مرغلاني: البعض تَهَيَّبَ من معايير الاعتماد.. وتجربتنا ألغت الرهبة
بمناسبة الإعلان أخيرا عن حصول 21 مستشفى في وزارة الصحة على شهادة اعتماد المجلس المركزي، هل لكم أن تعطونا فكرة عن المجلس؟
انبثق المجلس المركزي لاعتماد المنشآت الصحية عن مجلس الخدمات الصحية لغرض إقرار ومتابعة تطبيق معايير الجودة من قبل القطاعات الصحية كافة في جميع مناطق المملكة بهدف تحسين الخدمة الطبية المقدمة وزيادة درجة الأمان فيها. ويقوم المجلس بالتالي: إعداد المعايير الوطنية للمستشفيات والمراكز الصحية، إعداد المقيمين وتدريبهم وتأهيلهم، اعتماد المنشآت الصحية بعد عمل التقييم لها، ومن ثم منحها شهادة تطبيق معايير الجودة، الاستمرار في تطوير معايير العمل الطبي في المستشفيات وغيرها من المرافق الصحية، عمل الدراسات والبحوث الميدانية اللازمة لتطوير المعايير وطريقة تطبيقها، إرساء قواعد الممارسة المهنية والتعاون مع الجمعيات الطبية لكل تخصص لكتابة القواعد الاسترشادية السريرية للممارسة في التخصصات المختلفة ونشرها على المستشفيات، التعاون مع مجلس الضمان الصحي التعاوني للتأكد من تطبيق معايير الجودة، التعاون مع الهيئات الدولية وتبادل الخبرات معها.
ماذا نقصد بالمعايير تحديدا؟
المعايير هي مجموعة من التطبيقات العملية في المستشفيات التي اتفق الجميع على وجوب توفرها والعمل بها لتلافي الأخطاء في العمل الطبي وتجويد العمل الصحي وكل معيار يسد ثغرة من الثغرات. فمثلا هناك معيار يسأل عن كيفية التعامل مع الأدوية الخطرة مثل الفاليوم والمورفين وما شابهها وكذلك، فعلى المستشفى أن يطلعنا على التدريب العملي لكل الأطباء الذين يستخدمون هذه الأدوية وكذلك الممرضات ووجود أجهزة الإنعاش اللازمة ومواقعها والمضادات الواجب توفرها، ثم النماذج التي يستخدمها الأطباء والممرضات أثناء الإجراءات الطبية الخاصة باستخدام هذه الأدوية وهكذا، وبذلك تجد أن المعايير تسد الثغرات التي ربما تحدث نتيجة عدم وجود نظام مكتوب أو مراقبة أو رصد للمضاعفات المعروفة التي قد تحدث أثناء تنويم المريض بهذه الأدوية، وهناك معيار آخر يطلب التأكد من سلامة نقل الدم للمرضى، ولذلك يجب على المستشفى أن يظهر جميع الإجراءات والفحوص التي يعملها للتأكد من سلامة الدم من المتبرعين وطريقة إعطائه للمرضى، والتأكد من طريقة نقل الدم وفحصه من الميكروبات المعروفة التي تنقل عن طريق الدم.
إذن ما المعايير التي يتم تقييم المستشفيات على أساسها؟
قام المجلس المركزي بعمل المعايير الوطنية للمستشفيات، وتمت الاستفادة من المعايير الموجودة في أمريكا وكندا وبريطانيا وأستراليا، والمعايير في مجملها تتشابه إلى حد كبير في جميع الدول وإن اختلفت الصياغة اللغوية، ولذلك فإن المعايير الوطنية تشتمل على 881 معيارا تغطي 22 تخصصا في المستشفيات.
