البرازيل: القوة الاقتصادية العالمية الجديدة
الاقتصاد البرازيلي القوة الاقتصادية الأولى في أمريكا اللاتينية، وهي تعد تاسع قوة اقتصادية في العالم، وتحتل المرتبة الخامسة عالميا من حيث تعداد السكان الذي يربو فيها على 200 مليون نسمة.
وقد احتفل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا في الرابع والعشرين من سبتمبر الماضي في بورصة ساوباولو بالنجاح الباهر الذي أحرزه الاقتصاد البرازيلي، فالعملاق النفطي "بيتروبرازيل" باع في ذلك اليوم ما قيمته 52 مليار يورو من الأسهم، دليل الثقة العالمية بالاستثمار في البرازيل. وقال سيلفا "لم يكن ذلك في فرانكفورت، ولم يكن في لندن ولا في نيويورك، بل كان في ساوباولو، هنا في بوفيسبا، حدثت أكبر عملية تراكم رأسمالي في تاريخ الرأسمالية في العالم". أكد وزير المالية البرازيلي غيدو مانتيغا، أن النمو للناتج المحلي للبرازيل بين 7,5 في المئة و8 في المئة خلال عام 2010. وأوضح في تصريح له عقب حضور أول اجتماع وزاري بعد الانتخابات الرئاسية التي شهدتها البلاد أخيرا، أن "نسبة النمو الاقتصادي التي ينتظر أن تشهدها بلاده خلال السنة الجارية، ستكون الأفضل خلال الـ 25 سنة الماضية". وتشير توقعات البنك المركزي إلى نمو بنسبة 7.3 في المئة، وكشف وزير المالية أيضا عن أن حكومة بلاده لم تدرس بعد أية إجراءات إضافية للحد من ارتفاع قيمة العملة المحلية الريال مقابل الدولار، وأشار إلى أن"التدابير التي سبق أن اتخذتها حكومته في هذا الصدد، من قبيل زيادة الضرائب على العمليات المالية مكنت من السيطرة على الوضع". يذكر أن الناتج الداخلي الخام للبرازيل، سجل انخفاضاً طفيفاً بنسبة 0.2 في المئة خلال العام الماضي.
#2#
ومما يشار إليه أن الاقتصاد البرازيلي أوجد وظائف جديدة للشهر العاشر على التوالي في أكتوبر، وهو ما يؤكد النمو القوي في سوق صاعد يجتذب الاستثمارات، بينما تواجه معظم الاقتصادات المتقدمة مشكلات. وحسب مصادر وزارة العمل فإن اقتصاد البرازيل أضاف 204804 وظائف جديدة في أكتوبر بعدما خلق 246875 وظيفة في سبتمبر. ووفقا لمسح أسبوعي للبنك المركزي فإن سوق العمالة المتقدة هي محرك رئيسي للنمو الاقتصادي من المتوقع أن ينمو بنسبة 7,6 في المئة هذا العام.
وجعل الرئيس البرازيلي المنتهية ولايته لولا دا سيلفا من زيادة الوظائف أولوية، وسجل معدل البطالة في البرازيل أدنى مستوى له على الإطلاق في سبتمبر. ويتوقع بعض الخبراء الاقتصاديين أن يسجل معدل البطالة مستوى قياسيا منخفضا جديدا، وقد شهدت البلاد الانفجار السكاني، مما وفر أيدي عاملة في بناء الاقتصاد البرازيلي.
البرازيل تعتمد على نفسها
النمو الاقتصادي والازدهار الذي حققته جاء بناء على الاعتماد على الذات والتخطيط السليم، وقد أكد ذلك السفير البرازيلي لدى بريطانيا روبرتو جاجواريبي، حيث قال إن اقتصاد بلاده المنتعش يعتمد على نفسه بشكل متزايد ولا يعتمد فقط على الطلب الصيني على السلع الأولية البرازيلية. وأضاف في مقابلة له مع "رويترز"، أنه رغم أن بلاده تقدر علاقاتها التجارية مع الصين إلا أن المحرك الرئيسي للنمو هو النشاط الداخلي البرازيلي.
ويعتبر بعض المحللين الطلب الصيني على الحديد الخام والصويا وغيرهما من السلع الأولية من البرازيل العامل الحيوي في ازدهار اقتصاد البرازيل، وهو ما يقولون إنه يترك البرازيل عرضة للتأثر بالأهواء الصينية، لكن جاجواريبي قال متحدثا في مكتبه في السفارة في لندن إنه يرى أن أهمية الدور الصيني في ازدهار الاقتصاد البرازيلي "مبالغ فيها في الخارج .. مبالغ فيها بشدة".
