الإصابة بحصيات المسالك البولية في المملكة مرتفعة مقارنة بالنسبة العالمية
أوضح الدكتور هشام موصلي، أستاذ جراحة مسالك بولية وعميد كلية الصيدلة - جامعة الملك عبد العزيز ورئيس الجمعية السعودية للمسالك البولية، أن الضعف الجنسي موضوع حيوي ومنتشر، ويجب أن تتم مناقشته بموضوعية وعقلانية وجدية دون تضخيم أو تهويل. محذرا من الشراء المباشر للأدوية من الصيدلاني دون وصفة طبية، مشيرا إلى أن بعض شركات الأدوية المصنعة دأبت على الإعلان التجاري وحث المرضى على الشراء المباشر من الصيدلية، وبعد ذلك ندمت هذه الشركات عندما حدثت مضاعفات وآثار جانبية، أو كان الدواء غير فاعل؛ لعدم مناسبته للمريض. وقال في حوار لـ ''الاقتصادية'': ''إن أكثر الأمراض التي تصيب الجهاز البولي والتناسلي في المملكة هي حصيات الكلى والمسالك البولية، وهناك العديد من الأسباب التي تجعل من المملكة من أكثر البلدان في العالم التي ينتشر فيها هذا المرض، حيث إن نسبة الإصابة بحصيات المسالك البوليـة تراوح بين 5 و7 في المائة من الشعب السعودي على مختلف الفئات العمرية والشرائح الاجتماعية، ويشمل الذكور والإناث، وهي نسـبة عاليـة أكثر بكثير من النسـبة المعروفة في العالـم المتقـدم، وهي نسبـة 2 إلى 3 في المائة فقـط. كما تناول الدكتور موصلي عددا من المواضيع والقضايا المهمة، فإلى تفاصيل الحوار:
ما أكثر أمراض المسالك البولية شيوعا في المملكة؟ وكيف يمكن الحد منها وتجنبها؟
أكثر الأمراض التي تصيب الجهاز البولي والتناسـلي في المملكة هي حصيات الكلى والمسالك البولية، وهناك العديد من الأسباب التي تجعل من المملكة من أكثر البلدان في العالم التي ينتشر فيها هذا المرض، وهذه الأسباب تتعلق بطبيعة الطقس، وعلى الخصوص طول الفصول الصيفية الحارة والرطوبة العالية على المناطق الساحلية للمملكة، وما يصاحب ذلك من تعرق وفقدان السوائل من الجسم، وهذا يؤدي إلى زيادة تركيز الأملاح في البول، وفي حال عدم التعويض وتدارك الأمـر بشرب كمية كبيرة من الماء والسوائل، فسرعان ما تترسـب هذه الأملاح على شكـل بلورات تلتصق بعضهـا ببعـض مكونة حصيات المسالك البولية. ومما لا شك فيه أن طبيعة الغذاء في المملكة الذي يتكون في معظمه من البروتين الحيواني وأغلبه اللحوم الحمراء، وهي مصدر رئيس للأمـلاح التي تخرجهـا الكلـى من البول. وهنـاك مصادر أخرى محببـة لأفـراد الشعب السعودي ويستهلكونها بكميـات كبيرة مثل الشاي والقهـوة بأنواعهـا والميـاه الغازية المصنـوعة من الكولا.
وبالتالي فإن نسـبة الإصابة بحصيات المسـالك البوليـة تراوح بين 5 و7 في المائة من الشعـب السعـودي، على مختلـف الفئـات العمرية والشرائح الاجتماعية، ويشمل الذكور والإناث، وهي نسـبة عاليـة أكثر بكثير من النسـبة المعروفة في العالـم المتقـدم وهي نسبـة 2 - 3 في المائة فقـط.
وتتلخص طرق العلاج الجراحي في تفتيت الحصيات بجهاز تفتيت الحصى وإزالة الحصيات بالمناظير الطبية المختلفة، وأخيرا وفي أضيق الحدود إزالة الحصيات جراحيا.
أمــا سبل الوقاية فتكمـن في نشـر الوعي وعدم تناقل المعلومات غير الصحيحة طبيا مثل شـرب كميـات كبيرة من مشـروب البقدونس، هذا النبـات الذي يحتوي على كميـات هائلة من الأملاح، ولم نر أي دراسـة طبيـة علميـة تثبـت فاعلية، وننصح بشـرب المـاء والسـوائل بكثرة، خاصة التي تحتوي على الأملاح النافعة مثل السترات، وهي موجودة في الحمضيات مثل الليمـون والبرتقال.
