مطالبات بتكامل أدوار البنوك في المسؤولية الاجتماعية وتحويلها إلى كيانات منتجة وفاعلة

مطالبات بتكامل أدوار البنوك في المسؤولية الاجتماعية وتحويلها إلى كيانات منتجة وفاعلة
مطالبات بتكامل أدوار البنوك في المسؤولية الاجتماعية وتحويلها إلى كيانات منتجة وفاعلة
مطالبات بتكامل أدوار البنوك في المسؤولية الاجتماعية وتحويلها إلى كيانات منتجة وفاعلة

اعتبر عبد العزيز النجران مدير عام الموارد البشرية في البنك الوطني، أن برامج المسؤولية الاجتماعية ما زالت تواجه صعوبات في بعض البنوك، مؤكدا في الوقت نفسه أن الإيمان بأهمية دور هذه البرامج والعمل الجاد على تنفيذها، سيكفل النجاح لها، ولا سيما في ظل عدم وجود أي عذر حقيقي يمنع السعي قدما في هذا المجال، ومعلقا ''إذا صدقت النية صدق العمل''.

جاء ذلك في حلقة النقاش التي استضافها نادي الاقتصادية الصحفي تحت عنوان ''دور القطاع المصرفي في الإعداد والتنفيذ لبرامج خدمة المجتمع''. التي وجه فيها النجران انتقاده أيضا لبعض الشركات على عدم نهوضها بالدور الاجتماعي والتدريب برغم أنها في مستويات دخل تضاهي البنوك ـــ كما يقول النجران ـــ الذي يشدد على أن المشاركة في هذا المجال تعد واجبا على مختلف الكيانات الاقتصادية.

وقد استعرض المسؤول في البنك العربي خلال حديثه عددا من القضايا في المحور الوظيفي والمصرفي في المملكة، فقال إن المرحلة الماضية شهدت تطورا نوعيا على مستوى تطبيق السعودة في المصارف السعودية، وقد اعتمد ذلك على التأهيل المهني الذي يطبق معايير ''صناعة الصرافة'' لينتج كفاءات قادرة على إدارة العمل في مختلف سياقات هذا القطاع الحيوي.

وأضاف''لدينا الآن كثير من الفروع يتسلم قيادتها سعوديون، ورغم أن بعض الشركات المتعاقدة تؤثر في تطبيق السعودة، إلا أننا استطعنا مع زملائنا في البنوك الأخرى تدريب وتوظيف نسبة عالية من الكفاءات المحلية''.

النجران أوضح أنه يؤمن بمبدأ تحقيق السعودة بدءا من الصفوف العليا على مستوى الوظائف، مشددا على أنها لا تبدأ من أسفل، وقال إن شركات كبرى ما زالت لم تتجاوز 8 في المائة من حيث السعودة رغم أن عدد موظفيها يقدر بالآلاف، كما تناول موضوع التوظيف النسوي في المجال المصرفي فذكر أن العقبات السابقة في هذا الجانب قد تلاشت تقريبا، وأكد أنه لا ينبغي الإفراط في فتح المجال والوصول إلى وضع قد لا يلائم خصوصية المجتمع، وفي المقابل يجب ألا نعزل النساء كلياً عن بيئة العمل، ولا سيما في وجود الرقيب الذاتي الذي يجعل كل شخص يعتبر الموظفة بمثابة أخت أو أم أو قريبة، قائلا ''قبل أربع سنوات تقريبا لم تكن تعمل لدينا أي فتاة في البنك، وحالياً وصل العدد إلى قرابة 500 موظفة، وقد كانت هذه تجربة ناجحة في تقديري، رغم أن ظروف ضغط العمل أحيانا تجعل المسؤولية عن عشر نساء مهمة أصعب في نظري من المسؤولية عن ألف رجل، إلا أن العناصر النسائية أثبتت ـــ رغم كل الظروف والمعوقات ـــ أنهن أكثر إنتاجية من الشباب ويتفوقن عليهم بكثير من حيث الجدية والتفاني واحترام النظام''. وأبدى النجران معارضته للتفرقة بين تقدير راتبي الموظف والموظفة، مؤكدا أن ''الشاب ليس أغلى من الفتاة''، وأن المساواة واجبة بينهما والإنتاجية هي الحكم.