وقال إن الصادرات البرازيلية تشكل 12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وإن بلاده فيها 185 مليون نسمة قادرون على تحريك الطلب المحلي. وأضاف "البعد الأهم على الإطلاق في النمو البرازيلي هو زيادة التكامل الاجتماعي وزيادة الأسواق المحلية والفرص التي تتوافر داخل البرازيل نفسها."
وتابع يقول "بالطبع لا نحاول التقليل من أهمية الصادرات، لكن المفهوم القائل إن النمو البرازيلي ناتج عن الواردات الصينية من البرازيل غير حقيقي". وتمثل الصين والبرازيل مع الهند وروسيا مجموعة "بريك" التي تعيد قواها الاقتصادية الصاعدة صياغة هيكل القوى العالمية التقليدي.
وانتعش الاقتصاد البرازيلي خلال حكم الرئيس لويس لولا ايناسيو دا سيلفا على مدى ثماني سنوات، وسيسلم السلطة الى خليفته التي أيدها ديلما روسيف في أول يناير 2011 بعد فوزها في الانتخابات في أكتوبر الماضي . والتحدي الأول الذي تواجهه روسيف هو تهدئة صعود العملة المحلية التي ارتفعت 34 في المئة مقابل الدولار منذ مطلع 2009. وقال جاجواريبي "يثير هذا القلق في البرازيل بسبب الميزات التنافسية المصطنعة التي تحصل عليها اقتصادات أخرى." لكنه يرى أيضا فوائد لقوة الريال البرازيلي. وقال: إن قوة الريال "هيأت توجها أعتقد أنه سيستمر .. وهو زيادة الاستثمارات البرازيلية في الخارج التي ارتفع مستواها كثيرا. كبريات الشركات البرازيلية تقوم بعمليات استحواذ في الخارج .. شركات تعدين وطاقة وسلع أولية فضلا عن عدد من القطاعات الأخرى".
قوة بشرية وثروات متوافرة
يصل عدد سكان البرازيل إلى 200 مليون نسمة وهي الدولة الخامسة في العالم في عدد سكانها، وتضاعف عدد سكان البرازيل عدة مرات خلال قرن من الزمن، فقد كان عدد سكانها 18 مليون نسمة عام 1900، ووصل إلى 90 مليون نسمة عام 1970، وبلغ مع عام 2010، 200 مليون نسمة؟ ويتألف عدد السكان من 54 في المئة من البيض، و39 في المئة من البشرة البنية، و6 في المئة من السود، و1 في المئة من الآسيويين المهاجرين. وقد شهدت البلاد الهجرة العربية للبرازيل مع الحرب العالمية الأولى، ويشكل المهاجرون العرب وأحفادهم 5 في المئة من سكان البرازيل. وبحسب تقديرات الاتحاد الإسلامي للبرازيل فقد وصل عدد المسلمين في البرازيل إلى 1,5 مليون نسمة. مما يوفر نسبة كبيرة من السكان في حاجة إلى المصرفية الإسلامية.
أفضل الاقتصادات في العالم
وأكد وزير الاقتصاد البرازيلي غيدو مانتيغا "إنها أرقام أفضل مما انتظرنا، وهي تؤكد أن الاقتصاد البرازيلي كان واحدا من أفضل الاقتصادات التي حققت انتعاشا في العالم، والصين فقط هي التي حققت نموا بهذا الحجم". وأضاف أن أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية يفترض أن يحقق نموا بين 6 و6,5 في المئة هذا العام بزيادة عن التوقعات السابقة المقدرة مابين 4,5 و5,5 في المئة. وتابع مانتيغا بقوله "تعاملنا بشكل جيد مع السياسات المالية والنقدية، إضافة إلى قوة الطلب من الطبقة الوسطى المتنامية، هو ما قاد الأمة خلال الأزمة التي بدأت عام 2008 ولا تزال تهدد دولا مثل اليونان وإسبانيا والبرتغال". وأكد أحدث تقرير صادر عن معهد الإحصاءات الحكومية أن الانتعاش في الربع الأول كان الأقوى المسجل منذ عام 1995.
