هل الدور لأسود إفريقيا .. عقب تطور النمور الآسيوية؟

هل الدور لأسود إفريقيا .. عقب تطور النمور الآسيوية؟

من المرجح أن تظل إفريقيا جنوب الصحراء ثاني أسرع المناطق نمواً بعد آسيا في المستقبل القريب، كما يتنبأ سنوسي لاميدو سنوسي، محافظ البنك المركزي النيجيري، ولكن ''يمكننا اللحاق بركب آسيا، حيث لا تزال هناك احتمالية كون إفريقيا آخر أرض غير مستكشفة في العالم وإمكانية النمو.''
ولكي يحدث هذا، يقول سنوسي إن على إفريقيا أن تضع السياسات الصحيحة، وتعالج العجز في البنية التحتية، وتوفر البيئة المناسبة والحوافز لكي تأتي الشركات ورأس المال. ''ويشمل هذا اتساق السياسات، والاستقرار السياسي، ومكافحة الفساد، وتحسين الكفاءة في إجراءات الأعمال. فإذا فعلنا مثلما فعل الآسيويون، مثل الإندونيسيين والماليزيين، وفعلناه على نحو صحيح، سنتمكن من تكرار التجربة.''
وتقول رضية بيج، مديرة مبادرة إفريقيا لإنسياد، إن تطورات مثيرة تحدث في إفريقيا. فهي تقول: ''خذ مثلا الاتصالات اللاسلكية. فقد مهدت الاتصالات المحمولة الساحة الاقتصادية، وأدت إلى النمو السريع للخدمات المصرفية عبر الهواتف المحمولة واستخدام الإنترنت. وكان لتحسين الوصول إلى المعلومات آثار اقتصادية عميقة مثل التسعير الأكثر تنافسية ـ يستطيع المزارعون الآن مثلا الحصول على أسعار السلع في الوقت الحقيقي من أجل اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن المشاركة في صفقة ما؛ وزيادة إنتاجية العمال؛ وتوجيه نماذج العمل نحو شرائح السكان الأقل ثراء.''

نيجيريا ـ مثال واضح
ويذكر سنوسي، مشيراً إلى التطورات في بلاده، إن الاقتصاد النيجيري على وشك الانتقال إلى المستوى التالي مع إصلاحات الكهرباء، مما سيؤدي إلى نمو سريع في التصنيع والمعالجة، وكذلك إلى نمو هائل في الناتج المحلي الإجمالي.
وفي السنوات الست الماضية، ينمو الاقتصاد بسرعة سبعة إلى ثمانية في المائة سنويا، بشكل أساسي على خلفية النمو في الزراعة وتجارة الجملة والتجزئة والخدمات.
من ناحية أخرى، يعوق انقطاع الكهرباء المزمن النمو الاقتصادي. فكما أخبر إنسياد نولدج على هامش قمة الأسواق الناشئة لصحيفة ''الاقتصادية'' الذي عقد هناك أخيراً: ''حين نعالج مشكلات البنية التحتية للطاقة ونضع السياسات الصحيحة، يمكننا بسهولة الوصول إلى الأرقام المزدوجة''.
وفي حين أن نيجيريا هي الدولة الرائدة في إنتاج النفط والغاز في إفريقيا، إلا أن النفط والغاز يشكلان 11-12 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي. لذا فإن إمكانات النمو الحقيقية تأتي من الزراعة والتصنيع والخدمات، مع مساحة كبيرة للتنويع، كما يقول سنوسي. ''في قطاعات النفط والغاز والزراعة، هناك الكثير من الجوانب الإيجابية في المعالجة. فهذه الدولة هي المنتجة الأولى لشجرة المنيهوت في العالم. وإلى جانب استخدام المنيهوت لأغراض الاستهلاك، يتم الآن أيضاً استخدامه لإنتاج الوقود الحيوي، الإيثانول. وبالتالي، هناك فرص للابتكار وأراض بكر لم يتم استكشافها.''
وتفوقت البنوك النيجيرية باستمرار في أدائها على نظيراتها في جنوب إفريقيا وغانا على مدى العامين الماضيين. وتشمل القطاعات الأخرى التي تظهر إمكانات كبيرة للنمو قطاعات الزراعة، والبناء والتشييد، إضافة إلى الفنادق والمطاعم. ''ما هذا سوى جزء بسيط من إمكانات النمو التي يمكن لنيجيريا أن تقدمها. وقد صنعت بصمتها أيضاً في صناعة السينما ـ فصناعة السينما النيجيرية، نوليوود، هي ثالث أكبر صناعة، إذ إنها غير متخلفة كثيراً عن هوليوود (الولايات المتحدة) وبوليوود (الهند).''

