طيران الإمارات والسحب السوداء
من يتعرف على تأريخ طيران الإمارات يصاب بالدهشة والإعجاب، فمن طائرتين مستأجرتين مستخدمتين في الثمانينيات إلى خطوط دولية يصعب على المراقب حصر أعداد طائراتها، كونها توقع طلبات شراء لطائرات جديدة في كل محفل سنوي للطيران. ففي معرض برلين الجوي الذي عقد في حزيران (يونيو) لهذه السنة، وقعت ''طيران الإمارات'' على طلب شراء 32 طائرة إضافية من الطائرة العملاقة إيرباص سوبر جامبو (A380) ليكون مجموع ما ستمتلكه منها 90 طائرة كأكبر مشغل لهذا النوع في العالم. أسطول طيران الإمارات من الطائرات الضخمة ذات المدى الطويل جدا يجعلها الثانية عالميا الآن في مقياس (الاستيعابية)، وهو عدد مقاعد الطائرات مضروبا في مدى الرحلات التي توفرها تلك الطائرات. إلا أن هذه الناقلة الطموحة تواجه سحبا سوداء بدت تلوح في الأفق القريب، فمع تزامن الأزمة المالية الحادة التي تواجه إمارة دبي وانخفاض الطلب السابق على دبي كحاضنة للشركات العالمية، تنتهج ''طيران الإمارات'' خططا توسعية تتمثل في شراء مزيد من الطائرات، ما يثقل كاهل هذه الإمارة من الديون المستقبلية، وتبحث عن مزيد من الوجهات كي تملأ مقاعد تلك الطائرات الجديدة. لم تشفع التشريعات الحرة الصادرة من الدول المسماة بالديموقراطية كاتفاقيات الأجواء المفتوحة في العودة إلى السياسات الحمائية التي تنتهجها لحماية خطوطها الجوية. فالأزمة الإماراتية ــــ الكندية مثال لتلك السحب السوداء، حيث رفضت سلطات الطيران المدني الكندية زيادة عدد رحلات الناقلات الإماراتية (طيران الإمارات والاتحاد) من النصاب الحالي وهو ست رحلات في الأسبوع. يقول الجانب الكندي إن النصاب الحالي يعتبر كافيا قياسا على حجم السفر بين البلدين وأن الجانب الإماراتي يهدف إلى النفاذ إلى أسواق لدى طرف ثالث لتكون دبي/ أبوظبي (ترانزيت) وهو الواقع الحالي لمطار دبي. فمطار دبي ينعم بموقع جغرافي استراتيجي لتوسطه بين القارات، على سبيل المثال يشكل المسافرون من شبه القارة الهندية عبر مطار دبي، ومن ثم إلى مختلف وجهات العالم نسبة معتبرة من الحجم الكلي لمسافري طيران الإمارات. هذه الأزمة قد تكون البداية، وقد تتبعها دول أخرى أصبحت تعاني من تأثير أداء طيران الإمارات على شركاتها ومن ثم اقتصادها، كالدول الأوروبية وأستراليا.