العولمة تقدم فرصا استثمارية للبنوك الإسلامية والمنافسة أبرزالتحديات التي تواجهها
توقع رئيس مجلس إدارة «بنك الأردن ـــ دبي الإسلامي»، سالم الخزاعلة، أن تسهم تداعيات الأزمة المالية العالمية في تعزيز الثقة بالنموذج المالي الإسلامي خصوصا في الاقتصادات الصاعدة في جنوب شرق آسيا ومنطقة الخليج، غير أنه قال إن المصارف الإسلامية ليست بمنأى كامل عن تداعيات الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية، وذلك كونها جزءا من النظام الاقتصادي العالمي. وشدد الخزاعلة على ضرورة قيام البنوك الإسلامية بالمبادرة الى تحسين نوعية خدماتها للجمهور عبر التوسع في دعم المشاريع، فالى تفاصيل الحوار الذي أجراه سامي الزبيدي:
هل صحيح أن الأزمة المالية العالمية ألقت الضوء على نظام الاقتصاد الإسلامي؟
- لعل ما يميز الأزمة المالية والاقتصادية التي ما زالت تعصف بالأسواق العالمية منذ سبتمبر 2008، هو تحولها السريع من أزمة أصابت النشاط العقاري في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أزمة عالمية ما زال الاقتصاد العالمي يعاني من آثارها.
لقد تداعت التجمعات الدولية والحكومات في مختلف دول العالم لدراسة السبل الممكنة لتخفيف حدة هذه الأزمة، وانعقدت المؤتمرات الدولية والإقليمية (منظمة الدول الصناعية الثمان، ومنظمة الدول العشرين) على أعلى المستويات، لمتابعة مجريات تطورات هذه الأزمة.
وأصبح البحث عن بدائل وخيارات هو أمر في غاية الأهمية ومما لا شك فيه أن الأزمة المالية العالمية أسهمت في تعزيز الثقة بالنموذج المالي الإسلامي وقدرته على الاستدامة، لذلك نتوقع أن يكون هناك إقبال أكبر خلال المرحلة المقبلة على المنتجات المالية الإسلامية ومنها الصكوك المالية المدعومة بالأصول. وقد استطاعت المصارف الإسلامية أن تفرض نفسها لتصبح اليوم رقماً صعباً في تركيبة الدورة المالية والاقتصادية في العالم، وذلك بدليل النمو المتسارع الذي حققته خلال الأعوام الثلاثين الماضية من عمرها، وخير دليل على ذلك تحول البنوك التجارية لتقديم الخدمات المصرفية الإسلامية مما يعني اعترافاً منها بالتنافسية العالية التي أصبحت تحققها المصارف الإسلامية، ونحن كمصارف إسلامية لا يقلقنا ذلك وإنما نرى أنه سيؤدي الى تسارع وتيرة النمو في الصيرفة والمنتجات الإسلامية، مع ضرورة مراعاة البنوك الإسلامية المقاصد الشرعية والأهداف التي تنطلق منها وليس الأمر مجرد تقديم خدمات مصرفية تحت شعار إسلامي مفرغ من المضمون.
هل يعني ذلك أن النظام المصرفي الإسلامي نجح في اختبار الأزمة العالمية وخرج أكثر ثقة في السوق الدولية؟
- إن التشريع الاقتصادي الإسلامي يحرّم الربا والفائدة أشد تحريم، ويمنع بيع الديون والاتجار بها حتى ولو كانت ديوناً غير ربوية. وعليه، فالبنوك الإسلامية التي تلتزم بالثوابت الأساسية للتشريع الاقتصادي الإسلامي كما تملي عليها هويتها، فهي لا شك بعيدة عن الأسباب الكامنة وراء تداعيات الأزمة المالية العالمية المتمثلة بالاتجار بالديون والتعامل بالمشتقات المالية التقليدية، لكن ما نخشاه أن تجر المصرفية الإسلامية لمواقع هي في غنى عنها.
إذن المصارف الإسلامية بعيدة عن تداعيات الأزمة؟
- ليس تماما، إذ لا بد من الإشارة إلى أن المصارف الإسلامية ليست بمنأى كامل عن تداعيات الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية وذلك كونها جزءا من النظام الاقتصادي الدولي؛ ولكونها تقوم على تعاملات اقتصادية حقيقية فإن أثرها يبقى محدودا. وعليه يمكن القول إن النظام المصرفي الإسلامي نجح في تجاوز الأزمة بأقل الأضرار .
في ظل المنافسة والتشابك الاقتصادي الدولي .. هل سيتأثر النظام المصرفي الإسلامي، وما مدى قدرته على مقاومة الضغوط لتجاوز بعض الثوابت؟
- يتوقع أن تحدث زيادة كبيرة في منافسة البنوك التقليدية في المستقبل القريب بسبب العولمة، ويراد بالعولمة زيادة الاعتماد الاقتصادي المتبادل للبلدان على نطاق عالمي من خلال تزايد حجم وتنوع المعاملات التي تتم عبر الحدود في البضائع والخدمات والتدفق الدولي لرؤوس الأموال، وكذلك من خلال الانتشار المتزايد للتكنولوجيا، ونظرا لسياسة التحرير فإن الأسواق العالمية تتقارب بسرعة للتلاقي في سوق واحدة، ويتيح ذلك فرصا للبنوك الإسلامية بقدر ما يمثل تحديات لها، فمن ناحية ستتيح العولمة قدرا أكبر من تنوع المحفظة مما يقلل من المخاطرة في صيغ المشاركة في الأرباح، وسيشكل ذلك فرصا للبنوك الإسلامية لفتح مزيد من الفروع في البلدان غير الإسلامية، وفرص قيام البنوك الإسلامية بحشد مزيد من الإيداعات هي الأكبر في هذا المجال، خاصة بين المجموعات المسلمة في هذه الدول.
وحتى تتمكن البنوك الإسلامية من الاستفادة من العولمة فهي بحاجة إلى تحسين نوعية خدماتها وتطوير مشاريع مناسبة يكون فيها العملاء هم المستفيد الأكبر، وقد لعبت الابتكارات التكنولوجية دورا كبيرا ومهما في التكامل المالي، فالمعاملات المصرفية الإلكترونية واستخدام الكمبيوتر في البنوك غيرا طريقة عمل المصارف، وأما ما يتعلق بالثوابت فهي قضايا رئيسة لا يمكن تجاوزها وهي التي تشكل هوية المصرفية الإسلامية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الفتاوى الشرعية تعكس جانبا من المرونة في هذا الجانب.
كيف تقيم إسهام بنك دبي الإسلامي في توسع أنشطة الصيرفة الإسلامية في الأردن؟
- زيادة حجم نشاط الصيرفة الإسلامية في الأسواق الأردنية هو هدفنا، وذلك من خلال طرح منتجات جديدة للأفراد والشركات خصوصا تلك غير المتوافرة في المصارف التقليدية، أما في موضوع التوريق فإن هذه المخاوف عائدة إلى عدة أسباب أهمها وجود توجهات لدى الحكومة لإصدار قانون يسمح بـ «التوريق»، و«التسنيد» غير أن هذه الأداة المالية شكلت النواة للأزمة المالية العالمية، و«التوريق» أيضا عبارة عن طريقة تستخدمها البنوك للتخلص من القروض المتعثرة لديها من خلال هذه الأداة التي يسميها البعض بالأداة الخداعة.