تباين مؤشرات اقتصادات الخليج أهم تحديات الاتحاد النقدي
دعا اقتصاديون الدول الخليجية إلى أهمية الإعداد الحذر والرؤية الواضحة لمشروع الاتحاد النقدي الخليجي، وإجراء تقييم دقيق وشامل للتجربة الأوروبية والأزمة التي مر بها اليورو، واستخلاص الدروس المناسبة من حيث الأنظمة والمؤسسات. ودعا خبراء الاقتصاد والمال محافظي البنوك المركزية الخليجية للإعلان عن جدول زمني محدد للمشروع النقدي الخليجي والمراحل التي سيمر بها المشروع الذي سيتوج بإطلاق العملة الخليجية الموحدة. وتستضيف مدينة جدة مساء اليوم المجلس الوزاري لمجلس التعاون ولجان التعاون المالي والاقتصادي والتعاون التجاري والتعاون الصناعي. وكشف الخبراء أنفسهم، أن من أهم التحديات الراهنة أمام المشروع النقدي الخليجي، مواءمة المؤشرات الاقتصادية بين دول الخليج، ووضع معايير اقتصادية ومالية وآلية للتنسيق يتم التقيد بها وتنفيذها من قبل الدول الأعضاء.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
دعا اقتصاديون الدول الخليجية إلى أهمية الإعداد الحذر والرؤية الواضحة لمشروع الاتحاد النقدي الخليجي، وإجراء تقييم دقيق وشامل للتجربة الأوروبية والأزمة التي مر بها اليورو، واستخلاص الدروس المناسبة من حيث الأنظمة والمؤسسات.
ودعا خبراء الاقتصاد والمال محافظي البنوك المركزية الخليجية للإعلان عن جدول زمني محدد للمشروع النقدي الخليجي والمراحل التي سيمر بها المشروع الذي سيتوج بإطلاق العملة الخليجية الموحدة.
وتستضيف مدينة جدة مساء اليوم المجلس الوزاري لمجلس التعاون ولجان التعاون المالي والاقتصادي والتعاون التجاري والتعاون الصناعي.
وكشف الخبراء أنفسهم، أن من أهم التحديات الراهنة أمام المشروع النقدي الخليجي، هو المواءمة بين المؤشرات الاقتصادية بين دول الخليج، ووضع معايير اقتصادية ومالية وآلية للتنسيق يتم التقيد بها وتنفيذها من قبل الدول الأعضاء.
وأشار خبراء المال إلى أن دول الخليج ستستفيد من التكامل الاقتصادي والمالي، وزيادة وزنها الاقتصادي العالمي في وقت أصبحت عملات الأسواق الناشئة أكثر أهمية.
وقال لـ "الاقتصادية" الدكتور إحسان بوحليقة الخبير الاقتصادي "لا يمكن تجاهل التجربة الأوروبية وأزمة منطقة اليورو الأخيرة، فالعاقل من اتعظ بغيره والحكمة ضالة المؤمن، لا بد من التمعن وتحليل هذه التجربة، لكن ذلك لا يعني توقف مسيرة العملة الخليجية الموحدة ريثما يتم معرفة وضع اليورو".
"اليورو كان أكبر دليل على أن الوحدة النقدية لمجموعة من الدول متوائمة اقتصاديا هو المنقذ لعديد من الدول الأوروبية التي اجتاحتها الأزمة، ومنها اليونان على سبيل التي لولا دعم اليورو لها، لم يكن أمامها خيار سوى صندوق النقد الدولي والرضوخ لشروط غاية في الصرامة والتعقيد".
وأشار بوحليقة إلى أن الوحدة النقدية في دول الخليج كانت مستهدفة طوال الوقت، وما تم إنجازه من تأسيس المجلس واختيار رئيسه والاجتماعات المنتظمة دليل على أن المشروع يسير على قدم وساق.
وأضاف: "علينا الأخذ بعين الاعتبار أن اليورو لم يمر بأزمة من قبل واليوم بعد أن وضع تحت الاختبار كان أداؤه ممتازا، ومن الدروس المستفادة من ذلك أنه في حال قيام وحدة نقدية خليجية فإن العملة الخليجية الموحدة ستسهم في تعزيز استقرار الاقتصاد الخليجي ليس فقط في وقت الرخاء، وإنما كذلك في وقت الأزمات".
ولفت الدكتور إحسان إلى أن هناك تحديا بسيطا أمام المشروع النقدي الخليجي في الوقت الراهن، وهو أن الاتفاقية كانت واضحة جدا ونظرت إلى المهمة التي يقوم بها رؤساء البنوك المركزية الخليجية حاليا باعتبارها مشروعا، له بداية ونهاية.
وتابع: "لذلك يتوجب حاليا على محافظي البنوك المركزية أن يعلنوا بداية هذا المشروع ومتى سينتهي، والمراحل التي سيمر بها قبل أن تطلق العملة الموحدة؛ لأن المجلس سيحل بعد أداء مهمته ويحل مكانه البنك المركزي الخليجي".
وأضاف الدكتور إحسان، أن "النقطة الأخرى تتمثل في المواءمة بين المؤشرات الاقتصادية بين الدول الخليجية، فلا يمكن لمجموعة من الدول إصدار عملة واحدة واقتصاداتها غير متوائمة أو لا يوجد بينها تنسيق واتساق؛ ولذلك لا بد من توافق السياسات الاقتصادية في هذه الدول، فمثلا إذا كان التضخم في دولة 2 في المائة، والأخرى 17 في المائة، هذا الأمر يمزق العملة الموحدة ومن دواعي عدم الاستقرار، أو كان هناك تفاوت كبير في الحساب الجاري من دولة إلى أخرى، أو تجاوز كبير في الإنفاق العام".
