تغيرات في «الخطوط السعودية»

لا تخلو أي مؤسسة إدارية من أخطاء أو عيوب، إلا أن المؤسسات الناجحة، سواء في القطاع الخاص أو الحكومي، هي التي لديها إدارة فاعلة للجودة. الكثير من المؤسسات اليوم لديها إدارات جودة، إلا أن فاعليتها الإدارية ومستوى إنتاجيتها لا يزال على ما هو عليه إن لم يكن يتردى مع الزمن. وذلك يعود إلى عوائق في التطبيق لا عوائق في التنظير، كمعرفة المشكلات ومعرفة حلولها. نحن في المملكة لنا خصوصية في التطوير الإداري تتمثل في شيوع إقالة من تكثر عليه الشكاوى (وإن كانت كيدية) من المسؤولين، خاصة في المؤسسات الخدمية ذات العلاقة بجميع الناس، ثم يتم تعيين مسؤول جديد يعود إلى تنفيذ اللوائح الإدارية البالية نفسها لنعود دوما إلى المربع رقم واحد. يقال إن وفاة الكابتن خالد مطر - رحمه الله - قد أدت إلى تغيرات إدارية في ''الخطوط السعودية'' تمثلت في إبعاد مجموعة من المسؤولين في إدارة لها علاقة مباشرة بشؤون الأطقم الجوية. التغيير الحقيقي ليس فقط في إحلال البشر، بل التغيير في بيئة العمل ولو لدرجة واحدة للأفضل، لكن ضمن منهجية مستدامة. حقيقة يجب أن يعيها الجميع، قد تأتي بأنجح التنفيذيين في العالم لإدارة مؤسسات تعمل في دول لها نظامها السياسي والثقافي والاجتماعي الخاص كدول الشرق الأوسط، لكنه لن يأتي بنجاحه في إدارة شركة مماثلة تعمل ضمن بيئة غير مكبلة بأنظمة سياسية وثقافية واجتماعية كاليابان (النظام) وكارلوس غصن (التنفيذي) مثلا. في التسعينيات أتت خطوط (أوليمبك) اليونانية بالبروفيسور ريجاس دوجانس - وهو من أشهر العقول العالمية في صناعة النقل الجوي - لانتشالها من مستنقع سوء الإدارة والإفلاس، إلا أنه عاد إلى عمله الأصلي في بريطانيا بعد أشهر قليلة وهو ساخط؛ لأنه لم يأخذ في الحسبان الفرق بين اليونان وبريطانيا. أنباء إعفاء بعض القيادات في ''الخطوط السعودية'' إيجابية وتدل على وجود تحرر ولو جزئيا في القدرة على مجابهة مارد الموروث السياسي أو الثقافي أو الاجتماعي، الذي له تأثيره القوي لدينا فيمن يتم اختياره لمنصب ما. فـ ''الخطوط السعودية''، كما ذكرت في الكثير من مقالاتي السابقة، تواجه خطرا اقترب وقد لا تعيه، وهو دخول الشركات الأجنبية الأكثر كفاءة إلى سوقنا. أعراض هذا الخطر وقعت الآن والدليل تنامي حركة السفر السعودية عبر مطارات دولية مجاورة. وهذا يعني فاقدا ماليا لا يحسب بالملايين من الريالات، بل بالمليارات مقرونا بفقد وظائف تقدر هي الأخرى بمئات الآلاف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي