الإعدام شنقا لطارق عزيز وسعدون شاكر وعبد حمود
أصدرت المحكمة الجنائية العليا في بغداد أمس أحكاما بالإعدام "شنقا حتى الموت" على المسؤولين العراقيين السابقين الثلاثة طارق عزيز وسعدون شاكر وعبد حميد حمود بعد إدانتهم في قضية "تصفية الأحزاب الدينية".
وقال تلفزيون العراقية الحكومي "إن المحكمة الجنائية العليا في بغداد أصدرت أحكاما بالإعدام شنقا حتى الموت بحق طارق عزيز وسعدون شاكر وعبد حميد حمود في قضية تصفية الأحزاب الدينية".
وأوضحت المحكمة أن الأحكام صدرت عليهم لملاحقتهم الشيعة بعد محاولة الاغتيال التي نجا منها الرئيس السابق صدام حسين في 1982 في الدجيل.
وقال القاضي محمود صالح الحسن خلال الجلسة "إن المحكمة حكمت على طارق عزيز عيسى بالإعدام شنقا حتى الموت ومصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة "لكفاية الأدلة المتحصلة بحقه".
وأضاف "أن الحكم على عزيز جاء لارتكابه واشتراكه في القتل العمد ضد الإنسانية ولارتكابه والاشتراك في جرائم ضد الإنسانية".
وتابع "إن المحكمة حكمت على عزيز أيضا "بالسجن 15 سنة لارتكابه التعذيب كجريمة ضد الإنسانية والسجن عشر سنوات لاشتراكه في جرائم ضد الإنسانية". وأعلن الحسن أن "المحكمة قررت تنفيذ العقوبة الأشد بحق المدان".
من جهته، قال محمد عبد الصاحب المتحدث باسم المحكمة الجنائية لوكالة الأنباء الفرنسية "إن الأحكام صدرت على القياديين الثلاثة السابقين "لملاحقتهم الأحزاب الدينية التي جرت في ثمانينيات القرن الماضي".
وكانت الدجيل البلدة التي يشكل الشيعة غالبية سكانها وتقع شمال بغداد، أول قضية حوكم فيها مسؤولون من النظام العراقي السابق، منذ سقوطه في نيسان (أبريل) 2003.
وتعرض الشيعة لملاحقات أخرى في 1991 بعد تمردهم على صدام حسين. وقانونا، يفترض أن يصادق مجلس الرئاسة على الأحكام قبل تنفيذها.
وكانت قضية مقتل 140 شيعيا في الدجيل بعد محاولة اغتياله، واحدة من التهم التي أدين بها الرئيس العراقي صدام حسين الذي أعدم شنقا في 30 كانون الأول (ديسمبر) 2006. وخلال محاكمته اعترف صدام حسين بإزالة مزارع يملكها الذين أدينوا بمحاولة قتله.
وقال زياد عزيز نجل نائب رئيس الوزراء العراقي الأسبق في اتصال هاتفي من عمّان حيث يقيم، إن "صدور حكم الإعدام بحق والدي يمثل انتقاما من كل شيء له علاقة بالماضي في العراق".
وأضاف أن "هذا الحكم يثبت مصداقية المعلومات التي نشرها موقع ويكيليكس" حول العراق.
وتابع إن "والدي لم يكن له أي دخل بالأحزاب الدينية بل على العكس هو كان ضحية حزب الدعوة"، في إشارة إلى تعرض عزيز إلى هجوم بقنابل يدوية خلال حضوره تجمعا طلابيا في الجامعة المستنصرية في بغداد في نيسان (أبريل) 1980، ما أدى إلى إصابته بجروح.
وانتقد صدور هذا القرار، مشيرا إلى أن والده "لم يحظ بمحام للدفاع في هذه القضية"، متسائلا "بأي منطق يحكمون عليه بهذه الصورة؟".
من جهته، انتقد بديع عارف عزت محامي طارق عزيز المقيم في عمان الحكم، معتبرا أنه "جائر" لكنه كان "متوقعا".
وقال إن "الحكم رغم أنه جائر إلا أنه كان متوقعا"، مشيرا إلى أن "طارق عزيز سبق وأن أبلغني شخصيا بأنه سيقتل ولن يطلق سراحه".
وأوضح بديع أنه لم يتمكن من حضور جلسات المحاكمة للدفاع عن موكله منذ حضوره آخر جلسة في 15 آذار (مارس) 2007 عندما "اعتقلت بتهمة إهانة المحكمة ثم أطلق سراحي من الجانب الأمريكي في السابع من نيسان (أبريل) الذي أعادني بطائرة إلى عمان".