#2#

إذن تدريب وتأهيل الكوادر الوطنية يأتي في مقدمة اهتمامات المسؤولية الاجتماعية .. هذا ما اتجهت إليه دفة الرأي في لقاء نادي الاقتصادية، وهو ما أكده المتحدث الثاني في حلقة النقاش وهو خالد القبلان مدير شؤون الموظفين في البنك العربي الوطني، حيث تناول موضوع التدريب من خلال التجربة التي اضطلع بها البنك عام 2010، وتضمنت عقد ثلاث دورات للوظائف المتوسطة ''خدمات العملاء/الصرافين''، بجانب دورتين في الإدارة التنفيذية، مشيرا إلى أن البنك هدف من خلالها إلى خلق قيادات إدارية تملك القدرة على إدارة مواقع حساسة ومؤثرة، إضافة إلى إعداد الموظفين ليكونوا قادرين على إدارة الفروع، موضحا أن هذه المهمة تتطلب مؤهلا جامعيا بالضرورة وخبرة لا تقل عن 5 سنوات، فضلا عن توافر المقومات الشخصية من قدرات ومهارات إدارية.

وقال القبلان إن 110 فروع للبنك تدار حالياً من قبل موظفيه الذين تدرجوا عبر مختلف الوظائف والمهام، وفي سياق ثالث .. تحدث القبلان عن البرامج التدريبية التي يقدمها البنك لإعداد الكوادر الوطنية المتخصصة في مجال التمويل، وذلك من خلال مساعدتهم على تكوين الخبرة والتجربة الكافية، مع تعزيز مهاراتهم المالية والمحاسبية، ليكونوا قادرين على دعم الجوانب التمويلية بالأفكار الجديدة واتخاذ القرارات والتعامل المحترف مع مختلف متغيرات الوضع الاقتصادي.

وفي الوقت الذي استعرض فيه القبلان هذه التجربة على مستوى خطط البناء والتأهيل، فقد طرح كذلك جانباً من التحديات المضادة التي قد تواجهها هذه الخطط، حيث قال ''لدنيا تحدٍ كبير وهو أن البنوك جميعها تواجه مشكلة التسرب لصالح الشركات التي تعتمد أسلوب الاستهداف، وهذا الاستهداف يتجه غالباً إلى المديرين الماليين ومديري العمليات وشؤون الموظفين، وما يزيد من هذه الرغبة لدى الشركات هو معرفتها بمستوى التأهيل الوظيفي العالي وجودة المعايير المهنية في البنوك''.

وقال إن ظهور الشركات المالية والبنوك الأجنبية والاستثمارية عام 2008م كان تجسيدا واضحا لهذا التحدي، حيث قامت هذه الشركات جميعا على كوادر لها خبرات مصرفية في البنوك المحلية، غير أنه يعقب بالتعبير عن عدم وجود مشكلة كبيرة بالنسبة لبنكه في حال غادر مسؤول كبير إلى شركة أو مكان آخر، وأضاف ''نحن نعتبر أن انتقال أي مدير من عندنا إلى أي بنك آخر، جزءا من مشاركتنا الاجتماعية في دعم حركة الاقتصاد الوطني''، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن تجربة ''الصناعة البنكية'' في ''العربي'' تعد قديمة ورائدة، حيث تعود إلى عام 1980م. وقال إن نسبة السعودة الكبيرة وعدد القيادات التنفيذية التي صنعها البنك تعد مؤشراً إيجابيا وواعداً بالنظر إلى قصر العمر الزمني وحداثة التجربة.

إبراهيم أبو معطي مدير عام العلاقات العامة وخدمة المجتمع في بنك ''ساب'' تحدث بدوره ومن واقع تجربته حول أهمية العناية ببرامج التدريب والمسؤولية الاجتماعية في القطاع المصرفي، دون أن يغفل الإشارة بوضوح إلى أن هذه البرامج لها تكلفتها على البنك أيضاً، ولكنه يطرح رؤية تنطلق من المنطق المؤسسي فيقول ''البنوك منشآت ربحية وإذا أحست أن الشاب السعودي قادر على تحقيق الربح لها فهي لن تتردد في استهدافه, ولدينا كثير من الشباب المؤهلين، إضافة إلى أن القطاع البنكي السعودي أصبح معروفا بقوته على المستوى العربي من حيث العمليات والتقنية والإدارة'' .. وأشار أبو معطي إلى أن ثقافة العمل وتقييمه وتقديره باتت منتشرة بشكل كبير في الجيل السعودي الجديد، كما أن التنافس المهني بين الجنسين أدى إلى ارتفاع مستوى الكفاءات التي تتولى مختلف الوظائف وهو ما جعل السعوديين مطلوبين من جهات عدة وبشكل يؤكد جودتهم الوظيفية وجودة نظامهم البنكي.

