خالد الفيصل .. فكر وإبداع .. أسقط البيروقراطية وحمل لواء التطوير
يوشك العام الهجري الحالي أن يطوي صفحاته معلناً بدء عام جديد، وسجل للمملكة العديد من المنجزات في المشاعر المقدسة، التي سيحفظها التاريخ المعاصر وينقش سطورها بأحرف من نور للحكومة السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده الأمين، والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وأمير منطقة مكة المكرمة، بوصفه أمير الفكر والتطوير، المؤسس لمسيرة التنمية المتوازنة بين الإنسان والمكان، المتزاحمة في أجندته الأحلام المتصارعة التي يريد لها التطبيق الفعلي للسير نحو العالم الأول بعد أن أعلن الملل الذي يجتاح فكره وعقله من البقاء في العالم الثالث.
#2#
لم تبق الأزمة البيروقراطية التي جعلت من منطقة مكة المكرمة حبلى بالمعضلات طويلاً، حتى اكتسحت جنباتها ماكينات المعدات الثقيلة وآليات التطوير القادرة على تحقيق النقلة الحقيقية في واقع المجتمع الإنساني والمكاني، إذ كانت تلك الأزمة التي تعانيها المنطقة منذ بدايات تشكلاتها مرتهنة بفرضيات تتوه حينا في تحديد مشكلاتها خاصة مع وجود العشوائيات التي انتشرت كالسرطان في الجسد، وتختلف حينا آخر في ملامسة طرف الخيط الأشبه بالمستحيل والمؤدي إلى حلول واقعية ممكنة في ظل التخبط الإداري والإجراءات البيروقراطية التي جعلت المنطقة تتأخر عن اللحاق بركب التطور والحداثة في زمن العولمة, الذي بات فيه العالم قرية واحدة تتنافس أقطارها في احتلال مركز الصدارة.
#3#
راوحت التعريفات لفكر الأمير خالد، وتنوعت زوايا قراءة المشهد للفيصل، وأخذت الاستنتاجات تنحو باتجاه مبررات، بعضها يفلسف فكرة الأزمة والبعض الآخر يربطها بحتمية المعطيات الحضارية التي فرضت الحقائق على أرض الواقع من خلال الخطة الاستراتيجية للمنطقة، التي جعلت ملامح معالم المستقبل تبدو ظاهرة في الكثير من تفاصيلها الدقيقة المفصلة بوضوح لحاضر ومستقبل مكة المكرمة بعيداً عن الارتكان إلى حالة من الارتهان لمكتسبات الماضي والانشغال بمسؤولية دائمة تجاه مجرد الحفاظ عليها إزاء ما يبدو حربا مفترضة تقودها العولمة ضد المكون الحضاري القادر على السير بالمنطقة نحو العالم الأول لتتبوأ المكان والمكانة الحقيقية لها.
وإدراكا من أمير منطقة مكة المكرمة مسؤولياته نحو المجتمع الذي يخضع لنطاق الإمارة التي يأتي على هرمها كأمير لأطهر بقاع الأرض، جاءت الخطة العشرية التي لم تكن بمستغربة في ظل تمتعه بالحنكة والحكمة والخبرة الإدارية والقدرة والرغبة في التطور، لتكون باكورة العلم العملي وناتج الخبرة للفعل التنموي، حيث أكدت الخطة أن البيت الحرام هو محور الارتكاز لها التي ستتحرك من رحابه الطاهر لترسم استراتيجية الخطة العشرية في منطقة مكة المكرمة، معتمدة على أربعة محاور، تتمثل في الإنسان والمكان والقطاعات الحكومية والقطاعات الخاصة، وصولاً إلى تنمية مستدامة ومتوازية.