وكان طارق عزيز (74 عاما) وزيرا للإعلام ونائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للخارجية.
وقد حكم عليه في آذار (مارس) 2009 بالسجن 15 عاما لإدانته بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية" في قضية إعدام 42 تاجرا عام 1992.
وفي آب (أغسطس) حكمت عليه المحكمة الجنائية العليا في العراق بالسجن سبع سنوات بسبب دوره في الجرائم التي حصلت بحق الأكراد الشيعة في ثمانينيات القرن الماضي.
أما سعدون شاكر فقد كان رئيسا للمخابرات العراقية حتى 1982 وأصبح وزيرا للداخلية.
وكان عبد حمود واسمه الكامل عبد الحميد محمود التكريتي، مديرا لمكتب الرئيس الراحل صدام حسين الذي تربطه به صلة قربى. وقد تمكنت القوات الأمريكية من اعتقاله في 19 حزيران (يونيو) 2003.
وكان طارق عزيز قد قال في حوار سابق لصحيفة الجارديان البريطانية إنه أمضى سبع سنوات وأربعة أشهر في السجن دون أن يرتكب أي جريمة بحق المدنيين أو العسكريين أو أي شخص آخر في العراق.
إنه يدعو الرئيس الأمريكي باراك أوباما لكي لا يترك العراق للذئاب، حسب وصفه.
وقال عزيز من سجنه في بغداد "لقد كنت عضوا في مجلس قيادة الثورة، وقياديا في حزب البعث العربي الاشتراكي، ونائبا لرئيس الوزراء، ووزيرا للخارجية، كل هذه المناصب كانت لي، لكنني كنت بلا قوة".
وأضاف، "كل القرارات اتخذها صدام حسين، كان لدي منصب سياسي فقط، ولم أشارك في أي جريمة اتهمت بها شخصيا، وفي العديد من الشكاوى التي قدمت، لم أجد اسمي فيها".
وأكد عزيز أنه لن يتكلم عن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين إلا في حالة خروجه من السجن. وقال "حينما كنت عضوا في الحكومة كانت لدي مسؤولية أخلاقية من أجل الدفاع عن الحكومة. وحينما تعود إلى التاريخ، فقد طلبت من صدام حسين ألا يغزو الكويت، لكن كان علي أن أدعم قراره".
وأضاف عزيز "حينما تم اتخاذ القرار قلت له، قرارك سيقود إلى الحرب مع الولايات المتحدة الأمريكية وليست في مصلحتنا قيادة حرب ضد الولايات المتحدة، لكنه اتخذ القرار في النهاية، وكنت وزيرا للخارجية وقتها وكان علي الدفاع عن بلدي وأن أفعل أي شيء من أجل شرح موقفنا، لقد وقفت مع الجانب الصحيح".
ويعرف عن صدام حسين أنه لم يكن يستشير مساعديه في كافة القرارات التي اتخذها في البلاد، وقد تحمل مسؤولية ذلك أثناء محاكمته التي جرت بعد اعتقاله في كانون الأول (ديسمبر) 2003.
وأضاف عزيز أن صدام حسين كان مقتنعا أن الغزو الأمريكي لبلاده سيتم في نهاية عام 2002، وأنه حاول تحاشي الحرب بالسماح للمفتشين الدوليين بالبحث عن أسلحة الدمار الشامل في بلاده.
وتابع "لقد كنا في صراع مع الوقت، لكننا لم نتكلم مع الحكومة الأمريكية، صدام حسين اتصل بي وقال إنه يريد أن أكتب رسالة إلى رامزي كلارك (وزير العدل الأمريكي السابق)، وأن أرفض الهجوم، وقد فعلت ذلك".
ووصف عزيز إيران بأنها "عدو العراق الأكبر"، وقال "كانت علينا محاربتهم بكل ثمن، الآن إيران تبني برنامجا نوويا، والكل يعرف عنه، ولا أحد يفعل شيئا، لماذا؟".
وقال عزيز إنه إذا تحدث عن الندم في هذه المرحلة من حياته فإن الناس سيرونه منتهزا للفرص، على حد تعبيره. وأضاف "لن أتحدث إلى أن أصبح حرا، الحكمة هي جزء من الحرية، حينما أكون حراً قادراً على كتابة الحقيقة فإنني سأتحدث حتى لو كان بالسلب عن أعز أصدقائي".