بيتر جروور وطموحه في قيادة بلومبيرج

بيتر جروور وطموحه في قيادة بلومبيرج
بيتر جروور وطموحه في قيادة بلومبيرج

بيتر جرووَر، رئيس مجلس إدارة وكالة بلومبيرج ورئيسها التنفيذي، رجل لديه لازمة يرددها في كل فرصة تسنح له: ''لدينا طموح في بلومبيرج لأن نصبح أكثر شركة إخبارية تأثيراً في العالم.'' وإذا ألقينا نظرة سريعة على الإحصائيات المتعلقة بهذه الإمبراطورية الإعلامية التي تأسست في عام 1981 على يد مايكل بلومبيرج الذي تحمل هذه الوكالة اسمه (والذي أسند إدارة شركته عندما أصبح العمدة رقم 108 لمدينة نيويورك في الأول من شهر كانون الثاني (يناير) 2002، إلى صديق عمره وزميله السيد جرووَر)، يتبين لنا أن الشركة الإعلامية العالمية باتت قريبة من تحقيق هدفها: حيث لديها 287 ألف مشترك في 140 بلداً، يحصلون على خمسة آلاف إلى سبعة آلاف قصة إخبارية كل يوم، إضافة إلى بيانات وتحليلات ينجزها 11.519 موظفاً منتشرين في أنحاء العالم ( كما في نيسان (أبريل) 2010. ويقدر جرووَر أن نشاط الشاشات الإخبارية المملوكة للشركة وحده ولّد إيرادات تزيد على 5.5 مليار دولار في العام الماضي، بمعدل نمو متراكم يفوق 12 في المائة سنوياً.
ورغم التمترس خلف مصدر الإيرادات هذا، فإن الأزمة الاقتصادية التي بدأت في عام 2007 لم تترك وكالة بلومبيرج من دون أضرار. ففي النهاية، فإن عملاءها الرئيسين هم البنوك الاستثمارية الكبيرة التي تقيّم المعلومات المتعلقة بالأسواق بالثانية، ويتم تسعيرها تبعاً لذلك. يقول جرووَر:'' وصلنا إلى نقطة الحضيض في تموز (يوليو) 2009. فقد انخفض عدد المشتركين لدينا بأكثر من 11 ألف مشترك، أي بنسبة 3.4 في المائة تقريباً.''( يقال إن بنك ليمان براذرز كانت لديه 3.500 شاشة إخبارية)، لكن يبدو أن النشاط لامس نقطة الحضيض قبل أن يأخذ في الارتفاع . ويؤكد جرووَر قائلاً:'' كان لدينا نمو إيجابي على صعيد الشاشات ابتداء من آب (أغسطس) من العام الماضي، واستمر نمو الشاشات إيجابياً منذ ذلك الوقت.'' ويقول إن ذلك كان مقابل نمو المبيعات الذي يمكن أن يتم تسجيله فقط بعد شهر من التركيب: يستغرق الأمر بعض الوقت لكي يتم تركيب الشاشة وتبدأ وكالة بلومبيرج في تلقي المردود منها.
وبينما تراجع عدد شاشات وكالة بلومبيرج في مكاتب العملاء أثناء الركود الاقتصادي، فقد تماسكت الأرقام الخاصة بالإيرادات لأن وكالة بلومبيرج لم تخفض الأسعار. وقال جرووَر لمجلة إنسياد نوليج أثناء زيارة قام بها أخيراً لمقر الجامعة الأوروبي في فاونتنبلو:'' رغم أننا أنهينا عام 2009 بانخفاض عدد الوحدات بنسبة 2.4 في المائة، فقد ارتفعت إيراداتنا حقيقة بنسبة 2.5 في المائة (حسب المعدلات السنوية) بسبب نظام التسعير الخاص بنا اعتباراً من الربع الثاني من هذا العام. سوف نتجاوز أداءنا القياسي الذي تحقق في نهاية عام 2008''.

