«التجارة العالمية»: قضايا الزراعة الأكثر حساسية في أجندة مفاوضات الدوحة
في الوقت الذي أكدت فيه منظمة التجارة العالمية، أن التوصل للاتفاق بشأن أجندة الدوحة سيعزز التجارة العالمية بنحو 170 مليار دولار سنويا، قال باسكال لامي، المدير العام للمنظمة: ''إن قضايا الزراعة أهم عقبة تواجه التوصل لذلك الاتفاق''.
وقال في كلمة في المنتدى العام لمنظمة التجارة العالمية، الذي استمر ثلاثة أيام واختتم أعماله أمس في جنيف: ''إن المفاوضات الجارية حاليا بشأن قضايا الزراعة من شأنها أن تخدم دول الجنوب أيضا''، ساعيا بذلك لدفع الدول النامية لتقديم تنازلات في تلك المفاوضات.
وركز المنتدى العام لمنظمة التجارة العالمية هذا العام على دور النظام التجاري المتعدد الأطراف في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، حيث تم تشجيع الممثلين والمجتمع المدني والأكاديميين والحكومات ووسائل الإعلام على المشاركة في التوصل إلى أفضل الحلول للأزمة العالمية. وأشار لامي إلى الحاجة إلى مساهمات المجتمع المدني أكثر من قبل، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية.
وكانت آخر جولة للمفاوضات عقدت خلال تموز (يوليو) الماضي، حيث أكد باسكال في تقرير للمجلس العام، أن الفترة الماضية ومنذ أن قدم تقريره خلال أيار (مايو) 2010 للمجلس العام للمنظمة، شهدت عددا من الجولات والمباحثات المفيدة، إلا أن القضايا الرئيسة لا تزال عالقة، والمطلوب من الدول ذات النفوذ الاستعداد لإجراء حوارات مكثفة خلال الشهرين المقبلين. وتمثل المسودة التي صدرت في السادس من تموز (يوليو) الماضي في جنيف، إضافة إلى وثيقة مماثلة للسلع الصناعية، مخططا أساسيا لاتفاق إطار للمفاوضات. وتتناول أهم التعديلات على النص منذ المسودة السابقة لقطاع الزراعة، الدعم الزراعي والتعريفات وسقفها والمنتجات الخاصة والمنتجات الحساسة وآلية الضمانات والمنتجات المدارية وإلغاء المعاملة التفضيلية.
وتضمن النص الجديد خفض الحد الأقصى للدعم الزراعي من قبل الاتحاد الأوروبي بنسبة 80 في المائة من 110 مليارات يورو إلى نحو 22 مليار يورو (28 مليار دولار) للأعضاء الـ 15 قبل توسعة عام 2004 وتقليص الولايات المتحدة سقفها بنسبة 70 في المائة إلى 14.5 مليار دولار من 48.2 مليار دولار وخفض اليابان دعمها بنسبة 75 في المائة.
وتضمنت المسودة الجديدة خفض التعريفات الجمركية في الدول المتقدمة التي تفوق نسبة 75 في المائة بنسبة 70 في المائة وتقليص التعريفات للدول النامية التي تتخطى 130 في المائة بنسبة 46.7 في المائة وكسائر التخفيضات العامة في التعريفات الزراعية يخضع ذلك لإعفاءات استثنائية عدة. وأوضحت إمكانية اعتبار الدول النامية بعض السلع الزراعية منتجات خاصة لعوامل تتعلق بالأمن الغذائي وتوفير سبل المعيشة أو التنمية الريفية، وتحسب على هذه المنتجات تخفيضات جمركية أقل أو تستثنى من ذلك كلية.
وأبقت المسودة على حل وسط تم التوصل إليه في تموز (يوليو) الماضي، وبموجب هذا يمكن إعلان حتى 12 في المائة منتجات خاصة متضمنة 5 في المائة يمكن إعفاؤها من التخفيضات الجمركية، وينبغي خفض التعريفات على المنتجات الخاصة بنسبة 11 في المائة في المتوسط وأرقام أكبر للأعضاء الجدد وبعض الدول النامية تتحفظ على هذه الأرقام.
وفيما يتعلق بالمنتجات الحساسة تستطيع الدول اعتبار بعض السلع منتجات ''حساسة'' لحمايتها من تأثير خفض التعريفات عموما مقابل السماح لحصة إضافية بتعريفات أقل، وحساب حجم هذه الحصص من أعقد القضايا في المحادثات وذات أهمية حيوية لمصدري المواد الغذائية. واحتوت المسودة على إمكانية إعلان الدول المتقدمة تعريفات بنحو 4 في المائة على منتجات حساسة، بينما لا تقبل كندا واليابان بهذا وتطالبان بنسبتي 6 في المائة و8 في المائة، على الترتيب.
