الطيران المحلي يحتاج إلى خطوط جديدة

منذ اليوم الأول للنقل الجوي التجاري الدولي، كانت السياسة هي المهيمنة على التشريعات التي تنظم الرحلات الثنائية بين الدول. بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وتنامي حركة النقل الجوي بين الدول وخاصة بين أوروبا وأمريكا الشمالية، كانت الحاجة إلى مؤتمر شيكاغو الذي وضع الأطر الأساسية للنقل الجوي الدولي، وحينها ظهرت الاتفاقية الدولية المسماة (حريات الأجواء). كانت الحرية الأولى تمنح حق الناقل الجوي في العبور فوق أجواء دولة ثالثة، ثم الحرية الثانية التي منحت الحق للناقل الهبوط في دولة ثالثة للتزود بالوقود. الحريتان الثالثة والرابعة كانتا للحق في نقل الركاب بين دولتين (الاتفاقية الثنائية). ثم تواصل أعداد تلك الحريات إلى الحق في الهبوط في مطار ثالث ونقل الركاب منه، كما كانت تفعل خطوط TWA في الثمانينيات أثناء رحلتها من الرياض إلى نيويورك، والتوقف في مطار القاهرة لتحميل المزيد من المسافرين. واليوم ومع مبادرات حرية التجارة العالمية، والتكتلات الدولية كالاتحاد الأوروبي، تقوم عديد من شركات الخطوط الجوية بالنقل الجوي الداخلي بين دول غير دولة تلك الخطوط كما في الدول الأوروبية. ولا تزال أمريكا ــ التي وحدها تشكل نصف صناعة النقل الجوي العالمي ــ تشترط نسبة السيادة في حجم أسهم خطوط جوية ما تعمل داخل أمريكا، مما أدى إلى دخول شركات ناجحة كخطوط (فيرجن) أسواق أمريكا مع شركاء أمريكيين يمتلكون الحصة السيادية. الدول ممثلة في هيئات الطيران المدني تقوم بتطوير التشريعات دوما لخدمة مصالح الزبون أولا، وهم مواطنوها في الدرجة الأولى، ومن ثم مصالح شركاتها الوطنية ثانيا. نحن في المملكة نمتلك أكبر سوق للنقل الجوي الداخلي في المنطقة، ونمتلك عشرات المطارات التي تعاني جميعها نسبة متدنية (بل مخجلة) في أعداد مستخدميها، وتنتظر شركات مرنة وناجحة للنهوض بالحركة الجوية الداخلية. العربية للطيران مثلا شركة ناجحة استطاعت تقديم خدمة ترضي الزبون وبأسعار مناسبة، وأسست شراكات في المغرب العربي وفي مصر، فلماذا لا يسمح لها بالدخول إلى السوق الداخلية السعودية من خلال شراكة، يكون للجانب السعودي الحصة السيادية، سواء كانت شراكة مع ناقلات ناجحة أو شركات سعودية جدية. على الهيئة أن تعترف بأن السوق الداخلية تحتاج إلى خطوط جديدة، وأن الأسعار الحالية ليست الأقل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي