الشفافية والرقابة والقيادة الواعية تضمن قدرة البنوك على أداء مسؤوليتها الاجتماعية

الشفافية والرقابة والقيادة الواعية تضمن قدرة البنوك على أداء مسؤوليتها الاجتماعية

> تمتاز المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات الإسلامية بأنها تعد بمثابة مكسب للمؤسسة وليست تكلفة كما هو الحال في المؤسسات المالية التقليدية. ويرجع هذا إلى أن أخلاقيات العمل المصرفي القائم على الشريعة الإسلامية أعطت هذا المفهوم بعداً مختلفاً، كما أعطت طريقة استراتيجية مهمة للتفكير في الأعمال الخيرية.

وتختلف طبيعة المسؤولية الاجتماعية في المؤسسات الإسلامية عن المؤسسات الخيرية العاملة في المجتمعات الإسلامية، التي تحمل على عاتقها أيضاً القيام بمسؤولية اجتماعية. وتختص الأخيرة بمجرد إعادة توزيع الثروات بينما تقوم المؤسسات المالية الإسلامية بعملية مزدوجة تتمثل في إعادة توزيع الثروات وكذلك استغلالها في مشاريع استثمارية من شأنها تنمية تلك الثروات لحساب المستحقين لها، وبما يعود بالنفع على المجتمع بأسره.

وهناك عدد من الشروط التي تؤهل المؤسسات الإسلامية لأداء مسؤوليتها الاجتماعية على الوجه الأكمل يوردها الدكتور محمود الأنصاري في دراسة بعنوان "دور البنوك الإسلامية في التنمية الاجتماعية"، وهي كالتالي:

ضرورة التزام البنك الإسلامي التزاماً كاملاً بأحكام الشريعة الإسلامية التي قام عليها؛ وهي الإسلام قولاً وعملاً، شكلاً ومضموناً، التزامه بمبادئ الإسلام في تكوين رأس ماله، في انتقائه العاملين به، وتنظيماته ولوائحه، في طريقة تعبئة موارده، في طريقة وأساليب توظيف أمواله.

ومن تلك الشروط التحري الدقيق في اختيار قيادات البنك بما يضمن أن تكون هذه القيادات نماذج حية للشخصية المسلمة الواعية، المؤمنة بقضيتها. ومنها كذلك الوضوح الفكري لمهمة ووظيفة البنك الإسلامي لدى كل العاملين في البنك من الإدارة العليا إلى أدنى مستوى تنفيذي، إضافة إلى توافر الوعي الاستراتيجي لدى قيادات البنك بالقدر الذي يقابل عظم المهمة التي يقومون بها. وثمة شرط يتعلق بتكفل قيادات البنك بإعداد تخطيط واضح للأهداف، وإعداد برامج العمل اللازمة لتحقيقها، وأخيراً التقويم المستمر للأداء والنتائج. ويبقى بعد ذلك الإشارة إلى نقطة ذات أهمية بالغة؛ وهي أن البنوك الإسلامية مطالبة بالاهتمام بإجراء بحوث ميدانية لتأكيد الإثبات العملي لدور البنوك الإسلامية في التنمية الاجتماعية وللتعرف على أكثر الطرق والوسائل فاعلية في إحداث هذه التنمية والإسراع بها.

صناديق القرض الحسن

ومن القضايا المهمة التي تتعلق بالدور الاجتماعي للبنوك الإسلامية تفعيل القرض الحسن. وفي هذا الصدد يشير الخبير المصرفي الهادي بن محمد المختار النحوي إلى أن القرض الحسن يعد من أهم وسائل تفعيل المسؤولية الاجتماعية في البنوك الإسلامية. ويوجه أصابع الاتهام إلى المؤسسات المالية الإسلامية بالتقصير في تقديم القروض الحسنة للمحتاجين بشكل خاص ولأغراض التنمية الاجتماعية عموماً. ويضيف أن فكرة صناديق القرض الحسن تجد قبولاً لدى عديد من الخبراء والمهتمين بالمجال المصرفي ومنهم الدكتور ساكي سويلم الذي يرى أن صناديق القرض الحسن من شأنها سد الفجوة في القطاع المالي الإسلامي في عديد من الدول الإسلامية. ويقترح أن تكون المؤسسات الخيرية هي المقترض من أصحاب المال وأن تضمن السداد، على أن تستثمر تلك الأموال ثم تتصدق بريعها أو تقرضه للمحتاجين.

إلا أن الخبراء يوصون بأن يتم تقنين القرض الحسن بحيث لا يستخدم بإفراط ولغير الأغراض الاجتماعية الرشيدة. وإذا ما حدث ذلك فإن هذا سيؤدي إلى اختلال في النظام المالي كما أثبتت التجارب الواقعية ـــ كما يؤكد الخبيران الماليزيان رفيع حنيف وأديب سمولو ـــ ويشبهان القروض بالطلاق الذي يجب ألا يقع إلا عند الضرورة القصوى، فلا يكون الأمر حسب الرغبات غير المدروسة.

الأكثر قراءة