إشكالية المصرفية الإسلامية تكمن في حيل الالتفاف على الربا وسيادة فقه المخارج
يعد مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي الذي تحتضنه جامعة الملك عبد العزيز واحدا من أهم المراكز المتخصصة في بحوث الاقتصاد الإسلامي ومحط أنظار كثير من الجامعات في العالم، التي استعانت بتجربته في إنشاء مراكز مشابهة له لديها.
«المصرفية الإسلامية» التقت الدكتور عبد اللـه قربان التركستاني، مدير «مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي» في الجامعة، حيث قال إن استقطاب الودائع وتحقيق الأرباح دفع المؤسسات المالية التقليدية لتقديم خدمات المصرفية الإسلامية لاقتطاع حصة من هذه السوق المتنامية لتعظيم أرباحها، من دون النظر في الأسس الفكرية التي قامت عليها هذه الصناعة، وبدأت في خلق المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في هيكلها بعيداً عن مقاصدها، ومن هذا المنطلق بدأ الخلل في منتجات المصرفية الإسلامية، فالى تفاصيل الحوار الذي اجراه فهد البقمي من جدة.
متى تم إنشاء المركز؟
- جاء إنشاء مركز الاقتصاد الإسلامي بناء على انعقاد المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي، تحت رعاية جامعة الملك عبدالعزيز في مكة المكرمة، في صفر 1396هـ، الموافق فبراير 1976م، وكان هذا المؤتمر فرصة لالتقاء مئات من الاقتصاديين المسلمين وعلماء الشريعة الإسلامية من كل أنحاء العالم. وقد أوصى المؤتمر بأن تنشئ الجامعة مركزاً عالمياً لأبحاث الاقتصاد الإسلامي. ووافق المجلس الأعلى للجامعة على هذه التوصية، وتم إنشاء المركـز في عام 1397هـ (1977م)، وهو يعمل على تطوير إعماله وفق الإمكانات المتوافرة.
هل من تعاون وتجاوب من قطاع البنوك للاستفادة من المركز، وبخاصة في بحوث المصرفية الإسلامية؟
- مع الإقبال الكبير على المصرفية الإسلامية وتوجه البنوك السعودية إليها، فإن هذا الأمر خلق في الفترة الأخيرة رغبة لدى البنوك للاستفادة من البحوث والندوات التي يقدمها المركز. ولكن في اعتقادي أن البحث العلمي في وقتنا الحاضر يحتاج إلى علم التسويق وأدواته كي يكسر حاجز عدم الثقة.
ماذا عن التعاون العلمي مع الجامعات ومراكز البحوث، سواء في المملكة أو خارجها؟
- يتمتع المركز بصلات علمية متميزة مع عديد من المؤسسات المحلية والإقليمية والدولية ذات العلاقة بالاقتصاد والتمويل الإسلامي، تهدف إلى التعاون وتشجيع البحث العلمي والتدريس في الاقتصاد والتمويل الإسلامي، ومنها جامعة IE مدريد ـــ إسبانيا، التي وقعت اتفاقية عقد عمل، تضمنت تأسيس مركز للاقتصاد والتمويل الإسلامي في جامعة IE في مدريد، وهناك عديد من المناشط والدورات التدريبية والمشاركة في المؤتمرات العالمية والإشراف على كراسي البحث العالمية والإسهام في التعريف بالمصرفية الإسلامية.
كيف تنظر لمستقبل المصرفية الإسلامية؟
- الصيرفة الإسلامية هي الصناعة المقبلة، وقد أثبتت رسوخها عبر الأزمات الاقتصادية التي مرت بالعالم، حيث لجأت إليها مختلف الدول، وأخذت بحيثياتها في أعمالها المصرفية وتبادلاتها المالية.
كيف تنظر إلى وضع الصناعة في المملكة ومنطقة الخليج عموما؟
- أعتقد أن تنمية الموارد البشرية هو التحدي الأصعب، حيث يجب الارتقاء بها واختيار أفضل الكفاءات عند تأسيس أي مؤسسة مالية إسلامية أو تحويل أي من المصارف التقليدية إلى مصارف تعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية.
ذكرتم أن العاملين في البنوك لا علم لهم بقواعد الاقتصاد الإسلامي، كيف يمكن معالجة ذلك؟
- نعم هذا الأمر كان بسبب قلة الخبرة بحقيقة المعاملات الإسلامية المالية تعانيها معظم المصارف الإسلامية، حيث إن معظم العاملين فيها من أصحاب التكوين الاقتصادي والقانوني الحديث، ولا علم لهم بقواعد الاقتصاد الإسلامي التي تعمل بها المصارف الإسلامية ولا فقه المعاملات المالية في الإسلام، فربما نظروا في كثير من معاملات المصارف الإسلامية فلم يظهر لهم أي فرق بينها وبين المعاملات التي تجريها المصارف التقليدية.
أي نوع من الموظفين تحتاج إليه البنوك للقيام بصناعة المصرفية الإسلامية على وجه سليم؟
- يحتاج العاملون في البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية إلى إعداد وتأهيل متعدد الجوانب بخلاف العاملين في البنوك والمؤسسات المالية التقليدية، إلى جانب أن نطاق التأهيل المتكامل للعاملين في المصارف والمؤسسات المالية يشمل جميع العاملين في هذه المؤسسات، ولا سيما الهيئات الشرعية، ثم العاملين الذين يعملون تحت إشرافهم ومراقبتهم.
كيف تنظر لدور الهيئات الشرعية في البنوك؟
- الهيئات الشرعية في البنوك والمؤسسات الإسلامية ينبغي لها وضع معايير محددة تضمن حسن اختيار فئة العاملين في هذا المجال من ذوي الكفاءة العلمية والمهنية، التي تستوعب خطورة التكليف وسلامة التطبيق من الأخطاء غير المسموح بها في العمل المصرفي الإسلامي، وذلك نظراً لأهمية وخطورة المهام الملقاة على عواتق أعضاء الهيئات الشرعية.
يقال إن التعاملات المالية الإسلامية مجرد شكل وليس مضمونا، كيف ترد على ذلك؟
- النجاح الإيجابي الذي حققته المصرفية الإسلامية أسهم في استقطاب الودائع وتحقيق الأرباح، ما دفع المؤسسات المالية التقليدية لتقديم خدمات المصرفية الإسلامية لاقتطاع حصة من هذه السوق المتنامية لتعظيم أرباحها من دون النظر في الأسس الفكرية التي قامت عليها هذه الصناعة، وبدأت في إقحام المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في هيكلها بعيداً عن مقاصدها، ومن هذا المنطلق بدأ الخلل في منتجات المصرفية الإسلامية، حيث أصبحت العقود مجرد حيل للالتفاف على الربا، وأصبح فقه المخارج هو السائد لدى الهيئات الشرعية، وما كان يطبق استثناء أصبح هو الأصل في معاملات الصيرفة الإسلامية.
كيف يمكن الخروج من نفق الفتاوي المتضاربة فيما يتعلق بمنتجات المصرفية الإسلامية؟
- لا بد من العمل على مشروع موحد يضع المصارف الإسلامية تحت مظلة واحدة، وتصحيح الفتوى والرقابة على الجودة الشرعية لمنتجات المصرفية الإسلامية.