البرازيل وقوة "بريكس"
البرازيل تشكل مع كل من الهند والصين وروسيا، مجموعة بريكس أو نادي الأربعة، وهي تمثل أكبر الاقتصادات خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهي نادي الأغنياء بالنسبة للاقتصادات الناشئة. وتقول مجلة "الإيكونومست" في مقال إن المجموعة لا تتمتع بالترابط والتماسك القانوني أو التاريخي أو الجيوسياسي مثل الاتحاد الأوروبي، كما أن دولها لا تواجه التحديات أو الأخطار الأمنية نفسها كما يحدث لدول الناتو. أما إسوار براساد من جامعة كورنيل فيوضح أن "بريكس" هي ثمرة الكساد الكبير، وقد اشتهرت بسبب الجدل الخاص بالكساد بشأن إعادة التوازن إلى الاقتصاد العالمي، ومع تزايد الجدل تزداد كذلك الأفكار عن "بريكس".
#3#
وتقول "الإيكونومست" إن "بريكس" تكتسب قوتها من ضخامة اقتصادات أعضائها، حيث يزيد الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول على تريليون دولار. وقد حققت كل الدول الأعضاء باستثناء روسيا نموا مستداما أكثر من معظم البلدان الأخرى خلال فترة الكساد. وربما كان أهم الإشارات إلى أهمية "بريكس" للاقتصاد العالمي هو نصيبها من احتياطيات العملة الأجنبية. وهذه الدول الأربع تعد من بين أكبر عشر دول تحتفظ باحتياطيات تبلغ نحو 40 في المئة من مجموع احتياطيات العالم. وتملك الصين وحدها 2.4 تريليون دولار تكفي لشراء ثلثي شركات مؤشر ناسداك مجتمعة، كما تعد ثاني أكبر دائن بعد اليابان.
لكن الأكثر أهمية بالنسبة لروسيا وكما هو الحال بالنسبة للآخرين أنهم يرون أن المجموعة هي وسيلة لإخبار الولايات المتحدة بأن أكبر الدول النامية لها خياراتها وأنه ليست كل الطرق تقود إلى واشنطن.
ولهذا السبب هناك من أعضاء الكونجرس الأمريكي من ينظر إلى "بريكس" نظرة ذعر وخوف، ولعل أهم وأكبر هواجسهم يتمثل في العملة الصينية. وكانت روسيا لا تمتلك أي احتياطي من العملات الأجنبية حينما بدأت إصلاحات السوق في عام 1992 ولكنها تملك الآن نحو 420 مليار دولار، وإذا ما تخلت "بريكس" عن سدس احتياطيها يمكنها تأسيس صندوق بحجم صندوق النقد الدولي.
وقد وفرت العملات والأصول الأجنبية حماية وأمانا ضد الكساد الكبير، وساعدت "بريكس" لتصبح قوة مالية علاوة على كونها قوة اقتصادية، في وقت تناضل فيه معظم الدول الغربية من أجل كبح جماح العجز في ميزانياتها وارتفاع ديونها. وتعد مستويات الدين العام لـ "بريكس" متواضعة ومستقرة في الغالب باستثناء الهند. وقد ترجم هذا الأداء الاقتصادي إلى أنواع مختلفة من النفوذ. ولعل برامجها للتنمية ومحاربة الفقر تحتل مرتبة أعلى في اهتمامات أعضاء "بريكس" منها في الدول الغربية. وهذه الدول تحاول تنويع اقتصاداتها وتتحدى الأفكار الغامضة للعولمة. وقد انفتحت "بريكس" دون تطبيق الليبرالية الكاملة التي يقودها ما يعرف بإجماع واشنطن.
وقد حظي هذا الوضع القوي بالاحترام من قبل الدول النامية التي تتوق لمعرفة كيف تمكنت "بريكس" من فعل ذلك في حقبة ما بعد الكساد الكبير. و"بريكس" ليست البديل تماما لما يعرف بإجماع واشنطن، كما يقول ماثياس سبيكتر من مؤسسة غيتوليو فارغاس في البرازيل، ولكنها توفر أنماطا أخرى للمنافسة والمحاكاة وأثبتت فاعلية في التعبير عن شيء مميز في الشؤون الاقتصادية.
ويقارن وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون الاقتصادية روبرت هورماس أيام 2010 مع أربعينيات القرن الماضي. ويقول إن "حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية تختلف عما كانت عليه قبل الحرب بحيث باتت بحاجة إلى مؤسسات جديدة". ويعد ما جرى في القرن الواحد والعشرين شبيها بذلك خاصة بعد الأزمة المالية. ويستطرد قائلا "لا يمكنك العودة إلى نظام تقوده اقتصادات غنية قليلة". ويشكك هورماس في قدرة "بريكس" في القيام بتغيير أساسي. فأعضاؤها يفتقرون إلى التماسك ويتنافسون فيما بينهم كما يحدث بين أمريكا وأوروبا، ولذلك فمن غير المرجح أن تكون لنادي "بريكس" نفس قوة طموحاتهم الفردية.
