اللعب بسوق الإنترنت في الصين
إذا سئلت عن شبكة اجتماعية لديها 500 مليون عضو، ستفكر على الأرجح في موقع فيس بوك الذي يحظى بشعبية هائلة. ولكن ليس هذا هو الوضع في الصين، حيث يتمحور الحديث عن كيوزون، وهو موقع شبكة اجتماعية لديها، حسبما تفيد التقارير، نحو 458 مليون عضو، والتي تسمح للمستخدمين بإرسال الرسائل، وإنشاء المدونات، وتبادل الصور، والاستماع إلى الموسيقى، من بين ميزات أخرى عديدة.
وهناك المزيد. فنقرة واحدة تأخذك إلى موقع كيو كيو، وهو خدمة الرسائل الفورية، أو إلى كيو كيو جيمس، منفذ للألعاب على الإنترنت، أو إلى بيبي. كوم، وهو موقع تجارة إلكترونية من المستهلك إلى المستهلك. والأرقام مذهلة ـــ ففي حزيران( يونيو)، ذكر موقع كيو كيو أن لديه 612 مليون حساب لمستخدمين نشطين وأنه يملك 78 في المائة من الحصة السوقية لسوق الرسائل الفورية في الصين.
ويندرج موقع كيوزون، وكيو كيو، وكيو كيو. كوم، وكيو كيو ميل، تحت محفظة خدمات شركة تينسنت، أكبر لاعبة إنترنت في الصين، إذ تعمل تحت شعار توفير ''تجربة حياتية شاملة الخدمات على الإنترنت''.
وأخبر جوليان ما، المدير العام في قسم الاستراتيجيات والتطوير المؤسسي في شركة تينسنت ـــ انسياد نولدج: ''أن السر هو أن تجعل كل (هذه) الخدمات مرتبطة بصورة وثيقة ومتكاملة بشكل جيد، وتحرص أيضاً على أن تكون كل خدمة سهلة الاستخدام، بحيث تقدم أفضل تجربة للمستخدم، مقارنة مع منافسينا. والشيء الذي نركز عليه أساسا هو دراسة كل منتج، أو خدمة، لمعرفة ما إذا كان مستخدمونا يشعرون بالرضا عنها''.
في عام 2009، حققت الشركة التي مقرها شنزن التي تم تأسيسها عام 1998 إيرادات بقيمة 1.8 مليار دولار، ثم كشفت عن إيرادات تبلغ 1.3 مليار دولار في النصف الأول من عام 2010. وبرامج التشغيل هي مجموعة منوعة من خدمات القيمة المضافة للإنترنت والهاتف المحمول، يتم تقديمها بقسط يبلغ نحو عشرة يوانات شهريا. فعلى سبيل المثال، يسمح كيو كيو شو لمستخدمي الرسائل الفورية بإنشاء شخصيات على الإنترنت، وشراء اكسسوارات تضفي الجاذبية على شخصياتهم. وتقدم خدمة سوبر كيو كيو ميزات التعديل حسب الرغبة لمستخدمي الهواتف المحمولة، بالإضافة إلى مشغل موسيقى مجاني. وفي نهاية حزيران (يونيو)، كان لدى ''تينسنت'' 63.2 مليون اشتراك مدفوع لخدمات القيمة المضافة للإنترنت و24.1 مليون اشتراك لخدمات القيمة المضافة للهواتف المحمولة.
