الشرعية والعلماء.

وحال عدم وجود نصوص صريحة من الكتاب والسنة تتعلق بزكاة ديون التجارة دون توصل المؤتمرين لرأي صريح وواضح حول كيفية أدائها، وتباينت اجتهاداتهم الفقهية وفقاً للمدارس والآراء التي استندوا إليها في بحوثهم.

واتفق الخبراء على أن الزكاة لم تنل حظها من الدراسة والبحث والتمحيص على مستوى العالم الإسلامي، مشيرين إلى أن الزكاة تعتبر من إيجابيات الاقتصاد الإسلامي.

وقال عدنان أحمد يوسف الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية ورئيس اتحاد المصارف العربية إن الأزمة المالية العالمية لا تزال تراوح مكانها حتى اللحظة ولم تفلح جهود البنوك المركزية في معظم الدول التي تأثرت بها في تقديم حلول عملية ولم ينجح بعضها حتى في معرفة حدود حجم الكارثة.

#2#

وأضاف "الأزمة العالمية أوضحت بجلاء أن النظام المالي الحالي عجز تماما عن معالجة الأزمة ولم تفلح كل أدوات السياسة النقدية في تقديم الحلول الناجعة، ويسود حاليا اعتقاد وسط الاقتصاديين أن هذا النظام قد لا يقوى على مواجهة أزمات مالية أكبر مثل الكساد العظيم الذي حدث عام 1924".

ولفت يوسف إلى أن خطة الإصلاح المالي التي قدمها الرئيس أوباما في مجملها معالجات تركز على القشور وفي الجوانب المتعلقة بالسيطرة والمراقبة وحماية المستهلك دون الدخول في لب المشكلة ومعالجة أسبابها وأهمها البعد عن الاقتصاد الحقيقي.

وحذر الرئيس التنفيذي من أن الأزمة القادمة سيكون مصدرها الهند والصين، مبينا أن كل المؤشرات تدفع بهذا الاتجاه.

وجدد تأكيده أن الأزمة المالية وفرت فرصا ذهبية للمسلمين لتنظيم أنفسهم فكريا وعملياً ومهنياً لتقديم النظام المالي الإسلامي كأحد البدائل للنظام المالي العالمي السائد حالياً، وتابع "لكن السؤال هل نحن جاهزون لتحمل مسؤولية تقديم نظام متكامل بقوانينه ومعاييره، ونظرياته وتجاربه العملية الناجحة، والإجابة قطعاً هي منطقة رمادية كبيرة ما بين نعم ولا".

وأشار رئيس اتحاد المصارف العربية إلى أن تطور الصناعة المصرفية الإسلامية وبروز الحاجات الجديدة أظهرت اتجاهات ومدارس متعددة جميعها لا تتفق مع المعايير الموجودة الأمر الذي خلق ربكة كبيرة في السوق المصرفية الإسلامية.

وأردف "بكل تأكيد نحن بحاجة لوقفة مراجعة عاجلة تستهدف أولاً إعلاء مكانة المرجعيات الشرعية والعلماء، وإطلاق مبادرة لتنظيم عملية البحث العلمي ودراسة كتابة العلماء والمفكرين الأوائل والمعاصرين، ويجب إعادة النظر في الممارسات الحالية والتطبيقات المستحدثة التي لم تكن موجودة مثل نماذج الصكوك الحديثة وأسواق السلع الدولية وأن ننظر لها من وجهة نظر مقاصدية كلية للتقرير في مدى نفعها وفائدتها للاقتصاد الإسلامي والمصرفية الإسلامية".

إلى ذلك، أوضح الدكتور عبدالستار أبو غدة أن البنوك الإسلامية دخلت في التطبيق قبل التنظير وذلك لحماستها ولأن المصرفية الإسلامية نبعت من رحم الأمة دون رعاية من دولة أو نظام اقتصادي قائم.

وفي كلمته، انتقد صالح كامل رئيس مجلس إدارة مجموعة البركة المصرفية ورئيس الغرفة الإسلامية للتجارة المصارف الإسلامية لاهتمامها المفرط بتقليد الغرب، وقال "أصبحنا نهتم بكل ما هو غربي من مشتقات شيطانية وتقليدها وتسميتها مشتقات إسلامية وصناديق تحوط إسلامية، وهو ما لا يتلاءم مع روح الاقتصاد الإسلامي".