واشنطن تشكك في تماسك "بريكس"
وحيث إن "بريكس" تحاول أن تشكل قوة اقتصادية تواجه الهيمنة الأمريكية، فإن الولايات المتحدة تشكك في تماسك "بريكس" وقدرتها الاقتصادية عالميا في مواجهة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان، ويؤكد روبرت هورماس وكيل الخارجية الأمريكية أن هناك عقبة أكثر أهمية أمام تماسكها وهي الخصومة الاستراتيجية. فقد كانت هناك مناورات عسكرية مشتركة بين الصين وروسيا، وروسيا والهند، والصين والهند في السنوات الأخيرة. والمشكلة الكبرى هي الخصومة بين الصين والهند اللتين خاضتا حربا في عام 1962، حيث تمكنت الصين من احتلال شريط من كشمير التي تقول الهند إن باكستان ضمتها بطريقة غير شرعية.
ويشير أيضا إلى أن الصين تنازع الهند في اسم ولاية أروناشالبراديش وحاولت في عام 2009 منع بنك التنمية الآسيوي من إقراض الهند أموالا بسبب إمكان تمويل القروض لمشروع التحكم في الفيضان. وهناك من يعتقد أن الخلافات بين أعضاء "بريكس" لا تشل المجموعة التي تقف موحدة من أجل إصلاح صندوق النقد الدولي على سبيل المثال ولكنها تحد من فاعليتها. كما لا يوجد دليل على التعاون العسكري بين أعضاء المجموعة ولا في مجال التجارة ـــ كما يقول سبيكتور "بريكس مجرد شيء ما دون القيام بأي عمل".
كما تواجه "بريكس" منافسين في العالم. فدول شرق آسيا تتكتل فيما قد تصبح مجموعة ذات سوق ناشئة قوية، وقد دخلت اتفاقية التجارة الحرة ـــ التي تضم الصين ورابطة دول جنوب شرق آسيا ـــ حيز التنفيذ في يناير الماضي. وشكلت دول من تلك المجموعة، وهي كوريا الجنوبية واليابان والصين، صندوقا للاحتياطيات من العملة الخارجية ووفرت له جزءا ضئيلا من التنسيق في مجال السيادة النقدية.
العلاقات التجارية العربية ـــ البرازيلية
أخذت العلاقات التجارية العربية ـــ البرازيلية تزدهر مع التعاون العربي مع دول أمريكا اللاتينية، وتوجت بعقد القمم بين دول الجامعة العربية ودول أمريكا اللاتينية، فقد زاد حجم التبادل التجاري بين الدول العربية والبرازيل من 4.5 مليار دولار أمريكي عام 2000، وهو ما يعادل 4 في المئة من إجمالي التبادل التجاري البرازيلي الكلي في ذلك الوقت، إلى أكثر من 20 مليار دولار بحلول عام 2008، وهو ما يقارب 5,5 في المئة من إجمالي التبادل التجاري. ونتيجة لتأثيرات الأزمة المالية العالمية وتداعياتها فقد انخفض حجم التبادل التجاري إلى ما دون 15 مليار دولار أمريكي، لكنه عاد للارتفاع مع الأشهر الأولى لعام 2010 ليقارب مرة أخرى 20 مليار دولار.
وتتوزع هذه المليارات العشرون عبر ثلاث مناطق: الخليج العربي، والمشرق العربي، والمغرب العربي؛ حيث بلغ حجم التجارة مع دول الخليج العربي أكثر قليلا من 9 مليارات دولار عام 2008، بينما نقص عن هذا الرقم قليلا مع دول شمال إفريقيا، فيما بلغ 2.2 مليار دولار مع دول المشرق العربي عن العام نفسه. ويأتي الميزان التجاري في صالح البرازيل، حيث تصدر للعالم العربي أكثر مما تستورد منه، وتأتي اللحوم على رأس السلع البرازيلية المصدَّرة للمنطقة العربية. بينما تُعد الزيوت القابلة للاحتراق أهم الواردات البرازيلية من العالم العربي. أما على مستوى الاستثمارات الخارجية فقد أصبحت البرازيل في السنوات الأخيرة ـــ منذ تحقيق الاستقرار الاقتصادي ـــ واحدة من أهم الدول المستقبِلة للاستثمارات الخارجية المباشرة، ولكن حجم مشاركة الدول العربية في هذا المجال حتى الآن لا يزال غير محسوس، فلا توجد دولة عربية واحدة من بين الدول الأهم في الاستثمارات الأجنبية في البرازيل منذ عام 1995.
