الابتكار الهندي.. الاستفادة من السوق الهندية
في عالم الأعمال، كما هو الحال في الحياة، من المهم أن تكون في المكان المناسب في الوقت المناسب - ومن الواضح أن هذا هو هدف شركة مستحضرات التجميل الفرنسية العملاقة لوريال في الهند. ولمدة عقدين تقريبا، حاول أصحاب علامات تجارية مثل ميبيلين ولوريال باريس ولانكوم وجارنييه تجربة مجموعة متنوعة من استراتيجيات الابتكار والتسويق التي يبدو أنها أتت بثمارها. فاليوم، تملك لوريال - حسبما تفيد التقارير - حصة بنسبة 41.5 في المائة من السوق في الهند لملطفات الشعر، ونحو 20 في المائة لمنتجات تلوين الشعر، ونسبة 6.5 في المائة و4.6 في المائة لمنتجات العناية والشامبو على التوالي. وفي الوقت نفسه، تعتبر اللاعب الرئيس في الدولة في قطاع منتجات صالونات الشعر.
ويقول دينيش دايال، مدير عمليات لوريال في الهند: ''إنه تبين أن الابتكار للسوق المحلية، سواء في المنتجات أو التسعير، إضافة إلى استراتيجية التسويق القوية، فعال للغاية''. ''ما أنتج النوع الصحيح من الابتكار هو في الواقع مزيج من الحدس وبحوث السوق الجادة وقوة قسم الأبحاث والتطوير لدينا''.
العمل على المستوى المحلي
بالنسبة إلى المنتجات الاستهلاكية للعلامتين التجاريتين جارنييه ولوريال باريس، كان التكيف وفقا للثقافة والأفضليات المحلية أمرا بالغ الأهمية. وأخبر دايال انسياد نولدج في مقابلة معه: ''منتجاتنا الرائجة هي على نحو متزايد منتجات الابتكار الهندي''. فعلى سبيل المثال، أعادت جارنييه تصميم منتج تلوين الشعر الذي ينطوي على المزيد من العمل اليدوي لمزج الصبغة. ولكن بما أن سعره ربع سعر التجزئة الدولية، فهذا يعني أن المستهلكين الجدد أكثر استعدادا لشراء المنتج. ومن قصص النجاح الأخرى هناك شامبو جارنييه الذي أساسه الزيت، جارنييه فراكتيس شامبو + زيت، وهناك أيضا منتجات للشرائح غير النشطة سابقا مثل كريمات مكافحة التجاعيد ومنتجات العناية بالبشرة للرجال. وإلى جانب ''الابتكار الهندي'' كما يصفه دايال، فإن إيجاد الوعي بالعلامة التجارية عن طريق استخدام نجوم السينما المحبوبين في الدعايات التلفزيونية تبيّن أنه ضروري أيضا لكسب موطئ قدم قوي. ويشير دايال: ''التلفزيون راسخ جدا هنا (في الهند). فهو في ازدهار، والإعلان على التلفزيون مع وجود سفير ممتاز سيستمر. وستأتي وسائل الإعلام الجديدة كسوق متخصصة مع تطور الدولة''.
في عام 1997، حين أطلقت قسم منتجاتها المهنية، كانت لوريال تستهدف صناعة تصفيف الشعر غير المنظمة إلى حد كبير لتسويق وبيع منتجاتها الخاصة بصالونات الشعر - لوريال بروفيشينال، كريستاس، وأخيرا ماتريكس. وكانت الشركة تسعى لتثقيف أصحاب صالونات الشعر ومصففي الشعر، وفتحت خمسة مراكز تدريب إقليمية. وأطلقت الأكاديمية الدولية لتصفيف الشعر عام 2006 في مومباي، التي تقدم تعليما أساسيا ومتقدما لتصفيف الشعر، وتدعو بانتظام مصففي الشعر العالميين لإجراء ورش عمل وحلقات دراسية.
إنشاء قاعدة العملاء
انتشار المنتجات منخفض في الأسواق الناشئة؛ مما يوفر مساحة كبيرة للنمو.