هيمنة اللاعبين المحليين
في حين تهيمن ''تينسنت'' في مجال الرسائل الفورية والشبكات الاجتماعية، إلا أنها متخلفة عن اللاعبين المحليين مثل بيدو، وعلي بابا تاو بو في مجال البحث والتجارة الإلكترونية. ومع ذلك، فإن غياب، أو قلة نشاط اللاعبين الأجانب واضح. ويقول ما: ''تعرف الشركات المحلية الكبرى المستخدمين المحليين على نحو أفضل. ولذلك يمكنها الاستجابة للسوق المحلية، بشكل أفضل لأن لدينا عملية اتخاذ قرار معدلة حسب الاحتياجات المحلية ومنظمة تناسب الاحتياجات المحلية هنا''. وقد كان موقع إي. باي من أوائل الداخلين إلى سوق التجارة الإلكترونية الصينية، ولكن سرعان ما تفوقت عليه تاو بو التي نُسب نجاحها إلى الاستراتيجيات الذكية المصممة خصيصا للمستهلك الصيني. فعلى سبيل المثال، ليست هناك رسوم إدراج، أو رسوم صفقات للمستهلكين الذين يهتمون بالتكاليف، والتي خفضتها شركة إي. باي في وقت متأخر ـــ تولد تاو بو إيرادات من الإعلانات ورسوم الإدراج المفضل. وصممت أيضاً أدوات خاصة لمساعدة المستخدمين على المساومة على الأسعار في الوقت الحقيقي تماما، مثل سلوك المتسوقين المحليين. ولكن قد يتغير ذلك بسبب زيادة تركيز واستثمار الشركات الأجنبية في الصين، كما يقول ما. إلا أن التنظيم والرقابة الحكومية في الصين لا تزال مسائل مثيرة للخلاف وقد تردع اللاعبين الأجانب في مجال الإنترنت. فقد أغلقت شركة جوجل مثلا موقع البحث الصيني المحلي الخاص بها في وقت سابق من هذا العام بعد نزاع متعلق بالرقابة مع الحكومة الصينية. وتتم الآن إعادة توجيه المستخدمين إلى صفحة البحث لجوجل عبر خوادم في هونج كونج، إلا أن تحديها كلفها تقلص الحصة السوقية. وتواجه مواقع إلكترونية شعبية مثل تويتر وفيس بوك، ويوتيوب، أيضا وصولاً محدوداً أو عدم القدرة على الوصول في الصين ـــ ويفيد بعض التقارير أن أكثر من ثلاثة آلاف شرطي إنترنت في الصين يراقبون المحتوى، ويحظرون المواقع التي قد تكون مسيئة سياسيا.
زيادة حجم الكعكة
في هذه الأثناء، فإن شركة تينسنت التي تتخلف فقط عن جوجل، وأمازون، من حيث الرسملة السوقية من بين شركات الإنترنت تمضي قدما في تنفيذ خطط النمو والتطور. ويقول ما، مشيراً إلى معدل الانتشار في الصين البالغ نحو 31 في المائة، مقارنة بالمعدلات البالغة نحو 75 في المائة في الولايات المتحدة، واليابان: ''الإنترنت من حيث القيمة التجارية اليوم في الصين لا يزال صغيرا جدا. ونتنافس اليوم في سوق فيها نحو 420 مليون مستخدم إنترنت نشط. وفي المستقبل، نريد أن نخدم ونتنافس في سوق فيها 840 مليون مستخدم''.
إن سوق الهواتف المحمولة سريعة النمو هي أحد الأهداف الرئيسية للشركة عقب الانتشار الهائل للهواتف الذكية معقولة الأسعار التي تفيد أيضاً المستخدمين العابرين، مثل الطلاب، والعمال المهاجرين الذين هم أقل احتمالا للحصول على أجهزة كمبيوتر شخصية. وهو مجال محفوف أيضاً بالتحديات، كما يقول ما، بالنظر إلى العدد الوافر من الأجهزة، والعمل المطلوب لضمان التوافق مع كل نموذج. والخدمات ذات الصلة بنمط الحياة، في سياق المواقع الإلكترونية التي تقدم استعراضات المطاعم وقراءة الكتب على الإنترنت، وما إلى ذلك هي أيضاً مجالات واعدة للنمو. وقد بدأ نشاط التجزئة على الإنترنت، ونشاط المبيعات في التزايد أيضاً، كما يقول ما، على الرغم من أنه ليس محور تركيز مباشر لشركة تينسنت.
بدأت الشركة بإقامة تحالفات استراتيجية، واستثمارات في الأسواق الأجنبية ـــ استثمار بقيمة 300 مليون دولار في شركة ديجتال سكاي تيكنولوجيز الروسية في نيسان (أبريل) واستثمارات أصغر في الهند، وفيتنام، وتايلاند. ويقول ما: ''في المستقبل القريب، سيأتي المصدر الرئيسي للنمو من الصين. ولكن على المدى الطويل، يجب أن تكون لدينا محفظة أكثر توازنا''.