#2#
كيف تتم عملية التقييم؟
عملية التقييم تتم بواسطة مقيمين تم تدريبهم بشكل جيد بالتعاون مع هيئة اعتماد المستشفيات الأمريكية وهيئة اعتماد المستشفيات الكندية، أما كيف تتم عملية التقييم فهي عبارة عن زيارة ميدانية بواسطة فريق مكون من سبعة أشخاص (طبيب وممرض وإداري وصيدلي وإخصائي مختبر وإخصائي سلامة وإخصائي مكافحة عدوى)، ويقضون في المستشفى أربعة أيام يقومون خلالها بالتأكد من تطبيق المعايير وعددها 881 معيارا، وذلك يستلزم دخول كل أقسام المستشفى في غرف العمليات والطوارئ والأقسام الداخلية، ثم مراقبة الإجراءات الطبية والنماذج والقوانين المعمول بها وطريقة تخزين الأدوية وفرزها وحفظها وهكذا.
هناك من يقول إنه وضعت شروط صعبة على المستشفيات خلال التقييم؟
كان هناك تهيب في البداية لدى البعض من المعايير، والآن تجربتنا أثبتت لنا أنه لا رهبة ولا خوف، بل إن هناك حماسا كبيرا لدى الكثير، فالمعايير ليست صعبة أو معقدة ، فإذا ما تم تقسيم الجهد، وإذا أعطى كل من في المستشفى من التمريض والأطباء والصيادلة المهمة المطلوبة منه، واهتم بالجزء الخاص به سيكون الأمر أسهل بكثير مما يتوقع البعض، والفئة القليلة التي لا تتمكن من النجاح تتم دراسة وضعها والوقوف إلى جانبها، فإذا كان السبب نقصا في الموارد تتم مخاطبة الجهات المختصة من وقت مبكر من أجل توفير هذه الموارد، وإذا كان السبب تهاونا أو تساهلا فيتم إبلاغ الجهات المختصة للتعامل معها. وقد بذلت وزارة الصحة الشيء الكثير، وهذه النجاحات جاءت نتيجة جهد قامت به على مدار العام والنصف الماضي، وكان لتوجيه وزير الصحة الدكتور عبد الله الربيعة لهذه المستشفيات أكبر الأثر في دفعها لأخذ الأمر بجدية والمثابرة على التطبيق للمعايير، وأصبح الاعتماد ضمن استراتيجية الوزارة، ولذا قامت المستشفيات بتكوين فريق العمل اللازم لمتابعة تطبيق المعايير واحدا بعد الآخر، واستلزم فيها ذلك ساعات طويلة جدا من العمل المتواصل وهذا جهد يشكرون عليه.
ماذا يحدث للمستشفيات التي لم تنجح؟
عملية الاعتماد ليست بالتحديد عملية نجاح ورسوب، بل هي جهد متواصل من المستشفى وإدارته والعاملين فيه لتطبيق المعايير جميعها، والمستشفى الذي لا يكمل المعايير في المحاولة الأولى يتم توجيهه بالاستمرار في إكمال ملاحظات المجلس المركزي لاعتماد المنشآت الصحية، وغالبا تتم بعد ثلاثة أشهر إعادة المحاولة مرة أخرى وهكذا، فإذن المطلوب في نهاية المطاف هو أن تتمكن جميع المستشفيات من تطبيق جميع المعايير خلال السنتين القادمتين، ولو كان ذلك عبر أكثر من محاولة. كل ما يهمنا هو أنه عندما يدخل المواطن السعودي إلى أي مستشفى في المملكة يجد خدمة ذات جودة عالية وآمنة، فلن يتم استخدام مواد خطرة دون احتياطات، وسيكون هناك التزام تام بالإجراءات التي تحول بحول الله دون حصول الأخطاء الطبية.
ماذا عن بقية المستشفيات في المملكة؟
مستشفيات الوزارة عددها كبير، ولذلك تم تقسيمها إلى مجموعات، بدأنا بالمجموعات الأولى وفي خلال العام القادم ستخضع أكثر من ستين مستشفى لعملية الاعتماد.