وفيما يتصل بالسعودة، قال أبو معطي إنه لا يكفي أن يؤمن شخص أو إدارة بأهمية هذا الموضوع، بل أن تتبناه المنشأة بكاملها، وهذا ينطبق كذلك على موضوع المسؤولية الاجتماعية، وقال المسؤول في بنك ساب إن نظرة الناس للعمل في البنوك قد تغيرت للأفضل خلال السنوات الماضية، في حين نجحت البنوك في رفع نسبة السعودة حتى وصلت إلى أكثر من 86 في المائة، بينما لم تنجح قطاعات في مجالات الصناعة والتجزئة مثلا، في تخطي حاجز 15 في المائة، في الوقت ذاته.

وقال أبو معطي إن خدمة المجتمع عملية متواصلة يجب ألا تتوقف عند نسبة معينة، بل أن يكون فيها تنافس شريف وتكامل في الأدوار، موضحا ''ساب'' مثلا يركز على ثلاثة محاور هي التعليم ومساعدة الناس والبيئة .. لدينا تجربة تنظيف متنزه الثمامة المستمرة منذ أربع سنوات وتعد ناجحة حتى الآن، وبرغم أن أمانة الرياض لم تكن بحاجة إلى من يقوم بذلك، إلا أنها كانت سباقة لمساعدتنا وإعطائنا الفرصة لتنفيذ البرنامج .. من سياسة البنك لدينا أن الموظف يتعين عليه أن يشارك بنفسه في هذه النشاطات .. وهذا يدخل في تقييمه الوظيفي''.

أبو معطي الذي قال إن بنك ساب يطمح إلى أن تعمل البنوك الأخرى على خطوات مماثلة لخدمة المجتمع، أشار إلى أن بنكه يتعمد الابتعاد عن المؤتمرات والمعارض وتقديم الهبات مفضلا على ذلك التوجه مباشرة إلى الجهة المستهدفة، وقال ''الجميع في المملكة سواء كانوا أشخاصا أو جهات لديهم الرغبة المستمرة في البذل والمساعدة .. لكن المشكلة هي ضعف تسويق الجهات المحتاجة وطريقتها غير المقنعة في طلب الدعم .. المطلوب من الجمعيات الخيرية والطوعية أن تقدم نفسها لهم من خلال برامج وخطط عمل تتضمن إعطاء تقارير ربع سنوية عن المشاريع التي يراد لها الدعم ومستوى التطور الذي يحدث فيها.. أنا كبنك مثلا لا أستطيع أن أعطي هبات من مال المساهمين .. يجب أن يكون لدي تقارير عن أي مبالغ صرفت وعن مدى تأثيرها ومردودها اقتصاديا أو اجتماعيا''.

مدير حلقة النقاش طلعت حافظ، أمين عام لجنة الإعلام والتوعية المصرفية في البنوك السعودية كان له وقفة سريعة مع بعض الإحصاءات المتعلقة بالتوظيف والسعودة في المجال المصرفي حيث ذكر أن نسبة توظيف النساء قد تضاعفت بنسبة 3.5 تقريباً خلال فترة قصيرة من الزمن حتى وصل العدد إلى 3791 موظفة يعملن في عدة بنوك ويشغلن وظائف تخصصية متنوعة في مجالات إدارة الفروع والخزانة وخدمة العملاء وتقنية المعلومات وغيرها، وذلك ضمن بيئة عمل محافظة وأنظمة تواصل ومراسلات خاصة، كما أوضح حافظ أن نسبة السعودة قد وصلت بنهاية عام 2009م إلى أكثر من 86 في المائة في البنوك المحلية، بل إنها في بعض البنوك قد تجاوزت نسبة 95 في المائة.

في حين قد تم بالكامل سعودة الوظائف المرتبطة بإدارة الفروع ووظائف الحراسات، ونفى حافظ أن تكون البنوك تتحايل على السعودة من خلال التعاقد مع بعض الشركات، موضحاً أن البنوك تفرض السعودة على أي شركة يتم التعاقد معها.. معقبا ''القطاع المصرفي السعودي حقق نقلات نوعية وصادقة في هذا المجال وأصبح يشار إليه بالبنان ويسوق نفسه بنفسه''.