وإذا نظرنا إلى أكثر الأمراض بين الذكور على وجه الخصوص، فمن المؤكـد أن الأمراض التي تصيب غدة البروستاتا التي تنتج السائل المنوي هي أكثر الأمراض شيوعا. وعلى الإجمـال، فإن هذه الأمراض هي التهاب البروستاتا والتضخـم الحميـد والسرطان، وهذان الأخيران يصيبـان الرجال المتقدمين في العمـر، أما الالتهابات فيمـكن أن تصيب الرجال في أي مرحلة عمرية.
#2#
ونحمـد الله - سبحانه وتعالى - أن السرطانات التي تصيب الأعضاء البولية والتناسلية لدينا، هي بأعداد قليلة نسبيا مقارنة بالولايات المتحدة وبلدان العالم العربي التي ينتشر فيها سرطان البروستاتا بأعداد كبيرة جدا، ونحن بخبرتنا في الممارسة الطبية نرى أعدادا أقل هنا في المملكة، لكن مع ازدياد عدد السكان والزيادة المطردة في الأعمار وتطور وانتشار وسائل اكتشاف هذه السرطانات، فإنه من المؤكد أن المؤثرات البيئية والغذائية والجينية ستمر بالمتغيرات نفسها التي حدثت في البلدان الغربية، والاحتمال الأكبر أن أعداد المصابين بسرطان البروستاتا ستزداد بصورة متسارعة ما لم نستدرك الأمر ونجري العديد من الأبحاث الطبية التي تساعدنا على معرفة الوسائل الناجحة؛ للحد من هذا المرض والتوصل إلى المعرفة التي تقينا شـره، سواء من تناول الغذاء الصحي أو الممارسات الحياتية أو تجنب الالتهابات التناسلية وما إلى ذلك مما يحفـظ الصحـة والعافيـة - بإذن الله.
هل أمراض المسالك البولية التي تصيب الأطفال هي نفسها التي تصيب الكبار أم تختلف، وما أسبابها؟
الأمراض التي تصيب الأطفال مختلفـة، حيث إن حدوث الحصيات البولية من الأمراض النادرة في الأطفال، كذلك أمراض البروستاتا فهي تصيب الرجال فوق سن البلوغ، أما الأمراض التي تصيب الجهاز البولي عند الأطفال فتكمن في العيوب الخلقية التي يتم إصلاحها بعمليات جراحية، وكذلك الالتهابات البولية ويمكن علاجها بفاعلية وإصابات الحوادث، خصوصا التصادمات المرورية وحوادث السيـارات، حيث يجري التعامل مع الإصابات حسب طبيعتها وموضوعهـا وشدتها. وبالطبع هناك شق كبير من الأمراض التناسلية التي تصيب البالغين من الذكور، وأغلبها يتعلق بالضعف الجنسـي وسـرعة القـذف والأمـراض التناسلية الأخرى.
ما آخر الاكتشافات والبحوث في مجال علاج المسالك البولية؟
إن الاكتشافات الحديثة في المسالك البولية متعددة ومتسارعة والاختراعات في مختلف النواحي من تشخيص وعلاج، فقد تطورت الوسـائل التي يتم بها تشخيص الأمراض وأصبحت الرؤية أكثر وضوحا، فمثلا أصبحنا نعتمد بشكل كبير على الأشعة المقطعية دون صبغة ظليلة في تشخيص أصغر الحصيات البولية في الكلى والحالب. وقس على ذلك في أغلب الأمراض حصل تطور في طريقة التشخيص ليصبح أكثر دقة وسرعة.أما من ناحية العلاج، فقد تطورت أجهزة تفتيت الحصى إلى الجيل الرابع، وهو في غاية الفاعلية. كذلك تطورت الأساليب الجراحية مثل مناظير البطن التي يمكن استعمالها الآن في إجراء معظم العمليات للكلى والحالب والمثانة.