الآثار المترتبة على المنافسين الغربيين
تقدم إفريقيا مزايا فريدة للشركات الغربية التي تدرك أن خدمة ''أسواق أسفل الهرم'' أكثر من مجرد مسؤولية اجتماعية للشركات، كما تقول بيج. وتوفر الأسواق الجديدة في مناطق مثل إفريقيا للشركات فرصاً لتجديد سلاسل قيمتها. ولتحقيق النمو المستدام، يجب أن يكون لدى الشركات التي تدخل أسواقاً مثل إفريقيا رؤية طويلة الأجل للقيام بالأعمال في المنطقة وتستهدف حداً أدنى ثلاثياً أو على الأقل مزدوجاً. وتقول بيج: ''إنها ليست منطقة للمكاسب السريعة.''

التجارة بين الصين وإفريقيا
جنوب إفريقيا ونيجيريا هما الآن أكبر شركاء الصين في إفريقيا. ولطالما شارك الصينيون في البناء والمنسوجات والصناعات الخفيفة، إلا أنهم انتقلوا الآن إلى النفط والغاز في نيجيريا، ويرغبون أيضاً في الدخول إلى صناعات الطاقة والصناعات الاستخراجية، كما يقول سنوسي. وأكبر شريك تجاري للمنطقة هو الولايات المتحدة، تليها فرنسا.
وقد عبر البعض عن مخاوف بشأن استثمارات الصين في إفريقيا. إلا أن سنوسي يقول إنه لا يفهم قط ''لماذا تنتاب أي شخص مخاوف بشأن شخص آخر يستثمر في أي مكان. علينا الاستمرار في اجتذاب الاستثمارات ولكن يجب أن تكون الاستثمارات هي الاقتصاد الحقيقي. وتنويع مصادر الاستثمار أمر مفيد للدول الإفريقية.''

رؤى مشوشة للعالم
عند التفكير في إفريقيا، يفكر الكثيرون في منطقة تنتشر فيها الجريمة والفقر والأمراض وضعف البنية التحتية. هل تنفر هذه الظروف المستثمرين؟ لا يعتقد سنوسي ذلك. في الواقع، يعتقد أن هذه الصعوبات توفر فرصاً للناس ليأتوا إليها ويعالجوا هذه المشكلات.
ولا يمكن التخفيف من حدة الفقر إلا بالاستثمارات والنمو الاقتصادي، كما يقول. وإذا كانت هناك دولة في مرحلة ما بعد الصراع وكان اقتصادها يدار بشكل سيئ، ثم طبقت فجأة الحكم الرشيد، أماكن مثل زيمبابوي وأنجولا ونيجيريا وسيراليون مثلا، فهذه الدولة توفر فرصاً هائلة للاستثمارات مع تحسن الأمور.
ويوضح سنوسي: ''لا أعتقد أن واقع إفريقيا هو بالضبط ما يتم تصويره؛ فالكثير من هذا مبالغ فيه، وربما يستند إلى معلومات غير كاملة. وقد طلبت من الكثير من الناس الذين لم يذهبوا قط إلى إفريقيا كتابة تعليقاتهم عنها. وهم يكتبون تعليقاتهم بناء على ما سمعوه منذ سنوات عديدة، وليس لديهم أي فكرة عن حجم التغيرات التي حدثت.''
كيف يمكن تغيير التصورات إذن؟ يقول سنوسي إن أحد السبل هو الاستمرار في القيام بالأشياء الصحيحة والقيام بها باستمرار. والطريقة الأخرى هي مواجهة العالم والقول إن هذا غير صحيح.
ومع حدوث الكثير في إفريقيا على الصعيد الاقتصادي، هل سيكون الدور على الأسود الإفريقية بعد النمور الآسيوية؟ يقول سنوسي: ''آمل ذلك، وأول أسد سيكون نيجيريا.''

الأكثر قراءة