محطات الوقود .. هكذا تتطاير فرص عمل الشباب!

محطات الوقود .. هكذا تتطاير فرص عمل الشباب!
محطات الوقود .. هكذا تتطاير فرص عمل الشباب!

على الرغم من تنوع الأسباب التي تحبط أي آمال للشباب السعودي في العمل في محطات الوقود، إلا أن كثيرا ممن التقيناهم يرون إمكانية تحقيق ذلك في حال إيجاد جهة مستقلة تتبع لها هذه المحطات وصياغة الأطر التنظيمية لهذا الاستثمار بشكل صارم.
ويرى الشباب في الحلقة الثانية من سلسلة تحقيقات ''الاقتصادية'' عن قطاع الخدمات الذي نبدأه بقطاع محطات الوقود, أن وضع المحطات الحالي لا يساعد إطلاقا على العمل فيها، وذلك لعدة أسباب, لعل من أهمها سيطرة الأجانب عليها، حيث يستأجرها أحدهم ثم يعود إلى تأجير بقية محتوياتها من الباطن إلى عمالة أخرى، تشغلها وتسكن وتشرب داخلها. الحل الذي اتفق عليه أغلبية ضيوف حلقتنا الثانية اليوم، هو دخول شركات كبيرة في هذا القطاع لتستطيع رفع قدرتها الاستثمارية من خلال تطوير الإمكانات داخل المحطات، بحيث تكون جاذبة للمسافرين، وتتحول من عائقة لسياحة السفر إلى جاذبة له. هنا تفاصيل الحلقة الثانية من هذه السلسلة:

#2#

تفتقد التنظيم

محمد السبيعي من الشباب الباحث عن وظيفة يقول: إن من الصعب أن يكون العمل في هذه المحطات مناسبا للشاب السعودي في الوقت الحالي، لكون هذه المحطات تفتقد كثيرا من التنظيم بذاتها فما بالك في توظيفها السعوديين، كما أن الراتب والمبلغ الذي سيحصل عليه الشاب السعودي عند عمله في هذه الوظيفة لن يفي بأبسط مقومات الحياة المعيشية للفرد, فكيف بمن يعول أسرة كاملة تتكون من أكثر من فرد! وأكد السبيعي أنه في حال وصول هذه المحطات إلى المستوى المأمول منها في الرقي والتوسع في خدماتها أو تحويلها إلى محطات خدمة ذاتية عندها من الممكن أن يعمل الشاب فيها كمحاسب أو مشرف وليس كعامل ميداني. وأشار السبيعي إلى أن وزارة العمل ممثلة في وزيرها الجديد مطالبة في كثير من المواقع بإلزام الشركات بتوظيف السعوديين فيها بدلا من العمالة الأجنبية التي تصل رواتب بعضهم إلى عشرات الآلاف، في ظل وجود البديل ذي الخبرة والشهادة الأعلى, وكذلك براتب أقل من الذي يتقاضاه الأجنبي.

طموحات الجامعيين

في الصدد ذاته, يقول خالد آل حاضر, وهو خريج كلية معلمين الدمام: إن من غير المنطقي أن يعمل الشاب السعودي في مثل هذه المواقع, خاصة بعد أن قطع كل هذا المشوار في حياته، وهو يطمح في الوصول إلى هذه الدرجة من العلم، وأضاف: ''أنا هنا أتحدث عن عمل أصحاب الشهادات الجامعية, الذين لا يتناسب عملهم مع طبيعة المؤهل الذي يحملونه''، وبين آل حاضر أن العمل في حد ذاته ليس عيبا، لكن العيب أن تترك المجالات المهمة والجديرة بالسعودة, ويلتفت إلى هذه المجالات، بحيث تعطى الفرص لغيرنا من الأجانب في تجربة أعمال ووظائف جديدة لا علم لهم بها.
وأكد آل حاضر أنه رافض تماما فكرة أن يقف في إحدى المحطات للعمل تلك الساعات الطوال ـــ في ظل وضعها الحالي ــ بمقابل ضعيف، باستثناء تلك الوظائف التي تعتمد على تحصيل العوائد المالية أو العمل كمشرف على عدد من المحطات، وأضاف آل حاضر: لماذا لا يتم إسناد هذه المحطات إلى جهات حكومية أو شركات كبرى تستطيع أن توفر جوا عمليا جيدا بمميزات تجذب الشباب السعودي إليها وبدعم من صندوق الموارد البشرية في هذا الموضوع، إضافة إلى التأمين الصحي وبعض الحوافز التي تشجعه، وأضاف: فيما يخص العمل في المحطات, فهذا من وجهة نظري, لن يحل مشكلة البطالة التي نعانيها, وبحسب اطلاعي على عديد من الإحصاءات الأخيرة, تصل إلى نصف مليون شاب وشابة.