من جهة أخرى، شهدت حلقة النقاش عددا من المداخلات، فتحدث عسكر الحارثي أمين عام مجلس المسؤولية الاجتماعية في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، لافتاً إلى أهمية التفريق بين ''خدمة المجتمع'' و''المسؤولية الاجتماعية''، على اعتبار أن التعبير الأول يتضمن مفهوما عاماً يدخل ضمنه التبرعات والجهد التطوعي وغيره، في حين يتضمن الآخر مفهوماً محدداً وواضحاً يهتم ببرامج التنمية المستدامة، تنشأ له إدارات وأقسام خاصة، وتتبناه شركات ومؤسسات كبرى وهو مفهوم عالمي معروف، وأبان أن المسؤولية الاجتماعية تتمحور حول ثلاث دوائر رئيسية، داخلية وتتعلق بالموظفين والبيئة الأسرية والتأمين الصحي وغير ذلك، وخارجية تتصل بالبيئة الخارجية ويدخل فيها التعليم وبرامج الفقر وحماية البيئة وما شابهها، والدائرة الثالثة هي''المنتجات'' ويدخل فيه الأثر على البيئة أو الإنسان وغيرها، وكذلك تتضمن الإعلان ومدى مصداقيته.

#3#

وطالب الحارثي الذي انتقد اقتصار المطالبة بالمسؤولية الاجتماعية على قطاع البنوك لم ينف أهمية أن تتقاطع هذه الأخيرة مع قضايا مجتمعها، وطالبها بالتركيز على الجانب الوقائي والاستباقي في بعض القضايا، كما نصح بانتهاج مبدأ الاستدامة بوصفه أفضل من الانتقال من دعم جهات مختلفة على مدى أكثر من سنة.

إبراهيم أبو معطي علق على هذه الجوانب قائلا ''البرامج التي نحاول التطرق إليها نشترط أن تكون لثلاث سنوات، لا أستطيع القول إنني سأخدم في كل مكان، ولكننا نختار مجالات محددة لنقدر على التركيز والتخصص أكثر فيها، لدينا في بنك ساب مركز للاستثمار مع جامعة اليمامة وهو مخصص للشباب الذي سيتخرج ويوفر لهم التدريب المتخصص على الشاشات والتداولات وغيرها، هناك كذلك برنامج الأسر المنتجة، وبرنامج توظيف المعوقين، وفي العام الماضي توظف من هذا البرنامج قرابة 300 شخص، كما يوجد لدى البنك برنامج بيئي مع جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وهناك عدة جهات نحاول أن نبدأ معها ونتطور بالتدريج، خدمة المجتمع شيء جيد ولو صرنا عاطفيين فسننفق كل ما في البنك عليها، ولكن البنك شركة مساهمة تهدف إلى الربحية، من زاوية أخرى.. الأرباح يتم توزيعها على المساهمين وهم مواطنون سعوديون وبهذا فقد أديت خدمة اجتماعية، وقدمت نفسي كجهة قوية وقطاع خاص قوي، أوظف وأطور، وأعطي أرباحا تعود للبلد.. يستطيع أي صاحب شركة أن يتعامل بعاطفية ويدفع نصف ميزانيته على المجتمع لكنه سيفلس بعد يوم واحد فقط وهذا سيعني إفلاس عدد من الأسر، يجب أن نرى النظرة المتوازنة بين أن هذه منشأة قائمة توظف مواطنين وغير مواطنين ويجب أن تكون مستدامة ومن هذه الاستدامة أن تخدم المجتمع، أيضاً البنوك لم تصل إلى كل ما تريد في هذا المجال.. ليس هناك سقف أعلى لخدمة المجتمع، ولا يوجد جهة أو شخص يقول أنا أديت كل ما هو مطلوب مني.. نريد من الطرف الآخر أن يتقدم لنا بالمشاريع الموجودة لديه، لنعرف مستوى حرصه ومتابعته ورغبته في التطوير''.

عاد طلعت حافظ مجددا ليوضح بعض الموضوعات ذات الصلة بدور القطاع المصرفي في هذا المجال حيث أبان أن البنوك لديها 12 برنامجا لخدمة المجتمع والمسؤولية الاجتماعية، منها برامج رعاية صحية، وتدريب، وبرامج تعليمية وثلاثة كراسي علمية، التأهيل لسوق العمل (أكثر من 10 آلاف مواطن ومواطنة بين عامي 2007 و2009).. وكذلك تمويل المشاريع الصغيرة، وبرنامج ''إنجاز'' الذي يهدف إلى تأهيل طلبة التعليم العام وإعدادهم لما تتطلبه سوق العمل من خبرات عملية عن طريق تقديم دورات تعليمية اقتصادية لطلبة المدارس والجامعات وهو برنامج عالمي قديم عمره أكثر من 90 عاماً.

عبد العزيز النجران المتحدث الأول في حلقة النقاش اعتبر أن المجال البنكي السعودي مازال أمامه متسع زمني لينمو ويتوسع بشكل يكفل تحقيق نمو مواز على كافة الأصعدة، وقال إن مجال الخدمة الاجتماعية لا يختلف كثيرا عن واقع العمل التطوعي في المملكة، الذي ما زال ''يحبو'' ـــ بحسب تعبير النجران، الذي أضاف ''يجب أن ندرب ونبتعث الكفاءات القادرة على إدارة نظام مصرفي ينهض بكافة مسؤولياته بما في ذلك الدور الاجتماعي.. يجب أن نعمل على التدريب دون أن نقصر نظرتنا على ضرورة أن يعمل المتدرب لدى المنشأة .. ما دامت البنوك تحقق أرباحا جيدة فهذا يضاعف المسؤولية عليها ويجعل المطلوب منها أكبر''، وأشار النجران إلى أن البنوك السعودية متمثلة في 12 منشأة يوازي دخلها دخل عدد من دول العالم الثالث وربما الثاني، ورغم ذلك فالمسؤولية الاجتماعية لديها ما زالت في مرحلة التطوير.

في مداخلات أخرى قال خالد العثمان الرئيس التنفيذي لشركة مبادلة السعودية للتنمية إن 31539 موظفا سعوديا في البنوك في نهاية عام 2009، يمثل عددا قليلا لا يمكن وصفه بالإنجاز الكبير على المستوى الوطني، وانتقد عدم وجود برامج تتجه إلى الموظف وحياته الأسرية وبيئته الخاصة، كما انتقد اكتفاء بنوك بانتظار وصول طلبات الدعم إليها، مقترحا أن تنهض هذه البنوك بمبادرات تخلق بؤرا لمعالجة مشكلات اجتماعية، وهو ما سيجعل منها كيانات اقتصادية منتجة وفاعلة.. ونادى أسعد الأسعد بوضع خطط شاملة للمسؤولية الاجتماعية بحيث تتخطى إطار المدن الكبرى لتشمل الأرياف والمناطق القروية في أنحاء المملكة.

بدوره تطرق الدكتور سليمان العريني إلى الإشكالات التي تواجهها برامج خدمة المجتمع من حيث التشريعات والتنظيمات والإجراءات الإدارية، مطالباً في الوقت ذاته بشراكة استراتيجية عادلة للجهات الحكومية مع القطاع الخاص.. في حين قال عسكر الحارثي إن القيام بأدوار المسؤولية الاجتماعية ما زال خيارا غير مفروض على أي منشأة، موضحا أنه لا توجد أي دولة في العالم تلزم مؤسساتها به، غير أنه أشار كذلك إلى أنه ـــ بحسب دراسات جامعة هارفارد العريقة ـــ فإن الجهات التي تبنت مبدأ المسؤولية الاجتماعية ارتفعت مستويات مبيعاتها بشكل ملحوظ.

برامج المسؤولية الاجتماعية .. باتجاه الاستثمار والمؤسساتية

هل يمكن اعتبار تغيير المفهوم المرتبط ببرامج المسؤولية الاجتماعية لتخرج عن التصور الخيري المحض إلى الفعل الاستثماري الحقيقي الذي يستطيع البنك من خلاله خلق قنوات جديدة منتجة، ألا يمكن تحرير مفهومنا عن ''خدمة المجتمع'' من الأبعاد الرمزية الاجتهادية إلى تطبيقه في إطار عمل مؤسساتي تتكامل فيه الجهات والأدوار وتتعاون عليها القطاعات العامة والخاصة وتنسجم معه التشريعات بشكل لا يقل انسجاما عنه مع قيم وتقاليد دين ومجتمع يملك المقومات الأخلاقية الكافية لتبني هذه المشروعات منطلقا من الإيمان بها وبدورها، تغيير الذهنية العامة عن المسؤولية الاجتماعية كفيل بتحويلها من جزء تكميلي ينظر إليه أحيانا كمجال لتحسين العلاقات العامة والصورة الذهنية للبنك، إلى محور يدير علاقة البنوك بمحيطها الإنساني الذي يشكل في الوقت نفسه جمهور عملائها، كفيل بتحويلها كذلك إلى حراك، عصري مؤثر يجيد تطويع الطاقة الاقتصادية في مجرى التنمية المستدامة، هذا بعض ما أثارته حلقة نادي الاقتصادية الصحفي من أفكار لم يكن الوقت كافياُ لطرحها على النقاش ولكنها حتما مفتوحة للقراءة.

الأكثر قراءة