جاءت الرؤية التنموية التي جاوز حجم نتاجها في الوقت الحالي أكثر من 100 مليار ريال من خلال إنشاء المشاريع التنموية الحديثة في المنطقة، بفلسفة توضح ما يجب أن يكون عليه العمل في كل الإدارات والقطاعات العاملة، والطريقة التي يجب أن تتبع لتنفيذ المشاريع التنموية من أجل بناء الإنسان والمكان في منطقة مكة المكرمة، حيث وضعت الخطة من خلال الرؤية، الإنسان في قلب المعادلة وجعلته الأساس، إذ إنها عملت على تنمية الإنسان تنمية دينية واجتماعية وثقافية ليدرك الدور المطلوب منه في المسيرة التي تدفع المنطقة نحو العالم الأول بعد أن سئمت داء ثالوث العالم.
ولم تغفل الرؤية التي جسد أسسها أمير مكة المكرمة، الاهتمام بالفكر الإنساني وصيانته من الانحراف أو الانغماس في المفاهيم المغلوطة، بل إنها ركزت على تأصيل مبدأ الاعتزاز بالدين الإسلامي والاعتدال السعودي والانتماء للوطن، ونشر ثقافة الأمل والثقة بالنفس في مواجهة الإحباط، وغرس احترام النظام والالتزام به، وتحفيز الشباب للإبداع والحرص على التفوق.
وشهدت منطقة مكة المكرمة، وتحديداً في المشاعر المقدسة في عهد الأمير خالد الفيصل، الكثير من المنجزات الحضارية التي باتت منارة إشعاع تلفت الأنظار إليها، خاصة أن تكلفتها الإجمالية بلغت مليارات الريالات دون أن تلتفت إليها الحكومة السعودية وتبحث عن مخرجاتها وعوائدها، فجل ما أنفق عليه تم توجيهه لخدمة ضيوف الرحمن لتحقيق أكبر مستوى من الراحة والاطمئنان لهم عند تأدية نسكهم، حيث رفعت تلك المشاريع التي من أبرزها مشروع منشأة جسر الجمرات، وإنجاز المرحلة الأولى من مشروع قطار المشاعر المقدسة، جودة الخدمات المقدمة للحجاج القادمين من مختلف بقاع الأرض، وأسهمت في بث روح الطمأنينة في أنفسهم أثناء تأديتهم مناسك الركن الخامس من أركان الإسلام.
وتأتي المنجزات التنموية العملاقة, التي بادر أمير مكة بالإعلان عن تدشينها، أو تلك التي تبنتها الحكومة السعودية، التي منها توسعة الحرم المكي الشريف - التوسعة الأكبر على مر التاريخ - أو المشاريع العمرانية العملاقة التي باتت تلامس السحاب، لتضع مكة المكرمة كرقم جديد في خريطة مدن العالم المتقدم، مع الحفاظ على الثوابت الإسلامية والقيم الدينية والأخلاقية والاستمرار على النهج القويم الذي أرساه الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - رحمه الله.
#4#
كما كان الأمير خالد الفيصل حريصا على التنمية في جميع الجوانب، كان له موقف حاسم تجاه من يتهاون في أداء دوره في مسيرة التنمية، ويبرز ذلك في عدة جوانب، فالجانب الأول يأتي من خلال محاسبته ومساءلته المقصرين في الأداء أو المتعثرين في تنفيذ المشاريع التنموية في المنطقة، التي على أثرها وجه بإقامة ورش العمل لمعرفة أسباب تعثر المشاريع ووضع الحلول لها، وفي جانب آخر إبعاد كل مسؤول يحدث منه تقصير تجاه العملية التنموية في المنطقة أو يتسبب في قصور الخدمات, خاصة تلك الموجهة لخدمة ضيوف الرحمن، ومن زاوية أخرى يظهر الحرص في متابعته الشخصية جميع المشاريع في مكة المكرمة، وكذلك في جولته السنوية على المشاعر المقدسة قبيل بداية موسم الحج، التي من خلالها يقوم بالاطلاع على كل الخدمات التي ستقدم لضيوف الرحمن خلال الموسم، وكذلك يقف على جاهزية جميع الإدارات الحكومية والخاصة لمعرفة أدق التفاصيل ومتابعة آليات العمل التي يوجه فيها بضرورة أن تقدم الخدمات لحجاج بيت الله العتيق بأرقى جودة وأعلى مستوى يتواكب مع مكانة المملكة الإسلامية والعالمية.