وعلى الرغم من أن الشركات البرازيلية بدأت في السنوات الأخيرة تزيد من رقعة استثماراتها وانتشارها في بلدان العالم المختلفة، ولا سيما أمريكا اللاتينية وإفريقيا، وتوجه البنوك البرازيلية إلى القارة السوداء لتشجيع التجارة، فإن حجم وجود هذه الشركات في الأسواق العربية لا يزال محدودا برغم أن هذه الشركات مُلمّة بمتطلبات المنطقة العربية في المجالات الهندسية والبِنى التحتية، ولديها دراية بعمليات التنقيب عن النفط، كما لا يوجد في البلدان العربية إلا القليل من المتاجر التي تبيع المنتجات البرازيلية مثل العطور والملابس، إضافة إلى عدد محدود من مكاتب التشييد العقاري وشركات بيع اللحوم والدواجن.
البرازيل فرصة للمصرفية الإسلامية
التجربة البرازيلية الاقتصادية ناجحة ومتميزة، وكان الوفد الاقتصادي البرازيلي قد زار الكويت في أبريل 2010، وفي لقاء نظمته السفارة البرازيلية في الكويت بمشاركة الغرفة التجارية العربية ـــ البرازيلية، قدم الوفد البرازيلي عرضا عن الاقتصاد البرازيلي والنقلات النوعية التي حدثت خلال العقود الثلاثة الماضية.
وقال نائب الرئيس للتجارة الخارجية في الغرفة التجارية العربية ـــ البرازيلية فلاديمير فريحة إن الغرفة قامت بتأسيس لجنة مختصة بتطوير العلاقات الاقتصادية بين البرازيل والدول العربية. وأوضح أن اللجنة تسعى إلى تطوير السياحة من خلال زيادة الوفود السياحية من دول المنطقة إلى البرازيل وزيادة حجم الاستثمارات العربية في قطاع السياحة البرازيلي، مشيرا إلى أن تسيير الخطوط الجوية الإماراتية رحلة مباشرة بين دبي وسان باولو أسهم في تعزيز هذا التعاون. بدوره، قدم الكسندر روكا من بنك البرازيل المركزي عرضا عن حجم الاستثمارات التي تنوي البرازيل تنفيذها في مجال البنى التحتية والطاقة، لافتا إلى أن حجم هذه الاستثمارات يتجاوز 500 مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة. وأضاف أن البرازيل تعد من بين أكثر 10 دول نموا على مستوى العالم بعدد سكان يصل إلى 200 مليون نسمة بينهم 52 في المئة من الطبقة الوسطى، مشيرا إلى أن البرازيل تتوقع أن تصبح من بين أكبر 15 اقتصادا عالميا بحلول عام 2015.
وبين روكا أن البرازيل آخر دول العالم التي تأثرت بالأزمة المالية العالمية، وأول الدول التي خرجت منها، متوقعا دخولها قطاع الطاقة كلاعب رئيسي في الفترة المقبلة بسبب الاكتشافات النفطية والغازية الجديدة. وذكر أن البرازيل تعد من الدول المتطورة في مجال الطاقة البديلة والنظيفة، حيث إن 80 في المئة من السيارات في البرازيل تعمل بمحركات مختلطة من الوقود الحيوي، فيما تعد مدينة سان باولو من بين أكبر 4 مدن في العالم. وعن الاستثمارات العربية المباشرة في البرازيل، أشار روكا إلى ضعف هذه الاستثمارات بشكل عام، حيث تحتل الإمارات العربية المتحدة المرتبة الأولى، فيما تحتل الكويت المرتبة الثانية، مشددا على تطوير هذه الاستثمارات البينية بما فيه مصلحة للجانبين. ولفت إلى أن قانون الاستثمار الأجنبي في البرازيل ـــ رغم قدمه ـــ إلا أنه لا يتدخل في حركة رؤوس الأموال أو العوائد على الاستثمارات الأجنبية أو الأرباح. وتبقى هذه الظروف ووجود جالية مسلمة كبيرة نسبيا في البرازيل فرصة مناسبة للمصرفية الإسلامية للعمل فيها.