وتطور العلاج الجراحي لتضخم البروستاتا الحميـد، وهو مجال تخصصنا؛ إذ يمكننا الآن إجراء هذه العملية دون نزف دموي، ويسمح للمريض الخروج من المستشفى في وقت قصير جدا، وذلك عند استخدام الليزر الطبي الخضر، فلقد أجرينا في مركزنا الطبي في جامعة الملك عبـد العزيز العشـرات من العمليات الجراحيـة باستخدام الليزر الأخضـر بنجاح. وتوجـد هذه الأجهزة المتطورة في العديد من المستشفيات الكبرى في مختلف مدن المملكة، وهناك العديد من الزملاء استشاريي المسالك البولية من أعضاء الجمعية السعودية لجراحة المسالك البولية المتمكنين من ممارسة المناظير وإجراء العمليات الجراحية الصعبة والمعقدة.
هل أنت راض عن الحركة البحثية في المملكة؟ وما تطلعاتكم في هذا السياق؟
إن الحركة البحثية في مجال جراحة المسالك البولية لا بأس بها، وتعرض هذه الأبحاث في المؤتمر السنوي للجمعية، ويقام هذا العام - بإذن الله - في مدينة الخبر في الفترة من 18 إلى 21 ربيع الأول 1432هـ، والجدير بالذكر أن المؤتمر لهذا العام هو الـ 23، وتمت دعوة العديد من الأساتذة والخبراء العالميين للحضور والمشاركة في مناقشة أحدث المستجدات في مختلف نواحي تخصص جراحة المسالك البولية، ويشارك جميع جراحي المسالك البولية السعوديين في هذا المؤتمر بحرص وجدية. ومما لا شك فيه، فإننا في حاجة إلى إطلاق القدرات البحثية الهائلة لدى المتخصصين في الوطن، ونحتاج إلى دعم المجتمع والمؤسسات الحكومية والخاصة لإجراء المزيد من الأبحاث العلمية التي تسهم في تحسين وتطوير القدرات الطبية، وبالتالي الرعاية الطبية للمريض.
كيف تصفون فكرة الكراسي البحثية، وما رؤيتكم لما قدمته حتى الآن؟
فكرة الكراسي العلميـة فكرة رائعة، وما الكرسي العلمي إلا وعاء للمعرفة والبحث العلمي، يدعمه تبرع سخي من أحد أصحاب الخير والإحسـان الذين يبغون وجه الله واعتبار هذا التبرع المادي عملا كبيرا من أعمال الخير والإصلاح، حيث إن الأعمال المجراة ضمن الكرسي العلمي تتضمن تطوير القدرات البحثية والعمل الجماعي وانتشار المعرفة والعلم، وأخيرا استفادة المرضى والأصحاء في المجتمع من نتاج هذه الأعمال البحثية في الكرسي العلمي. ولقد أجرينا العديد من الأبحاث العلمية التي نشرت نتائجها في مختلف المجلات العلمية المعروفة.
ما مدى صحة الإعلانات التجارية التي يتم خلالها الترويج لأدوية تعالج الضعف الجنسي؟
مما لا شك فيه أن موضوع الضعف الجنسـي موضوع حيوي ومنتشر ويجب أن نناقشه بموضوعية وعقلانية وجدية، دون تضخيم أو تهويل.
العوامل الرئيسة لحدوث الضعف الجنسي هي التدخين وتناول بعض الأدوية التي تسبب الضعف الجنسـي وعدم السيطرة الفاعلة على مرض السكري، وكل هذه الأمراض تؤثر في الأوعية الدموية والأعصاب؛ ما يؤدي إلى خلل في الوظائف الطبيعية للرجل. ومن الضروري عمل تقييم شامل للمريض بواسطة استشاري المسالك البولية؛ لمعرفة الأسباب التي أدت إلى هذا المرض والتشخيص السليـم ووصف العلاج المناسب من أدوية فاعلة أو أساليب علاجية أخرى حسـب الحالة. وأعتقد أن الإعلانات الخارجة عن الذوق السليـم غير مناسبة لأخلاقنا ومجتمعنا.