#2#

استغل جرووَر أزمة الركود العالمي ليقترب بوكالة بلومبيرج من تحقيق هدفها العالمي المعلن، وهو الهيمنة الإخبارية في العالم. وبدلاً من تخفيض القوة العاملة، قام بزيادة عددها. وهو يقول في هذا الصدد:'' لقد أضفنا نحو ألف شخص في عام 2009، وأضفنا أكثر من 600 شخص في هذا العام. ونحن مستمرون في الابتكار: فقد أدخلنا أكثر من ألفي وظيفة جديدة على شاشاتنا في العام الماضي، وقمنا حقيقة بزيادة حصتنا في السوق''.
وفي العام الحالي، اشترت الوكالة أيضاً مجلة بزنس ويك من مجرو هيل بسعر يعتبره جرووَر جذاباً (يقال إنه خمسة ملايين دولار نقداً). وأشار إلى أنه ''في المفاوضات، ينبغي أن تلتقي عقول المشتري والبائع من أجل إنجاز الصفقة... لقد قدمنا التزاماً طويل المدى لما يدعى الآن مجلة بزنس ويك بلومبيرج... إن وضع اسمنا عليها يعتبر إنجازاً رئيساً للعلامة التجارية... ونحن محظوظون جداً لأن لدينا موارد مالية واسعة جداً لإنجاح هذا الأمر بصورة حقيقية''.
يعتبر الاستحواذ على مجلة بزنس ويك، إلى جانب عملية شراء موازية لمجلة نيو إنيرجي فاينانس التي تهتم بالطاقة المتجددة والكربون وتتخذ من لندن مقراً لها، غير ملائم بعض الشيء لوكالة بلومبيرج التي نمت عضوياً منذ تأسيسها. لكن هاتين الصفقتين، بجرة قلم، عملتا في آن واحد على توسعة مدى وصولها إلى قاعدة جديدة من مشاهدي الأخبار وعمقتا الخدمات التي تقدمها إلى الأسواق المالية الرئيسة.
ويشرح جرووَر الأمر قائلاً، بوجود أكثر من 900 ألف مشترك، ونحو 4.1 مليون قارئ لدينا ''فتحت بزنس ويك سوقاً جديدة لنا. رجال أعمال خارج قطاع الخدمات المالية، وزعماء حكوميون من خارج الجانب المالي للحكومة... شعرنا أن هذا يمكن أن يكون تقدماً طبيعياً بالنسبة إلينا في طموحنا لكي نصبح أكبر مصدر إخباري مؤثر بالنسبة لمجتمع الأعمال والمال. ونأمل أن نكون قادرين على بيع العديد من منتجات بلومبيرج الأخرى إلى أولئك العملاء أيضاً.''
وبالنسبة إلى شركة نيو إنيرجي فاينانس واهتمامها بالطاقة المتجددة والكربون، ''نعتقد أن أسواق الكربون اليوم هي حيث كانت أسواق الدخل الثابت في ثمانينيات القرن الماضي، ومن وجهة نظر المنصات، فإن وجود ذلك النوع من المعلومات (البيانات الإخبارية والتحليلات) على شاشة خدمات بلومبيرج الاحترافية، يعتبر قفزة حقيقية لكي نصبح كما نأمل، مزود المعلومات المهيمن لذلك المجال''، كما يقول.
وإذا كان تقديم ذلك يعني تحويل كميات ضخمة من البيانات إلى معلومات مفيدة لقاعدة مشاهدين متنوعة من خلال تطبيق التحليلات والأخبار، فإن ذلك ما يدعوه جرووَر بنقاط القوة الأساسية للشركة. وهو يتطلب قوة عاملة من نوع معين: صحافيين بارعين في متابعتهم للأخبار والمعلومات، ويشعرون بالفزع إن لم يكونوا في الطليعة.