أولوية السعودة

من جهته, يؤكد وليد كسار خريج ثانوية عامة أن الوقت لا يزال مبكرا جدا على سعودة محطات الوقود، مبينا: ''هناك عديد من المشاريع التي يمكن أن تنفذ فيها عمليات السعودة، حيث لا تزال تلك المواقع في حاجة إلى السعودة، وقد رأينا كيف نجحت فكرة السعودة في المحال التجارية الكبيرة وإقبال الشباب عليها، بل إن عديدا منهم أصبح بحكم خبرته في عمله يشغل مناصب قيادية, معتبرا ذلك ''دليلا على أنه متى ما أعطيت الفرصة الكاملة للشباب السعودي فإنه سيثبت جدارته وأحقيته بهذا العمل، وأضاف كسار: إن الشباب لن يرضى بمرتب 2500 ريال، بل يطمح إلى أن تكون وظيفته وراتبها تؤهله إلى تكوين أسرة وفتح منزل، مستثنيا من ذلك بعض الشباب الذين يرغبون في العمل لمجرد إشغال وقت فراغهم وتوفير مصروفهم اليومي حتى يجدوا الفرصة أو الوظيفة المناسبة التي تم التقديم عليها مسبقا.
ثايب العبد لله ـ خريج ثانوية عامة ـ يقول: أنا لا أعيب العمل في ذاته, فالعمل بشرف أفضل بكثير من الجلوس دون عمل، مؤكدا أن وزارة العمل تريد معالجة الخطأ بالخطأ إذا ما قامت بسعودة محطات الوقود وإبعادهم عن القطاع الخاص وما يتوافر فيه من وظائف، لكن أن يعالجوا مشكلات القطاع الخاص بالبقاء على الوافدين الذين يمارسون شتى أنواع الضغوط بتطفيش الشاب السعودي وإبعاده عن منافستهم في القطاع الخاص وتحويلهم إلى وظائف المحطات, فهذا هو الخطأ بعينه.
ويشير: ''الشباب السعودي شباب طموح يرغب في العمل في تلك الوظائف على الرغم من كثير من المشكلات الصحية التي قد يتعرض لها الشاب عند عمله في هذه المواقع, التي أثبتت الدراسات الحديثة صحتها. وأضاف العبد الله: إنه في حال العمل في هذه المحطات فإن صاحب المحطة لن يلبث أن يجعل عليه رئيسا أو مشرفا من إحدى الجنسيات الأخرى للصورة المرسومة لدى كثير من أن الأجنبي أكثر دقة وأمانة من الشاب السعودي، إن العمل في محطات الوقود يرفضه جمهور عريض من الشباب لكون هذا الموقع لا يتناسب مع ما تعيشه المملكة من وضع اقتصادي يجعلها في مقدمة الدول اقتصاديا، فكيف يتجه الشباب فيها إلى العمل كعمال في محطات البنزين برواتب لا تتجاوز 1500 ريال.