لقـد أصبح الوعي لدى أفراد المجتمع من الانفتاح بحيث أدرك العديد من المرضى أن أسلم وأنجح طريقة في العلاج أن تكون تحت إشراف طبيب مختص وليس عن طريق الشراء المباشر من الصيدلاني دون وصفة طبية، حيث إن عمل ذلك ربمـا يعرض المريض لمخاطر عدة، أو أن يفقد الدواء فاعليته، ما ينعكس سلبا على صحة المريض ويفقده الثقة بنفسه وفي جدية عمل شركات الأدوية المصنعة التي دأب بعضهـا على الإعلان التجاري وحث المرضى على الشراء المباشر من الصيدلية، وبعد ذلك ندمت الشركات عندما حدثت المضاعفات والآثار الجانبية أو كان الدواء غير فاعل؛ لعدم مناسبته المريض الذي سيحجِم بلا شك عن تناول المزيد من الدواء ما لم تثبت فاعليته.
هل أنت مع التوسع في افتتاح كليات الطب البشري؟ وألا ترون افتتاح المزيد من كليات الصيدلة؟
بالتأكيد أنا مع افتتاح كليات جديدة للطب البشـري والصيدلة بشرط أن تجرى دراسات جادة عن الاحتياجات حسب التوزيع الجغرافي لهذه الكليات وسرعة تجهيز الفصول والمعامل والمستشفيات الضرورية للتعليم الطبي والصيدلي، ذلك أن الزيادة المطردة في أعداد السكان يجب أن تتلازم معها زيادة مناسبة متوازية في أعداد الأطباء والممرضين والصيدلانيين والفنيين؛ حتى يتلقى الناس الرعاية الطبية اللازمة التي يستحقونها ويعيش أفراد الشعب في كرامة ورضا، حيث إن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى، ولا بد أن تتوافر الرعاية الطبية الفائقة الجودة لكل فرد من أفراد الشعب.
الجمعية السعودية لجراحة المسالك البولية، كيف ترون إنجازاتها؟ وما خططكم المستقبلية؟
الجمعية السعودية لجراحة المسالك البولية جمعية فتية تضم نخبة رائعة من جراحي المسالك البولية في الوطن الحبيب، ويعمل الزملاء بروح الفريق الواحد من تواصل وتعاون، ونقيم مؤتمرا عالميا سنويا، وهذا العام سيكون المؤتمر الـ 23، بمعنى أن لدينا 23 عاما من نشاط مستمر مثمر للجمعية، وهذا المؤتمر هو الحدث الرئيس، لكن ليس الوحيد، فإن هناك العديد من المجموعات التخصصية مثل مجموعة أورام المسـالك البولية ومجموعة علاج أمراض الضعف الجنسي والذكورة ومجموعة جراحي المسالك البولية لدى الأطفال ومجموعة المناظير الطبية ومجموعة ديناميكية التبول والسلس البولي التي تقيم كل منها العديد من الحلقات العلمية وورش العمل والدورات الطبية التي يستفيد منها الأطباء والمتدربون وطلاب الطب والفنيون والممرضات والممرضون وتسهم في تحديث المعلومات الطبية لديهم في مختلف المجالات. والجدير بالذكر أن هذه النشاطات العلمية تقام بتكاتف وتعاون المتخصصين في مختلف القطاعات الصحية من جامعات ومستشفيات تخصصيـة في الرياض وجدة وحرس ودفاع ووزارة الصحة والهيئة السعودية للتخصصات الصحية. أما الإنجاز الأكبر الذي نفتخر به بحق فهو إصدار مجلة علمية تحت مظلة الجمعية السعودية لجراحة المسالك البولية تنشـر العديد من الأبحاث الطبية في هذا التخصص بمجالاته المختلفة، ولقد أحسست بالاعتزاز عندما أبلغني الدكتور المحرر المسؤول للمجلة بتسجيل هذه المجلة في السجل العالمي، واستقبلت هذه المجلة السعودية التي تحمل اسـم ''دورية المسـالك'' – Urology Annual أبحاثا للنشـر من دول إقليمية مثل تونس ومصر، وعالميـة مثل الهند وأستراليـا، وهذا في حد ذاته اعتراف بالمرتبة الرفيعة التي وصلت إليها.
إن إنجازات الجمعية السعودية لجراحة المسالك البولية العلمية والعمليـة والاجتماعية التي أسهمت في خلق روح التعاون والتفاهم بين زملاء المهنة؛ ما دفع بعجلة الارتقاء بمهنة المسالك البولية إلى أعلى المستويات، ونحن في غاية السعادة لذلك، ونعتز بصداقة وزمالة كل جراح من جراحي المسالك البولية في المملكة.