#3#
هناك من يقول إن بعض المستشفيات لم تكن مؤهلة جيداً لتجاوز التقييم، ما تعليقكم؟
عملية الاعتماد التي يقوم بها المجلس المركزي عملية منظمة ودقيقة وعادلة للجميع ويقوم بها مقيمون أكفاء تم تدربيهم بشكل جيد وبالتعاون مع هيئة الاعتماد الكندية بدولة كندا، والعملية برمتها سرية يقوم الحاسب الآلي فيها بجمع الدرجات وتصويبها، فلا أحد يعرف درجة المستشفى حتى آخر لحظة، ولا أحد يستطيع تغير أي درجة ثم إن عملية التقييم يقوم بها سبعة أشخاص كل في تخصص، بعكس دول أخرى مثلا، حيث يقوم بعملية التقييم ثلاثة أشخاص فقط، ما يعني أن الطبيب مثلا سيقوم بدور الصيدلي، وذلك توفيرا للتكاليف بعكس ما هو موجود لدى المجلس المركزي الذي هو جهة حكومية غير هادفة للربح.
هل تتطلب المعايير توفر موارد مالية؟
نعم فالمعايير مثلا تتطلب وجود أجهزة قياس الأكسجين وأجهزة قياس نسبة ثاني أكسيد الكربون في كل غرفة من غرف العمليات، وتتطلب وجود مرشحات للهواء الداخل لغرف العمليات وهكذا، وكلها أجهزة ضرورية لتلافي الأخطاء الطبية خلال العمليات الجراحية من جانب التخدير، الذي هو أحد أهم الأسباب المؤدية إلى الأخطاء الطبية.
هل قامت الوزارة بتوفير هذه الأجهزة؟
هناك توجيهات واضحة من الوزير بتذليل جميع الصعوبات لإنجاح مشروع تقويم المستشفيات، والوزارة لديها الآن قسم خاص مهمته التأكد من وجود هذه الأجهزة والمستلزمات في كل قسم من أقسام المستشفى، والوزارة اليوم تشترى أحدث الأجهزة وبأعلى المواصفات.
النجاح في عملية الاعتماد هل يضمن عدم حدوث أي خطأ طبي بعد ذلك في المستشفى؟
هذا سؤال جيد، والإجابة هي أن الحصول على شهادة الاعتماد يقلل الأخطاء الطبية إلى حد كبير، لكن سيظل الخطأ البشري قائماً، وهذا ما نراه في جميع مستشفيات العالم المتقدم في أمريكا وكندا، التي نجحت في عملية الاعتماد وما زالت من وقت لآخر تحدث لديها أخطاء طبية، لكن المهم أنها نادرة وكلما أخذ المستشفى عملية تطبيق المعايير بجدية وأصبحت ثقافة عامة لدى جميع العاملين قلت الأخطاء الطبية دون شك.
هل لدى الوزارة خطة لرصد الأخطاء الطبية والتعامل معها؟
الوزارة تقوم حاليا بعمل رصد كامل لكل الأخطاء الطبية بدءا من الأحداث الجسيمة وانتهاء بمؤشرات الأداء الطبي المتعارف عليها، وستقوم المستشفيات برصدها وإرسالها للوزارة بطريقة إلكترونية حتى يمكن تحليل النتائج ومقارنة المستشفيات والمناطق ببعضها، وكذلك تقوم الوزارة برصد إنتاجية المستشفيات وكفاءتها، وكذلك إنتاجية الأطباء، والأهم من ذلك كله أن الوزارة تطلب من كل مستشفى الآن وجود اللجان الطبية اللازمة مثل لجان الوفيات ولجان نقل الدم ولجان الصيدلة وغيرها، وكلها لجان ترصد وتراقب نتائج العمليات الجراحية ومضاعفاتها، ونتائج نقل الدم واستخدام الأدوية والأخطاء الناتجة عنها، وكل هذه النتائج ترسل إلى لجنة مركزية بالمستشفى تعنى بالجودة وتحسين الأداء.