كما تسمح آلية الضمانات للدول النامية برفع التعريفات مؤقتا لحماية مزارعيها من طفرة في الواردات، وكان اجتماع للوزراء في تموز (يوليو) قد انهار بسبب هذه المسألة. كما تسمح آلية الضمانات للدول النامية برفع التعريفات مؤقتا لحماية مزارعيها من طفرة في الواردات، وكان اجتماع للوزراء في تموز (يوليو) قد انهار بسبب هذه المسألة.
وتتضمن ورقة مرفقة خيارات بشأن موعد رفع التعريفات فوق سقف ما قبل مؤتمر منظمة التجارة في الدوحة ومدة ذلك، وسبل معالجة المنتجات سريعة التلف وطرق ضمان عدم إساءة استغلال الآلية لخنق النمو الطبيعي للتجارة. ولكن هذه الخيارات، التي لم تتم الموافقة عليها بعد، تقترح في حالة ارتفاع الواردات بنسبة 40 في المائة عن متوسطها في السنوات الثلاث السابقة، ويمكن زيادة التعريفات 12 في المائة أو بنصف سقف الحالي أيهما أعلى.
وفيما يتعلق بمادة القطن، لا يتضمن النص الجديد تعديلات في هذا المجال، حيث يدعو المنتجون الأفارقة إلى خفض الدعم الأمريكي بدرجة أكبر وأسرع من صور الدعم الزراعي الأخرى. ولم يتم الاتفاق حتى الآن على تعريفات تتجاوز نسبة 100 في المائة سيسمح بها للمنتجات غير الحساسة وتريد هذا الأمر اليابان وسويسرا واليابان وأيسلندا. وتضمن التعديل خفض التعريفات بدرجة أسرع وأكثر حدة على المنتجات المدارية، خاصة من مزارعي أمريكا اللاتينية. وستخفض التعريفات على منتجات بلدان تتمتع بمعاملة تفضيلية في أسواق الدول الغنية، خاصة من المستعمرات الأوروبية السابقة في إفريقيا والكاريبي والمحيط الهادئ ببطء أكبر؛ لكيلا تختفي ميزتها النسبية على الفور. وفي حالة عدم تسوية الخلافات حول التعريفات فلن يكون ممكنا التوصل إلى اتفاق.
وقال باسكال لامي، المدير العام للمنظمة، في بيان صدر في جنيف تعليقا على تلك التعديلات: ''إن هذه الصيغة الأخيرة لنصوص التسويات التي اقترحها الوسيطان المكلفان تسهيل المفاوضات كروفورد فالكونر للزراعة ولوزويس فاسيشا للمنتجات الصناعية، يفترض أن تسمح لدورة المفاوضات بالاقتراب من نهايتها''. وأضاف: ''سأرى الآن ردود فعل الدول الأعضاء (في المنظمة) على هذه النصوص ومدى رغبتها في التوصل إلى أرضية للتفاهم قبل نهاية السنة''.
وقال لامي: إن النصوص الجديدة ''تعكس بأمانة وضع المفاوضات''. وأضاف ''نحن أقرب إلى هدفنا بشأن الزراعة والصناعة حجر الأساس لإنجاز دورة الدوحة'' التي بدأت في نهاية 2001 في العاصمة القطرية.
وقال باسكال لامي: ''إن النصوص تشكل تقدما بالمقارنة مع المواقف التي تم التوصل إليها في تموز (يوليو) عندما انتهى آخر مؤتمر وزاري بفشل''، إلا أنه اعترف بأن الموضوعات الخلافية قائمة، موضحا أنها ''قليلة، لكنها تتعلق بمسائل حساسة جدا سياسيا''. ودعا الدول إلى ''مرونة أكبر والسعي إلى تجاوز الخلافات في أسرع وقت ممكن''.
وقال مدير منظمة التجارة العالمية: ''إن الدول الأعضاء يجب أن ''تصدر إشارة تفيد بأنها متحدة لمواجهة الأزمة الاقتصادية الحالية''. وأضاف أن ''الوقت ليس ملائما للطلبات غير الواقعية ولا للمواقف المتصلبة''.
وبشأن المنتجات الصناعية، صرح السويسري فاسيشا بأن مسألة ''القطاعات'' التي تقضي بإلغاء الرسوم الجمركية لـ 14 سلعة منتجة ما زالت تطرح ''صعوبات جدية''. أما بشأن الزراعة، فقد صرح فالكونر في النص الذي نشر بأن ''التقدم ما زال هشا'' بشأن آلية الإنقاذ التي تهدف إلى حماية سوق وطنية في حال حدوث تقلبات كبيرة في الأسعار. وكان الخلاف بين الهند والولايات المتحدة في هذا الشأن، قد أدى إلى إفشال المفاوضات في تموز (يوليو) الماضي.