#2#
من جانبه، يرى الدكتور رجا المرزوقي الخبير الاقتصادي، أن أهم قضية يعانيها الأوروبيون ولا يزالون يحاولون إيجاد حلول لها، هي ضعف البناء المؤسسي في الميزانيات، وقال: "الجانب النقدي أو السياسات النقدية كانت موحدة عن طريق البنك المركزي الأوروبي؛ وهو ما حمى بعض الدول الأوروبية من الانهيار بفعل الأزمة".
وشدد المرزوقي على أهمية استخلاص العبر والدروس من التجربة والأوروبية، خصوصا في الجانب المالي، وأردف: "لكن لا يعني ذلك إعادة النظر في كل الاتحاد النقدي الخليجي وتأخيره أو تعطيله، ما يحتاج إلى ترتيب أفضل الآن هو الجانب المالي، المفترض المضي قدما في المشروع، لكن يجب معالجة الخلل الموجود لدى الأوروبيين، المشكلة أن الدول تنازلت عن سيادتها من أجل المشروع، كذلك هناك تنازل عن السيادة المالية؛ ولذلك يحتاج الأمر إلى إعادة نظر في وضع آلية للتنسيق ووضع معايير اقتصادية يتم التقيد بها وتنفيذها وهذا ما عانى منه الاتحاد الأوروبي بحيث كانت المعايير موجودة، لكن لم تتقيد بها الدول".
#3#
من جهته، يقول الدكتور يارمو كيوتلاين كبير الاقتصاديين في شركة الأهلي كابيتال: "مما لا شك فيه أن معاناة منطقة اليورو قللت الإلحاح الواضح لمشاريع الاتحاد النقدي في كل مكان آخر، بما في ذلك منطقة الخليج.
وعلى أية حال، لا تعتبر الحالة الأوروبية حافزا للاتحاد النقدي بحد ذاته، وإنما بدلا من ذلك، للطريقة التي يتم بواسطتها تطبيق القوانين الأساسية للاتحاد.
حيث كانت المديونية الزائدة لعديد من دول الاتحاد الأوروبي ضد القوانين، وما كان يجب أن تحدث من الأساس".
وكان السماح بها قرارا سياسيا ما كان يجب اتخاذه. وسينتج عن الأزمة بصورة مؤكدة إطار تنظيمي وتنفيذي أفضل، وسياسات إدارة مخاطر أفضل بكثير، وآليات لتوقع الأزمات والتعامل معها، وعلى أية حال، ربما تكون العملية بطيئة ومتقطعة في ضوء التكاليف السياسية العالية لبعض التدابير الضرورية.
ويشير كيوتلاين إلى أن جانبا كبيرا من تاريخ الاقتصاد العالمي منذ أوائل القرن الـ 20 وحتى قبل ذلك بكثير، يشتمل على موجات من أنماط السياسة.
ويتابع: "في بعض الأحيان كانت معدلات الصرف الصارمة، معيار الذهب، ونظام بريتون وودز، ومنطقة اليورو، هي المحببة.
وفي أوقات أخرى، تأرجح المزاج لصالح المزيد من المرونة، ويعد ضمان نظام السياسة الملائم، والتعامل مع الاختلالات الدائمة أمرا صعبا في ظل أنظمة أسعار الصرف الثابتة، الأمر الذي سينتج عنه بصورة ضغوطات لصالح المرونة.
وعلى أية حال، بالإمكان هيكلة النظام بطرق يمكنها توقع، وتقليل الأزمات إلى الحد الأدنى، وتوفير مزايا سعر الصرف الثابت في الوقت ذاته: القضاء على مخاطر سعر الصرف، والشفافية الأعلى، وتكاليف العمليات الأدنى، وحجم التجارة الأكبر، وتوقع عمليات الإنقاذ حينما تسوء الأمور. وفي الواقع العملي، سوف يقتضي ذلك حذراً ومراقبة متواصلين".
ويؤكد كبير الاقتصاديين في الأهلي كابيتال، أن السبب المنطقي لمشروع الاتحاد النقدي لدول الخليج يبقى قويا ومقنعا.
ويضيف: "ستستفيد المنطقة من التكامل الأكبر حجما، والثقل الاقتصادي العالمي الأعظم في وقت تصبح فيه عملات الأسواق الناشئة أكثر أهمية، فضلا عن خيار، وآفاق الاستقلال الذاتي الأكبر للسياسة النقدية مع مرور الوقت.
وبتكرير سجلها من صنع السياسة التي تعتمد على القوانين، وربط عملاتها بالدولار، فإن أمام بلدان الخليج فرصة جيدة لإحياء مشروعها بأجندة إيجابية من النفوذ العالمي المتزايد، والتكامل الإقليمي.
ومن شأن وجود عملة موحدة أن يعطيها في نهاية المطاف ثقلا أكبر في النظام النقدي العالمي، بدلا من مجموعة من العملات الوطنية، فضلا عن تسهيل تقدمها الضروري باتجاه الاستقلال الذاتي الأكبر للسياسة النقدية المدعوم من قبل أسواق المال الأوسع، والأعمق نطاقا.
والأمر المهم في هذا الصدد هو تقييم التجربة الأوروبية بشكل ناقد، والاستفادة من الدروس المناسبة من حيث التنظيمات والمؤسسات.
وقد استمرت بلدان مجلس التعاون الخليجي بربط عملاتها بالدولار حتى يومنا هذا بشكل ناجح.
وهناك القليل مما يجب أن يقف في وجه الخطوة التالية حاليا، حتى لو أتاحت السرعة المجال أمام الإعداد الحذر، والرؤية الواضحة، وهذه مهمة يعتبر المجلس النقدي ملائما تماما لتوليها.