وفي مسألة الزكاة على الديون التجارية كشف كامل أنه طلب من القائمين على الندوة بحث هذا الموضوع بناء على شكاوى تلقاها من التجار في مجلس الغرف السعودية من قيام مصلحة الزكاة والدخل بإلزام المدين بزكاة الدين دون خصم الأصول الثابتة.

واستطرد "البنوك لديها وزارة المالية تحميها، أما التجار فلا يدافع عنهم أحد، هذا لاشك في مصلحة البنوك لكنه سيعوق التنمية الاقتصادية في البلاد"، وأوضح صالح كامل أن 90 في المائة من الأسهم في السعودية هي عروض تجارة ولم تزك، متسائلا أين مصلحة الزكاة والدخل من هؤلاء!.

الجلسة الأولى

استهل الجلسة الأولى الشيخ الدكتور يوسف الشبيلي ببيان بحثه عن زكاة الديون التجارية التي أصبحت تمثل نسبة كبيرة من الوعاء الزكوي ولم تنل حقها من الدراسة الكافية للوصول لرأي شرعي تطبيقي للشركات والمؤسسات على حد قول الشبيلي.

وكشف الدكتور أن تقدير الديون التجارية في السعودية وفقاً لمؤسسة النقد العربي السعودي في 2009م تزيد على تريليون و290 مليار ريال، ونبه إلى أن زكاة الديون ليس فيها نص صريح في الكتاب أو السنة، وإنما اجتهادات فقهية مبنية على نصوص عامة وقواعد فقهية، مشيراً إلى أنه حتى الصحابة، رضي الله عنهم، اختلفوا في هذا الأمر.

وعن الرأي الذي توصل إليه في الديون التجارية قال الشبيلي "يضاف إلى الموجودات الزكوية سنويا الديون المرجوة للمزكي حالة أو مؤجلة بعد استبعاد الأرباح المؤجلة التي تخص الفترات التالية التي تخص السنة الزكوية التالية"، وتطرق إلى زكاة الشركات القابضة، مبينا أنها إما أن تكون تابعة وقوائمها مع الشركة الأم وهنا ستظهر مع الأصول الزكوية، أو لا تملك الشركة الأم حصة أغلبية وتعتبر شركة زميلة وتظهر في الأصول الاستثمارية وفي هذه الحالة هناك رأيان، الأول النظر للأسهم كمستغلات والشركة الأم تزكي الريع فقط، أما الثاني وهو المتفق مع قرار مجمع الفقه الإسلامي يشير بأن على الشركة الأم أن تزكي على الأصول الزكوية الموجودة بقدر ملكيتها في الشركة المستثمرة.

في البحث الثاني تطرق الدكتور عصام أبو النصر إلى زكاة الأصول التشغيلية وقيد التطوير ملخصاً النتائج بأن القول الراجح في الحكم الزكوي للأصول الثابتة التشغيلية هو عدم وجوب الزكاة.

وأشار إلى أن مخصصات استهلاك الأصول الثابتة ومخصصات صيانتها وتجديدها ومخصصات التأمين عليها تعد من المطلوبات الزكوية، كما أن الأصول أو العقارات قيد التطوير تزكى كل عام بالقيمة السوقية باعتبارها من عروض التجارة سواء كانت تحت الإنشاء أم منتهية البناء.

التعقيبات

وفي التعقيبات، لفت الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي إلى أن هناك خطراً على المصارف الإسلامية يتمثل في التوجهات الجديدة التي ينتهجها بعض المنتمين للمصرفية الإسلامية، داعياً إياهم للعودة عن الآراء التي تدمر الاقتصاد الإسلامي، وقال "ينبغي للقائمين على المصارف الإسلامية والهيئات الشرعية والإداريين في البنوك الإسلامية عدم اقتحام أمور لا يجوز اقتحامها".

وعبر القرضاوي عن وقوفه ضد بعض الاقتصاديين الذين يحاولون اليوم فرض الزكاة على الأصول الثابتة أو ما تسمى بـ "عروض القنية" مبيناً أن الأصل في الزكاة هو المال النامي.

من جهته، طالب الدكتور حسين حامد حسان من الباحثين الدكتور الشبيلي والدكتور أبو النصر إعادة النظر في بعض الملاحظات الواردة في بحثيهما، ومنها أن قيمة الدين المؤجل لسنة أو عشر سنين يعتمد على نسبة العائد وأجل الدين، ولهذا يتطلب الأمر إيجاد معيار محاسبي لقيمة الدين المؤجل بصرف النظر عن الأرباح.

الأكثر قراءة