ويقول دايال: ''هناك نمو هائل ورغبة في الاستهلاك. وحتى بين الشرائح التي لديها استخدامات كثيرة مثل الشامبوهات، هناك رغبة في تحسين أداء المنتجات''. ويضيف: ''إن المثير للاهتمام أيضا هو أن هذا لا ينتشر فقط في قسم واحد من السكان''.
وقد أطلقت لوريال قسم المنتجات الفاخرة قبل ثلاث سنوات، وكان دايال يترأس القسم الجديد. وتشهد المجموعة، التي تملك علامات تجارية مثل لانكوم وجيورجيو أرماني وإيف سان لوران، نموا قويا في قطاع المنتجات الفاخرة يبلغ ما بين 25 و30 في المائة، كما يوضح. ويقول دايال: ''ليس هناك هند واحدة. فهي سوق متغايرة الخواص وكل منها له أفضلياته الخاصة. وعلى جميع الجبهات، النمو مرتفع للغاية''. وتظهر السلع الاستهلاكية أيضا معدلات نمو قوية تبلغ نحو 15 في المائة، كما يضيف.
تجزئة الأسواق
إلا أن الصورة الكامنة أكثر تعقيدا بكثير، وفقا لبادي بادمانبهان، أستاذ التسويق في إنسياد. فقد تكون المنتجات الفاخرة رائجة في المدن الهندية التي يوجد فيها خليط عالمي مثل دلهي ومومباي وبنغالور، إلا أن قاعدة عملائها الصغيرة تجعلها أيضا أسواقا تنافسية للغاية، سواء لمنتجات التجميل أو العطور أو الاكسسوارات. ويوضح بادمانبهان أن الفرص الأكبر هي في المدن من الدرجة الثانية مثل أحمد أباد وأورانجاباد مثلا، التي تنمو بصورة سريعة جدا، لكنها غير قادرة على الحصول على المنتجات والخدمات الفاخرة. إضافة إلى ذلك، هناك فرصة كبيرة جدا في السوق الوسطى، حيث يريد المستهلكون الاستهلاك ولكن ليس بأسعار عالية جدا، وهو تحد يواجه اللاعبين الدوليين مثل لوريال التي تواجه ''منافسة شرسة'' من علامات تجارية محلية ناجحة مثل ماريكو ودوبار إنديا وشركة السلع الاستهلاكية العملاقة هندوستان يونيليفر.
ويقول بادمانبهان: ''الابتكار لا يقتصر فقط على إيجاد منتجات جديدة. فهو على جميع أنحاء الطيف، من الإجراءات والعمليات ونموذج العمل والتنظيم. وملاحظة دايال على هذا دقيقة تماما. وفي الواقع، هذا أمر حتمي في السوق الهندية التنافسية للغاية''.
وقد أنشأت لوريال فرعها في الهند المملوك بالكامل لها عام 1994 مع إطلاق منتجات شامبو جارنييه ألترا دو. وكان في ذلك الوقت تقريبا حين زادت كثيرا نسبة مشاهدة التلفزيون في الهند وتصدرت النساء الهنديات مسابقات ملكات الجمال الدولية - وهما حدثان أثارا اهتمام المستهلكين في مستحضرات التجميل، كما يوضح دايال. إلا أن التغييرات الملموسة لم تكن واضحة إلا قبل خمس إلى سبع سنوات حين بدأت النساء بالانضمام إلى القوى العاملة بأعداد كبيرة. وأصبح الدخل المتاح والتعرض لثقافة العولمة نقطتي تحول رئيستين.
ويشرح دايال أن التحديات التي تنتظرهم هي ابتكار منتجات جديدة، وتوفير التشغيل الآلي لسلسلة التزويد، والمعرفة بالأسواق الأصغر، وتحديات تنظيمية والحفاظ على ثقافة الشركة العالمية.
ويقول دايال: ''(نحن) شركة قيمتها 200 مليون دولار والشركة التابعة الأسرع نموا في مجموعة لوريال. ونشعر أحيانا أننا في البداية، لذا فإن هذا يشعرنا بثقة كبيرة في أنفسنا''.