ضعف المردود المادي

من جانبه, يرى عبد الله الخزمري خريج الكلية الصحية صعوبة في عمله داخل هذه المواقع، وذلك لعدة أسباب منها طول ساعات العمل ناهيك عن الأمراض التي من الممكن أن يتعرض لها جراء وجوده المستمر إلى جانب المنتجات البترولية التي قد تسبب له كثيرا من الأمراض، وكذلك ضعف المردود المادي والراتب الذي يحصل عليه الموظف، كما أن طول فترة العمل في المحطة التي تستمر ساعات طويلة يمكن أن يستغلها الشاب في عديد من المهن السريعة والوقتية التي يمكن أن ينجزها خلال اليوم التي لا تلزم الشاب بوقت أو دوام محدد. وأضاف الخزمري: يمكن أن يعمل الشاب في هذه المحطات كمشرف إذا ما أعطي عديدا من الحوافز التي تساعده على التغلب على جميع السلبيات المصاحبة لهذه الوظيفة، وأشار الخزمري إلى الدور الكبير الذي يجب على رجال الأعمال وأصحاب الشركات الالتفات إليه فيما يخص قطاع السعودة, مؤكدا أن أغلبية العمالة الأجنبية لم يكن لديها أي خبرة أو حتى معرفة بما يعملون فيه حاليا, مشيرا إلى أن المملكة تتمتع بجو اقتصادي ممتاز يجعل منها وجهة لكثير من العمالة الأجنبية طلبا لتحسين الوضع المعيشي لهم.
وأكد الغامدي أن الشاب السعودي قد يتهم في كثير من الأوقات بالتخاذل وعدم القيام بما يسند إليه من واجبات أو أعمال على الوجه المطلوب, وهذا موجود بطبيعة الحال في جميع الفئات, ولا يمكن أن يتم التعميم على الكل, فهناك من العاملين في وظائف حكومية لا يقومون بواجبهم كما يجب، فلماذا يتهم الشاب السعودي بهذه الاتهامات التي قد تعوق توظيفه في بعض المواقع التي ما إن يعمل فيها حتى يثبت جدارته ومقدرته على القيام بوظيفته على الوجه المطلوب.
مضايقات الأجانب

من جهة أخرى، التقت ''الاقتصادية'' بعض العمالة الأجنبية في بعض المحطات, الذين أبدوا عدم رضاهم عن وضعهم الحالي في هذه المحطات للأسباب نفسها التي ذكرها الشباب السعودي، وأهمها ضعف المردود المادي. في هذا الإطار يشير ''إم باهدور'' نيبالي الجنسية إلى أنه ينتظر انقضاء الشهر الحالي لمغادرة المملكة, وذلك لضعف الراتب الذي يتقاضاه الذي لا يتجاوز 800 ريال مقابل العمل 12 ساعة يوميا. في حين قال محمد سيف عامل هندي في إحدى محطات الوقود: إنه غير مهتم بالبقاء فترة أطول في المملكة وذلك لعدة أسباب منها ضعف الراتب, الذي لا يتجاوز 750 ريالا مقارنة بالجهد الذي يبذله طوال فترة العمل, علاوة على بعض المشكلات التي يواجهها أثناء عمله المتمثلة في الأضرار الصحية الناتجة عن وجوده بالقرب من المنتجات البترولية لفترة طويلة, وكذلك الضغط الذي يواجهه في أوقات الزحام، ما يتسبب في بعض الخسائر التي يتحملها العاملون في المحطة. وعن رأي سيف فيما لو أتيحت الفرصة للشباب السعودي للعمل في محطات الوقود، أكد أن تكاليف المعيشة في الوقت الحالي أصبحت عالية، وبهذه الرواتب الحالية لن يستطيع الشباب السعودي الاستمرار في العمل فترة طويلة, إضافة إلى ما سيواجهونه من طول ساعات العمل إلا إذا أعطيت لهم مميزات تختلف كثيرا عما يقدم للعامل الأجنبي.

الأكثر قراءة