يقول جرووَر:'' إنني كثيراً ما أقول لزملائي إن الأشخاص الذين يأتون للعمل يومياً لا يعتقدون أنهم جيدون بقدر ما هم جيدون. إننا نعمل فيما أدعوه بيئة من الجنون البناء وأمل ألا نكون قد غيرنا ذلك.. إنها إحدى سمات بلومبيرج منذ البداية''. إن هذا الجنون تتم مكافأته بأجر يعتبر قوياً بالنسبة لهذه الصناعة، حتى أثناء فترة الركود. لقد كان برنامجنا الخاص بالأجور التحفيزية في عام 2009... حسنا، كان يمكن أن يعاني الموظفون، لكننا تركنا ذلك لهم في العام الماضي، وقمنا بسد الفجوة بصورة أساسية على أساس مستويات الأجور المتوقعة في نهاية عام 2008'' كما يقول جرووَر.
إن وكالة بلومبيرج نفسها تحقق تلك المستويات على صعيد العملاء والإيرادات. يقول جووَر:'' لقد كنا محظوظين لأن لدينا نحو 20 سوقاً حول العالم حققت نمواً خلال فترة الركود. بلدان مثل إسرائيل، والبرازيل، والصين، وروسيا، وبعض بلدان أوروبا الشرقية، وحققنا نتائج ممتازة في الدول الإسكندنافية على سبيل المثال، ونما نشاطنا في فرنسا بنسبة أربعة في المائة في العام الماضي''.
إن قاعدة عملائهم تتغير لتعكس الواقع الجديد للشراكات بين القطاع العام والخاص في البلدان الرأسمالية. يقول جرووَر:'' إننا نشهد قدراً كبيراً من الاهتمام في أوساط الدوائر الحكومية، والبنوك المركزية، والجهات المسؤولة عن التنظيم، ووزارات المالية التي يتضح أنها ترى حاجة للمعلومات المالية في الوقت المناسب، وتشترك في منتجاتنا نتيجة لذلك''.
ولكن في الوقت الذي قد تكون فيه أعمال بلومبيرج بدأت تعود إلى الإزدهار، فإن نظرته إلى آفاق الاقتصاد العالمي ليست كذلك. ففي معرض حديثه عن موعد حصول التعافي الذي طال انتظاره، يقول:'' أعتقد أنه سيكون أطول مما يتوقعه أي منا. وفي اعتقادي أن الولايات المتحدة سوف تستغرق بعض الوقت للخروج من هذا الوضع. ما زال المستهلك الأمريكي مكلوماً، وليس هناك تغيير مهم في معدل البطالة العالي. وأعتقد أننا مقبلون على فترة من النمو البطيء ـ سيتراوح معدل النمو في الولايات المتحدة بين 1.75 و2.25 في المائة. وفي اعتقادي أننا عدنا إلى فترة لن يتوسع فيها الناس إلا إذا شعروا أن لديهم المرونة المالية التي تمكنهم من التوسع''.
بالنسبة إلى وكالة بلومبيرج، فإن المرونة المالية أمر يأتي على مستوى الشركة من كونها مملوكة ملكية خاصة من قبل مايكل بلومبيرج نفسه.
ويقول جرووَر:'' لا أعرف إن كنا سنتخذ القرارات نفسها لعام 2009 التي اتخذناها في أواخر عام 2008، عملية التخطيط الخاصة بنا، والشيء نفسه في عام 2009 لعام 2010 لو كنا شركة عامة. إننا نتحدث عن أمور في عقود مقابل إضافات في سنة أو اثنتين أو خمس سنوات. إننا قادرون على الاستثمار في أشياء لن تعطي مردوداً قبل ثلاث أو خمس أو سبع سنوات. إن شعوري هو أننا سنظل دائماً شركة خاصة طالما حظيت بالبقاء مديراً لها. ومع كون مايكل بلومبيرج في ولايته الثالثة كعمدة لمدينة نيويورك، ومع طموحاته السياسية الأعلى، فقد يكون هذا الوقت طويلاً.

الأكثر قراءة